الارشيف / حال قطر

أستاذ بجامعة قطر يكشف انتهاكاً صارخاً بالنزاهة البحثية عالمياً

الدوحة - سيف الحموري - في مقال مثير، ألقى أستاذ من جامعة قطر، الأستاذ الدكتور أحمد محمد مجرية، أستاذ علم النفس والعميد المساعد للبحث والدراسات العليا، كلية التربية بجامعة قطر، الضوء على ظاهرة مقلقة تعصف بالأبحاث الأكاديمية، ألا وهي الممارسات غير الأخلاقية لشراء التأليف في البحوث العلمية. هذه الظاهرة، المعروفة أيضًا باسم «مصنع الورق» أو «تجارة التأليف»، تقوض المبادئ الأساسية لنزاهة البحث من خلال السماح للأفراد بشراء حقوق التأليف دون المساهمة فعليًا في عملية البحث.

تزوير البيانات  
بدأت هذه الظاهرة لأول مرة قبل عشرين عاماً في مجال في العلوم الطبية الحيوية، وانتشرت الآن عبر العديد من التخصصات، حيث تعمل مصانع الورق كسوق سوداء يتم فيها بيع حقوق التأليف. تتجاوز هذه العمليات مجرد خدمات تحرير اللغة، وتشمل غالبًا تزوير البيانات وتقديم الأوراق إلى مجلات مرموقة تحت ادعاءات كاذبة. مقال مبكر بعنوان «بازار النشر الصيني»، نُشر في مجلة «العلوم» عام 2013، كشف كيف أن بعض وكالات «تحرير اللغة» في الصين تبيع التأليف الأكاديمي في مجلات طبية مرموقة. لا تقوم هذه الوكالات فقط بإعداد وتقديم الأوراق نيابة عن الباحثين، ولكنها قد تقوم أيضًا بتلفيق البيانات التجريبية وتزييفها.
وصفت عدة مقالات في مجلتي «الطبيعة» و»العلوم» مصانع ورق معروفة، تقع في دول معينة غير ناطقة باللغة الإنجليزية مثل الصين وروسيا وإيران. والأهم من ذلك، أن عديدًا من مصانع الورق الأخرى تدَّعي ظاهريًا أنها تقدم خدمات بحثية (مثل تحرير اللغة)، لكنها في الواقع تبيع التأليف سرًا. ومن الأشكال الأخرى لبيع التأليف الأكاديمي هو ما يمكن أن يطلق عليه بـ «مصانع الورق الشخصية»، والتي تتمثل في قيام أحد الباحثين بجمع أموال من عدد من المؤلفين «الضيوف» من أجل دفع جزء منها لمؤلف «خفي»، ربما يكون أو لا يكون أحد المؤلفين في قائمة التأليف. ولذلك، يمكن أن تكون مصانع الورق المعروفة هي مجرد غيض من فيض.  

مصانع الورق
كشفت التحقيقات الأخيرة التي أجراها العديد من محققي النزاهة البحثية، والكيانات غير الربحية المعنية بأخلاقيات البحث العلمي، مثل: لجنة أخلاقيات النشر ومدونة مراقبة سَحب البحوث المنشورة. فعلى سبيل المثال، تمكَّنت جينيفر بيرن، الباحثة الطبية في جامعة سيدني بأستراليا، وهي أحد الرُّواد الذين كشفوا القناع عن عملية تصنيع الورق، من التعرف على مئات الأبحاث المزيفة التي انتجتها مصانع الورق في علم الوراثة والعلوم الطبية الحيوية. وفي هذا التحقيق، استطاعت أبالكينا التعرف على مئات الأوراق البحثية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بتلك الإعلانات، ونُشرت لاحقًا، ليس فقط في المجلات التي يُطلق عليها صفة «المفترسة»، ولكن أيضًا في مجلات ذات نوعية جيدة. كما تعرَّفت أبالكينا ودوروثي بيشوب، الأستاذة في قسم علم النفس التجريبي بجامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة، على ست أوراق بحثية منتجة من خلال مصنعِ ورقٍ وقد نُشرت في مجلة مرموقة في مجال علم النفس.
ولمواجهة هذا التهديد المتزايد، دعا الدكتور مجرية إلى زيادة مستوى الوعي بشكلٍ كافٍ في المؤسسات الأكاديمية ضد شراء التأليف الأكاديمي. ولذلك فإن هذا المقال هو بمثابة دعوة للانتباه وكذلك دعوة للعمل؛ ولا تقل هذه الدعوات إلحاحًا وأهمية للجامعات ومراكز الأبحاث في الشرق الأوسط؛ حيث تبين أن عددًا من الباحثين في بعض الجامعات من بين كبار المشترين للأبحاث المزيفة التي تنتجها مصانع الورق، كما أشار تحقيق أبالكينا. ومن ثم، فيجب على الجامعات والناشرين ولجان أخلاقيات البحث غير الربحية أن تتحد لتقديم حلول عملية لهذه الانتهاكات الصارخة للنزاهة البحثية.

Advertisements

قد تقرأ أيضا