الارشيف / حال قطر

تتحدى الزمن والتكنولوجيا ووسائل التواصل.. «العرب» ترصد: طقوس «الأضحى» راسخة في وجدان أهل قطر

  • 1/2
  • 2/2

الدوحة - سيف الحموري - غادة النعمة: الكعك والعيدية والملابس الجديدة في المقدمة

الوالدة نعيمة السويدى: تجهيزات خاصة بالنساء وأخرى للرجال

الوالدة أم صالح: فرصة لنقل العادات الاحتفالية للأبناء والأحفاد

بين الماضي والحاضر تعددت مظاهر الاحتفال بعيد الأضحى المبارك واختلفت متأثرة بتطور الحياة البشرية، فهناك عادات استمرت وعادات اندثرت، واستحدثت أخرى، ولكن الشيء الوحيد الذي ليس فيه اختلاف هو الفرحة بقدوم العيد.
ويتميّز عيد الأضحى في قطر بطقوس تدخل الفرح إلى قلوب العائلات، وعلى الرغم من تغير بعض التفاصيل، لكن لا تزال العائلات تحافظ على طقوسها المليئة بالأجواء الاحتفالية واللقاءات، في تحد واضح لطغيان التكنولوجيا ووسائل التواصل. 
ورغم أن تفاصيل الاحتفال بعيد الفطر ومظاهره تختلف من بلد إلى آخر، إلا أن الجميع يتشاركون بتبادل التهاني والتبريكات بالعيد، للأهل والأقارب والجيران. لكن هنا في قطر يحرص الناس على أداء صلاة العيد في المساجد والمصليات التي تقام في الهواء الطلق، وزيارة الأقارب والجيران، وتبادل التهاني، والاجتماع في بيت «العود» (كبير العائلة). وتُنظّم الجهات الثقافية والاجتماعية مهرجانات وعروضاً خاصة بالعيد.

وتتميز احتفالات عيد الأضحى بطابع خاص، حيث يحرص أهل قطر في ليلة العيد على إعداد «قدوع» أو «فوالة» المجلس لضيوفهم الذين سيزورون بيوتهم لتهنئتهم بقدوم العيد، بالإضافة إلى تجهيز «دلال» القهوة والشاي.
وتعتبر الفوالة من أهم مظاهر الاحتفال بالعيد لكل الفئات العمرية على حدٍ سواء، حيث يحرص الأهل قبل العيد بفترة على شراء الملابس الجديدة لأبنائهم منها الجلابية للشابات والأمهات ويرتدي الأولاد والرجال «الثوب» و«الغترة» و«العقال» ومنهم من يلبس «البشت».
ويخرج الرجال وبعض النساء لصلاة العيد في جماعة في الساحات الخاصة بأحيائهم السكنية.
ويمثل الاجتماع في البيت الكبير من أهم مظاهر الاحتفال بالعيد حيث يكون الاجتماع لكل أفراد العائلة الواحدة من نساء ورجال – منفصلين - وأطفال على وجبة الغداء في أول أيام العيد، بعد ذبح الأضحية.
ويعتبر من أهم طقوس العيد التي ما زالت تُمارس حتى الآن، حيث يخرج الأطفال في «الفرجان» أي في أحيائهم السكنية أو الأحياء المجاورة لهم ويغنون أغاني العيد أمام البيوت المجاورة لبيوتهم ومن أغاني العيد القطرية «عيدكم مبارك يا أهل البيت»، وتُعطى لهم العيدية.
أما العيدية فهي مبلغ مالي يُعطيه الكبار للأطفال، لإدخال الفرحة والسرور على قلوبهم وهي من المظاهر القديمة للاحتفال بالعيد والتي ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا. ويدخر الأطفال العيدية لشراء الهدايا والألعاب.
ومن بين الأمور الأساسية والضرورية والتي يحرص القطريون على اقتنائها أيضاً قبل أيام العيد وتشهد رواجاً كبيراً هي «العود والبخور» اللذان يعتبران من سمات البيت الخليجي نظراً لأنهما يمثلان علامة على كرم الضيافة ومن الأمور التي تكمل جمال وأناقة المنزل برائحته الجميلة.

