الارشيف / حال قطر

العاملون في المجال الإنساني.. شجاعة وإخلاص وتضحيات

الدوحة - سيف الحموري - تحت شعار العمل من أجل الإنسانية، يحتفل العالم اليوم، باليوم العالمي للعمل الإنساني، الذي يصادف الـ19 من شهر أغسطس من كل عام. ويدعو موضوع الاحتفال بهذه المناسبة هذا العام إلى وضع حد للأعمال العنيفة التي يتعرض لها العاملون في مجال العمل الإنساني، والحيلولة دون إفلات مرتكبيها من العقاب، ويشدد على أهمية حماية العاملين في المجال الإنساني وتقدير شجاعتهم والتزامهم وإنجازاتهم.

وقد تم الاحتفال بهذا اليوم لأول مرة عام 2009، ويقام سنويا لتكريم العاملين في المجال الإنساني وتعزيز الوعي بالجهود الإنسانية على مستوى العالم، وللتذكير بالهجوم على فندق "القناة" في العاصمة العراقية بغداد قبل 20 عاما، يوم 19 أغسطس عام 2003، والذي أسفر عن مقتل 22 عاملا في البعثة الأممية، بمن فيهم الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، سيرجيو فييرا دي ميلو، حيث اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة التاسع عشر من أغسطس، ليكون يوما عالميا للعمل الإنساني بعد خمسة أعوام من الحدث الدامي.

وتحتفل دولة قطر بهذا اليوم في وقت باتت فيه من الدول الرائدة في العالم في مجال العمل الإنساني والإغاثي، حيث ترفرف رايات العمل الخيري القطرية في الساحات والمجتمعات الأكثر عرضة للمخاطر والكوارث والفقر في مختلف أنحاء العالم.

وتقوم المنظمات الإغاثية والتنموية القطرية بدور محوري في مساعدة الشعوب المنكوبة في مناطق الأزمات، في أكثر من 100 دولة حول العالم. وتسهم هذه المنظمات بشكل فاعل في تخفيف المعاناة الإنسانية والاستثمار في التعليم، والتمكين الاقتصادي، ودعم الشرائح الفقيرة بمشروعات إنتاجية تسهم في تنمية مجتمعاتهم، وتوفر لهم فرص عمل، وتعد قطر من أكبر الدول المانحة والداعمة للدول الأقل نموا، وقد استطاعت جهودها أن تصنع التغيير في المجتمعات الهشة والمهمشة حول العالم، من خلال مشاريع شملت مختلف النواحي الإنسانية، سواء كانت تنموية أو صحية أو تعليمية أو اجتماعية أو غيرها.

وتقول الأمم المتحدة إن الاحتفال في هذه المناسبة بالعاملين في المجال الإنساني وحده غير كاف، وإن هناك حاجة إلى أن يتحرك من هم في السلطة الآن لضمان حماية المدنيين ومن ضمنهم العاملين في المجال الإنساني في مناطق النزاع.

وتؤكد المنظمة الدولية أن عام 2023 كان هو العام الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة للعاملين في المجال الإنساني، وقد يكون عام 2024 أسوأ من ذلك، ففي عام 2023 وحده، كان 591 عامل إغاثة ضحايا للهجمات، كما قتل من هؤلاء العاملين خلال العام الحالي 2024 حتى الآن، أكثر من 170 فردا وأصيب أو اختطف 150 آخرون، ووقع خلال هذا العام المزيد من الهجمات على المرافق الصحية والتعليمية ومرافق المياه والصرف الصحي، مما ترك الملايين من الناس محرومين من أي إمكانية للحصول على الخدمات التي يحتاجون إليها للبقاء على قيد الحياة.

وتشدد الأمم المتحدة على أنه ينبغي على جميع أطراف النزاع المسلح، دولا أو جماعات، احترام القانون الإنساني الدولي، بشكل يضمن حماية جميع المدنيين، ومن ضمنهم العاملين في المجال الإنساني، وكافة المواقع المدنية بما يشمل الأصول الإنسانية، وكذلك السماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى جميع المدنيين الذين يحتاجون إليها بشكل آمن وسريع وبدون عرقلة، كما ينبغي على جميع أطراف النزاع، رعاية الجرحى والمرضى، وحماية العاملين في المجال الطبي والمرافق الطبية ووسائل النقل، وحماية الأشياء التي لا غنى عنها من أجل بقاء المدنيين على قيد الحياة، مثل المحاصيل ومياه الشرب، ومعاملة جميع الأشخاص الخاضعين لسيطرتهم بإنسانية، ويمنع منعا باتا التعذيب والعنف وغير ذلك من أشكال المعاملة اللاإنسانية.

