حال الإمارات

53 عاماً من العطاء..سلطان القاسمي قائد الحكمة والإنسانية

53 عاماً من العطاء..سلطان القاسمي قائد الحكمة والإنسانية

ابوظبي - ياسر ابراهيم - السبت 25 يناير 2025 01:15 صباحاً - يصادف الـ 25 من يناير ذكرى تولي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، مقاليد الحكم في إمارة الشارقة عام 1972، وهي محطة بارزة في تاريخ الشارقة تمثل بداية حقبة من التطور الشامل والتنمية المستدامة.

على مدار 53 عاماً من القيادة الحكيمة، حققت الشارقة إنجازات نوعية في مختلف المجالات، بفضل رؤية سموه الاستراتيجية ونهجه القائم على الاستثمار في الإنسان وتوفير مقومات الحياة الكريمة، وتحت قيادته، شهدت الإمارة نقلة نوعية في البنية التحتية، والتعليم، والثقافة.

حيث أصبحت الشارقة مركزاً عالمياً للثقافة والتراث، وبيئة نموذجية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية. نهج سموه المتوازن بين الحفاظ على الهوية الوطنية وتحقيق التقدم الحضاري جعل الشارقة نموذجاً يحتذى به في العمل الحكومي الفاعل والتخطيط الاستراتيجي طويل المدى، مما رسخ مكانتها كواحدة من أبرز المدن الإقليمية والعالمية في التنمية المستدامة.

وُلد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في 2 يوليو 1939 بمدينة الشارقة، حيث تربى على حب الوطن وشغف العلم والمعرفة. بدأ مسيرته التعليمية في مدرسة الإصلاح القاسمية عام 1948، بعد أن تعلم القرآن الكريم، ثم التحق بالمدرسة الإنجليزية الخاصة عام 1954 لدراسة اللغة الإنجليزية.

واصل سموه رحلته التعليمية متنقلاً بين الشارقة والكويت ومصر، حيث نال تعليمه الإعدادي والثانوي، قبل أن يلتحق بكلية الزراعة بجامعة القاهرة. بعد تخرجه في عام 1961، عمل سموه مدرساً لمادتي اللغة الإنجليزية والرياضيات في المدرسة الصناعية بالشارقة بين العامين 1961 و 1963، وتولى رئاسة بلدية الشارقة عام 1965.

ومع قيام الاتحاد في ديسمبر 1971، عُيّن وزيراً للتربية والتعليم. وفي 25 يناير 1972، تولى سموه حكم إمارة الشارقة، ليصبح الحاكم الثامن عشر للإمارة من أسرة القواسم التي يعود تاريخ حكمها إلى عام 1600 ميلادية، مضيفاً فصولاً مشرقة في تاريخ الوطن.

قدّم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي دعماً كبيراً لتعزيز الحوار الثقافي والتفاعل بين شعوب العالم، محققاً إنجازات لافتة في مجالات التاريخ والعلم والمعرفة والثقافة والعمل الإنساني.

وقاد سموه الشارقة إلى الريادة في مختلف القطاعات، محولاً الإمارة إلى نموذج للتقدم والابتكار، ومركزاً عالمياً للاستثمار والحياة الأسرية المتوازنة، ومنارة للعلم والثقافة التي تستلهم منها المجتمعات طريقها نحو التطور.

وركّز سموه على زيادة الوعي الوطني والمسؤولية المجتمعية، وسعى إلى تحقيق رفاهية المواطنين عبر قرارات فورية تعالج التحديات التي يواجهونها.

حيث يتابع قضايا أبناء الإمارة باهتمام شخصي، مستخدماً كافة وسائل التواصل، ومنها برنامج «الخط المباشر» من إذاعة الشارقة، للاستماع إلى مداخلاتهم وتقديم الحلول المناسبة، مكرساً جهوده لتأمين حياة كريمة للمواطنين، وجعل الشارقة نموذجاً حضارياً يبرز محبته واهتمامه بأبناء وطنه، الذين لمسوا في قيادته عطاء الأب الراعي، ما جعل الإمارة تحتل مكانة فريدة على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

استراتيجيات الطموح والاستدامة

وفي ظل حرص صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي على مستقبل الشارقة خصص سموه، الموازنة العامة للإمارة لعام 2025 بإجمالي نفقات بلغت 42 مليار درهم، لتسجل بذلك أضخم موازنة في تاريخ الإمارة، حيث أبرزت هذه الخطوة رؤية استشرافية تهدف إلى تعزيز جودة الحياة، وتحقيق الاستدامة المالية والاجتماعية.

