الدوحة - سيف الحموري - أوصى المؤتمر الدولي حول حماية الأطفال والمجموعات الضعيفة الأخرى، والذي نظمته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، أمس، بالشراكة مع المعهد الأوروبي لأمناء المظالم، بالإنفاذ الفعال للمعاهدات الدولية المعنية بحقوق الأطفال والفئات الضعيفة الأخرى، وتنفيذُ توصيات الآليات الإقليمية والدولية ذات الصلة، وتكثيفُ الجهود من أجل التوصل ِلاتفاقيةٍ دولية مُلزمة بشأن حقوق الأشخاص كبار السن.
وأكد المؤتمر ضرورة ضمانُ إعمال مبدأ التطبيق المتزامن للقانونَين الدولي الإنساني والدولي لحقوق الإنسان أثناء النزاعات المسلحة، والعملُ على حماية الأطفال والفئات الضعيفة الأخرى بما في ذلك توفيرُ الممرات الآمنة لتمكينهم من الإجلاء عند الاقتضاء، وحصولهم على خدمات الإغاثة.
كما أوصى بمُلاءَمةُ التشريعاتِ الوطنية مع مقتضيات المعاهدات الدولية، وسَنُّ تشريعاتٍ شاملةٍ لحماية الأطفال والنساء والأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن والمهاجرين من كافة أشكال العنف والتمييز والاستغلال.
وأشار المؤتمر إلى ضرورة تطويرُ برامج الاستجابة خاصة بحالات الطوارئ بهدف حماية الأطفال والفئات الضعيفة الأخرى من جميع أشكال العنف والاستغلال والاتجار بالبشر، وتفعيلُ خطوطٍ ساخنةٍ لتلقّي الشكاوى وتوفيرُ خدماتِ الدعم والإيواء والمساعدة القانونية، والعملُ على لمِّ شَمْل الأُسر وإتاحةُ برامج الرعاية البديلة للأطفال الذين فقدوا أُسرَهم في أوقات النزاعات المسلحة أو في سياق الهجرة، مع ضمان حصول جميع الأطفال على الحقوق الأساسية، ولا سيما الحقّ في التعليم.
وتضمنت توصيات المؤتمر تبسيطُ إجراءاتِ الوصول لآلياتِ الانتصاف الوطنية وتعزيزُ قدرات القُضاة وأعضاء النيابة العامة والمكلفين بإنفاذ القانون بوسائل متعددة منها التعاون الدولي.
والتأكيدُ على حق الأطفال والفئات الضعيفة الأخرى في الوصول إلى البيئة الرقمية الآمنة، وضرورة حصولهم على الحماية من جميع أشكال العنف والاستغلال والإساءة في الفضاء الرقمي.
كما أكد المؤتمر ضرورة تعزيزُ الحماية الرقمية من خلال دمج التربية الرقمية في المناهج التعليمية وتدريب المعلمين والأطفال وذويهم على الاستخدام الآمن والمسؤول لشبكة المعلومات «الإنترنت»، وتطوير أدوات الوقاية وتشجيع الابتكارات التكنولوجية لضمان حماية الأطفال، وإشراك المؤسسات الوطنية لدى إعداد التشريعات والسياسات العامة وغيرها من التدابير ذات الصلة بحماية الأطفال في البيئة الرقمية، والعمل على تضمين الحقوق الرقمية للأطفال ضمن أدلّتها الاسترشادية وفي تقاريرها السنوية، لافتا إلى تفعيلُ أدوار المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في الرصد العام وجمع البيانات والتوعية والتثقيف بحقوق الأطفال والفئات الضعيفة الأخرى، والعملُ على تطوير سبل التعاون بين المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، لتبادل التجارب والممارسات الفضلى فيما بينها، وتشجيعُ الشراكات الفاعلة بينها وبين الحكومات والآليات الإقليمية والدولية والمجتمع المدني.
