الدوحة - سيف الحموري - أكد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، اليوم، دعم الجهود المشتركة لدولة قطر وجمهورية مصر العربية، الرامية للتوصل لوقف إطلاق نار دائم وإعادة الحياة إلى طبيعتها في قطاع غزة، داعيا مجلس الأمن الدولي لاتخاذ قرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، يضمن امتثال إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات للقطاع.
جاء ذلك في البيان الختامي الصادر عن اجتماع الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، والتي عقدت بمقر الأمانة العامة للجامعة، بناء على طلب دولة فلسطين، لبحث التحرك العربي إزاء استمرار جريمة الإبادة الجماعية وسياسة التجويع بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وكذلك في ضوء التهديدات الإسرائيلية باجتياح مدينة رفح الفلسطينية.
وأكد البيان أن استمرار إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بما يشمل قتلهم وتجويعهم وتهجيرهم، على الرغم من قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والأمرين الصادرين عن محكمة العدل الدولية لمنع جريمة الإبادة الجماعية، يستوجب تفعيل مواد الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، على أساس أن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، هي من أعمال العدوان التي تشكل تهديدا واضحا وبالغا ومتفاقما للسلم والأمن الدوليين.
وطالب البيان مجلس الأمن باتخاذ قرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، يضمن امتثال الاحتلال الإسرائيلي لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية، ويجبره على وقف عدوانه ضد الشعب الفلسطيني وتوفير الحماية له، وفق الآليات الإلزامية التي يوفرها الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لضمان انصياعه لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، والأمرين الصادرين عن محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية.
وأدان البيان، في هذا الصدد، رفض الاحتلال الإسرائيلي الانصياع إلى قرار مجلس الأمن رقم 2728 الذي يطالب، ضمن أمور أخرى، بوقف فوري لإطلاق النار في شهر رمضان، وقراري مجلس الأمن 2712 و2720 اللذين طالبا، ضمن أمور أخرى، بالسماح فورا بإيصال المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء قطاع غزة بشكل موسع وآمن ودون عوائق.
كما ندد البيان، بعدم التزام الاحتلال الإسرائيلي، بالتدابير المؤقتة التي أمرت بها محكمة العدل الدولية، في الأمرين الصادرين عنها بتاريخ 26 يناير و28 مارس الماضيين لوقف قتل المدنيين الفلسطينيين وإيذائهم بصفتهم مجموعة محمية باتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، مطالبا بتوفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية دون عوائق في جميع أنحاء قطاع غزة، بهدف منع جريمة الإبادة الجماعية، وفي ضوء انتشار المجاعة في قطاع غزة.
وأدان البيان بشدة استمرار الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني بمختلف الأشكال الإجرامية، بما فيها إخضاع المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة للمجاعة بقصد قتلهم، والتدمير الممنهج للمستشفيات والمنظومة الصحية والغذائية في قطاع غزة.
وحذر البيان من العواقب الكارثية لتنفيذ التهديدات العدوانية الإسرائيلية باجتياح وتدمير مدينة رفح الفلسطينية التي تؤوي أكثر من 1.5 مليون مواطن ونازح فلسطيني، وما سينتج عن ذلك من مجازر وحشية وتهجير قسري للمواطنين الفلسطينيين إلى خارج الأرض الفلسطينية المحتلة، الأمر الذي يعتبر اعتداء على الأمن القومي العربي بمجمله، وسيؤدي إلى انهيار فرص السلام وتوسع وتفاقم الصراع في المنطقة.
كما أدان البيان تصدير الأسلحة والذخائر لإسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، والتي تستخدمها في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية وقتل المدنيين الفلسطينيين وتدمير بيوتهم ومستشفياتهم ومدارسهم وجامعاتهم ومساجدهم وكنائسهم وبنيتهم التحتية وجميع مقدراتهم، معتبرا أن استمرار تصدير هذه الأسلحة والذخائر لإسرائيل يعد شراكة معها في عدوانها على الشعب الفلسطيني.
وأدان البيان بشدة استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي قافلة منظمة "المطبخ المركزي العالمي" في قطاع غزة، رغم التنسيق المسبق مع الجانب الإسرائيلي، وتحميل إسرائيل كامل مسؤولية هذا التطور الخطير الذي يؤكد أن هذا هو نهج قوات الاحتلال الإسرائيلي الذي تسبب في مصرع عشرات من الموظفين الأمميين والعاملين بالإغاثة والصحفيين والأطقم الطبية.
??وأكد البيان الختامي على تنفيذ قرار القمة العربية الإسلامية المشتركة (الرياض 2023) لكسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية، برا وبحرا وجوا، تشمل الغذاء والدواء والوقود، إلى كامل القطاع، شماله وجنوبه، بشكل فوري، داعيا المنظمات الدولية ذات الصلة إلى المشاركة في كسر الحصار، مؤكدا ضرورة دخول هذه المنظمات إلى القطاع، وحماية طواقمها وتمكينها من القيام بدورها بشكل كامل.
وأدان البيان كذلك بشدة جرائم الاحتلال الإسرائيلي واسعة النطاق ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، والتي تستهدف التدمير المنهجي لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين وبنيتها التحتية بقصد إعادة تهجيرهم وطمس قضيتهم، وكذلك الاقتحامات اليومية لعشرات المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وإرهاب المستوطنين الإسرائيليين، وقتل وإصابة مئات المواطنين الفلسطينيين، وهدم المنازل وحرق وتخريب المزارع والممتلكات، واعتقال آلاف الفلسطينيين في ظروف غير إنسانية.
