الدوحة - سيف الحموري - استضافت الخيمة الخضراء التابعة لبرنامج «لكل ربيع زهرة»، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، خلال الندوة الرابعة لها بشهر رمضان، مجموعة من الخبراء والمهتمين بقطاع التعليم والتدريب من قطر وعدد من الدول العربية تحت عنوان «مواكبة التعليم والتدريب لمتطلبات سوق العمل المستقبلية»، والذين ناقشوا مستقبل سوق العمل من خلال اختفاء مهن وظهور أخرى، فضلاً عن معضلة التكامل بين مخرجات الجامعة ومتطلبات المجتمع إلى جانب الجمود والمرونة في أنظمة التعليم والتدريب العربية ورؤية كاملة لقضايا التعليم والتدريب وسوق العمل.
وحول التعليم المهني واتجاه سوق العمل أشار المشاركون بالندوة إلى أهمية أن تأخذ أنظمة التعليم والتدريب الفني والمهني الوطنية بعين الاعتبار الاحتياجات الحالية والناشئة للأسواق الوطنية، وتقييمات السوق أو التقييمات التي تحدد وتترقب المهارات الصعبة والخفيفة والمطلوبة في سوق العمل، فضلاً عن إعادة ترتيب البرامج والشهادات القائمة، حسب الحاجة، مع الاحتياجات الحالية والناشئة للسوق وذلك لزيادة توظيف الخريجين إلى أقصى حد فضلاً عن التخلص التدريجي من دعم البرامج التي لا تتبع توجهاً واضحاً للسوق أو التي تعمل بالتوازي مع أنظمة التعليم والتدريب التقني والمهني الوطنية.
ولفتوا إلى أن في العديد من البلدان يعد التعليم والتدريب التقني والمهني جزءا لا يتجزأ من بنية التعليم الوطنية ويدعم التنمية الاقتصادية من خلال تسهيل تنمية القوى العاملة الماهرة المرتبطة باحتياجات سوق العمل ويمكن للتعليم والتدريب التقني والمهني، كجزء من التعلم مدى الحياة، أن يحدث في المرحلة الثانوية وما بعد الثانوية وفي التعليم العالي ويشتمل على التعلم القائم على العمل.
تطوير الكفاءات
وخلال محور تدريب المعلمين والمدربين أكدوا أهمية تطوير وتنفيذ أطر الكفاءات للمهنيين في التعليم والتدريب التقني والمهني وتوفير تعليم ما قبل الخدمة والتعليم والتدريب التقني والمهني ودعم التطوير المهني المستمر للمعلمين والمدربين في التعليم والتدريب التقني والمهني فضلاً عن تحسين سبل توفير التعليم والتدريب التقني والمهني من خلال تكامل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى جانب تسهيل تطوير المهارات الحياتية الأساسية والكفاءات من خلال التدريب الإضافي والتعلم التجريبي وتعليم مهارات التفكير النقدي ودراسة وجهات نظر متعددة.
ولفتوا إلى دور وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في إعداد البرامج اللازمة لتطوير وتدريب ورفع كفاءة المعلمين ومدهم بالبرامج التي تواكب التغير السريع في البرامج الأكاديمية وتطورها.
ولفت المشاركون إلى نتائج دراسة أجرتها جامعة أكسفورد أنه بعد 15 عاما من الآن، سيتم أتمتة ما يقرب من نصف الوظائف، لذلك نحن بحاجة إلى إعادة تعريف نظامنا التعليمي مع مراعاة التحديات المقبلة، وتظهر دراسة أخرى أن 80 % من الوظائف المستقبلية مرتبطة بالمهن في تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، الذي يتبنى فكرة أن تعلم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات يمكن أن يشمل كل أو بعض هذه التخصصات، ويشمل تعلم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات أيضا تطوير مهارات الاستقصاء وقدرات التفكير لذلك هناك حاجة ملحة لمعالجة فجوة ونقص المهارات في سوق العمل.
اهتمام بريادة الأعمال
وأوضحوا أنه في دولة قطر هناك اهتمام متزايد بريادة الأعمال ولذلك ينبغي الاهتمام بمسألة تأهيل الخريجين للعمل الخاص وريادة الأعمال، مشيرين إلى أن الدول العربية وبخاصة الخليجية تعاني من ندرة في الفنيين المتخصصين في الكثير من المجالات، وينبغي العمل على تشجيع الطلاب على دخول التخصصات الفنية.
وأشاروا إلى وجود خلل واضح في نوعية الخريجين، فهناك وفرة في بعض التخصصات وندرة في التخصصات الأخرى، والفترة الحالية شهدت إقبالًا على دراسة علوم الحاسوب وتشجيعا من أولياء الأمور على التخصص في هذا المجال دون دراية بالاحتياجات الفعلية في هذا المجال، لافتين إلى أن أنظمة التعليم في العالم العربي تعاني من مشكلات كثيرة لعل من أهمها عدم تحديث المناهج بشكل دوري، وعدم ربط المقررات الدراسية بالواقع فضلاً عن استيراد النظم التعليمية، وعدم إشراك الخبراء التربويين في عملية تطوير التعليم.
