حال قطر

جلسة المركز القطري للصحافة تقدم قراءة لمستقبل المنطقة العدوان على غزة ولبنان بداية حرب "أرض الميعاد"


الدوحة - سيف الحموري - نظم المركز القطري للصحافة أمسية فكرية إعلامية تحت عنوان «مستقبل الشرق الأوسط بعد العدوان على غزة ولبنان»، وذلك ضمن أمسيات «مجلس الصحافة» بمقرّ المركز.
تناولت الجلسة عبر تحليل استراتيجي شامل الأوضاع الراهنة بالمنطقة، والتداعيات السياسية والإنسانية للعدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة والضفة الغربية ولبنان، ومخاطر توسيع نطاق الحرب على الاستقرار الإقليمي والعالمي، وقراءة لمستقبل المنطقة في ظل تصاعد الصراع العربي الإسرائيلي.
تحدث خلال الجلسة اللواء فايز الدويري، الخبير العسكري والاستراتيجي، الذي تناول الأبعاد العسكرية للصراع في المنطقة، والدكتور فراس القواسمي، أستاذ السياسات العامة في أكاديمية جوعان للدراسات الدفاعية، الذي قدم تحليلًا حول تأثير تلك الأزمات على التوازنات السياسية في الشرق الأوسط، وأدارهاالإعلامي القطري عبدالعزيز آل إسحاق، الذي وجّه الحوار نحو تسليط الضوء على السيناريوهات المحتملة لمستقبل المنطقة.
حضر الندوة عدد كبير من الإعلاميين والجمهور من داخل وخارج قطر وعدد من قيادات أكاديمية جوعان بن جاسم للدراسات الدفاعية.
وبدأ اللواء فايز الدويري حديثه عن المشهد في لبنان، وقال: إننقطة التحول لم تبدأ مع اغتيال حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، بل بدأت منذ اغتيال فؤاد شُكر، وتلتها مجموعة من الأحداث التي أربكت حزب الله.
وقال: صحيح أن الضربات كانت مؤلمة، وحزب الله كان مخترقًا حتى النخاع، لكنه استعاد توازنه عبر طريقة إدارته للمعركة وتنظيمه الميداني، والأيام الماضية توضح آثار ضربات المقاومة على الداخل الفلسطيني المحتل، وكيف تمكن من إلحاق الضرر بالمنشآت العسكرية الإسرائيلية، والنجاح في اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية، وأنه وبعد أكثر من 10 أيام من محاولات التوغل البرية لا يوجد أي اختراق حقيقي للجيش الإسرائيلي للأراضي اللبنانية.
وأضاف اللواء الدويري: يجب الوضع في الحسبان أن الحرب غير متكافئة، ورغم ذلك فإن المقاومة تحقق إنجازات عسكرية كبيرة.
وأكد أن الحرب الإسرائيلية على غزة ما كانت لتطول لولا الدعم الأمريكي لإسرائيل، وأن جيش الاحتلال ما كان ليصمد أكثر من 3 أشهر لولا الجسر الجوي الأمريكي المفتوح لإسرائيل.
وعن تأخر رد حزب الله على الضربات الإسرائيلية، قال اللواء فايز الدويري: حزب الله كان يأخذ في الاعتبار الأوضاع اللبنانية الصعبة اقتصاديًا، بالإضافة إلى الأوضاع السياسية والطائفية، فهنا كان حزب الله أمام حسابات؛ أهمها أنه إذا لم يشارك في المعركة ويقدم الإسناد فإنه سيفقد مصداقيته، لذا قرر حزب الله المشاركة بالحد الأدنى، رغم أن كل المؤشرات كانت تشير إلى قدوم الحرب المفتوحة، وأعطى تأخر حزب الله في الرد، إسرائيل الجرأة والتمادي في تجاوز خطوط الحرب المنضبطة، وبدأت إسرائيل بالتحدث عن شرق أوسط جديد، وذلك لأن حزب الله لم يختر التصعيد مقابل التصعيد.
وأوضح اللواء الدويري أن ما ساهم في تجرؤ إسرائيل أكثر هو السكوت الأمريكي عن أفعالها، وقال: الإدارة الأمريكية مشلولة وضعيفة، وزادت فترة الانتخابات من هذا الضعف، فهذه مجرد ظروف مساعدة لرئيس الوزراء الإسرائيلي الذي لم يخرج عن إطاره الفكري، وبُعده الأيديولوجي والعقائدي، فنتنياهو يعتبر أنه عراب النظرية الصهيونية الثانية الموضحة في كتابه:«مكان تحت الشمس» عام 1982، لافتًا إلى أن الصهيونية اليهودية خطر على العرب.
وعن التوجه الإسرائيلي، قال اللواء الدويري: إن الاحتلال الإسرائيلي عينه على الأردن والعراق وسوريا وسيناء، وهذا وفق المعتقد اليهودي الذي يبشر بما يسمّيه: «أرض الميعاد».
وعن المواقف العربية، أشار اللواء فايز الدويري إلى أنها متفاوتة ولا تتلاقى، كما أن جامعة الدول العربية بدت غائبة تمامًا عن المشهد، وأشاد بمواقف دولة قطر الثابتة والداعمة لدولة فلسطين وللشعب الفلسطيني، وتوظيفها إمكاناتها لحل الصراع ووقف الحرب، كما نوه بموقف سعادة السيدة لولوة الخاطر وزير الدولة للتعاون الدولي، عندما زارت غزة في الحرب، ووقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني، ومساندتها لهم.
