الدوحة - سيف الحموري - المجلس دعا لوضع خطة إستراتيجية وطنية للأمن المجتمعي متضمنةً رؤية وأهدافاً واضحة
تشجيع الأبناء على الزواج وتذليل الصعوبات التي تواجههم من غلاء المهور
التشديد على ضرورة توعية المُجتمع بالقضايا الأسرية المُعاصرة وطرق الوقاية منها
اقتراح بتشكيل لجنة للتنسيق والتعاون بين الجهات المعنية للحد من ظاهرة الطلاق
حظيت الأسرة القطرية ومشاكلها وهمومها والقضايا الاجتماعية المؤثرة فيها باهتمام كبير لدى مجلس الشورى وأعضائه على مدار الأربع سنوات الماضية، واتضح ذلك جلياً في العديد من جلسات المجلس وكان من أبرز المناقشات التي جرت بين جدرانه، أهمية الحفاظ على القيم والمبادئ والأخلاق في المجتمع، ونظرا لأهمية هذا الموضوع أحاله المجلس إلى لجنة الشؤون الثقافية والإعلام لدراسته على ضوء عدد من الأوراق التي تقدم بها عدد من الأعضاء في هذا الشأن.
وأقر المجلس عددا من التوصيات بعد مناقشات مستفيضة لتقرير اللجنة، وقرر إحالتها إلى الحكومة الموقرة في شهر فبراير عام 2021. وجاءت التوصيات في أربعة محاور إلى جانب توصية رئيسية، وتضمن المحور الديني والأخلاقي، والدعوة لتعزيز دور الدين والعقيدة الصحيحة الواضحة السمحاء، من خلال الإيعاز للنظم التربوية والدينية والثقافية والإعلامية في إطار من التنسيق بينها، وإنشاء مواقع إسلامية معتدلة متخصصة يشرف عليها نخبة من العلماء بهدف نشر الأفكار الصحيحة، وضرورة وضع ضوابط وقواعد لأخلاقيات الممارسة الديمقراطية من أجل تأسيس قيم للممارسات التي تحقق مصلحة الوطن والمواطن.
وفي المحور الأسري والمجتمعي دعا المجلس في توصياته إلى وضع خطة استراتيجية وطنية للأمن المجتمعي متضمنةً رؤية وأهدافا وضوابط وقواعد تكفل بناء مجتمع قوي مُتمسك بدينه وعقيدته ومعتزاً بقيمه وأخلاقه، ورصد الأفكار الدخيلة على المجتمع ووضع الوسائل المناسبة لمعالجتها والتصدي لها في نطاق الأسرة والمجتمع من خلال توعية أولياء الأمور بأهمية دورهم التربوي، وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني في التسويق للأفكار السليمة المتوائمة مع شريعتنا وعاداتنا وتقاليدنا، عن طريق وسيلة متخصصة تُعنى بتقييم ما ينشر ويصدر في شبكات الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، واستصحاب المبادئ المعاصرة المتعلقة بالتسامح والانفتاح على الآخر والتعلم من الثقافات العالمية بما يتواءم مع ثقافتنا العربية والإسلامية.
كما تضمنت التوصيات في هذا المحور الاهتمام والعناية بالأمومة والطفولة وحمايتهم من خلال رصد الظواهر السلبية التي تضر بالنسيج الاجتماعي والأسري، ودعم الأم العاملة بتوفير كافة الظروف التي تُعينها على تربية أبنائها من خلال تقليل ساعات العمل لديها لإعطائها وقت أطول في رعاية وتربية الأبناء والإشراف عليهم، للوصول لأسرة سليمة وصحية اجتماعياً.
ودعا المجلس لتشجيع الأبناء على الزواج وخاصة من بنات البلد وتذليل الصعوبات التي تواجههم من غلاء المهور، وعمل دورات تدريبية للمقبلين على الزواج في سبيل الحفاظ على استقرار الأسرة وتماسكها، كما دعا للعناية بكبار السن.
محور تربوي
وفي المحور التربوي والتعليمي أوصى المجلس باستحداث منهج إلزامي في التعليم العام يُعنى بالقيم والأخلاق وتضمين المناهج التربوية والتعليمية كل ما يحث على الدين السليم والعقيدة السمحاء التي تقوم على الفضيلة المتمسكة بمبادئها وأخلاقها، وتضمينها مضامين أخلاقية وقيمية تُساهم في تكوين شخصية الأبناء وتعزز فيهم روح المواطنة والهوية والمسؤولية والانضباط، وعمل أنشطة بدنية وعقلية وروحية لتنمية ملكات الطلبة في شتى المجالات بحيث تصونه وتحميه من أسباب الفساد وتقيه من سوء الاستغلال والإهمال، وضرورة مراقبة مناهج وممارسات المدارس الأجنبية للتأكد من عدم تعارضها مع عقيدتنا الدينية وقيمنا ومبادئنا وأخلاقنا المجتمعية.
وفي المحور الثقافي والاجتماعي أكد المجلس على توطيد روح الوطنية والتضامن والإخاء بين المواطنين كافة من خلال وضع البرامج المرئية والمسموعة والمقروءة التي ترعى التُراث واللغة والعادات والتقاليد التي تُنمي الولاء للوطن، كما أكد على ضرورة الإخلاص والاتقان في العمل، والمحافظة على النظم واحترامها، ودعا لزيادة الاهتمام بالمراكز التعليمية والثقافية والاجتماعية الوطنية التي تدعم الهوية الوطنية، والاهتمام باللغة العربية الفصحى والتأكيد على استخدامها في جميع المخاطبات الرسمية باعتبارها لغة التخاطب والتواصل.
