حال قطر

"قيمي ترسم هويتي".. مشروع طموح يعزز القيم التربوية "إضافة أولى وأخيرة"

الدوحة - سيف الحموري - "قيمي ترسم هويتي".. مشروع طموح مميز أطلقته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي ضمن استراتيجية تتبناها الوزارة، ويهدف لاستكمال الخطط والبرامج التي بدأت عام 2021 بإشراف إدارة المدارس ورياض الأطفال في قطاع التعليم الخاص بالوزارة، وذلك من أجل تعزيز القيم التربوية وترسيخها لدى الطلاب، من خلال الحملات والأنشطة المدرسية المتكاملة.
ويتميز المشروع، الذي يستمر لمدة ثلاث سنوات من 2024 حتى 2027، في مرحلته الأولى بتقديم موارد تربوية متخصصة لدعم المعلمين والطلاب على السواء، وعونهم في تبني القيم وتطبيقها في الحياة اليومية، وذلك تعزيزا للتربية الشاملة للطلاب، وتقوية الهوية الوطنية والانتماء للثقافة القطرية في المدارس ورياض الأطفال الخاصة، وتمكينهم من فهم وإدراك القيم كأدوات عملية لمواجهة التحديات المتجددة على مدار اليوم، مثلما أن ذلك يمثل فرصة لتطوير مهارات التواصل المعرفي، وحل المشكلات، والقدرة على اتخاذ القرارات لدى الطلاب.
وبحسب الجهات المسؤولة بوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، فإن المشروع الذي أطلقته شراكة مع جهات ومؤسسات وطنية عدة، يسعى لمعالجة التحديات التي نشهدها على مستوى الهوية والانتماء، ما يجعل غرس القيم الوطنية والتأكيد عليها أمرا ضروريا تحقيقا للتوازن المطلوب بين الحفاظ على تقاليدنا وموروثاتنا الوطنية السمحة وبين مواكبة التطورات العالمية المتجددة.
وبحسب المسؤولين بالوزارة، فإن شركاء المشروع من الوزارات والهيئات الحكومية هم: وزارة الداخلية، وزارة العدل، وزارة الشباب والرياضة، هيئة الاتصالات، متحف قطر الوطني، ومبادرات قطر، الذين أجمعوا على أهمية المشروع في نشر الوعي وتعزيز الثقافة والمفاهيم في المجتمع القطري.
ومن خلال مثل هذه المبادرات التربوية الرائدة يسعى المخططون التربويون بالإدارات المختصة في الوزارة إلى ضرورة تحقيق أهداف مشروع “قيمي ترسم هويتي” تعاونا مع مركز “تربية رواد الغد”، وهو أحد مراكز الخدمات التعليمية بالوزارة، وفق منهجية ارتكزت في عملها على الانطلاق من المرجعيات الإسلامية والوطنية في إعداد مبادرات المشروع بحرص، لإخراج النسخة الرابعة من المشروع بحلة جديدة ومختلفة في المحتوى وآلية التنفيذ وفق المنهجية الموضوعة، مثلما أن المختصين انتهجوا الأسلوب العلمي لتحديد التحديات التربوية، ليتمكنوا من صياغة مبادرات تتنوع وتتعدد في مضامينها وأهدافها.
وفي هذا الشأن، قال السيد حسين اليافعي استشاري بإدارة المدارس الخاصة بوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية “قنا”، إن أهداف مشروع “قيمي ترسم هويتي” على المدى القصير والطويل تتمثل في تعزيز الهوية الوطنية وغرس حب الوطن، وتعزيز شعور الانتماء والمسؤولية تجاهه، وتعزيز القيم التربوية بتمكين الطلاب من فهمها كأدوات عملية لمواجهة التحديات اليومية، بالإضافة لتطوير المهارات وتوفير التواصل، وحل المشكلات، والقدرة على اتخاذ القرارات لدى الطلاب، فضلا عن تشجيع التفكير الإبداعي والابتكاري لدى الطلاب في مواجهة التحديات، والتعاون والتكامل وبناء الشراكات مع المؤسسات الوطنية ذات الصلة لتعزيز التعاون وتبادل المعرفة.
وأشار إلى أن من أهم أهداف المشروع والمخطط التربوي بالوزارة تعزيز الوعي بأهمية الاستخدام الآمن والفعال للتكنولوجيا في التعلم والتواصل، والارتقاء بمستوى الإنتاج التربوي لدى الطلاب بنقلهم من حالة المتلقي إلى حالة المنتج القيمي.
وحول المرتكزات المرجعية التي يعتمد عليها المشروع لتحقيق أهدافه، أكد السيد اليافعي أن المختصين بالوزارة بذلوا جهودا علمية حثيثة لصياغة خمس مبادرات ستنفذ خلال الأعوام 2024 – 2027، وتتراوح مدة كل مبادرة من شهر إلى شهر ونصف أثناء العام الأكاديمي، وتشمل هذه المبادرات “مبادرة أصيل”، التي تهدف لتعزيز الهوية الوطنية والحفاظ على عادات وتقاليد المجتمع، مرتكزة على قيم الانتماء والمواطنة و”مبادرة فطرة”، التي تسعى لتعزيز الفطرة الإنسانية السليمة في نفوس الطلاب والطالبات وحمايتهم من الغزو الثقافي والفكري الدخيل، ثم مبادرة أخرى هدفها التوعية وكيفية التعامل مع ظاهرة التنمر مرتكزة على قيم الاحترام والتسامح بين الطلاب هي “مبادرة إخاء”، بالإضافة إلى “مبادرة الإبحار الآمن”، التي تتصدى لمشكلات الرقمنة، وتهدف لتعزيز الوعي بأهمية السلامة الرقمية والحفاظ على الخصوصية والأمان أثناء تصفح الإنترنت، وكذلك رفع مستوى وعي الطلبة بضرورة الاستخدام الآمن لها، فضلا عن مبادرة مميزة للتوعية بشأن مدمرات الصحة الجسدية والنفسية، وحماية الطلاب من الأخطار المحيطة بهم وكيفية الوقاية منها، وهي مبادرة “نفسك أمانة”.