حرب مفتوحة
وعن تمكن إسرائيل من جرّ حزب الله إلى حرب مفتوحة، أكدالدكتور فراس القواسمي، أستاذ السياسات العامة في أكاديمية جوعان للدراسات الدفاعية، أن الرد على هذا التساؤل يحتم العودة إلى بداية الحرب التي كانت لها حدود، وكانت ضمن قواعد منضبطة.
وقال: اغتيال فؤاد شُكر كان تغيرًا مهمًا في مسار المعركة، وكان بمثابة تجاوز إسرائيلي الخطوط الحمراء التي وضعها حزب الله في الحرب، وهو الذي وضع الضاحية الجنوبية والمدنيين وقادته ضمن هذه الخطوط، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تجاوز كل هذه الخطوط، ورغم ذلك فقد كانت قراءة حزب الله تعتقد أنه ما زال غير معني بحرب مفتوحة ولم ترَ أن هذه المرحلة هي مرحلة تحول، وهنا استغلت إسرائيل تأخر حزب الله في الرد؛ لتأتي عملية «البيجر» و « التوكي ووكي»، وبعدها اغتيال قيادات حزب الله.
وأضاف: عملية «البيجر» تدعو للتساؤل عن أسباب اتساع نطاقاختراق حزب الله، فبعض التحليلات تشير إلى أن انخراط حزب الله في الصراع السوري قد يكون هو السبب، لكنني أضيف إلى ذلك أن حزب الله لم يخض أي حرب مباشرة مع إسرائيل منذ عام 2006، على عكس حركة حماس التي راكمت تجارب الحرب حتى تمكنت من التفوق على الاستخبارات الإسرائيلية في السابع من أكتوبر.
الموقف العربي
وعن الموقف العربي أكد الدكتور فراس القواسمي أنه يقرؤه ضمن عدة مراحل أولها منذ عام 1948 إلى عام 1977، وفي هذه المرحلة كان يجرم التطبيع، وخاضت الدول العربية حروبًا مباشرة مع إسرائيل، وفي عام 1977 تغير الموقف العربي وتزعزع بعد زيارة الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات لإسرائيل، بعدها اتفاقية أوسلو التي عززت فكرة الأرض مقابل السلام.
وقال: لكن الاختراق الحقيقي للموقف العربي الموحد كان عام 2020 عندما جاء الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ووقع على اتفاقية إبراهام، وتكمن خطورة هذه الاتفاقية أنها أصبحت تبحث عن سلام مقابل سلام أو مقابل لا شيء، فقط تطبيع من أجل البحث عن علاقات طبيعية مع إسرائيل، فهذه الاتفاقية الخطيرة تجاوزت الجانب الفلسطيني، حيث لم تتم استشارته،أو وضع اعتبارات لمصالحه.
وعن سؤاله عن التوازنات الدولية، قال الدكتور فراس القواسمي: يجب عدم التعويل على المجتمع الدولي كثيرًا، واعتبر أن الاتحاد الأوروبي نسخة شقراء من جامعة الدول العربية، حيث تكتفي بالتنديد، أما الصين وروسيا فإنهما لا مصالح لهما في الدخول في صراع مباشر مع إسرائيل، وخلفها أمريكا، وقد تكون حرب الاستنزاف أكثر خدمة لأجندتهما.
وعاد الدكتور فراس القواسمي في حديثه إلى الشرق الأوسط الجديد من منظور أمريكي وإلى الانتخابات الأمريكية، مؤكدًاأنها لن تغير كثيرًا في مشهد الحرب، خاصة أن الدعم الأمريكي لإسرائيل ثابت مهما تغيرت الحكومات.
اختراق حزب الله
وفي مداخلة للسيد سعد محمد الرميحي رئيس المركز القطري للصحافة، أكد أنه لم يكن يتوقع هذا الحضور الكبير للجلسة، واعتبر أن الجميع كان متعطشًا لسماع وجهات نظر المحللين حول الحرب على غزة ولبنان.
وأشار الرميحي إلى موافقته لرأي اللواء فايز الدويري في أن أمريكا هي الداعم الأكبر لإسرائيل، وأنها تقف خلفها وتساندها في كل السياسات والمواقف.
وحول الحرب على لبنان وحزب الله، أوضح الرميحي أنه لم يكن يتوقع أن يكون اختراق حزب الله بهذه الحدة والصورة، وهو الذيخاض حربًا شرسة ضد إسرائيل عام 2000، وأجبرها على الخروج من الأراضي اللبنانية ثم واجهها عام 2006.
وأوضح أن الاختراق الواسع لحزب الله وراء توالي الاغتيالات لقادته، وهو الأمر الذي وصفه بالمؤلم بالنظر إلى كون هذا الحزب يمثل النضال.
وأشار إلى أنه كان يتمنى ألا ينخرط حزب الله في الصراع في سوريا، وكان حريًا به أن يلعب دورًا في المصالحة وحل النزاع بين الأطراف المتناحرة هناك، ورجح أن ذلك كان هو السبب في اختراقه.
وعن الضربة الإسرائيلية المتوقعة التي تستهدف إيران، أكد الرميحي أنها لن تكون في صالح إسرائيل، خاصة أن إيران دولة قوية عسكريًا وكبيرة مساحة، وسوف يكون صعبًا ضربُ كل المناطق.
وفي ختام الجلسة تم تدشين لوحة جدارية تدعو لوقف قتل المدنيين والصحفيين في مناطق النزاع.

Advertisements

قد تقرأ أيضا