الارشيف / حال قطر

عبدالله المنصوري لـ «العرب»: جهود لدمج حالات التوحد في التنمية الشاملة

  • 1/2
  • 2/2

الدوحة - سيف الحموري - قطر للتطوير المهني يطلق سلسلة فيديوهات حصرية بمواقع التواصل
الطريق لا يزال طويلا أمام تحقيق دمج الحالات مجتمعيا بشكل كامل 
مقابلات وثائقية ذات محتوى تعليمي لتثقيف الجمهور حول الاضطراب 
 

أكد السيد عبد الله المنصوري الرئيس التنفيذي لمركز قطر للتطوير المهني التابع لمؤسسة قطر، أن دولة قطر بذلت جهودًا هائلة على جميع الأصعدة من أجل دمج الأشخاص ذوي التوحد في المجتمع ومنحهم الفرصة ليحققوا طموحاتهم المهنية ويكونوا عنصرًا أساسيًا في عملية التنمية الشاملة على طريق تحقيق الرؤية الوطنية 2030.
وأضاف المنصوري في تصريحات خاصة لـ «العرب»: رغم تلك الجهود، لم يزل الطريق طويلًا حينما يتعلق الأمر بدمجهم بشكل كامل بالمجتمع، فالعديد منهم يواجهون تحديات في الحصول على فرص التعليم المناسب ودخول سوق العمل. 

توعية متواصلة بأهمية الشمولية في مكان العمل
وتابع: لا تقتصر جهود المركز في هذا الإطار على المستوى الاستراتيجي والمؤسسي، حيث يحرص كذلك على توعية كافة أطياف المجتمع بأهمية الشمولية في مكان العمل، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وشبكة الانترنت.
وأشار إلى أن أبرز ما قدمه المركز في هذا الإطار خلال العامين الماضيين تنظيم سلسلة ندوات متخصصة خلال شهر التوعية بمرض التوحد، شارك فيها نماذج دولية ملهمة تعايشوا مع التوحد وبنوا مسيرات مهنية ناجحة على الرغم من جميع التحديات، من بينهم الدكتورة تمبل غراندين أستاذة علم الحيوان بجامعة كولورادو، والدكتور ستيفن شور، بروفيسور التعليم الخاص بجامعة أدلفي.
وقال المنصوري: كما شارك في هذه الندوات أبرز الخبراء في هذا المجال مثل الدكتور روبرت نصيف، اختصاصي علم النفس وخبير طيف التوحد. وفي الوقت ذاته، منحت تلك الندوات أسر الأشخاص ذوي الإعاقة وأرباب العمل فرصة مشاركة تجاربهم ووجهات نظرهم حول كيفية إنشاء بيئة عمل أكثر شمولًا.
وأضاف: وفي إطار جهوده المستمرة لتمكين ذوي الإعاقة، أطلق مركز قطر للتطوير المهني حملة واسعة النطاق خلال شهر التوعية بالتوحد بهدف رفع مستوى الوعي العام حول اضطراب طيف التوحد وتعزيز إدماج الأشخاص ذوي التوحد وتفهم احتياجاتهم في مكان العمل.
وأردف: بدأت الحملة بنشر سلسلة من الندوات عبر الإنترنت من تقديم مجموعة متميزة من المتخصصين والخبراء وأولياء أمور ذوي التوحد تناولوا خلالها التحديات التي يواجهها ذوو التوحد، فضلًا عن نصائح عملية مستمدة من خبراتهم في خلق بيئة عمل أكثر شمولًا. وغطت الندوات مجموعة واسعة من الموضوعات تدرجت من أهمية إدماج الأفراد ذوي التوحد في بيئة العمل إلى استراتيجيات الشمولية، ولم تتوقف جهودنا عند هذا الحد، حيث أطلق المركز سلسلة فيديوهات حصرية على مواقع التواصل الاجتماعي شاهدها أكثر من 14 مليون متابع داخل قطر وخارجها، وقدمنا من خلالها سلسلة من المقابلات الوثائقية ذات المحتوى التعليمي، والتي تهدف إلى تثقيف الجمهور حول مرض التوحد، وتصحيح بعض المفاهيم المغلوطة عنه، والصور النمطية حوله، ونماذج لشخصيات ناجحة من ذوي التوحد.