فرصة لصلة الرحم.. وعادات متوارثة 
قالت السيدة غادة النعمة إن العيد مناسبة لتجمع العائلة، وفرصة لصلة الرحم، لذا يحظي بتحضيرات كبيرة، ومنها تجهيز بعض الحلويات في البيت، بالاضافة الى فوالة العيد والفواكه وعيدية الأطفال التي غالبا ما تكون لكل طفل باسمه، وتكون مجهزة في أظرف خاصة. 
وحول يوم العيد أوضحت أن الاستيقاظ يوم العيد يكون مبكراً جداً، وبعد ارتداء الملابس الجديدة وأخذ ما يطيب من البخور، يرتدي الرجال الثوب الأبيض الذي يمثل اعتزازاً وطنياً بالموروث الشعبي، وهو الثوب الرئيسي والرسمي للرجال في قطر، ويرتديه الكبار والصغار ولا ينسون «الغترة» و»البشت»، وكأنه يوم زفاف وعرس لأحد الأبناء. كما يسلّم الأبناء الذكور على الآباء ويحبونهم (تقبيل) على رؤوسهم، ليخرجوا جميعاً إلى المسجد أو المصلى لأداء الصلاة وحضور خطبة العيد، وبعد انتهاء الخطبة والصلاة، يتبادل الناس عبارات التهاني بالعيد، منها «عساكم من عواده». 
وأضافت: يرجع الأب إلى المنزل، فيقدم عليه الأبناء والبنات الصغيرات ليعطيهم بعدها العيدية، ثم يجلس الوالد في المجلس ويستقبل أخوانه الأصغر سناً، ويتبادلون التهاني، ويحتسون القهوة العربية، وتكون المائدة عامرة بالفاكهة المختلفة وبعض المأكولات الشعبية الخفيفة، لتعد بعدها وليمة الغداء ويحضرها جميع أفراد العائلة رجالاً ونساء وصغاراً، وأوضحت أن غداء يوم العيد يكون على غير العادة في وقت مبكر وأحيانا في تمام الساعة الثانية عشرة ظهراً، وعند العصر، يخرج الرجال ويطوفون على مجالس «الفريج»، بينما يجوب الصغار منازل الحي للمعايدة والحصول على نقود أو حلويات.
وأشارت السيدة غادة إلى أنها لا تحبذ تغيير ديكورات المنزل في الأعياد بل هي تحاول دائما أن يكون بيتها كلاسيكيا بلمسات عصرية تتماشى مع الزمن ولا تضطر للتغيير في كل مناسبة، بل تكتفي بإضافة بعض الاكسسوارات.
وعن نفسها تذهب السيدة غادة إلى زيارة العمات وأفراد العائلة الكبار في السن، بعد المغرب، أي بعد أن تنفك من إكرام ضيوفها ومعايدة زوارها.

أصالة قطرية 
بدورها قالت الوالدة نعيمة السويدي: بعد انقضاء الصلاة والخطبة نستعد لاستقبال المهنئين بالعيد من الأهل والأقارب والأصدقاء في ساعات الصباح الأولى وحتى الظهيرة، ويقدم إلى الأطفال العيدية التي تدخل البهجة والسرور إلى قلوبهم، مشيرة إلى أن العيدية عادة حميدة من شأنها إبقاء الأبناء على نهج الآباء والتمسك بالأصالة القطرية القديمة التي نفتخر بها.
وأكدت على اختلاف العيد في قطر عن باقي الدول من حيث الملبس والمأكل، وأن القطريين حريصون على اقتناء الثياب الجديدة والغترة والعقال وإشعال الأبخرة والعود اللذين يمثلان وساما في كرم الضيافة وجود أصحاب البيت، كما أن البعض يحرص على تجديد المجالس والبيت استعدادا لاستقبال المهنئين بمناسبة عيد الأضحى حرصا منهم على المظاهر اللائقة والأنيقة.

استعدادات مبكرة 
وعن الاستعدادات للعيد قالت الوالدة نعيمة: نبدأ بالاستعداد للعيد قبل فترة، وكل حسب واجباته في الاسرة، فالرجال يهتمون بشراء الأضاحي والتجهيز والترتيب لمكان الذبح، وغيرها والنساء يجهزن الفوالة والضيافة والمنزل والبخور وثياب الاطفال، وحلتهن للعيد وغيرها من التفاصيل.
واضافت الوالدة نعيمة السويدي: تختار النساء أجمل العباءات لإطلالاتهن في العيد، ويحرصن على تخضيب اليدين بالحناء، وارتداء العباءات التي تحمل طابع التراث القطري وتتمتع بالتصاميم والخامات الملونة والجميلة. 
وتابعت: إن الاحتفال بالعيد لا يقتصر على ملابس العيد فقط، بل لابد من إعداد الكعك والبسكويت ومشتقاته مثل «الغريبة» و»البيتيفور»، ويعتبر ذلك من مظاهر عيد الفطر، سواء أُعدّ في المنزل أو اشتُري من السوق، كما يعتبر فرصة للزيارات العائلية واستقبال الضيوف للتهنئة.
وأضافت: في يوم العيد يجتمع الأبناء والأحفاد في بيت كبير العائلة ونقوم بالغداء مع بعض وعادة ما يكون الغداء في وقت باكر ثم يبدأ بعدها تبادل الزيارات.
وأكدت الوالدة أم صالح أن العيد فرصة لتجمع العائلة، واحياء العادات والتقاليد، وتوريثها للأبناء والأحفاد، وعن الاستعدادات للعيد قالت: قبل العيد بفترة نقوم بتفصيل الثياب وتجهيز فوالة العيد سواء عن طريق طلبها من المحلات أو التوصية عليها عند صاحبات المشاريع المنزلية، كما نقوم ببعض التعديلات في البيت والمجالس، واضافة بعض الديكورات وتغيير بعضها الآخر ترقبا لاستقبال الضيوف على احسن وجه.
وأضافت: العيد فرحة تعم كل البلاد الاسلامية، وقد نجد بعض الفروقات في العادات ومظاهر الاحتفالات بالأعياد سواء عيد الفطر أو الأضحى المبارك، لكن هذه الاختلافات لا تغير جوهر الاحتفال الحقيقي بالعيد، مشيرة إلى أن جميع المسلمين في مختلف البلدان العربية والآسيوية والأجنبية وعلى اختلاف العادات والتقاليد لديهم يفرحون بالعيد ويتقربون إلى الله عز وجل بالعبادات ويحضرون خطبة العيد ويقيمون صلاته.

Advertisements

قد تقرأ أيضا