حال الإمارات

مختصون: أدوية الأمراض النفسية لا تسبب الإدمان ونظرة المجتمع غير علمية

ابوظبي - ياسر ابراهيم - السبت 11 يناير 2025 12:33 صباحاً - أكدت مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية وعدد من المختصين، لـ«حال الخليج»، أن اعتقاد الكثيرين بأن أدوية الأمراض النفسية تسبب الإدمان اعتقاد خاطئ، ولا أساس علمياً له، خاصة في فئة الأدوية المهدئة أو مضادات القلق، وأن هذا الأمر يسبب خوفاً من استخدامها، حيث تخضع معظم تلك الأدوية لضوابط دقيقة، مشيرين إلى أن نقص التوعية الطبية وقلة المعلومات الصحيحة حولها يؤديان إلى انتشار الشائعات والمعلومات المغلوطة، ما يعزز المخاوف، كما أن الأفكار الشعبية السائدة حول الأمراض النفسية تشكل عقبة كبيرة أمام تلقّي العلاج المناسب للحالات النفسية، في حين إن هذه الأمراض تأتي نتيجة خلل كيميائي في الدماغ، وهو الأمر الذي يحتاج إلى علاج أسوة بباقي الأمراض الجسدية، شريطة أن يكون ذلك تحت إشراف مباشر ومستمر من الطبيب.

وأكد الدكتور عادل أحمد كراني، استشاري طب نفسي، أن أدوية الأمراض النفسية التي يتوجس منها الكثيرون بسبب مخاوف وهمية لا أدلة علمية لها، وأنه بسبب هذه المعلومات المغلوطة يتخوّف الكثيرون من أخذها والخوف من إدمانها، وتبين علمياً أن هذه الأدوية لا تؤدي إلى الإدمان نهائياً ومثلها مثل باقي الأدوية التي تصرف تحت إشراف الطبيب.

وأشار الدكتور كراني إلى أن الدراسات العلمية تؤكد أن الأمراض النفسية ترتبط بخلل في الدماغ، وليس كما يعتقد بأنها تتعلق بالحالة النفسية العادية، وحول آلية أخذ هذه الأدوية يجب أن تستمر الجرعات من ستة أشهر إلى سنتين حسب الحالة أو الحاجة، وأن هناك اضطرابات نفسية مزمنة قد يضطر الإنسان معها إلى أخذ الأدوية لفترات طويلة منها الذهان والاكتئاب الشديد والوسواس القهري واضطرابات ثنائي القطب التي قد تستمر مدى الحياة مثلها مثل الأمراض المزمنة كالسكري والضغط وغيرها والتي يتقبلها المجتمع في حين لا يتقبل الاستمرار على الأدوية النفسية لفترات طويلة، منوهاً بأنه يوجد فئة قليلة جداً من أدوية الأمراض النفسية مثل المهدئات قد تؤدي إلى الإدمان في حالة عدم الرقابة الطبية أو أخذها بجرعات عالية ودون إشراف طبي، مؤكداً أن الأمر يحتاج إلى توعية وثقافة صحية لأفراد المجتمع.

من جهته، رأى الدكتور محمد المعتز، اختصاصي مخ وأعصاب، أن الأمراض النفسية والضغوطات النفسية والتوتر تؤثر في المخ والأعصاب وغيرها من أجهزة الجسم المختلفة، وفي مناطق معينة من الدماغ ومنها قرن آمون، حيث قد تسبب ضموراً واضطرابات في تكوين الخلايا العصبية وفروعها، كما قد تسبب تقليل عدد الخلايا العصبية وحجم بعض الأجزاء في الدماغ، وهذا قد يسبب اضطرابات في الذاكرة واضطرابات في القدرة على الكلام والتعبير، والقدرة على التعلم، وقد تحفز الأمراض والضغوطات النفسية عملية التنكس العصبي، وهذا بدوره قد يؤثر في القدرة على الإدراك والتقلبات المزاجية وغيرها.

