الارشيف / حال قطر

مدير الأبحاث والشراكات بالمعهد في تصريحات خاصة لـ العرب: إستراتيجية «قطر للرعاية الصحية الدقيقة» لبناء علماء وأطباء المستقبل وتطوير السياسات

الدوحة - سيف الحموري - أكد الدكتور حمدي مبارك، مدير الأبحاث والشراكات، بمعهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة أن المعهد أثبت مكانته كوجهة رئيسية في التعاون البحثي الدولي، وذلك من خلال الشراكات الهامة التي عقدناها، والتي نسعى من خلالها إلى تيسير تبادل المعارف وتنمية القدرات المحلية اللازمة لتعزيز الرعاية الصحية الدقيقة في البلاد.
وقال د. حمدي مبارك في تصريحات خاصة لـ «العرب»: لقد ساعدتنا الشراكات التي عقدناها مع برامج عالمية متقدمة في مجال الرعاية الصحية الدقيقة في تحقيق انطلاقة قوية وتأدية دوراً فاعلاً ومؤثراً، بل وقيادياً، في تحقيق التعاون وأداء دور دولي في هذا المجال. نتيجة لذلك، أصبحنا الآن نحتل المرتبة الأولى في مجال البحوث الجينية في العالم العربي، ونتلقى باستمرار طلبات التعاون من الدول الأخرى التي تطمح إلى إنشاء مشاريعها الخاصة في مجال الجينوم، ويتطلعون للاستفادة من تجربة دولة قطر الرائدة في المنطقة.

