حال قطر

متطوعون لـ «العرب»: جهودنا التعليمية تعيد الأمل إلى الأطفال الفلسطينيين

الدوحة - سيف الحموري - هديل السيد: لم أتردد لحظة في الانخراط بالعمل التطوعي ومد يد العون
 منى المسلماني: أقدم مساعدات نفسية للمتعلمين.. ورسالة إنسانية لأبناء القطاع
عزة أبوشعر: آمل أن يعود عيالنا المنقطعون عن التعليم إلى مقاعد الدراسة بـ «الثانوية»
إبراهيم عبدالهادي: ونحن على أعتاب سنة دراسية جديدة وأشعر بالقلق على مستقبل التعليم في غزة

 

ينشط متطوعون بدولة قطر في توفير التعليم للأطفال الفلسطينيين الذين تم إجلاؤهم من قطاع غزة لتلقي العلاج في الدوحة، وذلك اتساقًا مع مبادرات دولة قطر الهادفة للإسهام في توفير التعليم لملايين الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في مختلف دول العالم، وانطلاقا من إيمانها بأن التعليم بمثابة شعلة تنير دروب الأجيال الصاعدة وأداة فاعلة لإعادة الأمل للأطفال في أوقات الأزمات.

تؤمن هديل السيد، معلمة في أكاديمية قطر - السدرة، إحدى المدارس التابعة للتعليم ما قبل الجامعي في مؤسسة قطر، بأن التعليم هو الدرع الأقوى لمواجهة الأزمات، وعندما سنحت لها الفرصة، لم تتردد لحظة في الانخراط في العمل التطوعي ومد يد العون.
في سياق ذلك، قالت لـ «العرب»: «التعليم يمنح الأطفال شعورًا بالاستقرار ويساعدهم على التعافي، بل هو أشد ما يحتاجونه كي يتمكنوا من إعادة بناء حياتهم؛ فالتعليم ليس مجرد وسيلة للمعرفة، بل هو أساس لاستعادة الأمل في غد أفضل وهو الشعلة التي تنير دروب الأطفال حتى في أحلك الظروف».
وتقدم هديل الدروس للأطفال في مهارات اللغة الإنجليزية للمبتدئين، وتحرص على خلق بيئة رحبة وشاملة للأطفال تراعي مستوياتهم الفردية، وتشجعهم على تبادل الدعم، ناهيك عن مراعاة احتياجاتهم العاطفية والنفسية.
وأضافت: توفير بيئة داعمة يمكن أن يحدث فرقًا كبيراً في حياة هؤلاء الأطفال، إذ يسمح لهم ذلك بالتعبير عن أنفسهم ومشاعرهم من خلال الأنشطة والنقاشات المفتوحة، بما يعزز شعورهم بالأمان والاستقرار، فلقد أظهر هؤلاء الأطفال صمودًا وإصرارًا على المضي قدماً، وأملاً كبيراً في مستقبل أفضل رغم كل المآسي التي يكابدونها».

رسالة إنسانية
وبالنسبة لمنى المسلماني، التي تخرجت مؤخرًا من جامعة نورثويسترن في قطر، إحدى الجامعات الدولية الشريكة لمؤسسة قطر، كان تطوعها لتدريس الفلسطينيين الذين تم إجلاؤهم من غزة إلى قطر لتلقي العلاج الطبي وسيلة لإيصال رسالتها الإنسانية بطريقتها الخاصة.
وقالت منى لـ «العرب»: «تعاملت مع أفراد من مختلف الأعمار والخبرات، لكني لاحظت أن ما يجمعهم هو أمر واحد، وهو الأمل. ذلك أن الأمل هو ما يحفزهم، ويجعلهم يصلون إلى حدود لم أر لها مثيلاً من قبل، وعندما يمتزج الأمل مع الوصول إلى التعليم، يمكننا أن ننشئ مجتمعًا قويًا ومتماسكًا».
وتوظف منى الكتابة كوسيلة لمساعدة المتعلمين على التعامل مع احتياجاتهم النفسية، وحول ذلك أضافت: «أطلب من كل فرد كتابة قصة عن نفسه مكونة من بضعة جمل ومشاركتها مع الآخرين، وهذا يعزز التواصل مع بعضهم البعض لأنهم يتشاركون القصص ذاتها».
وتابعت: «في بداية كل درس، أسأل كل طالب لكي يعبر عن شعوره؛ وأهم درس تعلمته هو فن التواصل، فالطريقة التي تتواصل بها مع طالب قد لا تنجح مع آخر، وهذا طبيعي. مهمتك هي أن تكون قادراً على العطاء، وتسخير مهاراتك لمساعدة الآخرين في تلبية احتياجاتهم. أحث كل من يرغب في التطوع في أدوار مشابهة أن يقوم بذلك، لأنك لن تعرف ما يعنيه ذلك حتى تجربه بنفسك».