ودعا البيان، الدول الأعضاء لمباشرة تنفيذ ما جاء في قرار الدورة 161 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري رقم 8994 بشأن دعوة الدول الأعضاء إلى وضع قائمة المنظمات والمجموعات الإسرائيلية المتطرفة التي تقتحم المسجد الأقصى المبارك والمرتبطة بالاستيطان الاستعماري الإسرائيلي، على قوائم الإرهاب الوطنية العربية، والإعلان عن قائمة العار للشخصيات الإسرائيلية التي تبث خطاب الإبادة الجماعية والتحريض ضد الشعب الفلسطيني، تمهيدا لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدها، ومقاطعة جميع الشركات العاملة في المستوطنات الاستعمارية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة عام 1967.
وحث المجتمعون، المجتمع الدولي، لا سيما الدول التي تدعم إسرائيل بالسلاح، إلى تحمل مسؤولياتها في إعادة الإعمار، وكذلك إنشاء صندوق دولي لرعاية قرابة 17 ألف طفل من الأيتام، وتقديم الدعم الطبي والنفسي للأطفال مبتوري الأطراف في أقرب الآجال.
وثمن البيان الختامي جهود الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية العضو العربي في مجلس الأمن، والجهود الدولية الأخرى، الرامية إلى حل الصراع في المنطقة على أساس المرجعيات الدولية المعتمدة، وحصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
كما ثمن المشاركون التوجهات المتنامية بين دول الاتحاد الأوروبي للاعتراف بدولة فلسطين، ودعوة دول الاتحاد الأوروبي التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى مباشرة الاعتراف بها، وكذلك دعوة الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة إلى الاعتراف بدولة فلسطين، بصفة ذلك حقا مشروعا للشعب الفلسطيني، ورافعة للسلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
ودعا البيان الختامي جميع الدول والبرلمانات ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والاتحادات المعنية بحقوق الإنسان والقانون الدولي، وكذلك مجلس حقوق الإنسان، إلى التحرك العاجل ضمن آليات العدالة الدولية والوطنية لملاحقة المسؤولين الإسرائيليين عن جرائمهم الوحشية المرتكبة بحق المدنيين والأطفال والنساء الفلسطينيين والأعيان المحمية، بما في ذلك في إطار محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الوطنية ذات الاختصاص العالمي فضلا عن دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى إدراج إسرائيل في القائمة السوداء للأطراف المنتهكة لحقوق الأطفال، في ضوء استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي.
كما استذكر البيان قرار القمة العربية والإسلامية المشتركة غير العادية التي عقدت في الرياض في 11 نوفمبر الماضي بشأن دعم كل ما تتخذه جمهورية مصر العربية من خطوات لمواجهة تبعات العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة، وإسناد جهودها لإدخال المساعدات إلى القطاع بشكل فوري ومستدام وكاف، وتأييد الخطوات التي تتخذها مصر دفاعا عن أمنها القومي، والذي هو جزء أساسي من الأمن القومي العربي.
وطلب المجتمعون من الأمانة العامة للجامعة العربية التحرك والتنسيق مع المنظمات والمؤسسات الدولية والوطنية لإغاثة عشرات آلاف الأطفال الفلسطينيين من الذين قتل آباؤهم وبترت أطرافهم نتيجة عدوان الاحتلال الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، بما يشمل إقامة الفعاليات وجمع التبرعات بالطرق المناسبة للإغاثة العاجلة لهؤلاء الأطفال، مؤكدين ضرورة تقديم الدعم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين /الأونروا/، على أساس أن ذلك مسؤولية أممية يجب الوفاء بها، إلى جانب رفض حملات التحريض الإسرائيلية الممنهجة ضدها بهدف تقويض دورها، بالإضافة إلى دعوة جميع الدول التي قررت تجميد تمويلها للوكالة لإعادة النظر في قرارها.
ونوه البيان في هذا السياق بقرارات بعض تلك الدول إعادة تمويل /الأونروا/، محذرا من أن وقف عمليات الوكالة في قطاع غزة سيحرم أكثر من مليوني فلسطيني من الخدمات اللازمة لاستمرار الحياة.
وأعرب البيان عن إدانة مجلس الجامعة العربية، للاعتداءات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة على جنوب لبنان، والتي تسببت باستشهاد المدنيين من أطفال ونساء ومسنين وصحفيين ومسعفين، إضافة إلى استهداف مراكز الجيش اللبناني، ووصلت إلى عمق الأراضي اللبنانية، مطالبا بضرورة ممارسة الضغوط الدولية للجم النوايا الإسرائيلية العدوانية المعلنة بشن حرب واسعة على لبنان وإعادته إلى "العصر الحجري"، ولحمل إسرائيل على إنهاء احتلالها للأراضي اللبنانية المتبقية في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وخراج بلدة الماري، والانسحاب إلى ما وراء الحدود المعترف بها دوليا، ووقف الخروقات لسيادة لبنان برا وجوا وبحرا.
كما حذر البيان من خطورة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على أراضي الجمهورية العربية السورية، وآخرها الاعتداء الذي استهدف مقر القنصلية الإيرانية في الأول من إبريل الجاري، في انتهاك سافر لسيادة الجمهورية العربية السورية وسلامة أراضيها، وكذلك لقواعد القانون الدولي، واتفاقيتي فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 والعلاقات القنصلية لعام 1963، مؤكدا على الوقوف إلى جانب الجمهورية العربية السورية في ممارسة حقها في الدفاع عن أرضها وشعبها.
وطالب البيان من مجالس السفراء العرب وبعثات الجامعة العربية بالخارج اتخاذ ما يرونه مناسبا لإبلاغ مضمون هذا القرار إلى الدول والمنظمات المعتمدين لديها، كما طالب الأمين العام للجامعة العربية بمتابعة تنفيذ هذا القرار، وتقديم تقرير بذلك إلى الدورة القادمة لمجلس الجامعة العربية.