ودعت توصيات المؤتمر الدولي إلى دعمُ جهود الحلول السلمية للأزمات الدولية الراهنة، والتشديدُ على منع استهداف الأطفال والنساء والفئات الضعيفة الأخرى في مناطق النزاعات المسلحة، ومنعُ استهداف البُِنَى التحتية التي توفر خدماتٍ لا غنىً عنها لبقاء السكان على قيد الحياة، مع ضرورة إنهاء الإفلات من العقاب في جميع الجرائم المرتكَبة المخالفة للقوانين الدولية ذات الصلة.
جاءت التوصيات التسع الصادرة عن المؤتمر في ختام نقاشات جلسات حول موضوع حماية الأطفال والمجموعات الضعيفة أثناء الهجرة والحرب، والحماية من التهديدات السيبرانية: الأطفال والمراهقون في العصر الرقمي، ودور أمناء المظالم في حماية حقوق الأطفال والفئات والمجموعات الضعيفة.
وتوجه المشاركون بالشكر لدولة قطر على استضافتها لأعمال هذا المؤتمر الدولي، مرحبين بإنجازاتها وتجربتها الفريدة في مجال حماية الأطفال والفئات الضعيفة الأخرى داخل الدولة وخارجها، كما رحبوا بجميع الخبرات والممارسات الفضلى في الدول التي تمت مناقشةُ تجاربها خلال جلسات المؤتمر.
أمين عام اللجنة الوطنية: التنمية المستدامة ترتبط بحماية الأَوْلى بالرعاية
أكد سعادة السيد سلطان بن حسن الجمالي الأمين العام للجنة الوطنية لحقوق الإنسان أن المؤتمر يهدف إلى تبادل التجارب والممارسات الفضلى والوقوف على التحديات التي تؤدي إلى زيادة حِدّة التمييز والإهمال والعنف والاستغلال وغيرها من الانتهاكات، التي يتعرض لها الأطفال والنساء وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة والمهاجرين.
وقال سعادته في كلمته: نتطلّع إلى أن يُسهمَ مؤتمرُنا هذا في تعزيز التعاون الدولي، وتطوير آفاق الشراكة بين الحكومات والمؤسسات الوطنية والمنظمات غير الحكومية المعنية، فضلاً عن الإسهام في طرح رؤىً وحلولاً مبتكرة لمعالجة التحديات التي تواجه الأطفال والفئات الضعيفة الأخرى، بما في ذلك التأثيرات السلبية الناجمة عن التغيرات المُناخية والنزاعات المسلحة التي تشهدُها بعضُ مناطق العالم.
وأضاف: تأتي حمايةُ الأطفال والفئات الضعيفة الأخرى على رأس أولويات اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر، ونبذلُ في هذا الإطار جهوداً متعددة تشملُ التوعيةَ والتثقيف وتقديمَ المشورة لمختلف الجهات المعنية، وبناءَ شراكاتٍ فاعلة مع المؤسسات الإقليمية والدولية ذات الصلة.
وأشار إلى أنه في سياق دعم الجهود الدولية الرامية إلى إصدار معاهدةٍ دولية مُلزمة بشأن حقوق كبار السن، نظَّمت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان عددًا من الحلقات النقاشية حول منع الإساءة لكبار السن.
وأوضح أن تحقيقَ أهداف التنمية المستدامة يرتبط بتمكين وحماية الفئات الأَوْلى بالرعاية، وأنَّ العبور للمستقبل مرهونٌ بالقدرة على اصطحاب الجميع بحيث لا يتخلّف أحد عن الركب.
وشدد على العزم على مواصلة الجهود، والحرص على التعاون مع جميع الجهات ذات العلاقة وطنياً وإقليمياً ودولياً، انطلاقاً من القيم الوطنية الداعمة للأطفال والفئات الأخرى الضعيفة، على النحو الوارد في الدستور الدائم للدولة، وفي رؤية قطر الوطنية 2030.
وتوجه الجمالي بالشكر للشركاء ولجميع المشاركين في المؤتمر، معرباً عن أمله أن يحققَ أهدافَه في حماية وتمكين الأطفال والفئات الضعيفة الأخرى، بما يعزز حقوقَهم في التشريعات والسياسات العامة، ويضمن مشاركتهم في صنع القرارات التي تؤثر عليهم، مع التشديد على حماية حقوقهم في جميع الظروف، ولا سيما في حالات الطوارئ، وفي أوقات النزاعات المسلحة انسجاماً مع قواعد القانون الدولي الإنساني.
