الارشيف / حال قطر

خلال افتتاح مؤتمر جامعة لوسيل.. وزير العدل: مساعٍ لتسخير الذكاء الاصطناعي في الأنظمة القانونية

  • 1/2
  • 2/2

الدوحة - سيف الحموري - أكد سعادة السيد مسعود بن محمد العامري وزير العدل، سعي دولة قطر بخطى حثيثة نحو تسخير أنظمة الذكاء الاصطناعي والاستفادة منها في أنظمتها العدلية والقانونية.
وقال سعادته، في كلمة خلال افتتاح أعمال مؤتمر القانون والذكاء الاصطناعي الذي عقد أمس بجامعة لوسيل، «إن من أولى الخطوات التي اتخذتها دولة قطر في هذا الميدان قرار مجلس الوزراء رقم (10) لسنة 2021 بإنشاء لجنة الذكاء الاصطناعي بوزارة المواصلات والاتصالات»، مشيرا إلى أن اللجنة تختص بوضع آليات تنفذ استراتيجية قطر للذكاء الاصطناعي بالتنسيق مع الوزارات والجهات المعنية في الدولة، والإشراف على البرامج والمبادرات المتعلقة به، ووضع التوصيات الخاصة بخطط وبرامج إعداد الكوادر البشرية، ودعم الشركات الناشئة في هذا المجال.
كما لفت إلى مشاركة دولة قطر في العديد من الفعاليات الدولية حول استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي، كان آخرها المؤتمر العدلي الدولي المنعقد بمدينة الرياض في مارس الماضي، والذي تناول في بعض محاوره توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في تعزيز جودة صياغة التشريعات وتحسين العدالة، وإدارة المحاكم، وأثره على مستقبل التقنيات القضائية، منوها بتنظيم هذا المؤتمر العلمي والقانوني الهام في جامعة لوسيل لمناقشة أحد أهم موضوعات العصر الحديث وأسرعها نموا وتأثيرا على حياة الإنسان وحقوقه وحرياته وهو الذكاء الاصطناعي.
وتطرق سعادة وزير العدل إلى البدايات التاريخية للذكاء الاصطناعي ومفهومه وطبيعة تأثيره على الكثير من الجوانب الحياتية للإنسان «حيث يمكن للآلات التعلم وتطوير أنظمتها، بعيدا عن تدخل الإنسان أو تحكمه، بغرض أداء المهام التي تتطلب عادة الذكاء البشري، مثل التعرف على الأنماط واتخاذ القرارات والحكم مثل البشر وغيرها من المهام التي تحتاج إلى معالجة كميات كبيرة من البيانات بطرق مختلفة، يتجاوز نطاقها ما يمكن للبشر تحليله».
وأشار سعادة السيد مسعود بن محمد العامري إلى أن الذكاء الاصطناعي خطا في السنوات الأخيرة خطوات كبيرة، حيث تم استخدامه في العديد من القطاعات الحيوية كالتشخيص الطبي، والخدمات اللوجستية العسكرية، والمركبات ذاتية القيادة والطائرات بدون طيار، والتطبيقات التي تتنبأ بنتيجة القرارات القضائية، ومحركات البحث والإعلانات المستهدفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والمساعدين الافتراضيين (مثل سيري أو أليكسا)، والترجمة الآلية للغات، والتعرف على الوجه من الهاتف المحمول، إلى غير ذلك من الاستخدامات.
ونبه إلى المخاطر التي يمكن أن تؤثر على حياة الإنسان جراء استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي، حيث قال «بالرغم من الفوائد العديدة لهذه الأنظمة.. إلا أن استخدامها يحفه العديد من المخاطر التي يمكن أن تؤثر وبشكل مباشر على حياة الإنسان وحقوقه وحرياته»، لافتا إلى أن «بعض المؤسسات البحثة والعلمية أوصت بأنه حتى يتم إثبات خلو أنظمة الذكاء الاصطناعي والروبوتات من الأخطاء، فهي غير آمنة ويجب الحد من استخدامها».
كما نوه سعادته إلى أهم الإشكاليات التي يثيرها استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي ومنها «التحيز الخوارزمي وعدم الحياد» حيث تقوم أنظمة الذكاء الاصطناعي على جمع البيانات وتحليلها والتعلم منها، فإذا كانت البيانات متحيزة وغير محايدة ستكون المخرجات متحيزة، وإذا كانت البيانات عادلة تغطي كافة الأنماط ستكون المخرجات عادلة، مشيرا إلى أن التحيز الخوارزمي قد يقع في التصنيف الائتماني، وفحص السيرة الذاتية، والتوظيف، وطلبات الإسكان العام، وغير ذلك من الأمور التي تتطلب حيادية في معالجتها، حيث قال في هذا السياق «إن المساس بالحق في الخصوصية وحماية البيانات الشخصية وحقوق الملكية الفكرية واحدة من الإشكاليات التي تثيرها أنظمة الذكاء الاصطناعي».
وأوضح أن جمع البيانات الشخصية بأنظمة الذكاء الاصطناعي واستخدامها ومشاركتها دون إذن أو موافقة صريحة قد يصطدم مع الحماية المقررة لهذه البيانات مما قد يشكل انتهاكا جسيما لأحكام القانون، ومن ذلك، انتهاك أنظمة الذكاء الاصطناعي لحقوق الملكية الفكرية بشكل كبير، معتبرا أن انعدام الشفافية يشكل هو الآخر واحدة من الإشكاليات المتعلقة باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي «فمعظم تطبيقات الذكاء الاصطناعي الحديثة لا يمكنها تفسير كيفية توصلها إلى قرار»، ومبينا أن الكم الكبير من العلاقات بين المدخلات والمخرجات في أنظمة الذكاء الاصطناعي والتعقيد الناتج عنها يجعل من الصعب حتى على الخبراء أن يشرحوا كيفية إنتاج مخرجاتها، وعندئذ لا يمكن للأشخاص الذين تضرروا من قرار الخوارزمية الحصول على تفسير للقرار، أو الطعن عليه أو التظلم منه لعدم وجود الأسباب التي قام عليها.
وعن المخاطر الأمنية، قال سعادة وزير العدل إن خطورة أنظمة الذكاء الاصطناعي تكمن في أنها قد تستخدم لأغراض غير قانونية وغير مشروعة، مثل الحرب الرقمية المتقدمة والأسلحة الذكية، الأمر الذي قد يهدد السلم والأمن الدولي.
ويعقد مؤتمر القانون والذكاء الاصطناعي على مدى يوم واحد ويتضمن عدة جلسات تناقش محاور أبرزها «الذكاء الاصطناعي ما بين حتمية الواقع والفراغ التشريعي»، والتحديات القضائية للذكاء الاصطناعي «المسؤولية الجنائية، والمدنية، والمرافعات القضائية»، والذكاء الاصطناعي وحماية حقوق الإنسان، فيما يختتم المؤتمر بجلسة لعرض أبرز التوصيات التي خرج بها المشاركون.

