حال المال والاقتصاد

شبكات الكهرباء وسعات التخزين تفشل في مواكبة نمو الطاقة المتجددة

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الجمعة 11 أكتوبر 2024 01:23 صباحاً - يضيف العالم قدرات جديدة من الطاقة النظيفة بسرعة قياسية، حيث تنمو المزارع الشمسية في صحارى أريزونا، وتدور توربينات الرياح على طول سواحل بحر الشمال، وتنتشر محطات الطاقة الكهرومائية على سفوح الجبال الأوروبية. وتعمل حزم السياسات الخضراء التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، بما في ذلك قانون خفض التضخم بالولايات المتحدة واستراتيجية «ريباور إي يو» للاتحاد الأوروبي، كمحفزات قوية لتعزيز هذا الازدهار.

وقد تجاوزت الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة العام الماضي 700 مليار دولار، وهو أكثر من الضعف مقارنة بعام 2015، ولكن رغم كل هذا التقدم هناك عقبة كبرى، إذ يتسم توليد الطاقة الخضراء بأنه متقطع، فالألواح الشمسية تحتاج إلى أيام مشمسة، ولا تدور توربينات الرياح إلا مع هبوب الرياح، وهذا يعني أن الطاقة المتولدة يجب ضخها في شبكات الكهرباء، إما للاستخدام وإما التخزين، لكن شبكات الكهرباء وسعات التخزين تفشل في مواكبة نمو مصادر الطاقة المتجددة في أنحاء العالم، بحسب تقرير لوكالة الطاقة الدولية.

ونتيجة لذلك يتم كبح كميات كبيرة من الطاقة الخضراء في جميع أنحاء أمريكا وأوروبا. وفي الولايات المتحدة وحدها، كان هناك نحو جيجاواط من الكهرباء من مصادر متجددة تنتظر توصيلها بشبكة الكهرباء العام الماضي، وفقاً لمختبر لورانس بيركلي الوطني.

وفي بعض الحالات كانت الحكومة تضطر إلى دفع مقابل مادي، على حساب دافعي الضرائب لشركات توليد الطاقة المتجددة حتى لا تولد أي كهرباء، تفادياً لتحميل الشبكة أعباء إضافية، كما تتراجع الأسعار بفعل الإمدادات التي لا تجد مكاناً تستخدم أو تخزن فيه، ما يحبط ضخ المزيد من الاستثمارات الخضراء في المستقبل. وفي أوروبا انخفضت أسعار الطاقة دون الصفر لعدد قياسي من الساعات هذا العام. علاوة على ذلك فإن المشكلات التي تعانيها شبكة الكهرباء تجعل من الصعب تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، الأكثر موثوقية وتلويثاً، لتلبية الطلب على الطاقة.

إذن ما الذي يجب فعله؟ الجواب الواضح هو أن تدعم الحكومات تطويراً أكبر لشبكات الكهرباء، فقد أصبحت أبراج الكهرباء والكابلات التي تنقل الطاقة من المحطات الجديدة إلى المنازل والشركات جزءاً منسياً من التحول الأخضر وأقل جاذبية، ويجب أن تتوافق ترقيات الشبكة مع الاستثمارات المتجددة، كما يتعين تبسيط الإجراءات التنظيمية. وتعوق عمليات التخطيط الشاقة والنزعة إلى عدم الاكتراث بالبيئة تطوير الشبكة بانتظام، وقد تواجه مشاريع طاقة الرياح في أوروبا في بعض الأحيان فترات انتظار تصل إلى 9 سنوات للحصول على تصريح للشبكة.

وزيادة سعة التخزين هي أيضاً جزء آخر من الحل، وتستغل مشاريع الطاقة الكهرومائية التخزينية الفائض في إنتاج الكهرباء لضخ الماء إلى خزانات أعلى مستوى، وفي أوقات ذروة الطلب على الكهرباء يتم السماح للماء بالتدفق من الخزان عبر توربينات لتوليد الكهرباء، مثلما يحدث مع بحيرة لوخ نيس في أسكتلندا، لكن يتطلب ذلك توفر تضاريس شديدة الانحدار، ويمثل تخزين الكهرباء بطول الشبكة ضرورة في أماكن أخرى. وهناك مسارعة من مستثمري القطاع الخاص لتوجيه أنظارهم نحو بحوث تطوير عمليات التخزين، ويلعب صانعو السياسات دوراً مهماً في ذلك. وفي كاليفورنيا، على سبيل المثال، صارت الولاية رائدة في بطاريات التخزين، من خلال تقديم مزيج من الحوافز للأسر لتركيب بطاريات، وإلزام شركات المرافق والتشييد بتركيبها. ويظل التعاون الدولي لتعزيز إمدادات المعادن المهمة المستخدمة في تقنيات التخزين مهماً للغاية.

وتحتاج الشبكات إلى إدارة أفضل أيضاً، ويمكن للتكنولوجيا الرقمية والمستشعرات والبرمجيات المساعدة في مراقبة إمدادات الطاقة والطلب عليها، والتنسيق في هذا المجال. ومن شأن تحسين الربط دعم الكفاءة أيضاً، فمثلاً، يعني عدم التكامل في شبكات الطاقة بأنحاء الاتحاد الأوروبي عدم قدرتها على نقل الكهرباء المولدة من مصادر متجددة من مناطق التوليد إلى المناطق التي تشهد طلباً عالياً بسرعة. ورغم التقدم في التحول الأخضر، لكن ما زالت مستهدفات درجات الحرارة العالمية في وضع حرج، وسيعزز ارتفاع التعداد السكاني، والنمو الاقتصادي، والذكاء الاصطناعي، من الطلب على الطاقة. لهذا توجد حاجة إلى مزيد من سعة الطاقة الخضراء، لكن يجب أن تساير ذلك الاستثمارات والإصلاحات التنظيمية المطلوبة لتطوير شبكات وسعة تخزينية أكبر وأقوى وأكثر ذكاء، ودون ذلك ستظل أغلبية إمكانات توليد الطاقة المتجددة غير مستغلة، وقد تذهب هباء.

Advertisements

قد تقرأ أيضا