وحول تعاون معهد قطر لبحوث الطب الدقيق مع مؤسسات الدولة، مثل وزارة الصحة العامة، ومؤسسة حمد الطبية، ومؤسسة الرعاية الصحية الأولية، أضاف: نحن نتعاون مع أهم الجهات والمؤسسات المؤثرة في نظامي الرعاية الصحية والتعليم في قطر. وتشمل هذه المبادرات تأسيس برنامج دراسات عليا مع جامعة حمد بن خليفة، وبرنامج لتخريج الاستشاريين الوراثيين في جامعة قطر.
وتابع: كما أسفرت الشراكة التي تجمعنا مع مؤسسة حمد الطبية عن إجراء دراسات رائدة لفحص الجين المسؤول عن تخثر الدم قبل أن يخضع المريض للعملية، بما يساعد بالنتيجة في معرفة الدواء المناسب بالجرعة المطلوبة بشكل يضمن التعافي بشكل آمن وفعال.
وتابع: كما نفخر بتسجيلنا رقماً قياسياً في عدد عينات الجينوم التي تم جمعها على مستوى المنطقة والعالم، بحيث بلغت 45 ألف عينة جينوم كاملة. وهذا إنجاز يتوج 10 سنوات من العمل والأبحاث المكثفة في بيوبنك وقطر جينوم، وقد تعاون لتحقيقه عشرات الباحثين الموجودين في قطر من مختلف المراكز البحثية والأجهزة البحثية في جامعة قطر ومؤسسة قطر ومؤسسة حمد الطبية وجامعة حمد بن خليفة ومركز سدرة للطب ووايل كورنيل للطب- قطر، حيث تم التعرف على عدد كبير من الطفرات الجينية المسببة للأمراض، ما يمثل كنزاً علمياً سيتم عليه بناء السياسات الصحية التشخيصية والوقائية في قطر.
وكشف عن عمل المعهد وفق استراتيجية متكاملة تتجاوز إنتاج عينات وأبحاث، لتشمل أيضاً بناء علماء وأطباء المستقبل، وتطوير السياسات الصحية، فإلى جانب شراكة المعهد مع الجامعات، يعمل أيضاً مع وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي لبناء الوعي حول الرعاية الصحية الدقيقة في المدارس ودمج علوم الجينوم والتعريف بأهميتها ضمن المناهج الدراسية.
كما كشف عن التعاون مع وزارة الصحة العامة للتركيز على صياغة سياسات صحية مستقبلية تتماشى مع نتائج البحوث الحديثة.
وقال د. حمدي مبارك: من خلال تطوير البحث العلمي، ورعاية علماء المستقبل، وصياغة سياسات الرعاية الصحية في نفس الوقت، يسعى المعهد إلى تقديم مساهمات مؤثرة في مجال الطب الدقيق، كما نتطلع إلى رفع معدل الاستفادة من نتائج أبحاثنا، وتسريع مرحلة الانتقال إلى التطبيق السريري. ونأمل أن يسهم نظام الرعاية الصحية المتطور والتعاوني هذا في إنجاز هذا التحول بشكل سلس.
وناقش خبراء ومختصون، الشهر الماضي، كيفية تطوير الرعاية الصحية في العالم من خلال تعزيز التعاون الدولي في أبحاث الجينوم. ودار النقاش خلال إحدى الجلسات الفرعية التي أقيمت على هامش فعالية الإعلان الرسمي عن معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة، وهو مركز وطني بحثي وتطبيقي ينضوي تحت مظلة مؤسسة قطر.
وشهدت جلسة بعنوان: «البرامج الدولية؛ تبادل المعارف»، مشاركة ممثلي معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة والدول الشريكة أوجه التعاون المطلوب بين مختلف التخصصات والقطاعات والدول حول العالم، ومن ضمنهم الدكتور حمدي مبارك، مدير الأبحاث والشراكات في معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة، والدكتور بيتر جودهاند، الرئيس التنفيذي للتحالف العالمي للصحة وعلوم الجينوم، كندا، والدكتورة بورجو يوسيل، مدير معهد الأبحاث التركي، والدكتور باتريك تان، المدير التنفيذي لشركة PRECISE ، سنغافورة.
تطرق النقاش الذي أدارته الدكتورة رجاء بادجي، مدير الجينوم الانتقالي في معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة، إلى الأهمية الاستراتيجية للشراكات متعددة التخصصات بين الدول، وتناول الاستراتيجيات والمبادرات القادرة على تعزيز التعاون وتبادل المعارف. وسلط المتحدثون الضوء على الأمثلة الناجحة لتبادل المعرفة، وتأثير ذلك على تقدم الأبحاث الجينية في العالم.
واستهلت الدكتورة رجاء بادجي النقاش بالتشديد على أهمية العمل المشترك، قائلة: «نحن بحاجة إلى إرساء تعاون ناجح، ووضع أهداف مشتركة، وتحديد أطر مؤاتية. ويتوجب علينا دعم مشاركة الأفكار بشكل عام، مع الأخذ بعين الاعتبار التحديات التي يمكن أن تطرحها التكنولوجيا أمامنا».
وتأكيدًا على أهمية التعاون والتطور الدائم للأبحاث والعلوم، قال الدكتور حمدي مبارك: «علينا العمل لزيادة مستوى التنوع، والحصول على حصة تمثيلية أكبر في علم الجينوم. ولنتذكر أن العلوم والأبحاث التي أجريناها إبان التسعينات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين تختلف عن الأبحاث التي نجريها حالياً».
من جهته، تطرق الدكتور باتريك تان إلى الاختلافات بين الدول، مؤكداً على أهمية وضع الأطر التعاونية القابلة للتعديل بما يساعد في استيعاب الاختلافات البحثية والقدرات التكنولوجية. وقال: «نحن مختلفون عن بعضنا البعض: أحجام دولنا تختلف عن بعضها البعض، ومراحل الأبحاث التكنولوجية التي بلغناها متباينة، كما تتباين أيضاً قدراتنا على الاستفادة من نتائج الأبحاث المنجزة».
استكمالاً للنقاش، أكدت الدكتورة بورجو يوسيل على أهمية اعتماد هيكلية إدارية صلبة تساعد في تطوير العلوم، واتباع سياسات شفافة لتبادل البيانات. وقالت: «من المهم تحديد هيكل إداري واضح يساعد بشكل خاص في تقوية مصادر العلم المفتوح، من خلال الالتزام بسياسات تبادل البيانات». كما ركزت على فوائد العلم المفتوح في تعزيز التعاون، لكونه «يعزز التعاون ويرتقي بجودة المعرفة».
كما تحدث الدكتور بيتر جودهاند عن العلاقة التكافلية بين المعرفة العالمية والرعاية الصحية المحلية، مشدداً على أهمية تنسيق الجهود والموارد لتعظيم تأثير أبحاث الجينوم على نطاق عالمي. وقال: «يجب أن تكون المعرفة عالمية. لكن أهمية هذه المعرفة
 العالمية تنتج أولاً من الرعاية الصحية المحلية». وتطرق إلى دور المنظمات الدولية، مثل التحالف العالمي للصحة وعلوم الجينوم، قائلاً: «نحن في التحالف نضع المعايير والأطر والسياسات الأخلاقية التي تسمح للأشخاص بمشاركة البيانات التي يطمئنون لمشاركتها مع الجهات التي تحظى بثقتهم».
ويعكس الإعلان الرسمي عن معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة التزام دولة قطر بتنمية وتطوير الرعاية الصحية، كما يُرسي أساسيات التعاون الهادف على المستوى الدولي. ويلتزم المعهد بالعمل على تحسين الرعاية الصحية للأفراد في قطر والعالم من خلال تصدّر جهود الوقاية الصحية وتوفير العلاجات المتخصصة.

Advertisements

قد تقرأ أيضا