حال المال والاقتصاد

سوق السندات تعاود الانتعاش مع انخفاض الفائدة وتزايد الثقة بالاقتصاد

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأحد 13 أكتوبر 2024 11:28 مساءً - بروك ماسترز - ويل شميت - ماديسون داربيشاير

يُسهم تجدّد اهتمام المستثمرين بالسندات، إضافة إلى تزايد الثقة بتحقيق هبوط اقتصادي سلس في الولايات المتحدة، في تحفيز بعض أكبر المؤسسات المالية العالمية، وجذب تدفقات نقدية قياسية إلى صناديق الاستثمار التي تتداول في أدوات الدخل الثابت.

وقد أعلنت كل من «بلاك روك» و«جي بي مورغان تشيس» عن نجاحهما في جذب كميات قياسية من الأصول الجديدة لإدارتها خلال الربع الثالث من العام الحالي، إضافة إلى تحقيق أرباح فصلية فاقت التوقعات، بينما كشفت شركة السندات العملاقة بيمكو أن أصولها المُدارة بلغت تريليوني دولار للمرة الأولى منذ أن تسبب اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا في عام 2022 في تراجع سوق السندات والأسهم.

وقال دان إيفاسكين، كبير مسؤولي قسم الاستثمار في بيمكو، إنه «بعد أكثر من 30 عاماً من الاستثمار في الدخل الثابت، أرى أن البيئة الحالية تعد واحدة من أكثر البيئات جاذبية للمديرين النشطين في السوق العامة».

وعلى مستوى القطاع، عززت التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة من البنوك المركزية والظروف الاقتصادية المواتية ثقة المستثمرين في أن السندات ستحتفظ بقيمتها وتوفر عوائد تنافسية. ونتيجة لذلك، شهدت صناديق السندات الأمريكية تدفقات بقيمة 123 مليار دولار، بما في ذلك 93 مليار دولار في صناديق الاستثمار المتداولة، خلال الربع المنتهي في 30 سبتمبر، وفقاً لبيانات مورنينغ ستار دايركت.

وذكر كايل ساندرز، المحلل في شركة إدوارد جونز، إن «التحول الكبير الذي طال انتظاره، حيث يتحرك المستثمرون من الهامش ويعودون إلى المخاطرة من خلال الاستثمار في الأسهم وأدوات الدخل الثابت، بدأ يتحقق».

ورغم التعافي السريع لأسواق الأسهم في عام 2023، فقد اختار العديد من المستثمرين المدخرات النقدية بدلاً من السندات بينما كانت البنوك المركزية، بما في ذلك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، تسارع في رفع أسعار الفائدة لاحتواء التضخم، لكن البنوك المركزية بدأت الآن في تغيير مسارها وسط المخاوف إزاء النمو الاقتصادي.

وصرح مسؤولون تنفيذيون في جيه بي مورغان وويلز فارجو، أن هناك تباطؤاً في الإنفاق التقديري للمستهلكين، كن لا توجد علامات على حدوث أزمة اقتصادية كبيرة.

وقد عزز ذلك الآمال في أن الاحتياطي الفيدرالي، الذي خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس الشهر الماضي، تمكن من السيطرة على التضخم دون التسبب في حدوث ركود، وهو ما يشار إليه بالهبوط الناعم.

ووفقاً للمحللين، تساعد هذه البيئة في جذب المستثمرين إلى السوق مرة أخرى وتعزيز ثقتهم في السندات كمصدر ثابت للعائدات ووسيلة تحوط ضد تراجع الأسهم. كما أصبحت عائدات صناديق السندات أكثر تنافسية مع بدء البنوك في خفض الفائدة التي تدفعها على الودائع.

وقالت كيرستي سبنس، مديرة محفظة الدخل الثابت في كابيتال جروب، إنه «مع استمرار الاحتياطي الفيدرالي في إجراءاته – وتنفيذ تخفيضات إضافية للفائدة – من المرجح أن يحدث تحول أكبر نحو السندات. وهناك عاملان رئيسان أسهما في تدفقاتنا هذا العام هما التوقعات بشأن تخفيف الاحتياطي الفيدرالي لسياساته... كما أن الطلب من المستثمرين على سندات عالية الجودة يوفر تنوعاً خلال أوقات الضغوط الاقتصادية».

وتم توجيه أكثر من نصف التدفقات إلى صناديق الاستثمار المتداولة للدخل الثابت، أو 55 مليار دولار، إلى شركتي بلاك روك وفانغارد. وقد قادت صناديقهما النمو السريع لهذا القطاع لسنوات. ومع ذلك، استفاد المديرون النشطون، مثل كابيتال جروب وجي بي مورغان وجانوس هندرسون أيضاً من هذا الاتجاه، حيث شهد كل منهم صافي تدفقات ربع سنوية لا يقل عن ملياري دولار في صناديق الاستثمار المتداولة للسندات النشطة.

وعلّق ريان جاكسون، محلل أبحاث مديري الاستثمار في مورنينج ستار، قائلاً «إذا كان هناك استنتاج مهم واحد عند التفكير في تدفقات السندات، فهو أننا نشهد مناخاً أكثر ديمقراطية». وبالنسبة لبنك نيويورك، الذي عانى من تدفقات إجمالية خارجة من قسم إدارة الأصول، كان الدخل الثابت بمثابة النقطة المضيئة الوحيدة لصافي التدفقات الواردة. وقال المدير المالي ديرموت مكدونو «نحن مستعدون لمزيد من التدفقات الواردة».

وقد استفادت مجموعة أوسع من الاستراتيجيات من العودة إلى الدخل الثابت، التي تمتد إلى ما هو أبعد من صناديق السندات الأساسية. وكان أبرز صندوق استثماري متداول للسندات النشطة من حيث التدفقات الواردة هو صندوق جانوس هندرسون، الحائز على تصنيف AAA، والذي يتألف من التزامات القروض المضمونة.

وقد حقق تدفقات بقيمة 7.2 مليارات دولار هذا العام ليرتفع صافي الأصول إلى 13 مليار دولار – أي أكثر من ثلاثة أضعاف حجمه العام السابق – وقد تفوق على جميع أقرانه من صناديق السندات قصيرة الأجل تقريباً على مدار السنوات الثلاث الماضية.

وقال جون كيرشنر، رئيس الأدوات المالية في الولايات المتحدة لدى جانوس هندرسون: في الواقع أعتقد أن بعض الصفقات التي نشهدها أكبر وأكثر قوة، فقبل بضع سنوات، كان من الضروري إقناع الناس بأن الاستثمار في الدخل الثابت خيار أفضل من النقد.

وأعرب مديرو الأموال عن توقعاتهم باستمرار التدفقات، خاصة إذا استقرت أسعار الفائدة في البنوك المركزية فوق عتبة الصفر الذي ساد قبل الارتفاع الأخير في التضخم. وقال لاري فينك، الرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك: «البيئة التي تتميز بأسعار فائدة طبيعية ومرتفعة نسبياً لديها القدرة على تشجيع المستثمرين على العودة إلى الدخل الثابت بشكل أكبر.. ومن الواضح أن الموارد المالية تتدفق».

وقال كريج سيجنثالر، المحلل في بنك أوف أمريكا، إنه يتوقع أن تصبح تدفقات السندات النشطة «أقوى بكثير» في عام 2025 مع انخفاض أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى ما دون أسعار السندات ذات الآجال الطويلة، موضحاً أن «هذا يشجع المستثمرين حقاً على البدء في التوسع على طول منحنى العائد».

Advertisements

قد تقرأ أيضا