الدوحة - سيف الحموري - شهدت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، أمس، افتتاح النسخة السابعة من مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية «ويش 2024»، تحت عنوان «الصحة من منظور إنساني: المساواة والمرونة في مواجهة التحديات»، ويستمر يومين بمركز قطر الوطني للمؤتمرات. حضر الافتتاح سعادة الشيخة هند بنت حمد آل ثاني نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر والرئيس التنفيذي للمؤسسة، وعدد من أصحاب السعادة الشيوخ والوزراء، وصناع السياسات والعلماء والمتخصصين من مختلف دول العالم.
اللورد دارزي: بإمكان الأنظمة الصحية تعلم الكثير من قطر
أشاد البروفيسور اللورد دارزي الرئيس التنفيذي لقمة «ويش» بقوة النظام الصحي في دولة قطر ونجاحاته المتعددة، متوقعا أن تستمر الابتكارات ويتواصل التحسن والتقدم والنجاح على المستوى العالمي في مجال الصحة.
وأشار اللورد دارزي، خلال كلمته في افتتاح مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية «ويش 2024»، إلى أنه بإمكان الأنظمة الصحية في العالم المتقدم تعلم الكثير من قطر، خاصة بعد أن وسعت شبكة المنشآت الصحية بها، وطبقت منظومة المدن الصحية في جميع أنحاء البلاد، وعملت على تحسين والاحتفاظ بسجلات المرضى، منوها إلى أن استجابة دولة قطر لجائحة «كوفيد - 19» أدت إلى أدنى مستويات الوفيات على مستوى العالم، ما يجعلها تشكل نموذجا جيدا لكيفية التعامل مع الجوائح المستقبلية، خاصة فيما يتعلق باتخاذ القرارات.
ولفت إلى أن ما يشهده العالم من مآس تزداد يوما بعد الآخر وما تعانيه المنطقة من الفوضى، وانتشار الحرب من غزة إلى لبنان، والنزاعات في السودان وفي المنطقة بأكملها، يفاقم المعاناة التي يتكبدها السكان، ويؤدي إلى كوارث صحية لا يمكن تخيلها، مشددا على أنه لا يمكن تبرير استهداف الكوادر الطبية، أو حتى البنى التحتية الصحية، بل يجب التنديد بها. معبرا في الوقت ذاته عن امتنانه لكل الطواقم الصحية، وكل الموظفين في مجال الرعاية الصحية الذين كرسوا حياتهم لتقديم الرعاية الصحية، خلال هذه الأزمات.
وأوضح الرئيس التنفيذي لقمة «ويش» أنه سيتم التركيز هذا العام، في مجال الرعاية الصحية، على تعزيز العلاقات ما بين الكوادر الصحية والمرضى، وتحسين صحة المرأة من خلال التركيز على الوقاية من السرطان، ومكافحة السل في صفوف اللاجئين والمهاجرين، بالإضافة إلى تحسين تقديم الرعاية الصحية للمسنين، مسلطا الضوء على التقرير الذي أعده المؤتمر بشأن مقاومة مضادات الميكروبات لضمان فعالية المضادات الحيوية لأجيال المستقبل والعمل على تطوير حلول مبتكرة لمواجهة مقاومة مضادات الميكروبات على مستوى العالم.
وشدد على ضرورة وقف وصف المضادات الحيوية دون اختبار تشخيصي يؤكد فعاليتها، وهذا هدف طموح يتطلب مستوى غير مسبوق من التعاون العالمي، والاستثمار وتغيير السلوك، مشيرا إلى أن مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات مسألة معقدة لكن لا ينبغي إغفالها، وأن التوصل إلى الحلول الناجعة يتطلب عملا جماعيا من الأفراد والعاملين في مجال الرعاية الصحية وصناع السياسات على حد سواء. وأوضح اللورد دارزي أن حماية التقدم المحرز في المجال الصحي على مدى القرن الماضي، وحماية مستقبل الصحة العامة، يتطلب إعطاء الأولوية للتمويل، وزيادة الوعي، وضمان الوصول العادل، والدعوة إلى الاستخدام المسؤول للمضادات الحيوية، داعيا إلى ضرورة تطوير السياسات وتعزيز التواصل، واستخدام كل القدرات الممكنة لتحسين الخدمات الصحية وتشجيع الابتكارات لبناء عالم أفضل وأكثر صحة.
.د. محمد بن حمد: تركيز على محاربة سمنة الأطفال بقطر
أكد الشيخ الدكتور محمد بن حمد آل ثاني مدير إدارة برامج الوقاية من الأمراض غير الانتقالية بوزارة الصحة العامة، مؤتمر ويش لهذا العام يهتم بالصحة من منظور انساني، وتأثير الصراعات والمساواة والمرونة، وأن المؤتمر يأتي في ظل الكثير من الأزمات التي تتطلب إيجاد حلول وتخفيف الوطأة على الجميع.