غياب الدافعية
وأوضحوا الحاجة إلى معالجة مشكلة غياب الدافعية لدى الطلاب والتدريب المستمر للمعلمين ورفع كفاءتهم، وتطوير طرق التدريس، مطالبين بأهمية تحديث وتطوير المناهج الدراسية بشكل دوري، فضلاً عن الحاجة إلى نشر ثقافة التعليم الذاتي والتعليم المستمر إلى جانب ضرورة التركيز على ريادة الأعمال من أجل خلق الفرص وتشجيع الشباب على الابتكار.
وتحدثوا حول انسياق الطلاب وأولياء أمورهم ورغباتهم نحو التخصصات العسكرية على حساب التخصصات الأكاديمية وفقاً لاستطلاعات الرأي الخاصة بأولياء الأمور والطلبة على حداً سواء والتي تصل نسبتها لأكثر من 80% يميلون إلى التخصصات العسكرية.
وتطرق المشاركون نحو تجربة الجزائر في التكامل بين الجامعة ومتطلبات الجامعة من خلال استحداث برامج تشغيلية رائدة تسهم في حل المعضلة والمساهمة في إحداث الإضافة «الاقتصادية» باستحداث مناصب عمل قارة ونهوض اقتصادي لافت مؤثر ومن هذه البرامج الإدماج المهني وبرنامج التنمية الجماعية ومشاريع المنفعة العامة.
وعن التوصيات فقد شدد المشاركون على ضرورة الحرص على استمرار تدريب العاملين في مؤسسات الدولة لضمان عقد الدورات التدريبية لأفراد المؤسسة، كل حسب احتياجه وحالته إلى جانب الاطلاع الدائم على احتياجات سوق العمل من المهارات، فضلاً عن المرونة في تلبية طلبات سوق العمل بالكوادر المناسبة إلى جانب ضمان شحذ قدرات العاملين بما يتوافق مع التغيرات في الاحتياجات.
وأكدوا أن مواكبة التعليم والتدريب لمتطلبات سوق العمل المستقبلية من الأمور الحيوية لضمان نجاح البلدان والمنظمات في تحقيق أهدافها الاقتصادية، خاصة مع شيوع مفاهيم «الدمج الشامل» لذوي الإعاقات بما يضمن إضافات عظيمة لطاقة العمل، والسعي لتشريعات موجبة بتشغيلهم، فالدمج الاقتصادي لا يقل أهمية عن الدمج الاجتماعي والثقافي والأكاديمي، وعموما يتطلب الأمر بناء تعليم وتدريب يرتكز على مهارات القرن الحادي والعشرين وتعلم المهارات الحيوية مثل: التفكيك والتحليل والابتكار وتوجيه العمليات الذاتية والتعلم العميق والتفكير الناقد.
جهود تنبؤ
وفي هذا السياق أكد الدكتور سيف بن علي الحجري رئيس برنامج لكل ربيع زهرة مواجهة الجيل الحالي والنخبة، مهمة من أصعب المهام، قائلاً: فلم يعد كافيا التعرف على سوق العمل الحالية، بل على مراكز الأبحاث تقديم العون للتنبؤ بمصائر أعداد من المهن تؤول للاختفاء وتوقع مهن أخرى ليست ضمن سوق العمل الحالية، موضحاً أن مهمة التنبؤ شاقة، فضلا عن مشقة إعداد الأجيال القادمة على المدى المنظور، والأصعب، إعادة تأهيل الأفراد الحاليين المهرة في مهن معرضة للانقراض.
وتابع: على ذلك يستحيل الفصل بين دور واضع الأنظمة التعليمية والتدريبية وخبير سوق العمل، بسبب التسارع الشديد في التغير في متطلبات سوق العمل إلى جانب الاستقرار العالمي على وجوب التدريب المستمر، سيان للطلاب أو الموظفين.
تدريب مشترك
وأضاف: يجب أن تعمل الحكومة وقطاع التعليم والتدريب بشكل مشترك على تصميم مناهج قائمة على المهارات وإعداد الأفراد لمواكبة تكنولوجيا المستقبل وتطبيقاتها، وينبغي أيضًا توفير مشاريع تقليدية أو عملية لمنح الطلاب فرصا للتدرب والعمل في مجالاتهم المجدولة فضلاً عن أهمية توفير الحوافز اللازمة للمهن النادرة وتوطينها.
ولفت إلى أهمية أن يكون التعليم والتدريب في سوق العمل قائمًا على الابتكار والتكنولوجيا والانفتاح على العالم الخارجي، حيث يشمل التدريس الإلكتروني والتعلم التفاعلي والتنقل المرن ويمكن تصميم التعليم والتدريب ليكون أكثر فاعلية، مع الحرص على تعزيز الإنتاجية وتحسين القدرات لتحقيق المزيد من النجاح في سوق العمل.