حال قطر

قطر والأمم المتحدة.. أكثر من خمسة عقود من التعاون والتنسيق لخدمة الإنسانية

الدوحة - سيف الحموري -  حرصت دولة قطر منذ انضمامها إلى منظمة الأمم المتحدة عام 1971، على المساهمة الفاعلة لتحقيق أهداف المنظمة الدولية في حفظ الأمن والسلم الدوليين، ودعم التنمية في مختلف بلدان العالم.
وعلى مدى العقود الخمسة الماضية، ظل التعاون والتنسيق المشترك لخدمة الإنسانية عنوان العلاقات بين دولة قطر والأمم المتحدة، وأصبحت قطر حاضرة بقوة في أغلب أنشطة الأمم المتحدة، وفي المجموعات الإقليمية والدولية من أجل التوصل إلى حلول للأزمات الإقليمية والدولية ومنع النزاعات، وبناء السلام.
وفي هذا الإطار، وضمن مساهمة دولة قطر في الجهود الإقليمية والدولية، تستضيف الدوحة مؤتمرات واجتماعات وورش عمل تعنى بتعزيز السلم والأمن الدوليين وبقضايا التنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان وتعزيز ثقافة السلام.
وترتبط دولة قطر، بعلاقات ثنائية ومتعددة مع مختلف مؤسسات الأمم المتحدة وهيئاتها المتخصصة، كالمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، ومنظمة العمل الدولية، و/اليونسكو/، ومفوضية حقوق الإنسان ومنتدى الشراكة في الإحصاء في القرن الحادي والعشرين PARIS21، ومركز الأبحاث الاقتصادية والاجتماعية والتدريب للبلدان الإسلامية SESRIC، والمعهد العربي للتخطيط، والمعهد العربي للتدريب والبحوث الإحصائية.
وأولت دولة قطر منذ استقلالها عام 1971 اهتماما كبيرا للتعاون الدولي، وعلى مدى عقود دعمت مختلف الهيئات العالمية ووكالاتها في خدمة الإنسانية، وهي عضو نشط ومسؤول في المجتمع الدولي يسهم في إحلال السلام والأمن الدوليين من خلال المبادرات السياسية والاقتصادية والمساعدات الإنمائية والإنسانية.
وضمن مسؤولياتها الدولية، تولي دولة قطر اهتماما خاصا للدول الأقل نموا، وتقدم لها الدعم لمساعدتها في تحقيق أهداف الألفية الإنمائية، كما تحرص على إيصال المساعدات إلى المنكوبين والضحايا عن طريق القنوات الثنائية والمتعددة الأطراف، وفق أفضل الممارسات وبحرفية ومهنية عالية، وتوجه المساعدات في أغلبها إلى الدول قليلة الدخل والأقل نموا، إلى جانب الدول التي حلت بها الكوارث الطبيعية والنزاعات، كما تدعم دولة قطر الشراكة العالمية من أجل التنمية للقضاء على الفقر، والحد من عدم المساواة، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاستدامة البيئية.
وقد استفاد العديد من الدول من المساعدات القطرية لتشمل أكثر من 100 دولة في مختلف قارات العالم، بالتعاون مع الهيئات المختصة التابعة للأمم المتحدة. فعلى سبيل المثال، لا الحصر، قدمت دولة قطر مساعدات عاجلة للمتضررين من كارثة تسونامي في إندونيسيا، وزلزال باكستان، وزلزال الصين وهاييتي، كما قدمت دولة قطر مساعدات للمتضررين من الفيضانات في باكستان والجفاف في الصومال وساهمت في إيواء ومساعدة النازحين والفئات المتضررة من جراء الحروب حول العالم.
وعلى صعيد التسويات ودبلوماسية التفاوض لحل النزاعات، وضعت دولة قطر المشاركة بمبادرات السلام أحد أركان سياستها الخارجية، وحازت بفضل وساطاتها سمعة عالمية متميزة وكانت محل ثقة مختلف الأطراف، بفضل دورها المتميز والرائد في تقريب المتباعدين وتحقيق الحلول المرضية لجميع الأطراف بما يكفل نجاح تدخلاتها الدبلوماسية، وصولا إلى تسوية الأزمات، وانتهاء بتجسيد تلك الحلول عبر مشاريع ميدانية تنموية شاخصة على الميدان، فشهد لها القاصي والداني بالإنجازات في ملفات مختلفة وكانت جديرة بوصفها دولة صانعة للسلام.
ومن أهم إنجازات دولة قطر في مجال التعاون الدولي، المساهمة في حل النزاعات المسلحة وتعزيز السلم والأمن الدوليين، مثل توقيع اتفاق الدوحة للسلام في أفغانستان بين الولايات المتحدة الأمريكية وطالبان في فبراير 2020، والمشاركة في قوات حفظ السلام التي شكلتها الأمم المتحدة في العديد من مناطق العالم مثل لبنان، إريتريا، والبوسنة والهرسك، وحلحلة أزمات مثل السودان وتشاد، ومنازعات حدودية في جيبوتي وأريتيريا.
وكان لدولة قطر مشاركة فاعلة في عملية إجلاء العالقين الأفغان والأجانب المعرضين للخطر في أفغانستان 2021، والمشاركة في تقديم العون الإنساني العاجل لهم، والمساهمة في الجهود الدولية للتصدي لجائحة كورونا /كوفيد-19/ من خلال تقديم الدعم للدول المحتاجة والمنظمات الدولية المعنية، بما فيها إجلاء ونقل العالقين من كافة دول العالم وموظفي الأمم المتحدة للتخفيف من تأثيرات جائحة كورونا، وتقديم المعونات والمساعدات الإنمائية التي تركزت على قطاعات الصحة والتعليم والمياه والصرف الصحي، جراء الكوارث الطبيعية من الفيضانات والجفاف في بلدان مختلفة.
