الارشيف / حال المال والاقتصاد

الطاقة الخضراء.. كيف تتحكم الشركات في مصيرها؟

  • 1/2
  • 2/2

ft.svg

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الجمعة 10 نوفمبر 2023 11:58 مساءً - تُرى ما قد يكون العامل المشترك بين بيت «برادا» للأزياء الفاخرة وشركة «هولسيم» للإسمنت؟ أو ما قد يكون القاسم المشترك بين علامة الأزياء «فيراغامو» وشركة «ألكوا» لتصنيع الألمنيوم؟

لقد انضمت هذه الشركات كلها إلى قائمة آخذة في الازدياد من الشركات الأوروبية، التي قررت أنه ليس بإمكانها انتظار الدول حتى توسع قدراتها في مجال الطاقة المتجددة.

وتبدو هذه الشركات عازمة على استخدام قوتها الشرائية؛ لتمكين بناء مشروعات جديدة ضخمة لتوليد الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، في محاولة للوفاء بأهدافها المتعلقة بإزالة الكربون، وتُعد «برادا» و«فيراغامو» اثنتين من 12 علامة أزياء بارزة وقعت اتفاقية جماعية طويلة الأجل قبل ثلاثة أسابيع مع مطورة الطاقة المتجددة «لايتسورس بي بي».

وشغلت مثل هذه التعاقدات حيزاً من نقاش مثير دار الأسبوع الماضي في قمة «فايننشال تايمز» لتحول الطاقة، لكن هذه التعاقدات تجبر الشركة على الدفع لأحجام كبيرة من الطاقة المتجددة، إن لم يكن أغلبها، لعشرة أعوام أو أكثر من مشروع لم يتأسس بعد، مما سيسهل على الشركة المطورة تمويل مشروعات خضراء جديدة دون اللجوء للإعانات الحكومية المعتادة.

وتساعد عمليات الشراء هذه، المدفوعة بتحركات السوق، في تعزيز توسع مطلوب بشدة لقدرات الطاقة المتجددة في القارة الأوروبية، وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تشكل المشروعات غير المدعومة، التي تتألف في الأساس من اتفاقيات تبرمها الشركات لشراء الطاقة، 22 % من المشروعات الجديدة للطاقة المتجددة في أوروبا، خلال الأعوام المقبلة.

وتتسابق الشركات الأوروبية لإبرام هذه الاتفاقيات؛ بحثاً عن استقرار في الأسعار بعد أزمة الطاقة خلال العام الماضي، وكذلك لتسريع تحولها بعيداً عن الوقود الأحفوري.

وأشارت «ري سورس»، وهي منصة للتزويد بالطاقة الخضراء في أوروبا، إلى استخدام العملاء من الشركات هذه العقود للحصول على مزيد من الطاقة المتجددة الجديدة بنهاية الربع الثالث من العام الجاري، على نحو أكبر من عام 2022 أو 2021 بالكامل.

وبجانب استقرار الأسعار يرى فيل دوميني، المسؤول عن الخدمات الاستشارية لاتفاقيات شراء الطاقة لدى شركة «إرنست أند يونغ» للمحاسبة والاستشارات، أن هذه العقود يمكن لها توفير مدخرات مالية كبيرة.

وقال دوميني: إن هذه الاتفاقيات بإمكانها خفض تكلفة فواتير الطاقة للشركات بنسبة تتراوح بين 5 % و10 % في المتوسط خلال المدة، التي يغطيها هذا التعاقد، لكن واحداً من أكبر المحركات وراء النشاط الأخير، هو الضغط على الشركات للإفصاح عن التقدم الذي أحرزته في ما يتعلق بإزالة الكربون. وحددت قرابة 44 % من 9,189 شركة مدرجة عالمية يتابعها مؤشر «إم سي إس آي» للسوق القابلة للاستثمار، أهدافاً لإزالة الكربون بحلول نهاية مارس، بزيادة قدرها 8 % في غضون سبعة أشهر فقط.

وفي الوقت ذاته تعهدت 400 شركة عالمية بمبادرة «ري 100» بالحصول على 60 % من استهلاك الطاقة الخاص بها من مصادر متجددة بحلول 2030، ولا تكمن المشكلة في تحديد الهدف، بل في إيجاد طاقة متجددة بما يكفي للوفاء بالتعهد.

وذهبت تقديرات «إس آند بي» إلى أن الفجوة السنوية في تمويل استثمارات الطاقة المتجددة ستبلغ نحو 700 مليار دولار حتى عام 2050.

ويعد لجوء الشركات لاتفاقيات شراء الطاقة لتنشيط تمويل عمليات التطوير طريقة جيدة لسد هذه الفجوة، لكن هذه الاتفاقيات تبقى بعيدة كل البعد عن أن تكون الحل الأمثل، إذ تنطوي على مخاطر لكلا الطرفين، حيث كلما دخل مزيد من مشروعات الطاقة المتجددة للشبكة انخفضت الأسعار.

وتأتي هذه الاتفاقيات بأفضل النتائج إذا كانت مبرمة في أسواق حرة للكهرباء، يمكن فيها للقطاع الخاص قيادة دفة توسيع القدرات، كما أنها تميل أكثر إلى مناسبة الشركات الأكبر استهلاكاً للطاقة، والتي بإمكانها الالتزام بحجم كبير، بما يكفي لإحداث فرق، وتتمتع بوضع ائتماني يمكنها من إراحة الممولين، لكنها لا تناسب ملايين الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم. ولذلك، فإن إيجاد سبل لتضمين هذه الشركات يعد ضرورياً لنجاح تحول الطاقة.

وتساعد بعض الشركات الكبيرة، مثل «والمارت» بمشروعها «غيغاتون» بالاشتراك مع «شنايدر إلكتريك»، الموردين على تجميع احتياجاتهم من الطاقة لتمكينهم من الوصول إلى منافع اتفاقيات شراء الطاقة، ويساعد هذا بدوره «والمارت» على معالجة مشكلة شائكة، تتمثل في تقليل الانبعاثات غير المباشرة لسلسة التوريد الخاصة بها، ويمكن للحكومات أن تلعب دوراً في هذا المجال.

وقد أعلنت تايوان حديثاً أنها ستقدم ضمانات ائتمانية لاتفاقيات شراء الطاقة الخضراء لتوسيع مجموعة العملاء المُحتملين لشراء الطاقة على المدى الطويل، ولمساعدة المطورين في الحصول على التمويل اللازم للمشروعات الجديدة، ويمكن أيضاً للحكومات المساعدة، من خلال وضع سياسات طاقة متجانسة وطويلة المدى، تتوافق مع الشركات التي تراهن على شراء الطاقة على المدى الطويل.

وتعد اتفاقية شراء الطاقة، التي وقعتها بيوت عدة للأزياء الشهر الماضي مؤشراً على أنه لا يزال هناك مجال أكبر للابتكار، كما أن توقيع اتفاقية تتبادل الشركات فيها الأعمال، ويستفيد منها الطرفان، يعد أكثر استدامة للأعمال وتحول الطاقة، من الاعتماد على الإعانات، والمساعدات الحكومية.

تابعوا حال الخليج الاقتصادي عبر جوجل نيوز تابعوا حال الخليج الاقتصادي عبر جوجل نيوز

كلمات دالة:
Advertisements

قد تقرأ أيضا