عدن - سعد محمود في السبت 17 فبراير 2024 11:55 مساءً - قالت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية إن تشدد الحوثيين يعيد اليمن المضطرب مجددا إلى الصراع، مشيرا إلى أن التصنيف الأمريكي للحوثيين كإرهابيين يهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن الذي عانى الكثير.
ونشرت الصحيفة البريطانية تقريراً لأندرو إنجلاند، محرر شؤون الشرق الأوسط، قال فيه بأن اليمن يغرق اليوم في اضطرابات جديدة وضعت الحوثيين في مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها، الذين ردوا على هجمات المتمردين على الشحن في البحر الأحمر بضربات جوية وعقوبات.
ورأى بأنه وحتى في الوقت الذي يستمتع فيه الحوثيون بشعبيتهم الجديدة في جميع أنحاء العالم العربي، فإن تدخلهم في الصراع بين إسرائيل وحماس وردهم العسكري يزيد من المخاطر بالنسبة لليمن ويعرض للخطر عملية السلام المؤقتة التي جلبت فترة من الهدوء النسبي.
كما يحذر رجال الأعمال ووكالات الإغاثة من أن التصنيف الأمريكي للحوثيين كمنظمة إرهابية، والذي دخل حيز التنفيذ يوم الجمعة، فضلاً عن ارتفاع تكاليف الشحن الناتج عن هجمات المتمردين، يهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن من خلال إعاقة تسليم السلع الحيوية.
وبحسب الصحيفة، هناك مخاوف أخرى بشأن استمرارية الهدنة الهشة المتفق عليها في عام 2022 والتي منحت اليمنيين بعض الراحة من الحرب التي اندلعت قبل عقد من الزمن عندما استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء وأطاحوا بالحكومة.
فقبل بدء الصراع بين إسرائيل وحماس في أكتوبر/تشرين الأول، كان الحوثيون والمملكة العربية السعودية، التي قادت التحالف ضدهم، على وشك إبرام اتفاق كان الوسطاء يأملون أن يجعل الأطراف المتحاربة أقرب إلى وقف إطلاق نار أكثر استدامة لإنهاء الصراع.
وتضمن الاتفاق التزاما من الرياض بدفع رواتب القطاع العام لمدة تصل إلى 12 شهرا في شمال اليمن الذي يسيطر عليه الحوثيون، حيث لم يتلق موظفو الخدمة المدنية أجورهم لسنوات. واعتبر التقرير بأن المبلغ المقترح كان الحافز الرئيسي للحوثيين، وكان من شأنه أن يساعد في تخفيف بعض الفقر المدقع في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أشاد مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانز جروندبرج بـ "الخطوة المهمة" التي اتخذتها جميع الأطراف بشأن عملية السلام.
لكن بعد شهر، ومع تكثيف الولايات المتحدة ضرباتها الجوية واستمرار المتمردين الحوثيين في مهاجمة السفن، أعرب غروندبيرغ عن قلقه بشأن "التطورات الأخيرة" وشدد على الحاجة إلى "حماية تقدم جهود السلام".
وقال الكاتب بأن السعودية، الحريصة على إخراج نفسها من اليمن، تحاشت الانضمام إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الحوثيين، وأكدت التزامها بعملية السلام في اجتماعات مع مبعوثي الولايات المتحدة والأمم المتحدة الأسبوع الماضي.
لكن، ووفقا للتقرير، هناك تعقيدًا آخر ينبع من تصنيف الولايات المتحدة للحوثيين كمنظمة "إرهابية عالمية محددة خصيصًا"، وهو ما يقول المحللون إنه سيجعل من المستحيل فعليًا على المملكة العربية السعودية دفع الرواتب في مناطق الحوثيين.
وقال رأفت الأكحلي، وهو محلل ووزير يمني سابق، إن المملكة العربية السعودية لا تريد تعريض عملية السلام للخطر، ولكن "يبدو من غير المرجح إلى حد كبير أن تتمكن الرياض من المضي قدمًا في دفع أكثر من 100 مليون دولار شهريًا للحوثيين إذا تم تصنيفهم منظمة إرهابية."
وتوقع التقرير بأن يكون للخطوة الأمريكية أيضًا تداعيات على الشركات العاملة في اليمن الذي يعتمد على الواردات لتلبية 90% من احتياجاته الغذائية.
ويستمد البعض العزاء من حقيقة أن واشنطن تعهدت بتوفير تراخيص للمعاملات المتعلقة بالغذاء والدواء والوقود والتحويلات المالية وعمليات الموانئ للتخفيف من تأثير العقوبات على المواطنين اليمنيين الذين عانوا منذ فترة طويلة.
لكن منظمات الإغاثة حذرت من التداعيات الوخيمة المحتملة على اليمن، حيث يحتاج أكثر من 21 مليون شخص، أي ثلثي السكان، إلى مساعدات إنسانية.
وقد أثر ارتفاع تكاليف الشحن بالفعل على الشحنات المتجهة إلى اليمن، حيث انخفضت الواردات عبر البحر الأحمر بنسبة 17 في المائة في ديسمبر/كانون الأول على أساس شهري، وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة.
وقال عبد الواسع محمد، الذي يعمل لدى منظمة أوكسفام للإغاثة في اليمن، إن الشركات كانت قلقة بالفعل بشأن ارتفاع الأسعار، مضيفا: "إنهم لا يعتقدون أنه يمكن إقناع الموردين الدوليين الكبار بالتعامل مع اليمن بعد الآن بسبب [التصنيف الإرهابي]". وهذا من شأنه أن يزيد من تعقيد الأزمة الحالية متعددة الطبقات التي نواجهها”.
وقال مدير في إحدى الشركات اليمنية إن ارتفاع الأسعار لم يؤثر بعد على تكاليف السلع. ولكن عندما يحدث ذلك، تتوقع الشركات إجراء مناقشات صعبة مع سلطات الحوثيين، الذين يتعاملون بشكل صارم مع القطاع الخاص ولا يفضلون ارتفاع الأسعار.
والخوف الآخر، بحسب الصحيفة، هو أن الولايات المتحدة قد ترفع تصنيفها للحوثيين إلى تصنيف "منظمة إرهابية أجنبية"، وهي درجة أكثر خطورة تسمح باستثناءات قليلة، إن وجدت.
وهناك تهديد آخر لليمن يتمثل في استئناف الصراع داخل البلاد - إما لأن الحوثيين يشعرون بالجرأة لاستئناف هجومهم أو لأن الفصائل الموالية للحكومة وغيرها من الفصائل تحشد ضدهم.
وأشار المحللون إلى أن الحوثيين كانوا يجندون مقاتلين، وأشاروا إلى نشاط الفصائل اليمنية على الخطوط الأمامية التي هدأت خلال الهدنة.