وضمان توفير مقومات العيش الكريم لأهالي الشارقة وأظهرت أرقام الموازنة زيادة بنسبة 2 % مقارنة بعام 2024، ما يؤكد استمرارية النهج الحكومي في التوسع المدروس وتلبية احتياجات النمو، حيث وُجهت نسبة 27 % من الموازنة للرواتب والأجور، مما يمثل الحرص على دعم الكوادر البشرية، بينما خُصصت 23 % للمصروفات التشغيلية لضمان استمرارية الخدمات الحكومية بكفاءة عالية.

وعلى صعيد قطاع البنية التحتية الذي بلغ النصيب الأكبر في الموازنة بنسبة 41 %، بزيادة 7 % عن العام الماضي، وهو تأكيد على التزام سموه بتطوير بيئة مثالية لأهل الإمارة من خلال تعزيز البنية التحتية بوصفها ركيزة أساسية لتحسين جودة الحياة ودعم مسيرة التنمية الشاملة. يليه قطاع التنمية الاقتصادية الذي حلّ في المرتبة الثانية بنسبة 27 %، بهدف تعزيز بيئة الأعمال وتشجيع النمو الاقتصادي.

وقطاع التنمية الاجتماعية بنسبة 22 % من إجمالي المصروفات، ما يؤكد استمرار الحكومة في تقديم أفضل الخدمات التي تخدم المجتمع، بينما شهد قطاع الإدارة الحكومية والأمن والسلامة نمواً بنسبة 8 % مقارنة بالعام الماضي، ليشكل 10 % من الموازنة.

لطالما كان الإنسان في قلب الوالد القائد سلطان بن محمد القاسمي الذي جعل بناء أبنائه وتعليمهم وتطويرهم أولوية قصوى منذ توليه الحكم، عبر عقود من العطاء حوّل سموه الإمارة إلى نموذج تنموي يحتذى به، حيث وظّف مواردها لخدمة المواطنين، ليعيشوا في مدن ومناطق تعكس تطوراً حضارياً متكاملاً، تجمع بين الأمن والاستقرار والبنية التحتية الحديثة.

ولحرصه على تخفيف الأعباء المالية عن أبناء شعبه وضمان حياة كريمة ومستقرة لهم، اعتمد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي للجنة معالجة ديون مواطني الشارقة، منذ إنشاء اللجنة وعلى 27 دفعة ملياراً و203 ملايين و637 ألفاً و153 درهماً، وبلغ مجموع المستفيدين 2501 مستفيد، في خطوة تجسد التزامه المستمر بدعم المواطنين وتعزيز استقرارهم المعيشي.

وفي إطار رؤية سموه لدعم المواطنين وتوفير الدخل المناسب لضمان العيش الكريم يعتمد سموه سنوياً وظائف للمواطنين موزعة على الجهات الحكومية في الإمارة، لتلبية احتياجات الباحثين عن العمل وتوفير فرص تلائم مختلف التخصصات المهنية والفنية، ما يعكس حرص القيادة على تمكين الكوادر الوطنية وتعزيز دورها في مسيرة التنمية الشاملة.

مشاريع تنموية تهدف إلى التمكين

حرص صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي على تمكين الطاقات البشرية، وتعزيز دور مختلف فئات المجتمع في التنمية، انعكس بوضوح في المشروعات التنموية التي أطلقتها الشارقة خلال السنوات الأخيرة.