وقال: طموحنا أن تكون جاهزيتنا دائماً حاضرة، وتركيزنا الأكبر سيكون على الأمراض غير المعدية، التي تتسبب في 75 % إلى 80 % من إجمالي الوفيات في العالم، وهذه الأمراض هي القلب والسرطان والسكري، إضافة إلى التركيز على الصحة النفسية، وما يرتبط بها من وصمة. وأضاف: في قطر، نركز على محاربة السمنة لدى الأطفال، فيجب أن تقل السمنة بين الأطفال، ليتمتعوا بصحة أفضل في المستقبل. وأشار إلى التركيز على هشاشة الأنظمة الصحية، ودعم التمريض نظراً إلى الحاجة إلى كوادره في كل نظام صحي، لافتاً إلى تقديم الكثير من الأوراق خلال المؤتمر، وأن من بينها ما سيلهم العالم، لتقديم الأفضل في المستقبل. وأكد د. محمد بن حمد على أن رؤية قطر في 2030 هي التركيز على التطور الرقمي، وكيفية استعمال الذكاء الاصطناعي بأفضل طريقة، مشيراً إلى أن الكثير من الأفكار تقدم اليوم في الذكاء الاصطناعي ويجب «فلترتها»، وأن قطر تعمل على «فلترتها»، لاختيار الأفضل من بينها للأنظمة الصحية، لتقديم فعالية لم تحدث من قبل.
رئيس «أطباء بلا حدود»: أقل من نصف مستشفيات غزة تعمل جزئياً
تناول الدكتور كريستوس كريستو رئيس منظمة أطباء بلا حدود، التحديات التي يواجهها العاملون في القطاع الصحي في مناطق النزاع، مشيرا إلى وفاة 8 من موظفي المنظمة وأكثر من ألف مقدم رعاية صحية خلال الحرب على غزة، وأن أقل من نصف المستشفيات هناك تعمل جزئيا في ظل غياب شبه تام لأدوات التخدير والحقن والأدوية والمضادات ومختلف الأدوات الإسعافية، بما يؤكد أنه لا مكان آمنا في القطاع وأن الجميع مستهدف.
وأعرب عن قلقه من تعمد استهداف الطواقم الطبية وفقدان أعداد كبيرة منهم أثناء القصف وهي ظاهرة أصبحت «مؤخرا» قاعدة جديدة يجب العمل على إنهائها بحماية هؤلاء الموظفين من خلال تفعيل القوانين الدولية والإنسانية وقواعد الاشتباك، داعيا إلى تضامن الجميع لتحقيق هذا الهدف.
ولفت كريستوس كريستو إلى أن المنظمة تضم أكثر من 16 ألف موظف صحي يحتاجون إلى ضمان تأمينهم وتسهيل وصولهم إلى المصابين من قبل جميع الأطراف خاصة، وأنهم يوفرون العلاج للجميع دون تمييز، منبها إلى أن ما يحدث في قطاع غزة يفوق الخيال. وأشار رئيس منظمة أطباء بلا حدود، في حديثه، إلى أنه رغم قتامة الوضع في قطاع غزة، إلا أنه يجب التحلي بالأمل، ومواصلة رفع أصوات المستضعفين، ونقل شهادات المصابين، واحترام المبادئ الإنسانية، والعمل باستقلالية، وتقديم الخدمات بلا تمييز.
عبد الله المهندي: مشاريع لمكافحة السل بين اللاجئين والمهاجرين
قال عبد الله المهندي – مدير منتديات في مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية «ويش»: «ويش» من ضمن مبادرات مؤسسة قطر، وهي مبادرة عالمية، تهدف لجمع الخبراء وقادة الصحة العالمية وأصحاب القرار، للتحدث واطلاق بعض القرارات الاستراتيجية الصحية المتعلقة بالسياسات الصحية وأهم المواضيع الكبرى المتعلقة بالصحة، من خلال الابتكار والتعاون الدولي.
وأضاف: تعاون «ويش» مع منظمة الصحة العالمية، بإطلاق بعض المشاريع والتقارير المتعلقة بمرض السل لدى اللاجئين والمهاجرين، والموضوع الرئيسي للمؤتمر هو حماية الصحة في مناطق النزاعات، خاصةً وأن العالم يمر بالكثير من الأحداث، من بينها في غزة ولبنان والسودان واليمن، وغيرها من الأماكن في العالم، إضافة إلى موضوع الرعاية التلطيفية، وغيرها من الموضوعات، كالمشاركات المجتمعية في الرعاية الصحية، ومكافحة السمنة لدى الأطفال وسرطانات النساء في شرق المتوسط.
ولفت إلى أن المؤتمر يتطرق إلى الابتكار في الرعاية الصحية، والذكاء الاصطناعي واستخدامه في الرعاية الصحية، واخلاقيات هذه التقنيات، إضافة إلى موضوع مقاومة الميكروبات، وأن اختيار الموضوعات تم بالتعاون مع شركاء دوليين وجامعات.