وأضاف السيد حسين اليافعي، استشاري بإدارة المدارس الخاصة في وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، أن الفئات المستهدفة بالمشروع هم الطلاب في المدارس ورياض الأطفال الخاصة بمختلف المراحل الدراسية.
واختتم اليافعي تصريحاته لـ”قنا” معددا الآليات التي يعتمد عليها المشروع في تنفيذ خططه وأهدافه، وهي: التعرف عبر المحاضرات والقصص لبدء التوعية، والتفاعل من خلال ورش العمل، والألعاب الإلكترونية، والمسرحيات، والإنتاج من خلال المسابقات والأعمال الفنية والمرئية والمبادرات المجتمعية، والتواصل عبر الأنشطة الأسرية، والنشر على مواقع التواصل الاجتماعي، والتقييم باستخدام أدوات تقييم مثل بطاقات الملاحظة والاستبيانات والاختبارات بالخيارات المتعددة.
وفي السياق، قال الدكتور شوكت طلافحة، المدير التنفيذي لمركز تربية رواد الغد، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية “قنا”: إن وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي تقوم برسالتها على الوجه الأكمل، وهي تحمل مشعل التعليم بيد، في حين تحمل اليد الأخرى مشعل التربية، وعينها لا تغفل عن ميادين التعليم، فهي تبصر التحديات التربوية بكل عمقها وتداعياتها، وتتحرك للبناء غرسا وتفعيلا، وللوقاية تحصينا وتمكينا، وللهوية تجذيرا واعتزازا.
وأضاف أن مشروع “قيمي ترسم هويتي” يجابه التحديات التي تعترض التربويين في كل مكان، والمتمثلة في نتائج الانفتاح الواسع على الآخر بكل ما فيه، وذلك عبر الفضاء المفتوح الذي وفرته بعض المنصات الرقمية، وتبذل المدارس جهودا مقدرة من أجل تصميم الأنشطة التي تغرس القيم وتعزز الهوية، ونلمس أثر ذلك بشكل متزايد.
وأكد الدكتور طلافحة أن مشروع “قيمي ترسم هويتي” صمم من واقع التحديات التربوية التي تم رصدها بطرق علمية متعددة ولذلك فإن آليات التنفيذ صممت هي الأخرى بطريقة تضمن النجاح، وصولا للمخرجات المرجوة.
وأشار إلى أن الوزارة قامت بجهد غير مسبوق في هذه النسخة بأن مدت بساط التشارك مع وزارات ومؤسسات ومبادرات وطنية، معنية بالهوية والعمل القيمي، ليصبح هذا الملف وطنيا بالكامل، سواء على مستوى المحتوى أو مضمون المشروع، وقد تم إنشاء محتوى يغطي جميع مراحل المدرسة من رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر، وترجم للغة الإنجليزية.
وتابع الدكتور شوكت طلافحة المدير التنفيذي لمركز “تربية رواد الغد” معرفا ومعددا مستويات المشروع التربوي الطموح، الذي يتوقع له أن يلاقي استجابة واسعة لما يتبناه من أفكار تمثل اهتمامات المجتمع، بأنه مشروع واقعي حيث يدرك القائمون عليه أن العمل في مجال القيم والهوية هو استثمار في العنصر البشري، وهو من أصعب أنواع الاستثمار الذي يحتاج لمدى زمني معقول لإحداث التغيير المنشود، ولذا اعتمدت الوزارة خطة لثلاثة أعوام، يكون العمل فيها تراكميا.
كما أن من مستويات إنفاذ مشروع وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي “قيمي ترسم هويتي”، مستوى قياس الأثر، حيث صممت أدوات لقياس أثر المشروع، لرصد مستوى كل مبادرة، وترفع بعدها النتائج لإدارات المدارس ورياض الأطفال الخاصة، للاطلاع والاستفادة والتوجيه والتصويب لبقية المبادرات.
وأوضح الدكتور طلافحة في ذات الصدد أن المشروع له مستوى للتحكيم، فقد تم تحديد معايير التحكيم والتقييم بين أعمال المدارس، وهي دقيقة ومرنة وقابلة للقياس وتتسم بالشفافية، وتراعي العمل المرفوع في تقارير المستشارين الموكلين بالإشراف على مختلف المدارس، مثلما أن المشروع وضع نظاما خاصا للتحفيز ستجد المدارس أثره التربوي الفعال.
واختتم الدكتور شوكت طلافحة، المدير التنفيذي لمركز تربية رواد الغد والخبير التربوي، تصريحه لـ”قنا” بالتنويه إلى المستوى الأهم للمشروع الطموح “قيمي ترسم هويتي” وهو مستوى الإدارة، موضحا أنه لتحقيق أهداف المشروع عينت وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي فريقا مختصا، تترأسه الدكتورة رانية يسري محمد مدير إدارة المدارس ورياض الأطفال الخاصة، وهو فريق يعمل عبر تواصل دائم واجتماعات دورية يومية فعالة بغرض المتابعة والإحكام تحقيقا للأهداف التربوية النبيلة للمشروع.

Advertisements

قد تقرأ أيضا