من بين هذه المبادرات البارزة، «جائزة الشيخ سلطان لطاقات الشباب»، التي تهدف إلى تطوير وصقل مهارات الشباب في مجالات المغامرة، التطوع، والأنشطة البدنية. في دورتها الرابعة لعام 2024، كرّمت الجائزة 555 شاباً وشابة، فيما انطلقت الدورة الخامسة، التي تستمر حتى مايو 2025، لتواصل تمكين الأجيال الجديدة وتحفيزهم على الإبداع.

وفي خطوة أخرى لترسيخ مكانة الشارقة كمنارة للثقافة، وجّه سموه بتخصيص 4.5 ملايين درهم لدعم مكتبات الإمارة العامة والحكومية. تهدف هذه المبادرة إلى إثراء المكتبات بأحدث الإصدارات العربية والأجنبية التي عرضت في الدورة الـ43 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي شهد مشاركة أكثر من 2,500 ناشر وعارض، مما يعزز دور الشارقة كمركز ثقافي عالمي.

وضمن رؤية سموه لتحسين جودة الحياة، تم توسيع نطاق التأمين الصحي في مستشفى الجامعة ليشمل المواطنين فوق سن 45 عاماً، لضمان توفير الرعاية الصحية الشاملة لهذه الفئة.

هذه الخطوة تسعى لترسيخ الاستقرار الصحي والاجتماعي، في إطار الجهود المستمرة لتقديم خدمات تلامس احتياجات المواطنين، وتعزز رفاهيتهم.

واستكمالاً للجهود المبذولة شهدت الشارقة إطلاق مشروعات استراتيجية مبتكرة في مجال الاستثمار الزراعي العضوي والمستدام، ومن أبرزها إنتاج مزارع القمح بمليحة «سبع سنابل»، وهو أول مشروع لإنتاج القمح العضوي بالكامل في الشرق الأوسط، الذي يسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب بجهود إماراتية محلية.

كما أطلقت الشارقة «مزرعة مليحة للألبان العضوية»، التي برزت كإحدى العلامات الرائدة في المنطقة، حيث شهد عام 2024 إطلاق منتج «حليب مليحة» العضوي.

وفي يناير الجاري، جرى إطلاق منتج «لبن مليحة» العضوي خلال معرض الذيد الزراعي الذي شهد حضور معالي الدكتورة آمنة بنت عبد الله الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة، التي أشادت برؤية سموه الحكيمة لتعزيز الزراعة المستدامة وتشجيع المزارعين على المساهمة في ترويج المنتجات الزراعية الوطنية.

وأكدت الوزيرة أن مشاريع الشارقة تمثل نموذجاً وطنياً ناجحاً في تحقيق تحول فعلي بمنظومة الأمن الغذائي، وسد احتياجات الدولة من المحاصيل الاستراتيجية. كما شددت على أهمية تمكين المزارعين المواطنين ودعمهم لزيادة الإنتاج المحلي، ما يسهم في تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051، وتقليل الاعتماد على الاستيراد.

توعية الأجيال

ومن منطلق رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لإنشاء جيل يتمتع بصحة مستدامة، أطلقت دائرة الزراعة والثروة الحيوانية بالتعاون مع هيئة الشارقة للتعليم الخاص برنامج «سفراء بابا سلطان للغذاء السليم» الذي يهدف إلى توعية طلبة المدارس وأفراد المجتمع بأهمية الغذاء الصحي.

وتعزيز مفهوم النظام الغذائي الآمن كركيزة أساسية للحياة الصحية، كما تم إضافة منتجات الشارقة المحلية والعضوية إلى مقاصف البيع في المؤسسات التعليمية بما يدعم تحقيق استدامة مجتمعية شاملة وتغذية آمنة.

تأتي هذه المشاريع كجزء من أجندة الإمارة في مجال الاستدامة، التي تهدف إلى تحقيق تكامل شامل في جوانب الأمن الغذائي من خلال المنتجات الزراعية والحيوانية، وتسعى الشارقة إلى تلبية احتياجاتها من القمح والألبان وغيرها عبر مشروعاتها المتطورة التي تشكل دعامة قوية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وضمان استمرارية الأمن الغذائي للأجيال المقبلة.

Advertisements

قد تقرأ أيضا