كتب ناصر المحيسن - الكويت في الخميس 20 يونيو 2024 09:36 صباحاً - على الرغم من تأكيدات مسؤولي وزارة الكهرباء والماء، في أكثر من مناسبة سابقة، بأن فكرة القطع المبرمج للتيار الكهربائي، بعيدة عن التفكير والتنفيذ، وسط تطمينات بأن صيف الكويت الكهربائي سيكون آمناً، فإن حساب الحقل لم ينطبق على حساب البيدر، كما يقول المثل، ليصبح القطع المبرمج حقيقة واقعة أمس، شملت نحو 43 منطقة مختلفة على امتداد البلاد.
فصيف وزارة الكهرباء لم يكن عليها برداً وسلاماً، كما كان يخطط مسؤولوها، إذ أربك فقدان الشبكة أمس، 300 ميغاواط إثر خروج وحدة إنتاج في محطة الزور الجنوبية عن الخدمة، خطط الوزارة التي رسمتها لعبور موسم الصيف بشكل آمن، ولاسيما بعد توقيعها اتفاقية شراء كهرباء من الشبكة الخليجية بقدرة 500 ميغاواط.
وفي الوقت الذي أكد فيه وزير الكهرباء والماء والطاقة المتجددة الدكتور محمود بوشهري، خلال زيارته مركز التحكم الوطني أول من أمس، استقرار شبكة الكهرباء، وجهوزية الوزارة في التعامل مع الحالات الطارئة، شهدت أجزاء لأكثر من 43 منطقة ما بين صناعية وتجارية وسكنية وزراعية انقطاعاً للتيار تراوحت مدته ما بين ساعة وساعتين، في أوقات النهار حيث سجلت الحرارة أقصى درجاتها.
وقالت وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة إن انقطاع التيار الكهربائي عن بعض الاجزاء في مناطق المحافظات الست جاء نتيجة لعدم قدرة محطات توليد الطاقة الكهربائية على استيفاء الطلب المتزايد على الأحمال الكهربائية خلال فترة الذروة إضافة الى ارتفاع درجات الحرارة مقارنة بنفس الفترات من الأعوام السابقة.
وأوضحت الوزارة في بيان صحفي أنها قامت باتخاذ بعض الإجراءات الاحترازية ومنها القطع المبرمج لمدد تتراوح ما بين الساعة الى الساعتين بحد أقصى وذلك حرصا منها على حماية استقرار المنظومة الكهربائية.
وأهابت الوزارة بالعملاء بمختلف فئاتهم ضرورة ترشيد استهلاك الكهرباء في أوقات الذروة وذلك من الساعة 11 صباحا حتى الساعة 5 مساء بهدف تقليل الأحمال الكهربائية حتى لا تضطر الوزارة آسفة للقيام بذات الإجراءات آنفة الذكر إذا ما دعت الحاجة الى ذلك.
توصية بالقطع
وأوضحت مصادر مطلعة لـ«الراي» أنه «على أثر خروج وحدة الإنتاج، وجه مركز التحكم الوطني إلى ضرورة تخفيف الأحمال عبر فصل التيار عن أجزاء في عدد من مناطق الكويت لوصول معدلات الاستهلاك إلى نقطة مقاربة مع معدلات الإنتاج التي كانت تبلغ أمس، 16 ألف ميغاواط بما فيها الكمية المستوردة من الشبكة الخليجية بقدرة 400 ميغاواط، لحين تجاوز فترة ذروة الأحمال».
وقالت المصادر إن«الوزارة لجأت إلى قطع التيار بشكل مبرمج عن أجزاء في أكثر من 40 منطقة تنوعت ما بين صناعية وسكنية لتخفيف الأحمال عن الشبكة الكهربائية»، مشيرة إلى قيام الوزارة، أول من أمس، بقطع التيار عن مزارع الوفرة والعبدلي لتوفير 270 ميغاواط.
وأضافت أن أزمة نقص الإنتاج كانت قادمة لا محالة، ولكننا لم نتوقع أن تأتي بهذه السرعة، إذ إن جميع الخطط التي تم وضعها كانت تؤكد على قدرة الوزارة على تجاوز صيف 2024 دون مشاكل، والتي كان آخرها تصريح الوزير بوشهري الذي أكد استقرار وضع الشبكة وجهوزيتها لتلبية احتياجات الدولة.
وميدانياً، عقد مسؤولو الوزارة ، اجتماعاً موسعاً، برئاسة وكيلة الوزارة بالتكليف المهندسة مها العسعوسي، لمناقشة كيفية معالجة أزمة نقص الطاقة التي تمر بها الوزارة خلال الفترة الحالية نتيجة ارتفاع درجة الحرارة.
3 أسباب لأزمة نقص الطاقة
1 - تأخر جدول صيانة وحدات الإنتاج عن الموعد المقرر للانتهاء منها.
2 - الفشل في إعادة وحدات الإنتاج الخارجة عن الخدمة منذ سنوات، حيث تشير المصادر إلى أن هناك 3000 ميغاواط غير مستغلة.
3 - تأخر تنفيذ المرحلة الرابعة من مشروع الصبية، ومشروع محطة النويصيب ومشروع محطتي الزور الشمالية والخيران.
