حال المال والاقتصاد

السعي لتفكيك جوجل.. هل هي نهاية عصر عمالقة التكنولوجيا؟

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الخميس 10 أكتوبر 2024 07:23 مساءً - إلين مور

يصر نشطاء مكافحة الاحتكار على تأكيد أنه لا يوجد شيء كبير للغاية بحيث لا يمكن تقسيمه. يأتي ذلك بعدما اقترحت الحكومة الأمريكية منذ أيام تقسيم جوجل - وهي شركة تبلغ قيمتها 2 تريليون دولار. ووفقاً لوزارة العدل، فإن هذا هو أحد السبل لإنهاء احتكارها لعمليات البحث عبر الإنترنت.

إذا تم اتباع التوصية، فسوف يغير ذلك الطريقة التي تفكر بها الإدارة الأمريكية في نجاح أكبر صناعاتها. والعقوبة قاسية، حسبما يرى كثيرون. وتمثل شركة ألفابت، الشركة الأم لجوجل، أكثر من 4 % من مؤشر سوق الأسهم الرئيسي «إس آند بي 500». وكانت آخر شركة أمريكية كبرى كان هناك مسعى لتفكيكها هي مايكروسوفت في عام 2000 – وقد فشل هذا الأمر في النهاية. وفي ذلك الوقت كانت تمثل أقل من 3 % من المؤشر.

ويُظهر اقتراح وزارة العدل مدى استعداد الحكومة الأمريكية للذهاب لتغيير ميزان القوى في مجال التكنولوجيا. وقد تكون شركة جوجل هي الخاسر الأكبر في معركة مكافحة الاحتكار التي تخوضها الصناعة منذ سنوات. وإذا تم فرض مثل هذه العقوبات، فإن صناعة التكنولوجيا في الولايات المتحدة ستبدأ في التحول إلى صناعة مختلفة تماماً. وقد تتحول شركات التكنولوجيا الكبرى إلى شركات تكنولوجيا متوسطة.

ولكن هناك تحذيراً: الإجراءات القانونية التنظيمية تتسم عادة بالبطء بشكل ملحوظ. فقد نشرت وزارة العدل شكواها في عام 2020، ولم يدن القاضي أميت ميهتا الشركة إلا في أغسطس من هذا العام.

وقد أعطى نفسه حتى صيف عام 2025 لاتخاذ قرار. ومن ثم يمكن لشركة جوجل الاستئناف. وتدرس وزارة العدل خيارات أكثر من فرض بيع أجزاء من الأعمال. وهذا هو السبب في أن سعر سهم الشركة لم ينخفض بشكل حاد.

فهو لا يزال أقل بنحو 14 % فقط من أعلى مستوى على الإطلاق. ويجد المستثمرون صعوبة في تسعير مخاطر التغييرات المحتملة التي قد لا تحدث بالمرة. ومع ذلك، تجد شركة جوجل نفسها غارقة في معارك قانونية في الوقت الذي يجمع فيه منافسوها مبالغ قياسية لتطوير الذكاء الاصطناعي. وقد لا تكون خطط الذكاء الاصطناعي لشركة جوجل في مرمى نيران هذه المعركة على وجه الخصوص، ولكنها قد تكون بالتأكيد واحدة من ضحاياها.

وقد يكون التأثير السلبي للتدخل الحكومي طويل الأمد. فقد أعاقت حملة الصين الصارمة على قطاع التكنولوجيا الخاص بها في عام 2020 نمو القطاع. وأي قيود على محرك بحث جوجل من شأنها أن تكبح جماح أعمال الإعلان الرقمي المربحة التي تمول الأبحاث في كل شيء بدءاً من السيارات ذاتية القيادة إلى الأدوات التقنية المنزلية إلى الذكاء الاصطناعي.