وفي إطار العلاقات بين الجانبين، تحرص دولة قطر على دعم أجهزة الأمم المتحدة بكل الوسائل المتاحة، وتوفير المستلزمات الضرورية لتمكينها من الاضطلاع بمهام عملها وتحقيق الأهداف التي أنشئت لها.
وبالإضافة إلى مساهماتها الإلزامية في تمويل الميزانية العادية وعمليات حفظ السلام، تقدم دولة قطر بين الحين والآخر تبرعات مالية ومساهمات طوعية للعديد من صناديق وبرامج الأمم المتحدة، لدعم المنظمة الدولية في سعيها لتخفيف الفقر في بعض مناطق العالم، ونشر التعليم الأساسي والاستجابة الطارئة للكوارث والأزمات، حيث تبرعت دولة قطر خلال الفترة من عام 2000 إلى 2014 لأكثر من 41 هيئة أو كيانا تابعا للأمم المتحدة.
وتستند التبرعات الطوعية إلى نهج وطني متكامل يتسق مع أولويات الدولة واستراتيجياتها لدعم جهود المؤسسات الدولية في مجالات مختلفة منها الوساطة، وتعزيز خطط التنمية المستدامة، وتعزيز أوضاع الأطفال وحمايتهم في الدول النامية، وتعزيز المساعدة الإنسانية في مناطق النزاعات والحروب، ودعم وتعزيز الجهود الرامية لتخفيف الحاجات الإنسانية المتوقعة في حالات الطوارئ المعقدة، بما في ذلك مسائل الحماية، والفقر المتأصل، وانعدام الأمن الغذائي. ومن أبرز صناديق وبرامج الأمم المتحدة التي ساهمت فيها دولة قطر صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة /يونيسف/، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.. إلخ.
وعلى صعيد المؤسسات الفاعلة دوليا، أنشأت دولة قطر مؤسسة /صلتك/ برأسمال 100 مليون دولار بهدف معالجة بطالة الشباب في العالم، وذلك من خلال توفير فرص العمل للشباب. وقد نفذت المؤسسة العديد من المبادرات والمشاريع في اليمن والمغرب وسوريا.
واعترافا من الأمم المتحدة بجهود دولة قطر المتنوعة لخدمة الفئات الهشة في المجتمعات المختلفة، وخصوصا الأطفال، اعتمدت الجمعية العامة في مايو 2020 قرارا بشأن تخصيص 9 سبتمبر من كل عام "يوما عالميا لحماية التعليم من الهجمات"، وهو القرار الذي دعت إليه صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس إدارة مؤسسة "التعليم فوق الجميع" وعضو مجموعة المدافعين عن أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وقادته دولة قطر لحشد التأييد الدولي من أجل ضمان المساءلة عن الهجمات المستمرة والمتعمدة على التعليم والعنف المسلح الذي يعاني منه الأطفال في جميع أنحاء العالم.
كما استضافت دولة قطر العديد من المؤتمرات والمنتديات الدولية العالمية المعنية بالتجارة والتنمية والديمقراطيات الجديدة وتمويل التنمية، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى، ومن أبرز تلك المؤتمرات والمنتديات الاجتماع الوزاري لمنظمة التجارة العالمية عام 2001، وقمة مجموعة الدول الـ77 والصين عام 2005، والمؤتمر الدولي السادس للديمقراطيات الجديدة والمستعادة عام 2006، ومؤتمر المتابعة الدولي لتمويل التنمية المعني باستعراض تنفيذ توافق آراء مونتيري عام 2008، ومنتدى الأمم المتحدة الرابع لتحالف الحضارات عام 2011، والمؤتمر الثالث عشر للأونكتاد (مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية) عام 2012، ومؤتمر الدوحة الثامن عشر للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP18)، ومفاوضات سلام أفغانستان، التي توجت بتوقيع اتفاق إحلال السلام في أفغانستان برعاية دولة قطر في فبراير 2020.
كما دعمت دولة قطر بقوة مبادرة إنشاء "تحالف الحضارات" جراء تنامي مظاهر التعصب والكراهية وانتشار الصراعات العنيفة والتطرف، وتضطلع المبادرة اليوم بدور فاعل في الترويج لثقافة السلام والحوار، وقد واصلت دولة قطر تقديم كافة أنواع الدعم لتحالف الحضارات وحوار الأديان، منذ استضافتها للمنتدى العالمي الرابع لتحالف الحضارات في الدوحة في شهر ديسمبر 2011، وصولا إلى إقامة المؤتمر الدولي الخامس عشر لحوار الأديان في الدوحة بين 7 - 8 مايو 2024.
كما تتنوع مجالات الدعم الإنساني مثل التعاون في المجال الرياضي، فدولة قطر واحدة من رعاة مشروع قرار الأمم المتحدة المعني بالرياضة من أجل التنمية والسلام، وقد أولت دولة قطر اهتماما بالغا للرياضة، عبر استضافة الكثير من الأحداث الرياضية العالمية، وإطلاق عدة مبادرات محلية وعالمية، مثل "اليوم الرياضي للدولة"، ومبادرة "أهداف الدوحة" التي تشكل منصة لمبادرات التنمية العالمية عن طريق الرياضة، بالإضافة إلى تنظيمها الناجح لبطولة كأس العالم FIFA قطر 2022 التي حظيت بإشادة دولية واسعة.

