ابوظبي - ياسر ابراهيم - السبت 30 نوفمبر 2024 06:44 مساءً - قبل عام مضى، كان المستثمرون في الأسهم والخبراء الاستراتيجيون يتوقعون أن تكون 2024 سنة مضطربة، مع القلق من احتمال حدوث هبوط اقتصادي كبير في الولايات المتحدة الأمريكية وتأخر تخفيض أسعار الفائدة بدرجة لا تكفي لتجنب هذا التراجع.
ومع بداية العام، لم يتوقع الكثيرون أن يسجل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» واحدة من أفضل مكاسبه السنوية في التاريخ. كما لم يكن متوقعاً أن نشهد صعوداً قوياً آخر تقوده حفنة من عمالقة التكنولوجيا، وأن تكون الثقة في صعود السوق قوية لدرجة أن المخاطر المتتالية لم تترك أثراً يذكر.
وفي أواخر 2023، كان التباطؤ الاقتصادي هو السيناريو الأساسي للعديد من خبراء الاقتصاد، بينما ظل التضخم مصدر قلق رئيساً، ما جعل مسار السياسة النقدية وآفاق الأرباح للشركات غير واضح. لكن مع انخفاض أسعار الفائدة واستمرار النمو القوي وارتفاع الأرباح، صعدت السوق إلى مستويات مرتفعة، بينما ظلت التقلبات منخفضة رغم سلسلة الأحداث الخطرة.
الذكاء الاصطناعي
وأصبحت الفجوة بين الأداء السنوي لمؤشر «ناسداك 100» و«ستاندرد آند بورز 500» أقل مقارنة بما كانت عليه تاريخياً، إذ سجل كلا المؤشرين مكاسب تجاوزت 20%. وأسهمت شركة «إنفيديا» التي تعد رمزاً لقطاع الذكاء الاصطناعي، في هذا الأداء يتضاعف قيمتها ثلاث مرات مرة أخرى في 2024، ما دفع قطاع التكنولوجيا بأكمله للصعود.
وبعد عام قوي بالفعل في 2023، لم يكن الكثيرون يتوقعون أن يتكرر هذا الأداء في العام التالي. وقال ويليام ديفيز، المدير التنفيذي العالمي للاستثمارات في شركة «كولومبيا ثريدنيدل إنفستمنتس»: شهدنا طفرة استثنائية في الأسهم، لا سيما في أمريكا. كان نمو الاقتصاد الأمريكي قوياً، واستمر التضخم في الولايات المتحدة في التراجع بصورة مطردة.
وظلت تقلبات السوق طفيفة، ولم يكن هناك سوى فترة ركود واحدة كبيرة مع حدوث تراجع في الصيف بلغ ذروته بموجة هبوط في أوائل أغسطس. واستمرت تلك الفترة أقل من شهر، ولم تصل إلى حد الانخفاض بنسبة 10%، الذي يعتبر عادة حركة تصحيحية.
ولم يهدأ تدفق الأموال الداخلة لسوق الأسهم، ما ساعد على تحقيق الاستقرار في الأسواق، إذ تسارع هذا الزخم بصورة أكبر خلال العام الحالي. وبحسب أحدث تحليل لتدفقات الأموال من «بنك أوف أميركا»، فقد تم ضخ أكثر من تريليون دولار في سوق الأسهم الأمريكية منذ 2020، مع تسجيل رقم قياسي بلغ 141 مليار دولار خلال الأسابيع الأربعة الماضية. ويوصي خبراء استراتيجيون بقيادة مايكل هارتنت بالاستثمار طويل الأجل في الأسهم، مع الرهان على سيناريو «ازدهار أمريكي» خلال الربع الأول من العام المقبل قبل تحويل التركيز إلى الأسهم الدولية في وقت لاحق.
موقف الأسواق العالمية
ورغم أن التوترات الجيوسياسية شكلت تهديداً مستمراً، إلا أن تصاعد الصراع في الشرق الأوسط والحرب المستمرة في أوكرانيا والانتخابات الرئاسية الأمريكية لم تثر مخاوف قوية. وعلى صعيد الصين، فقد أطلقت موجة من الحوافز الاقتصادية، ورغم أنها لم تتجاوز الصعوبات بعد، إلا أن ذلك كان كافياً للحفاظ على الصورة بشأن الاقتصاد العالمي القوي.
وحتى أسواق أوروبا حققت أداءً جيداً. فقد سجلت معظم المؤشرات الرئيسة لدول المنطقة مكاسب خلال العام الحالي، رغم النظرة الاقتصادية غير المستقرة. لكن المكاسب القوية في الولايات المتحدة كانت كبيرة لدرجة أن مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي يستعد لتسجيل واحد من أسوأ أعوامه إذا ما قورن بمؤشر «ستاندرد آند بورز 500». كما شكلت الأسهم الفرنسية استثناءً نادراً بين أسواق الدول المتقدمة، إذ عانت من ضعف الأداء جراء الاضطرابات السياسية.
ومع اقتراب العام الجديد، يميل المزاج العام هذه المرة نحو التفاؤل، إذ لا يتوقع أحد في «وول ستريت» حدوث حركة تصحيحية كبيرة، رغم وجود بعض الشكوك حول قدرة الأسهم على تحقيق 3 أعوام متتالية من الأداء القوي.
واختتم ويليام ديفيز من شركة «كولومبيا ثريدنيدل إنفستمنتس» بالقول: لا تزال توقعات نمو الأرباح خلال 2025 في الولايات المتحدة متفائلة، إذ تبلغ حوالي 15%. هذا الأداء القوي يعد مفاجأة إلى حد ما، لأن الاقتصاد العالمي لا يخلو من المخاطر ونحن نتجه صوب 2025.