جهود حثيثة 
وتطرق المنصوري إلى جهود مركز قطر للتطوير المهني، بالقول «عند الحديث عن الجهود المبذولة لدمج ذوي التوحد في سوق العمل القطري، يجب التوقف قليلًا عند ما حققه مركز قطر للتطوير المهني، عضو مؤسسة قطر، في هذا الإطار خلال السنوات الماضية. وترتكز برامج المركز وخدماته بشكل أساسي حول تطوير نظام التوجيه المهني في دولة قطر، وتعزيز دور التطوير المهني في تنمية رأس المال البشري القادر على بناء اقتصاد متنوع ومستدام يحقق رؤية قطر الوطنية». 
وأكد أن المركز بدأ في إطلاق برامج مخصصة لذوي التوحد في عام 2017 من خلال التعاون مع أكاديمية العوسج لإطلاق برنامج «مهارات الاستعداد المهني» الذي استهدف الطلاب الذين يعانون من صعوبات في التعلم خفيفة ومتوسطة الشدة. وعمل البرنامج على إكساب الطلاب مهارات التوظيف الرئيسية من خلال ورش عمل ومناقشات ورحلات ميدانية وغيرها من الأنشطة التي تستهدف إعدادهم للحياة المهنية. وقد تم إدراج البرنامج رسميًا في وقت لاحق ضمن المنهج الدراسي للأكاديمية. 
وأشار إلى أن شهر أبريل من العام الماضي شهد علامة فارقة جديدة في مسيرة هذا البرنامج مع إطلاق مبادرة التدريب الداخلي الشمولي في مؤسسة قطر، والتي مكنت الطلاب من اكتساب الخبرة العملية والتعرف على بيئة العمل عن قرب مع تطبيق المهارات التي تعلموها خلال برنامج مهارات الاستعداد المهني.
 وأضاف: يسعى المركز لتطبيق هذه المبادرة على مستوى أوسع خلال السنوات المقبلة من أجل تطوير ثقافة توظيف أكثر شمولية على الصعيد الوطني، والإسهام بشكل أكبر في تدريب المؤسسات على إشراك ذوي الإعاقة. 

تعاون مكثف على الصعيدين الوطني والدولي
وتابع: يشكل التوظيف الشمولي كذلك محورًا مهمًا من مناقشات «لقاء شركاء التوجيه المهني» الذي نظم مركز قطر للتطوير المهني نسخته الأخيرة عام 2022 بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، ومكتب مشروع منظمة العمل الدولية في دولة قطر، وقطاع التعليم العالي في مؤسسة قطر. ويجمع هذا اللقاء مختلف الجهات المعنية بالتوجيه المهني في دولة قطر من أجل تبادل المعارف والتوصل إلى أفضل الممارسات التي تدعم التوجيه المهني كوسيلة قادرة على تحقيق النجاح الشخصي والاجتماعي والتعليمي والاقتصادي للشباب القطري بشكل خاص، والمجتمع القطري بشكل عام.
ولفت إلى أن من أبرز أهداف اللقاء في العام الماضي كان العمل على تعزيز انتقال الأشخاص ذوي الإعاقة من التعليم الثانوي إلى الحياة العملية عبر إطار عمل منظم لمهارات الإدارة المهنية، يدعم التوظيف الشمولي وإدماجهم بشكل سلس ضمن النسيج الاجتماعي.

