الرياض - ياسر الجرجورة في السبت 18 يناير 2025 08:12 صباحاً - تستمر مدينة جدة في مواجهة تحديات ضخمة نتيجة الأمطار الموسمية التي تتسبب في كوارث طبيعية سنوية تضر بالبنية التحتية والممتلكات وتؤدي إلى خسائر في الأرواح.
سبب السحابة السوداء التي غطت جدة
رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة السعودية في معالجة هذه المشكلة، إلا أن جدة تبقى المدينة الأكثر تأثرًا بهذه الظاهرة في المملكة، مما يعكس ضرورة تحسين الاستعدادات لمواجهة التغيرات المناخية.
منذ العام 2009، كانت المدينة عرضة للفيضانات التي تسببت في وفاة العشرات وتدمير الممتلكات، وفي هذا السياق، نقدم استعراض لأبرز هذه الكوارث من خلال السنوات الأخيرة ونناقش الإجراءات التي يمكن أن تساعد في الحد من آثارها.
أمطار جدة: التحديات المستمرة منذ عام 2009
لطالما كانت جدة مدينة معروفة بتأثرها الكبير بالأمطار الموسمية، ومنذ عام 2009، تتكرر السيول والفيضانات بشكل سنوي تقريبًا، مما يضع المدينة في موقف صعب حيث تتحمل أضرارًا فادحة في كل مرة.
في هذا التقرير نرصد أبرز الكوارث التي شهدتها المدينة خلال السنوات العشر الأخيرة، مستعرضين أبرز المراحل التي مرّت بها جدة تحت تأثير الأمطار.
أمطار جدة 2009: أسوأ كارثة في تاريخ المدينة
منذ أكثر من عقد، وفي 7 نوفمبر 2009، شهدت جدة واحدة من أسوأ الأمطار التي تسببت في كارثة حقيقية أدت إلى وفاة 116 شخصًا وأكثر من 350 مفقود.
تسببت الأمطار في انهيار العديد من الطرقات وتدمير أكثر من ثلاثة آلاف سيارة، حيث استمر هطول الأمطار لمدة أربع ساعات فقط ولكن كانت شديدة للغاية، بمعدل بلغ حوالي 90 ملم من الأمطار، أي ضعف كمية الأمطار المعتادة طوال السنة.
أسفرت هذه الأمطار الغزيرة عن غرق العديد من الأشخاص داخل سياراتهم، وهو ما جعل هذه الحادثة واحدة من أسوأ الكوارث في تاريخ المدينة.
وكان من أبرز مشاهد تلك الكارثة مقطع فيديو يظهر سحابة ضخمة كثيفة تكاد تلامس الأرض، مظهرة حجم العاصفة التي لم تترك مكانًا إلا واجتاحته، مما أضاف إلى الكارثة صورة مخيفة لا تنسى.
أمطار جدة 2011: فيضان آخر يدمر المدينة
في 26 يناير 2011، تكرر السيناريو الكارثي لكن بشكل أكبر حيث شهدت المدينة كمية أمطار بلغت 111 ملم، تسببت في فيضان اجتاح مناطق واسعة في جدة.
تدفقت السيول بقوة عبر الأودية والجبال شرق المدينة لتصل إلى البحر الأحمر غربًا، وغطت حوالي 80% من مساحة جدة.
الفيضانات لم تتوقف عند غرق الشوارع والأنفاق فحسب، بل تسببت أيضًا في مقتل 108 أشخاص، وإصابة المئات، بالإضافة إلى قطع التيار الكهربائي وتعليق حركة المرور.
كما شهدت المدينة أكبر عملية إنقاذ في تاريخها بمشاركة الجيش السعودي والحرس الوطني، حيث تضرر أكثر من 4.5 مليار دولار نتيجة للأضرار الاقتصادية التي خلفتها الكارثة.
أمطار جدة 2022: تكرار السيناريو في الوقت الحاضر
رغم كافة الإصلاحات التي تم تنفيذها لمواجهة الأمطار والسيول، إلا أن جدة عادت لتواجه الكارثة نفسها في 24 نوفمبر 2022، حيث كانت كمية الأمطار في جنوب المدينة تصل إلى 179 ملم، متجاوزة بذلك الرقم المسجل في عام 2009.
الأمطار تسببت في مقتل شخصين وتهديدات بإغلاق الطرق الرئيسية، بما في ذلك الطريق المؤدي إلى مكة المكرمة، بالإضافة إلى تعطيل حركة الرحلات الجوية.
الطقس في السعودية: توقعات هطول الأمطار في يناير 2025
في حين تواصل مدينة جدة مواجهة الأمطار السنوية، هناك توقعات تشير إلى أن الأمطار ستستمر في التأثير على المناطق الجنوبية والغربية من المملكة في الأيام القادمة.
وفي يوم الأربعاء 15 يناير 2025، تشير التوقعات إلى احتمال هطول أمطار خفيفة على مناطق جازان وعسير والباحة، مع فرصة لتشكل الضباب على أجزاء من هذه المناطق.
أما بالنسبة لدرجات الحرارة في مختلف المدن السعودية في هذا اليوم، فقد أظهرت التوقعات التالية:
- مكة المكرمة: درجة الحرارة العظمى 34°C، والصغرى 22°C.
- جدة: درجة الحرارة العظمى 33°C، والصغرى 23°C.
- الدمام: درجة الحرارة العظمى 21°C، والصغرى 9°C.
- تبوك: درجة الحرارة العظمى 24°C، والصغرى 9°C.
- حائل: درجة الحرارة العظمى 21°C، والصغرى 4°C.
- جازان: درجة الحرارة العظمى 30°C، والصغرى 24°C.
- الرياض: درجة الحرارة العظمى 19°C، والصغرى 6°C.
التأثيرات البيئية والتحديات المستقبلية لجدة
بينما تتزايد التوقعات المناخية بشأن استمرار الأمطار الغزيرة في المدينة، يبقى السؤال حول مدى استعداد جدة لمواجهة هذه الظاهرة المستمرة.
رغم المشاريع التي تقوم بها الحكومة، مثل تحسين شبكات الصرف الصحي والبنية التحتية، إلا أن المدينة تحتاج إلى مزيد من التطوير لضمان استدامة هذه المشاريع وتفادي تكرار الكوارث.
تعد السيول والأمطار في جدة بمثابة التحدي الأكبر للمدينة في السنوات القادمة، ولذا يجب على السلطات أن تركز على بناء بنية تحتية قادرة على تحمل هذه الظروف الطبيعية القاسية وتحقيق تطوير مستدام يعزز قدرة المدينة على مقاومة الفيضانات وحماية حياة المواطنين والمقيمين.