ونوه إلى أن عدد المسجلين بلغ نحو 4000 مسجل في هذه النسخة من «ويش»، ما يثري الجلسات والحوارات والمعارض، وأن هناك مكتبة تضم تقارير ويش، وكذلك الموقع الالكتروني للمؤتمر، الذي يضم مختلف التقارير، لافتاً إلى أن عدد المتحدثين يصل إلى أكثر من 200 متحدث من مبتكرين وقادة وباحثين يتناولون عدة جوانب من «ويش».
جلسة نقاشية تدعو إلى الاستثمار في الوقاية من السرطان
دعا خبراء وباحثون خلال جلسة نقاشية استضافها مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية «ويش 2024»، أمس الأربعاء، إلى إعطاء الأولوية القصوى للاستثمار أكثر في البحوث المتعلقة بعلاج أمراض السرطان، محذرين من احتمال وقوع أزمات شديدة ستُثقل كاهل النظم الصحية على المستوى العالمي إذا لم يتم البحث عن حلول ناجعة.
وقد شهد اليوم الافتتاحي للقمة مناقشة الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة على الخصوص بسرطاني الثدي وعنق الرحم وتداعياتهما المجتمعية، مع التأكيد على دور المجتمعات التي يكثر فيها كبار السن وتتبنى أنماط عيش غير صحية، وأثر ذلك على ارتفاع معدل الوفيات الناجمة عن أمراض السرطان. ومن المقرر أن تتواصل أشغال المؤتمر، الذي يستضيفه مؤتمر القمة العالمية للابتكار في الرعاية الصحية «ويش»، التابع لمؤسسة قطر، إلى اليوم الخميس.
وسلطت الدكتورة لمياء محمود، المستشار الإقليمي لبرنامج الوقاية من الأمراض غير المُعدية في المكتب الإقليمي لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، خلال هذه الجلسة التي تحمل عنوان: «معركة الرعاية ضد السرطانات»، الضوء على نسبة تفشي السرطان في منطقة شرق حوض البحر الأبيض المتوسط، قائلة: «إذا نظرنا إلى معدل الوفيات من أصل الإصابات، سنلاحظ أن الموت يُحدق بالنساء في منطقتنا أكثر من المناطق الأخرى في العالم». وأضافت: «يُمكننا الاستنتاج أننا بحاجة مُلحة إلى المزيد من الاستثمار في مجال الوقاية والفحص المبكر والعلاج من السرطان».
وأشارت إلى دراسة نُشرت مؤخرًا، إلى أن العبء الاقتصادي لسرطاني الثدي وعنق الرحم قد بلغ 15 مليار دولار أمريكي في عام 2020، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 379 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2040. وتشمل هذه الأرقام تكاليف الرعاية الصحية والتكاليف المجتمعية، علاوة على الخسائر المحتملة جراء ارتفاع نسبة الوفيات بين النساء. وقال سعادة الشيخ الدكتور خالد بن جبر آل ثاني، المؤسس ورئيس مجلس إدارة الجمعية القطرية للسرطان: «إن هناك العديد من الحواجز الثقافية التي تحيط بهذه الأمراض، مما يجعل الناس يترددون في مناقشتها. هناك الكثير من النساء اللواتي تعتقدن أنهن في منأى عن الإصابة بسرطان الثدي أو سرطان عنق الرحم؛ غير أنه في حقيقة الأمر لا أحد ببعيد عن المرض».
وأضاف: قمنا بتغيير النبرة التي نتعامل بها مع الناس، والطريقة التي نتحدث بها معهم. وعلى الرغم من التقدم الهائل الذي أحرزناه على مدى العقود القليلة الماضية، إلا أنه لا يزال هناك الكثير لنقوم به.
وقالت الدكتورة جينيفر هوانج بوي، رئيس قسم الصحة العالمية في جامعة جورجتاون: «يلعب متوسط أعمار أفراد المجتمع، إلى جانب سوء التغذية، وقلة ممارسة الأنشطة الرياضية، دورا كبيرا في تنامي أعداد الوفيات بأمراض السرطان، ولا نبالغ في القول إننا بحاجة للمزيد من الاستثمار في مجال محاربة السرطان، لأن الفشل في القيام بذلك من شأنه إضعاف نظم الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم».
وأضافت: من شأن التجارب السريرية والتطورات الجديدة في مجال الرعاية الصحية أن تزيد من فعالية علاج السرطان، لافتة إلى أن التأثير الحقيقي يكمن في الوقاية الأولية والثانوية. وتابعت: لقد أظهرت الأبحاث أن الوقاية الأولية، التي تستهدف الأفراد الأصحاء من خلال تعديلات نمط الحياة وحملات التوعية بالسرطان، تقدم فعالية ونتائج أفضل. وبالطبع تشكّل الوقاية الثانوية أمرا بالغ الأهمية، بما في ذلك الاستفادة من التقنيات المحمولة والتكنولوجيا الخفيفة، وذلك لضمان حصول النساء في المناطق النائية على فرص الفحص المبكر والوقاية من السرطان في الوقت المناسب.