برنامج ريادي 
ونوه إلى أن مركز قطر للتطوير المهني أطلق هذا العام برنامجًا لدعم توظيف الأشخاص من ذوي الإعاقة تعاون خلاله مع الدكتور ستيفن شور والدكتور روبرت نصيف، إلى جانب عدد من الخبراء في مجال التوجيه والتطوير المهني، من أجل تدريب المرشدين المهنيين والعاملين في مجالات مثل التعليم والموارد البشرية على تقديم الدعم للأشخاص الذين يواجهون صعوبات خفيفة ومتوسطة في التعلم وغيرها من التحديات الإدراكية وفقًا لأفضل الممارسات الدولية المعدلة لتناسب السياق المحلي في دولة قطر. وشارك في البرنامج ممثلون من مختلف القطاعات بالدولة، بما في ذلك استشاريو المدارس وأولياء الأمور والشركاء المجتمعيون وشركاء التطوير المهني وأصحاب العمل، وأفراد أسر الطلبة المتنوعين عصبيًا.
وقال المنصوري: لم يقتصر تأثير تلك الجهود على المستوى الوطني، فالعديد من البرامج التي ينظمها المركز تشهد إقبالًا من المتخصصين في دول الخليج العربي، كما تسمح معظم مبادراته بمشاركات من مختلف الدول العربية وجميع أنحاء العالم. 
وأضاف: التوظيف الشمولي كان أيضًا محور ورقة بحثية بعنوان «تعزيز إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل القطري»، قدمها المركز قبل أسابيع في النسخة الأولى من المؤتمر العربي للتطوير المهني بمدينة أسوان المصرية بمشاركة ما يزيد عن 1000 خبير وممثلين عن 42 مؤسسة حكومية وغير حكومية من 12 دولة عربية.
وتابع: استعرض المركز خلال تلك الورقة البحثية التي نالت إشادة الجميع إنجازات الدولة في تعزيز الشمولية في الاقتصاد والمجتمع عبر بوابة التطوير المهني، إلى جانب الجهود المكثفة التي يبذلها المركز في سبيل تعزيز ثقافة التوظيف الشمولي في دولة قطر، والنجاحات التي حققها والتحديات التي واجهته في هذا المسعى.

دعوة للتفاؤل
وأكد المنصوري الحاجة للبناء على كل تلك الجهود والعمل على تكثيف التعاون بين كافة المؤسسات من أجل تجاوز التحديات على مختلف المستويات، بدءًا من عائلات ذوي التوحد ومرورًا بالمجتمع ووصولًا لأرباب العمل، لحصد نتائج حقيقية تسهم في الاستفادة من إمكانات كل فرد في المجتمع من أجل بناء مستقبل مزدهر لدولة قطر. 
وأوضح أنه في كل عام يخصص العالم شهر إبريل للتوعية بالتوحد، بعد أن أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثاني من إبريل يوما عالميًا للتوعية بالتوحد في عام 2007، وذلك بناءً على اقتراح قدمته صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر دعت فيه إلى تحديد اليوم العالمي للتوعية بالتوحد خلال الدورة الـ 62 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
ونوه بأن أبريل من كل عام يشهد العديد من الأنشطة والمناقشات في جميع أنحاء العالم والتي تهدف للتوعية بكل ما يخص اضطراب طيف التوحد وتصحيح المفاهيم الخاطئة المتعلقة به، كونها الخطوة الأهم في سبيل تحقيق دمج حقيقي لذوي التوحد في المجتمع.

ليسوا أقل ذكاءً 

وأشار المنصوري إلى أن هناك أنواعا وأعراضا مختلفة لاضطرابات التوحد تختلف حدتها من شخص لآخر، فهم ليسوا أقل ذكاءً أو قدرةً من أقرانهم، بل يفكرون طريقة مختلفة ويتعاملون مع الأمور بطرقهم الخاصة ويتواصلون مع من حولهم بأسلوبهم الخاص.
وأضاف: قد تصاب بالدهشة حينما تعلم أن أشخاصًا مشهورين في مجالات عديدة لديهم نوع أو آخر من ذلك الاضطراب؛ لكنه لم يشكل عائقًا أمام نجاحهم، ومن بينهم: العالم ألبرت إينشتاين، ورجل الأعمال الشهير إلون ماسك، ومؤسس آبل ستيف جوبز، ومؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ.

Advertisements

قد تقرأ أيضا