قانونيون خلال المؤتمر: نحتاج لتشريعات تحمي من المخاطر 

دعا خبراء قانونيون إلى ضرورة وضع قوانين وسن تشريعات للحد من مخاطر أنظمة الذكاء الاصطناعي على الإنسان والمجتمعات بشكل عام في ضوء التطور المتسارع لهذه الأنظمة واستخداماتها المتعددة.
وقال الخبراء، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية «قنا» على هامش مؤتمر القانون والذكاء الاصطناعي بجامعة لوسيل أمس، «إن الذكاء الاصطناعي يتطور بسرعة ليدخل في تفاصيل حياتنا اليومية، ومع هذا التطور المتسارع من الضرورة بمكان مراعاة المخاطر والعواقب المحتملة وتأثيرات ذلك على حياة الإنسان وحريته وحقوقه»، مشددين في هذا الإطار على أن الدول العربية بحاجة ماسة إلى تطوير أنظمتها القانونية لمواكبة هذا التطور المتسارع لأنظمة الذكاء الاصطناعي للحد من المخاطر المترتبة على استخدام هذه الأنظمة في المجالات كافة، الرياضية والطبية، والتعليمية، والقضائية، والأمنية، وغيرها.
وأبرز الدكتور ثاني بن علي آل ثاني نائب رئيس جمعية المحامين القطرية، حاجة الدول العربية إلى تطوير بنيتها التحتية التقنية لمواكبة التطور السريع في مختلف المجالات وخاصة في مجال التقاضي، مبينا تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في المجال القضائي، والحاجة إلى حوكمة ومراقبة وتهيئة البنية التحتية. وعبر عن الأمل أن يخرج المؤتمر بتوصيات تخدم القطاعات القانونية والاجتماعية والقضائية من منطلق أن الجميع يتحمل مسؤولية لمراقبة الاستخدام «فمدخلات الذكاء الاصطناعي هي من صنع الإنسان ولا بد من رقابة على مستويات محلية ودولية»، مشيرا إلى أن دولة قطر خطت خطوات مهمة في تعزيز بنيتها التحتية التكنولوجية، ومواكبة ذلك بمؤسسات وتشريعات ومبادرات لحماية البيانات وضمان الاستخدام الآمن للتكنولوجيا.
بدوره، اعتبر الدكتور صالح البراشيدي عميد كلية الحقوق بجامعة السلطان قابوس، أن الذكاء الاصطناعي أحدث ثورة هائلة، وساهم بشكل إيجابي في عدة مجالات مثل الصحة والتجارة والأمن والاقتصاد، بيد أن هناك عدة مخاوف نتجت من استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي منها ما يتعلق بالخصوصية وإلى أي مدى يحظى المستخدم لهذه التقنيات بالحماية التامة، لافتا إلى وجود مخاوف متعلقة بالتمييز والتحيز لأنظمة الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرارات كونها تعتمد في مخرجاتها على المدخلات التي يتولاها المبرمجون وبالتالي هناك تدخل بشري في هذه العملية، إلى جانب مخاوف أخرى بسبب ما يسمى بالتعلم الذاتي للآلة التي قد تتخذ قرارات غير مفهومة أو يترتب عليها أضرار من نوع ما.
إلى ذلك، نوه الدكتور محمد عبدالرحمن من كلية الحقوق بجامعة الكويت، إلى تركيز هذا المؤتمر على ماهية وطبيعة المسؤولية التي يمكن إسنادها في حالة الضرر الناجم عن استخدام الذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى إمكانية أن يشكل المؤتمر لبنة لإطلاق تعاون بين الدول العربية للوصول إلى أنظمة وتشريعات لتنظيم الذكاء الاصطناعي، ومتمنيا أن يخرج المشاركون بتوصيات تشكل خريطة طريق نحو تحقيق هذا الهدف.

Advertisements

قد تقرأ أيضا