كتب ناصر المحيسن - الكويت في الثلاثاء 23 مايو 2023 10:14 مساءً - تُشكّل الديوانيات حالة كويتية فريدة، في محيطها الخليجي، نظراً لما تقوم به من وظائف عدة على كل الأصعدة.
ويبرز دورها جلياً في الوقت الحالي، مع ما تشهده البلاد من حملات انتخابية لمرشحي الانتخابات البرلمانية «أمة 2023»، حيث تُشكّل تلك الديوانيات المزاج العام للناخبين في صناديق الاقتراع، وتُعد خريطة الطريق إلى قبة «عبدالله السالم» في مجلس الأمة.
وأكد أكاديميون وباحثون متخصصون، في لقاءات متفرقة مع وكالة «كونا»، أن «الديوانية تُعتبر سمة كويتية بامتياز، وعلامة فارقة، ومن الآليات المهمة التي تُسهم في تسريع الحراك الديموقراطي ورفع مستوى الوعي السياسي لدى المواطنين».
وقالوا إن «الديوانية تلعب دوراً كبيراً وفعّالاً في تقريب وجهات النظر، ما بين المرشح وقواعده الانتخابية على مدار فترة الانتخابات، كما أنها مكان مناسب لعقد الندوات الانتخابية والمناظرات ما بين المرشحين، لإبداء وجهات نظرهم وتبرير مواقفهم».
ورأوا أن «الوظيفة السياسية للديوانية الكويتية كانت ملازمة لها طوال تاريخها، منذ نشوء الكويت، وإبان وقوعها تحت الحكم البريطاني، وبعد الاستقلال، وحتى أثناء الاحتلال العراقي، حيث ساهمت في عملية المشاركة السياسية، لاسيما الديوانيات ذات التوجه السياسي، والديوانيات الثقافية التي يدعى إليها بعض المفكرين لإلقاء محاضرات عامة».
ولفتوا إلى أن «الديوانية تعتبر أيضاً مجالاً للتعارف وخلق صداقات، إذ تُعد مدخلاً أساسياً لخلق التماسك والترابط بين أفراد المجتمع باختلاف توجهاتهم وتنوع آرائهم».
كامل الفراج: أثرها السياسي يتجلى خلال الأزمات السياسية والاقتصادية
قال أستاذ علم النفس بجامعة الكويت الدكتور كامل الفراج، إن الديوانية تُشكّل المزاج العام للناخبين ما ينعكس على صناديق الاقتراع بشكل مباشر لصالح بعض المرشحين، فهي العصب الاجتماعي والسياسي وهي ملتقى للتنوع الاجتماعي من مختلف التوجهات والأعمار والمهن. وأوضح أن «الديوانية تُعد منتدى فكرياً لطرح المبادرات والافكار، من أجل تطوير المجتمع من كل الجوانب الثقافية والسياسية والاقتصادية»، مبيناً أن الدور المنوط بها ليس بجديد عليها، فهي كذلك منذ نشأة المجتمع وقبل استقلال الدولة.
وأضاف الفراج أن «الأثر السياسي للديوانية يتجلى خلال الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأثناء انتخابات المجلس التشريعي إذ تسهم النقاشات، خلال فترة الانتخابات، بإثراء الوعي السياسي والتفاف الناس حول مرشحين دون غيرهم».
وتابع أن «الديوانية تعتبر أيضا مجالاً للتعارف وخلق صداقات، إذ تُعد مدخلاً أساسيا لخلق التماسك والترابط بين أفراد المجتمع، باختلاف توجهاتهم وتنوع آرائهم».
وذكر أن «النشاط السياسي داخل الديوانيات شكل من أشكال المشاركة السياسية، ومحاولة للتأثير على القرارات السياسية وتوجهات الرأي العام. فدرجة الوعي تتمثل داخل الديوانيات الكويتية باختلاف وجهات النظر وتنوع الآراء، ما بين مؤيد ومعارض وإن كانت المصلحة العامة هي مطلب جماعي».
حسين إبراهيم: مكان مناسب للندوات الانتخابية والمناظرات بين المرشحين
رأى أستاذ العلاقات العامة والإعلام في جامعة الكويت الدكتور حسين إبراهيم، أن الصوت الإعلامي للديوانية هو الاعلى من بين وسائل الإعلام التقليدية والحديثة.
فالحوار والنقاش فيها حقيقي وصادق ومباشر، ويجد قبولاً وصدى عند الجميع بما فيهم الناخب والمرشح وحتى أعضاء الحكومة. وأضاف أن «الديوانية أحد أشكال مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسة التقليدية الأولى التي تُسهم في تسريع الحراك الديموقراطي لاسيما خلال موسم الانتخابات».