ولفت الدكتور المعتز إلى أن المرض النفسي يمكن أن يسبب أعراضاً بدنية، فالتغيرات البيولوجية تؤثر في الجسم كما في حالات القلق والتوتر منها الصداع أو الصداع النصفي، وآلام العضلات والشد العضلي، واضطراب الجهاز الهضمي، مثل الإسهال، وآلام البطن، وتغيرات الشهية، واضطرابات النوم، مثل الأرق، وآلام في الجسم، ومشاكل في الجهاز الهضمي، والشعور بالتعب العام.

من جانبها، اعتبرت الدكتورة عائشة الظاهري، أخصائي صحة عامة معتمد، أن واحدة من أهم أسباب خوف المجتمع من أدوية الأمراض النفسية هي وصمة العار المرتبطة بالمرض النفسي، حيث يعاني المريض النفسي من وصمة اجتماعية تجعله موضوعاً حساساً، وقد تؤدي بعض التجارب الشخصية غير الناجحة مع تلك الأدوية إلى نقل صورة سلبية عنها في المجتمع، ويدفع البعض للاعتقاد بأن استخدام الأدوية النفسية يعكس ضعفا شخصياً أو اضطراباً كبيراً، لذا يميل الكثيرون إلى اللجوء إلى المعالجين الروحانيين في الحالات النفسية لأنهم يعتقدون أن الأمر قد يكون له علاقة بمسّ الشياطين أو ضعف الإيمان بالله أو التأثر بالسحر الأسود.

وأكدت الدكتورة عائشة على ضرورة الالتزام الدقيق بوصفة الطبيب والجرعة التي يحددها، وعدم تناول أي دواء نفسي بدون استشارة طبية دقيقة، وأن الطبيب هو الوحيد المؤهل لتحديد الدواء المناسب والجرعة، كذلك المتابعة المنتظمة مهمة جداً عند استخدام أدوية الأمراض النفسية، حيث يحتاج المريض إلى متابعة طبية دورية لتقييم فاعلية العلاج وتعديل الجرعات عند الحاجة، وتجنب التوقف المفاجئ عن الأدوية النفسية، حيث إن التوقف المفاجئ يمكن أن يسبب آثاراً جانبية خطيرة، لذلك يجب التوقف تدريجياً وتحت إشراف طبي، منوهة بأن من مسؤولية المريض الإبلاغ عن أي أعراض جانبية، إذا شعر المريض بأي أعراض غير طبيعية، يجب التواصل فوراً مع الطبيب المعالج.

طلب المساعدة

وأفردت مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية عبر موقعها الإلكتروني وصفحاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي وعبر النشرات التوعوية والتثقيفية المستمرة استراتيجية خاصة للاستشارات النفسية في مستشفى الأمل، حيث أكدت أن الاكتئاب أحد أهم أمراض العصر والذي يحتاج إلى تفهم ودعم من المجتمع وطلب المساعدة الطبية فوراً، مؤكدة أنه يتواجد فريق خدمات الصحة النفسية للأطفال والشباب للمساعدة الفورية، حيث سيقوم الطبيب النفسي بتقييم حالة الشخص لتأكيد التشخيص، وبعد التقييم، سيتم النظر في بعض التوصيات مثل استخدام الأدوية التي تناقش مع عائلة الشخص.

ولفتت المؤسسة إلى أن أخصائيي علم النفس والمعالجين يعتمدون العلاج السلوكي المعرفي والطبي عبر خطة علاجية متكاملة تكون الأسرة جزءاً منها ووفق أحدث الأساليب المعتمدة من المعهد الوطني للتميز السريري بالمملكة المتحدة، حيث يعمل الفريق مع الشخص وعائلته طوال فترة العلاج، ولحين الحصول على نتيجة مرضية.

Advertisements

قد تقرأ أيضا