رئيس المعهد الأوروبي لأمناء المظالم.. الهروب والهجرة والعصر الرقمي 3 مخاطر
قال البروفيسور دراغان ميلكوف – رئيس المعهد الأوروبي لأمناء المظالم: لقد اجتمعنا اليوم في الدوحة لمناقشة حماية الأطفال وغيرهم من الفئات الضعيفة، ويمكن القول إن الطفولة هي الفترة الأكثر ضعفًا في حياة الإنسان، فيعتمد الأطفال بشكل كبير على الآخرين لتلبية احتياجاتهم الأساسية، وهذا يجعلهم عرضة للخطر، كما أن هذا ينطبق بالطبع على مراحل أخرى من الحياة أيضًا.
وأضاف: لا يستطيع العديد من كبار السن رعاية أنفسهم، ولكنهم على الأقل من حيث المبدأ يحق لهم اختيار الأشخاص الذين يعتنون بهم، وموقف الأطفال يختلف عن كبار السن، وليست لديهم حقوق الاختيار وصنع قراراتهم بمسار حياتهم، والأطفال يعتمدون على قرارات الاخرين، منذ بداية حياتهم، وذلك هو سبب ضعفهم.
وأشار إلى أن الحروب والهجرة تعرض الأطفال لأحوال سيئة، فأصبحوا ضحايا لتلك الظروف، وأيضاً في العصر الرقمي توجد مخاطر أخرى كامنة يواجهها الأطفال، معرباً عن تمنياته مناقشة جميع المحاور، والخروج بنتائج مثمرة، ونجاح المؤتمر.
شراكات إقليمية ودولية أقوى لحماية الفارين من النزاعات
أكد السيد داود المصري، مدير مركز التحليل والتواصل في الدوحة، على أهمية المؤتمر والذي يركز على حماية الأطفال والفئات الضعيفة الأخرى.
وقال في الكلمة التي ألقاها نيابة عن السيدة فيرجينيا غامبا، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالأطفال والنزاع المسلح: نجتمع اليوم تحت شعار «حماية الأطفال»إن الأطفال هم الفئة الأضعف في أي أزمة، حيث لا يملكون الصوت في القرارات التي تحدد مستقبلهم، ومع ذلك هم من يتحملون الأعباء الثقيلة للنزاعات والحروب والنزوح وعدم الاستقرار».
ونوه بأن المؤتمر ليس مجرد فرصة لتبادل الأفكار والخبرات، بل دعوة عاجلة للعمل. مقترحاً بعض الإجراءات التي يمكن اتخاذها بصورة جماعية، من بينها تعزيز الأطر القانونية والمؤساستية، بتعزيز قدرة المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وأمناء المظالم على مراقبة الانتهاكات ضد الأطفال والتصدي لها بشكل فعال، وتعزيز التعاون الدولي وبناء شراكات إقليمية ودولية أقوى لحماية الأطفال الفارين من النزاعات، وضمان محاسبة كل من يحاول استغلال الأطفال.
وأضاف: في الأشهر الأخيرة، شهدنا تزايدًا ملحوظًا في حالة عدم الاستقرار في العديد من المناطق، وقد تسببت النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية والأزمات المتعددة في دفع ملايين الأطفال نحو حالة من الهشاشة الشديدة، حيث يواجهون مخاطر تهدد سلامتهم المباشرة ومستقبلهم على حد سواء، وهؤلاء الأطفال ليسوا مجرد ضحايا للصراع؛ بل هم الشهود الصامتون والأهداف المباشرة للعنف والنزوح والفقدان.
وأثني على تركيز المؤتمر على دراسة التحديات المعاصرة مثل التهديدات السيبرانية والهجرة والنزاعات المسلحة، مؤكداً على أن الأطفال الذين يعانون من النزوح يواجهون مخاطر متزايدة من الاستغلال والانتهاكات والاتجار بهم، وبالمثل، فإن العصر الرقمي، على الرغم من الفرص الهائلة التي يوفرها، يحمل تهديدات جديدة تتطلب منا المواجهة بحزم وعزم.