وفي مجال حقوق الإنسان، حرصت دولة قطر خلال عضويتها في مجلس حقوق الإنسان في الفترات 2007 - 2010 و2011 - 2013 و2015 - 2017، على المشاركة الفعالة والتعاون البناء مع الدول الأعضاء، فشاركت بفعالية في التصدي لتهديدات محددة لحقوق الإنسان، ضمن مجموعة "الأصدقاء المتحدون ضد الاتجار بالبشر". وتستضيف الدوحة مركز الأمم المتحدة للتدريب والتوثيق في مجال حقوق الإنسان لجنوب غرب آسيا والمنطقة العربية، الذي ينهض بدور كبير في المنطقة لرفع الوعي بموضوع حقوق الإنسان.
وعلى مستوى الأمم المتحدة، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في إطار الدورة التاسعة والخمسين للجمعية العامة، في ديسمبر 2004، مشروع قرار قدمته دولة قطر باسم مجموعة الـ77 والصين تحت عنوان "الاحتفال بالذكرى العاشرة للسنة الدولية للأسرة" بتبني أكثر من 140 دولة للمشروع ودون الحاجة للتصويت عليه، ما يمثل إنجازا كبيرا لطروحات دولة قطر في هذا المحفل، حيث عكس تبني القرار الأممي النتائج الإيجابية لمؤتمر الدوحة الدولي للأسرة الذي احتضنته دولة قطر تحت رعاية صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، الذي عقد في نوفمبر 2004.
كما بادرت دولة قطر بتقديم مشروع قرار للجمعية العامة عام 2007 تم بموجبه إعلان يوم 2 أبريل من كل عام يوما عالميا للتوعية بمرض التوحد لتسليط الضوء على الحاجة إلى تحسين حياة الأطفال والبالغين الذين يعانون من هذا المرض، بما يكفل لهم التنعم بحياة كريمة على أكمل وجه، وبدأ الاحتفال به لأول مرة في عام 2008.
وعلى صعيد متصل، اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في ختام دورته التاسعة والعشرين في يوليو 2015، بأغلبية 29 صوتا، مشروع قرار خاص بـ"حماية الأسرة: مساهمة الأسرة في إعمال الحق في مستوى معيشي لائق لأفرادها، لا سيما من خلال دورها في القضاء على الفقر وتعزيز التنمية المستدامة"، المقدم من مجموعة "أصدقاء الأسرة في الأمم المتحدة" التي تضم دولة قطر ودولا أخرى، وجاءت مشاركة قطر في تقديم مشروع القرار بوصفها مؤسسا رئيسيا لـ"مجموعة أصدقاء الأسرة في الأمم المتحدة".
وفي إطار مكافحة الإرهاب، تشارك دولة قطر بفعالية في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، وتؤكد على وجوب معالجة جذور الإرهاب، وعدم ربطه بأي دين أو فكر أو حضارة، وتسعى مع الدول الأخرى للتوصل لتعريف للإرهاب يأخذ بالاعتبار حق الشعوب في تقرير المصير، والالتزام بتجريم كراهية الأديان والإساءة للرموز الدينية.
وتعتبر دولة قطر عضوا مؤسسا في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، الذي ينسق مبادرات مع 30 دولة مختلفة، وهي عضو فاعل في مركز استهداف تمويل الإرهاب، الذي يضم جميع دول مجلس التعاون والولايات المتحدة الأمريكية، ويهدف لمواجهة المخاطر الجديدة والمتطورة لتمويل الإرهاب، وفي ديسمبر 2018، وقعت دولة قطر ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب (UNOCT) اتفاقا لإنشاء مكتب تابع للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب في الدوحة، وساهمت بمبلغ 75 مليون دولار أمريكي لدعم استراتيجيته العامة، وفي أعقاب ذلك، عقدت دولة قطر ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب في شهر مارس 2019 الحوار الاستراتيجي الأول في مقر الأمم المتحدة.

 

Advertisements

قد تقرأ أيضا