ووفق تقارير دولية فإن الخسائر البشرية الناجمة عن تجاهل القانون الإنساني الدولي بدءا من النهب والعرقلة إلى الهجمات والاختطافات وتهديد سلامة العاملين في المجال الإنساني وحركتهم، تعرض للخطر عمليات شريان الحياة لملايين المحتاجين إلى المساعدة الإنسانية، ويؤدي هذا إلى فقدان الأشخاص العاديين إمكانية الوصول إلى الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والماء والرعاية الطبية، كما أن تدمير المستشفيات والمدارس وغيرها من البنى التحتية المدنية، يدمر المجتمعات المحلية للعديد من الأجيال القادمة.

وتعتقد الأمم المتحدة أنه على الرغم من أن القوانين الدولية المقبولة عالميا تنظم سلوك الصراع المسلح والحد من تأثيره، فإن انتهاكات هذه القوانين مستمرة بلا رادع، ويدفع المدنيون، بما في ذلك العاملون في مجال الإغاثة، الثمن باهظا ويواصل الجناة الإفلات من العدالة، وتشدد على ضرورة عدم السماح باستمرار هذا الفشل.

وتؤكد المنظمة الدولية أن العدد المتزايد من الهجمات على العاملين في المجال الإنساني والانتهاكات المتكررة للقوانين الدولية التي تحميهم تثبت الحاجة إلى الوعي والتحرك العالمي.

وتقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 235 مليون شخص على مستوى العالم ، كانوا في حاجة للمساعدات الإنسانية والحماية عام 2021، مضيفة أن معدل الأشخاص المحتاجين للمساعدات الإنسانية وصل إلى شخص واحد من بين كل 33 شخص حول العالم، مما يعد زيادة كبيرة من معدل واحد إلى كل 45 شخص عند تدشين الحملة العامة للعمل الإنساني العالمي عام 2020، الذي كان في المقام الأول الأعلى منذ عقود. وتهدف الأمم المتحدة والمنظمات الشريكة خلال العام الحالي 2024، لتوفير ثمانية وأربعين مليار دولار لمساعدة أكثر من مائة وخمسة وثمانين مليون شخص محتاج في 71 دولة من خلال 43 خطة استجابة منسقة.

ويواجه عمال الإغاثة والعمل الإنساني المخاطر في العديد من الأوقات والمحطات وميادين العمل، ففي حالات الطوارئ، يعد نقل الأشخاص المتضررين من الكوارث ونقل المصابين وإيصال الإمدادات الحيوية إلى المحتاجين مسألة حياة أو موت، لا تقل أهمية عن نقل عمال الإغاثة والمتطوعين إلى المجتمعات المتضررة من الأزمات، ويسابق هؤلاء الزمن حيث يكون الوقت عاملا جوهريا في إنقاذ الأرواح، فبعد أي أزمة كبيرة، غالبا ما يكون الأفراد المكلفين بتقديم الخدمات في حالات الطوارئ، مثل رجال الإطفاء وفرق البحث والإنقاذ والقائمين على العمل بسيارات الإسعاف، هم من يتواجدون أولا في مكان الحادث، حيث يعالجون المرضى والمصابين ويوفرون السلامة ويحددون أماكن المتضررين ويقومون بإجلاء الجرحى والمصابين، كما يقومون بنقل الناس من مناطق القتال، ويضاف إلى هذا عنصر التمويل السريع والمرن والذي يكون ضروريا لإنقاذ الأرواح، فهو الذي يمكن العاملين والمنظمات الإنسانية على الخطوط الأمامية من تقديم خدمات الطوارئ والإغاثة الفورية، مثل الغذاء والمياه والمأوى والدعم الطبي والحماية، لكن الأمر الجوهري الذي لا غنى عنه على الإطلاق يتمثل في حماية العاملين في مجال العمل الإنساني وعدم التعرض لهم بأي أذى، وتقدير جهودهم وتضحياتهم في ميادين الخطر وساحاته.

Advertisements

قد تقرأ أيضا