«الزراعي» و«الصناعي» أولاً
طلب مركز التحكم الرئيسي في البداية فصل محطات التحويل الرئيسية المغذية للقطاعين الزراعي والصناعي لمدة ساعتين، ومن ثم طلب فصل التيار عن المناطق الاستثمارية والتجارية لمدة ساعتين، وأخيراً طلب فصل التيار عن أجزاء عن مناطق سكنية لمدة ساعة.
حسبة الإنتاج
كان لدى الوزارة أمس، قدرة إنتاجية تبلغ 15550 ميغاواط تقريباً، بالإضافة إلى 400 ميغاواط يتم تسلّمها من شبكة الربط الخليجي، بمعنى أن إجمالي الإنتاج أمس بلغ 15950 ميغاواط.
لماذا لم يعلن القطع المبرمج؟
قالت المصادر إنه كان يفترض بمسؤولي الوزارة أن يعلنوا عن قطع التيار عن المناطق حتى يأخذ المواطنون والمقيمون احتياطاتهم اللازمة، مشيرة إلى تعطل المصاعد ببعض الأشخاص.
هل يتكرّر القطع؟
قالت المصادر إنه «طالما درجة الحرارة مرتفعة سيبقى القطع المبرمج عن المناطق سائداً، وذلك لتخفيف الأحمال الكهربائية وموازنة معدلات الاستهلاك من الإنتاج».
وأضافت أن «المشكلة ستتفاقم خلال السنوات المقبلة بشكل كبير جداً، لن تستطيع الوزارة معه احتواء الموقف، لعدم وجود مشاريع سيتم تنفيذها خلال السنوات الثلاث المقبلة في الوقت الذي تشهد فيها البلاد توسعاً عمرانياً وزيادة في الكثافة السكانية».
رجال «المرور» بدل الإشارات
بعد انقطاع الكهرباء، وفّرت وزارة الداخلية دوريات مرور لتسيير حركة السيارات عند التقاطعات والإشارات في المناطق التي شهدت انقطاعاً للتيار.
وذكرت إدارة الإعلام الأمني في الوزارة أنه «نظراً لانقطاع التيار عن بعض المناطق، وما ترتب عليه من توقف إشارات المرور الضوئية في بعض التقاطعات، قامت الإدارة العامة للمرور على الفور بتوفير دوريات مرورية لإدارة تلك التقاطعات».
معاناة المرضى من الانقطاع
بعيداً عن توقف المكيفات ووسائل التبريد، كان هناك وضع أصعب من انقطاع التيار الكهرباء، تمثل في معاناة بعض كبار السن والمرضى من طريحي الفراش في البيوت، حيث تعطلت أسرّتهم الطبية المشبوكة مراتبها بمضخات هواء كهربائية.
بدالة الوزارة... «هنقت»
تلقت بدالة وزارة الكهرباء (152) المخصصة لاستقبال الشكاوى وبلاغات الانقطاع، آلاف الاتصالات، الأمر الذي تسبب في عدم قدرتها على استيعاب العدد الهائل من الاتصالات الواردة، حيث اشتكى كثير من المواطنين من عدم القدرة على إتمام الاتصال بالبدالة.
العون: خروج محطة تأثيره محدود ولا يمتد على مناطق متفرقة
قال وكيل وزارة الكهرباء والماء المساعد السابق لقطاع محطات القوى الكهربائية المهندس فؤاد العون، إن «خروج محطة تحويل رئيسية يؤثر فقط على منطقة أو منطقتين متجاورتين، ولكن لا يؤثر خروجها على مناطق متفرقة شمال وجنوب وشرق وغرب».
تخفيف الدوامات لـ... تخفيف الأحمال
إزاء ما شهدته البلاد أمس من انقطاعات للتيار الكهربائي، طرح عدد من الآراء والمقترحات لترشيد استهلاك الكهرباء، ولاسيما ما يتعلق بالدوام الحكومي الذي يكون في ذروة استهلاك الكهرباء مع الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة.
فقد اقترحت جهات أن يكون دوام الوزارات والمواقع الحكومية، مخففاً من الساعة 7 صباحاً، حتى الحادية عشرة قبل الظهر، لينصرف بعدها الموظفون ويتم إطفاء الإنارة وأجهزة التكييف. كما اقترحت جهات أخرى أن يكون الدوام مسائياً يبدأ بعد الساعة الرابعة بعد العصر.
دعوة للابتعاد عن المصاعد
شهدت بعض العمارات انحشار أشخاص داخل المصاعد، لدى انقطاع الكهرباء وهم يستخدمونها، قبل أن يتم إخراجهم.
ولعدم تكرار هذا الأمر، انتشرت تعليمات على أبواب المصاعد وعند مداخل العمارات، تدعو لاستخدام السلالم والابتعاد عن المصاعد خلال هذه الفترة، ولاسيما في النهار، لتجنب الانحشار بسبب قطع التيار الكهربائي العشوائي على مناطق الكويت.
فرق الإطفاء تعاملت مع 79 بلاغاً
ذكرت إدارة العلاقات العامة والإعلام أن فرق الإطفاء تعاملت مع 79 بلاغ تعطل مصعد خلال فترة انقطاع التيار الكهربائي في عدد من مناطق البلاد، أوضحت الإدارة أن معظم البلاغات عبارة عن احتجاز أشخاص في مصاعد بالمباني المختلفة، ولم يسفر التعطل عن أي إصابات تذكر .