وبيّن ابراهيم أن «الديوانية تلعب دوراً كبيراً وفعّالاً في تقريب وجهات النظر، ما بين المرشح وقواعده الانتخابية على مدار فترة الانتخابات، كما أنها مكان مناسب لعقد الندوات الانتخابية والمناظرات ما بين المرشحين، لإبداء وجهات نظرهم وتبرير مواقفهم».
وذكر أنه «مع الطفرة الرقمية وانتشار وسائل الاتصال والتواصل الحديثة واتساع القاعدة الانتخابية فقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي بمثابة ديوانيات إلكترونية».
وبيّن أن «المرشحين يتواصلون مباشرة مع ناخبيهم، من خلال حساباتهم الإلكترونية على مواقع (تويتر - انستغرام - سناب شات - فيسبوك) على مدار الساعة، يطرحون برامجهم الانتخابية ويتعرّفون على تفاعل الجمهور معهم»، لافتا في الوقت ذاته إلى أن هذا الدور الاعلامي الالكتروني انعكاس لفضاء الدواوين.
يعقوب الكندري: لها دور رئيسي في التنشئة السياسية لأفراد المجتمع
أكد أستاذ علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية بجامعة الكويت الدكتور يعقوب الكندري، أن «الديوانية تُعد من أهم وأبرز ملامح الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الكويت على وجه الخصوص، إذ تجمع شتى أطياف المجتمع للتشاور والنقاش حول شتى الهموم والقضايا».
وذكر الكندري أن الديوانية لها دور رئيسي في التنشئة السياسية لأفراد المجتمع، وتُعد أهم مؤسسة غير رسمية بحكم الواقع والتوازن الاجتماعي الذي فرضه وجودها داخل المجتمع الكويتي ويمارس فيها جميع أشكال المشاركة المجتمعية والثقافية والسياسية ما دعا الكثير لأن يطلق عليها «برلمانات الكويت المصغّرة».
وأوضح أن الديوانيات أصبحت منصات وهدفاً للمرشحين من أجل الوصول للناخبين، ومازالت تحتفظ بدورها السياسي وبقوة، وتعد «المجس» لمعرفة توجهات استطلاعات الرأي العام حول قضايا الساعة وغرف عمليات لا تتوقف لمساندة المرشح المتفق على دعمه.
وأشار إلى أن «للديوانية دورها الاجتماعي والثقافي والإعلامي أيضاً. فقد كانت ديوانية الحاج محمد حمد بودي أول مستشفى في الكويت قبل بناء المستشفى (الأميركاني). كما كان ديوان محمد صالح الجوعان مقراً للنادي الأدبي الذي أنشأه مثقفو الكويت عام 1923».
يعقوب الغنيم: الوظيفة السياسية لازمتها تاريخياً منذ نشوء الكويت
أوضح الباحث والمؤرخ في التراث الكويتي الدكتور يعقوب الغنيم، أن «ملامح الدور السياسي للديوانيات تشكّلت مبكراً في الكويت منذ نشأتها»، مشيراً إلى أن منظومة الديوانية في الحياة العامة بالكويت بقيت واحدة من أدوات تواصل الحاكم مع الشعب في المناسبات السياسية والاجتماعية وحتى الدينية، كالأعياد.
وأفاد الغنيم بأن «للديوانية مكانة خاصة في نفوس الكويتيين، منذ أن عرفوها قبل أكثر من 300 عام، حيث شكّلت في مختلف مراحل تطورها صورة من صور التكافل الاجتماعي بين أبناء المجتمع، وعاملاً رئيسياً في صُنع القرار السياسي، وتعزيز الوعي الثقافي والسياسي والديني».
وأوضح أن «الديوانية كان لها حضور منذ عام 1921 أثناء تأسيس مجلس الشورى، وأثناء تأسيس المجلس التشريعي الأول والثاني، وزادت تطوراً بين عامي 1961 و1963، أثناء الاستقلال وانتخابات المجلس التأسيسي وانتخابات مجلس الأمة عام 1963».
وقال إن «الوظيفة السياسية للديوانية الكويتية كانت ملازمة لها طوال تاريخها منذ نشوء الكويت، وإبان وقوعها تحت الحكم البريطاني وبعد الاستقلال، وحتى أثناء الاحتلال العراقي. فقد ساهمت في عملية المشاركة السياسية، ولاسيما الديوانيات ذات التوجه السياسي والديوانيات الثقافية التي يُدعى إليها بعض المفكرين لإلقاء محاضرات عامة».