الرياض - ياسر الجرجورة في السبت 28 ديسمبر 2024 04:27 مساءً - في خطوة قد تغير معالم الاقتصاد المصري وتفتح آفاقًا جديدة للثروات الطبيعية، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن اكتشاف حقل غاز ضخم غرب دلتا النيل، مما أثار العديد من التساؤلات حول تأثير هذا الاكتشاف على مستقبل الاقتصاد المصري.
ومع استمرار جهود الحكومة لتنويع الاقتصاد وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة، يطرح البعض تساؤلا مثيرا: هل يمكن لمصر أن تتفوق على السعودية في المستقبل إذا تم استغلال هذا الاكتشاف بشكل مثالي؟ .
حقل ريفين للغاز: بوابة نحو ثروة ضخمة
يعد حقل "ريفين" للغاز أحد أبرز اكتشافات الغاز الطبيعي في مصر، ويقع ضمن خطة قطاع النفط المصري لتنمية موارد الغاز من منطقة غرب دلتا النيل. الحقل الذي يقع في البحر المتوسط، يتم استثماره بالتعاون مع شركة "بي بي" البريطانية، وهو يحتوي على خمسة حقول بها 25 بئرًا. وتعتبر هذه الاحتياطيات بمثابة ركيزة استراتيجية لزيادة الإنتاج الوطني من الغاز الطبيعي.
وبدأت شركة "بي بي" عمليات الحفر في الحقل باستخدام سفينة الحفر العملاقة "فالاريس دي إس-12" التي تعمل في مياه عمقها يتراوح بين 7500 قدم و 12 ألف قدم، بهدف حفر بئرين تنمويين لإنتاج الغاز الطبيعي والمكثفات. هذه العمليات تهدف إلى زيادة إنتاج الغاز لتلبية الطلب المحلي المتزايد، خاصة في قطاع الكهرباء.
تأثير الاكتشاف على الاقتصاد المصري
تتوقع مصر أن يضيف الحقل كميات ضخمة من الغاز الطبيعي تصل إلى 200 مليون قدم مكعبة يوميًا من البئرين الجديدين. كما من المتوقع أن يسهم هذا الاكتشاف في إضافة 8 آلاف برميل من المكثفات يوميًا خلال العام المالي الحالي. هذه الأرقام تشير إلى إمكانات كبيرة في زيادة الإنتاج المحلي وبالتالي تقليل الاعتماد على الاستيراد.
ويعد هذا الاكتشاف خطوة هامة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي في مصر، بعد أن عانت البلاد من تراجع في الإنتاج في السنوات الأخيرة، ولا سيما من حقل "ظهر"، الذي يعتبر أكبر الحقول في البلاد. فالمشروعات الجديدة المترتبة على حقل "ريفين"، مثل الربط مع مجمع غازات الصحراء الغربية، تهدف إلى تلبية احتياجات السوق المحلية وتحقيق تكامل بين مشاريع الغاز المختلفة في مصر.
الاستثمار ومستقبل الغاز في مصر
يُعتبر حقل "ريفين" فرصة استثمارية هائلة، حيث تشير التقديرات إلى أن تكلفة تطوير الحقل قد تصل إلى 200 مليون دولار. كما يتم التعاون بين شركة "بي بي" وشركات أخرى مثل "صب سي 7" في تطوير الحقل والمشروعات المترتبة عليه. إنتاج حقل "ريفين" يصل حاليًا إلى نحو 600 مليون قدم مكعبة يوميًا، مع خطط لزيادة هذا الرقم إلى نحو 900 مليون قدم مكعبة يوميًا في المستقبل.
هل تصبح مصر أغنى من السعودية؟
مع هذا الاكتشاف الكبير، يرى البعض أن مصر قد تبدأ في منافسة السعودية اقتصاديا، خاصة إذا تم استثمار هذا المورد بشكل استراتيجي وفعال.
فبينما تعد السعودية أكبر منتج ومصدر للنفط في العالم، فإن مصر تمتلك الآن حقل غاز يعد من بين الأكبر في المنطقة. وإذا استمرت مصر في تعزيز استثماراتها في الغاز الطبيعي، قد تصبح قوة اقتصادية كبيرة على مستوى المنطقة، ما يفتح باب التساؤل حول إمكانية تجاوز الاقتصاد المصري للسعودي في المستقبل القريب.
في الختام، حقل "ريفين" للغاز يمثل تحولا كبيرا في مسيرة الاقتصاد المصري، ويعزز من قدرة مصر على التنافس في سوق الطاقة العالمي، مما يبعث آمالا جديدة في تحقيق استدامة اقتصادية قد تجعلها أحد اللاعبين الرئيسيين في صناعة الغاز في المستقبل.