وهذا هو السبب وراء قدرة جوجل على تقديم خدمات معينة للمستهلكين مجاناً، بما في ذلك ميزة جديدة شائعة في NotebookLM تتيح للمستخدمين تحميل بياناتهم الخاصة ثم الاستماع إلى ملفات البث الصوتي التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي من هذا المحتوى.

وهذا ليس هو الأمر الوحيد الذي يتعين على الشركة أن تقلق بشأنه، فقد هاجمت شركة «إيبيك جيمز»، صانعة لعبة الفيديو «فورتنايت» Fortnite، منذ فترة طويلة عادة جوجل في أخذ جزء كبير من المدفوعات التي تتم في التطبيقات التي يتم تنزيلها من متجر التطبيقات الخاص بها. وهذا الأسبوع، أمر قاضٍ شركة جوجل بالتوقف عن إجبار مطوري التطبيقات على استخدام خدمة الفوترة داخل التطبيق، وأمر شركة البحث العملاقة بالتوقف عن دفع أموال لصانعي الأجهزة لتثبيت متجر التطبيقات مسبقًا لمدة ثلاث سنوات. كما أن لدى الحكومة الأمريكية قضية احتكار ثانية ضد جوجل، تركز على مزادات الإعلانات الرقمية.

وتأتي هذه المعارك الكثيرة في الوقت الذي بدأت فيه التهديدات القوية لهيمنة جوجل نشاط على البحث في الظهور. ولننظر على سبيل المثال إلى روبوت الدردشة تشات جي بي تي من شركة «أوين ايه آي»، والذي يوفر إجابات موجزة للأسئلة التي يكتبها المستخدمون. وهناك أيضاً «تيك توك» حيث تظهر عمليات البحث ذات الصلة تلقائياً أسفل مقاطع فيديو لأفراس النهر الصغيرة اللطيفة وميمات الرقص.

وخسارة حصة سوقية في أعمالها الأساسية وخوض العديد من القضايا القانونية تشكل مشكلة خاصة عندما تكون جوجل مقيدة بمعركة مكلفة للبقاء في المقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو ما يظل مسعى خاسراً. فقد كانت النفقات الرأسمالية للشركة في العام الماضي أعلى بنحو 50 % مما كانت عليه قبل ثلاث سنوات.

ويتم تسليم المنافسين من القطاع الخاص مليارات الدولارات من قبل المستثمرين الذين لديهم موقف توسعي تجاه المخاطرة. جمعت «أوبن أيه آي» للتو 6.6 مليارات دولار وحصلت على خط ائتمان بقيمة 4 مليارات دولار. كما جمع إيلون ماسك 6 مليارات دولار لشركته الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي «إكس أيه آي» وجمعت شركة «أنثروبيك» أكثر من 7 مليارات دولار منذ عام 2023.

ولكن مشهد التوقعات ليس قاتماً تماماً، فتفكك جوجل ليس أمراً حتمياً. وإذا حدث ذلك، فقد ينتج عنه شركات أصغر حجماً وأكثر مرونة وقادرة على إطلاق منتجات جديدة بسرعة أكبر. لكن مايكروسوفت تقدم تحذيراً بشأن ما قد يحدث حتى لو لم يتم تطبيق أشد العقوبات.

فبعد إدانة الشركة بإساءة استخدام قوة الاحتكار التي يتمتع بها نظام التشغيل ويندوز وإصدار أمر لها بالانقسام، نجحت الشركة في الاستئناف ضد القرار. ولكن المعركة استنفدت الموارد التي كان يمكن استخدامها في نطاقات أخرى.

وربما لولا تشتيت انتباه قضية مكافحة الاحتكار، لما تأخرت مايكروسوفت كثيراً في مجال أنظمة التشغيل المحمولة، وهو ما سمح لجوجل بالتقدم. ويأمل منافسو جوجل في مجال الذكاء الاصطناعي أن يكرر التاريخ نفسه مرة أخرى.

Advertisements

قد تقرأ أيضا