مواجهة التحديات
شارك إبراهيم عبدالهادي، وهو طالب في المرحلة الثانوية، في حضور الدروس التي قدمها المتطوعون، ويرى إبراهيم أن التعليم يعني الأمل والقدرة على المضي قدمًا، وهو الوسيلة التي تبني المجتمعات، وهو ما يُمكن الإنسان من مواجهة التحديات مهما كانت.
وقال عبدالهادي: «لقد تحولت المدارس في غزة إلى مراكز إيواء، ومن ثم أصبحت تستهدف وتُقصف وتُدمر. لقد خسر طلاب وطالبات غزة سنة دراسية كاملة بسبب الحرب، ونحن الآن على أعتاب سنة دراسية جديدة، مما يجعلني قلقًا على مستقبل التعليم في غزة».

علم ومعرفة
من جانبها قالت عزة أبوشعر، التي تعشق العلم والمعرفة وتسعى لمواصلة شغفها مهما كانت الظروف: «العلم هو سبيلنا للرقي، ولكي يكون لنا كيان. آمل أن يتمكن جميع الطلاب الذين انقطعوا عن التعليم، ومن ضمنهم ابني في المرحلة الثانوية، من العودة إلى مقاعد الدراسة، وأحثهم على المثابرة والإصرار على انتزاع حقوقهم في الحصول على التعليم رغم الصعوبات».
ومن خلال الشراكة مع مؤسسة التعليم فوق الجميع، يخصص مركز قطر للتطوير المهني حصة من برامجه لتعزيز الإرشاد والتوجيه المهني للطلبة في مدارس السلم في إطار مشروع «سويا» التابع للمؤسسة، وقد استقبل مركز قطر للتطوير المهني مؤخرًا عبر برنامجه «مهنتي – مستقبلي» السنوي 20 طالبًا وطالبة من أبناء غزة شاركوا في تجربة معايشة مهنية في عدد من التخصصات.

حماية وتحفيز
وقال السيد عبدالله أحمد المنصوري، المدير التنفيذي لمركز قطر للتطوير المهني: «وضع مركز قطر للتطوير المهني نصب عينيه دعم الطلبة الفلسطينيين الذين تم إجلاؤهم من قطاع غزة عبر تسخير إمكاناته وبرامجه وأدواته لحماية مستقبلهم أسوة بأقرانهم الطلبة في دولة قطر ولتحفيزهم على مواصلة مسيرة التطور الأكاديمي والمهني، ليتغلبوا على المصاعب التي جابهوها».
يشار إلى أن التعليم في فلسطين ليس مجرد حق أساسي، بل هو شريان الحياة وأساس الصمود أمام التحديات المتزايدة، حيث تعد فلسطين من الدول التي تسجل أدنى معدلات الأمية عالميًا، إذ بلغت نسبة الأمية بين الأفراد من سن 15 عامًا فأكثر 2.3 في المائة فقط، وفقًا للأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. وعلى مر العقود، ظل الشعب الفلسطيني متمسكًا بجدوى رسالة التعليم كوسيلة لتعزيز الهوية الوطنية وبناء مستقبل أفضل، رغم الصعوبات - بدءاً من الاحتلال إلى الحصار والتهجير، ناهيك عن تدمير المدارس، ونقص الموارد، والإجراءات التقييدية.
الجدير بالذكر أن العالم يحتفل في 9 سبتمبر من كل عام، باليوم الدولي لحماية التعليم من الهجمات، وهو يوم أقرّته الجمعية العامة للأمم المتحدة بناءً على مقترح قدمته دولة قطر، وجاء هذا القرار للتأكيد على أهمية حماية التعليم من تأثير النزاعات المسلحة، وتسليط الضوء على المخاطر التي تواجه الطلاب والمعلمين والمؤسسات التعليمية في مناطق النزاعات.

Advertisements

قد تقرأ أيضا