الدوحة - سيف الحموري - طور باحثون في جامعة قطر مادة مبتكرة هيدروجيل لدعم الأمن الغذائي في دولة قطر بهدف تعزيز الاستدامة الزراعية عبر استخدام الهيدروجيل القادر على امتصاص الماء بأضعاف وزنه والاحتفاظ بالمواد الغذائية ومنع تآكل التربة.
ويسعى الباحثون في قسم الهندسة المدنية والبيئية بكلية الهندسة إلى تجربة الزراعة باستخدام الهيدروجيل في البيوت المحمية البلاستيكية لأول مرة في دولة قطر، حيث تحتوي التربة العضوية على العناصر الغذائية الغنية المطلوبة لنمو النباتات مثل النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم ومع ذلك، فإن التربة العضوية المستخدمة في البيوت البلاستيكية لديها قدرة منخفضة على الاحتفاظ بالماء.
وأظهرت التجارب المخبرية والحقلية أن الهيدروجيل هو تقنية ذكية يمكن أن توفر خزانا للماء في التربة تستفيد منه النباتات خصوصا في المناطق ذات المناخ الحار، حيث تساعد عادة الهيدروجيل في زراعة المزيد من الغذاء بينما تستخدم كميات أقل من الماء عن طريق الخلط مع التربة لالتقاط ماء الري بالقرب من النبات وسوف يساعد ذلك النباتات على النمو بشكل أكثر استقرارا مع مرور الوقت.
وأوضح الأستاذ الدكتور علاء الحوري رئيس قسم الهندسة المدنية والبيئية في كلية الهندسة، أنه تم تطوير مادة هيدروجيل جديدة ومبتكرة تتكون من ما يصل إلى 99% من وزنها من الماء ومواد قابلة للتحلل البيولوجي وغير سامة كما أنها مصنوعة من مواد رخيصة الثمن. تم اختيار المادة الهيدروجيلية في البيوت البلاستيكية في مزرعة أجريكو، وهي أحد أكثر المزارع البارزة والمعروفة في دولة قطر وتعد جهة رئيسة في هذا المشروع، حيث ساهمت بتوفير مساحات الزراعة اللازمة، إلى جانب توفير المياه المطلوبة للمشروع البحثي الحالي.
تقوم فكرة الزراعة باستخدام الهيدروجيل على وضع طبقة رقيقة من الهيدروجيل (سمكها 3-5 مم) وفقا للنتائج المخبرية داخل أكياس التربة العضوية المستخدمة في مزرعة أجريكو.
ويساعد وجود هذه الطبقة في تقليل فقدان الماء من خلال زيادة قدرة الأكياس على الاحتفاظ بالماء وتمت مراقبة نمو النباتات وإنتاج المحاصيل للعينات بشكل وثيق طوال مرحلة الزراعة، ومقارنة نتائج العينات التي تحتوي على مادة الهيدروجيل مع أخرى تحتوي على التربة الزراعية فقط لتسليط الضوء على تأثير وجود مادة الهيدروجيل في التربة، كان التحكم في مياه الري من بين أهم جوانب هذا المشروع.
ونجح العاملون على المشروع في زراعة الطماطم والخيار باستخدام الهيدروجيل حيث استغرقت كل عملية زراعة حوالي 3-5 أشهر، وكان الاحتفاظ الماء والمواد الغذائية داخل أكياس التربة أكثر وضوحًا في العينات التي تحتوي على الهيدروجيل مقارنة بالعينات التي تحتوي على سماد زراعي فقط.
نتائج المشروع
وأظهر المشروع أن التقليل من فقدان المياه في العينات التي تحتوي على الهيدروجيل أدى إلى زيادة كبيرة في كمية الإنتاج لأكياس التربة التي تحتوي على الهيدروجيل مقارنة بالعينات الأخرى في جميع أنماط الري.
وتدعم نتائج المشروع تعزيز الإنتاج الزراعي مع استهلاك كميات أقل من الماء، وأثبتت التحقيقات البصرية ما بعد التجربة أن وجود الهيدروجيل داخل أكياس الزراعة يحافظ على الماء داخل الأكياس دون التدخل في نمو الجذور.
ويجري الباحثون حاليا تجارب إعادة تدوير أكياس الزراعة التي تحتوي على الهيدروجيل المستخدمة مسبقا، والنتائج الأولية مشجعة للغاية من حيث فعالية الهيدروجيل للاستخدام في عدة دورات زراعية.
وأكد المشروع أن استخدام الهيدروجيل في بيوت الزراعة البلاستيكية لأول مرة في قطر يمثل نهجا واعدًا ومبتكرًا للحد من فقدان المياه نتيجة الترشح أو التبخر، وكما يعالج توفير المياه تحديًا عالميًا حرجًا يتعلق بندرة المياه.
وتشير النتائج التي تم الحصول عليها من هذه الدراسة إلى أن الزراعة باستخدام الهيدروجيل هي تقنية مستدامة وذكية للحفاظ على مياه الري، وكان ذلك واضحًا من قدرة أكياس النمو التي تحتوي على الهيدروجيل على الاحتفاظ بالماء أكثر من العينات الضابطة؛ الأمر الذي انعكس بشكل واضح على كمية إنتاج الخيار والطماطم. ومع استمرار التقدم في البحث والتكنولوجيا، فإن دمج مادة الهيدروجيل في الممارسات الزراعية الرئيسية له القدرة على المساهمة بشكل كبير في دعم الأمن الغذائي العالمي ويُعزز حفظ الموارد.