كما دعا المجلس في توصياته إلى مراعاة القيم والمبادئ والأسس والدعامات التي يقوم عليها المجتمع القطري عند دعوة المشاركين في المنتديات الاجتماعية والثقافية المحلية.
رعاية الأسرة
كما دعا سعادة السيد حسن بن عبدالله الغانم رئيس المجلس، سعادة السيدة مريم بنت علي بن ناصر المسند وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة، لحضور الجلسة التي عقدت في الأول من يناير هذا العام، وحضرها عدد من المختصين بالوزارة، لعرض جهود الوزارة في تنفيذ الاستراتيجيات والخطط والسياسات الوطنية المتعلقة برعاية الأسرة وتوعية المجتمع بأهمية حماية الأسرة والترابط الأسري، ومناقشة التحديات التي تواجه تنفيذها، إلى جانب استعراض كافة الخدمات التي تقدمها الوزارة وجهودها في سبيل تنمية المجتمع والحفاظ على مكتسباته.
وأكد سعادة رئيس مجلس الشورى، خلال الجلسة على أهمية الدور الذي تضطلع به وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة، مشيدًا بجهودها في رعاية الأسرة وتعزيز مكانتها المهمة في المجتمع كنواة لبناء مجتمع يحمل كل مقومات النمو والازدهار، لافتًا في هذا الجانب إلى ما نصت عليه المادة 20 من دستور البلاد، والتي أكدت على أن الأسرة أساس المجتمع. قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، وينظم القانون الوسائل الكفيلة بحمايتها، وتدعيم كيانها وتقوية أواصرها والحفاظ على الأمومة والطفولة والشيخوخة في ظلها.
وشدّد أعضاء المجلس خلال الجلسة على ضرورة توعية المُجتمع بالتحديات والقضايا الأسرية والاجتماعية المُعاصرة وآثارها وطرق الوقاية منها، والاهتمام ببرامج تنمية وتطوير إبداعات الأطفال ثقافياً وتعليمياً وترفيهياً، منوهين إلى ضرورة التعاون مع مختلف الجهات الحكومية وغير الحكومية، ومنها وسائل الإعلام، التي يقع على عاتقها دور كبير في توعية المجتمع بمختلف القضايا التي تتبناها الوزارة والبرامج التي تنفذها.
كما تطرقوا إلى تكامل دور الزوجين في الأسرة، ومسؤوليتهما المشتركة في تربية وتنشئة الأبناء، ونبهوا إلى ضرورة مراعاة الزوجة العاملة وتوفير الظروف الملائمة لها لتحقيق التوازن بين احتياجات رعاية الأسرة ومتطلبات العمل، وهو ما يسهم بدوره في الحفاظ على التماسك الأسري في المجتمع.
وأشار أصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى، إلى خدمات الضمان الاجتماعي، وخاصة تلك المقدمة لفئة الأرامل والمطلقات، مشيدين في هذا الجانب بسياسة الدولة التي تنفذها الوزارة في تقديم الخدمات للمنتفعين بالضمان الاجتماعي، إلى جانب تأهيلهم من خلال تنفيذ مختلف البرامج.
وطالب أعضاء المجلس، بإجراء مراجعة دورية لسياسات الضمان الاجتماعي والفئات المستهدفة، بما يضمن تقديم الدعم والحماية الاجتماعية للمستفيدين، وتمكينهم وتلبية احتياجاتهم التي تتزايد في ظل المتغيرات التي تؤثر على مستوى دخلهم.
ظاهرة الطلاق
في جلسة لاحقة خلال شهر فبراير الماضي استعرض المجلس، تقرير اللجنة المؤقتة المعنية بدراسة مشكلة «زيادة معدلات الطلاق في المجتمع»، والتي تم تشكيلها بقرار من مجلس الشورى في دور انعقاده الماضي، لدراسة طلب المناقشة العامة الذي تقدم به عدد من أصحاب السعادة أعضاء المجلس لدراسة تلك المشكلة. وقرر المجلس خلال تلك الجلسة تقديم اقتراح برغبة للحكومة الموقرة حول الموضوع المشار إليه. وشمل الاقتراح برغبة الذي ناقشه المجلس، عددًا من البنود، منها، تشكيل لجنة للتنسيق والتعاون بين الجهات المعنية للحد من الظاهرة، بهدف توحيد وتنسيق الجهود بينها، وعقد دورات تدريبية إلزامية للمقبلين على الزواج، وتفعيل دور الأخصائيين أثناء عملية الصلح والنزاع القضائي، وإعطاء الوقت الكافي للقيام بعملية الصلح بين الزوجين قبل العرض على القضاء، وإعادة اختصاص الصلح لمركز «وفاق»، وضرورة وضع شروط وضوابط للقائمين على الصلح والمحكمين التابعين لمحكمة الأسرة، وإلزامية إجراء الفحوصات اللازمة للمقبلين على الزواج. وتضمن الاقتراح برغبة أيضًا، ضرورة تخفيف ساعات عمل الموظفة القطرية المتزوجة، وفق شروط وضوابط، على نحو يدعم التوازن بين العمل والأسرة، وتضمين المناهج التعليمية والتدريسية لمواد تتعلق بأهمية الأسرة وترابطها، وزيادة الوعي بأهمية الحفاظ على الأسرة عبر مختلف وسائل الإعلام، والمحاضرات والدروس والخطب الدينية، بالإضافة إلى توفير قاعدة بيانات دقيقة تبين نسب ومعدلات الطلاق للقطريين.