ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأحد 30 مارس 2025 12:05 صباحاً - رهنت شرطة دبي القضاء على ظاهرة التسول بتعاون أفراد المجتمع، وعدم الاستجابة لهذه الفئة التي تنشط موسمياً، خصوصاً في شهر رمضان، مؤكدة أن المطلوب هو تكاتف كل الجهود، والتنسيق الكامل، للحد من هذه الظاهرة، والتعامل معها بمنتهى الجدية. وأوضحت أن المتابعة الحثيثة والتنسيق المشترك مع الشركاء الاستراتيجيين قد أسهما في ضبط 384 متسولاً خلال عام 2024.
وأكد العقيد أحمد العديدي مدير إدارة المشبوهين والظواهر الجنائية، بالإنابة، أن الإنجازات الميدانية جاءت بفضل الإمكانات المتطورة التي توفرها شرطة دبي، سواء على الصعيد الأمني أو التوعية، وأشار إلى تسجيل العديد من برامج التوعية التي تسعى لبث الوعي بخطورة ظاهرة التسول وتأثيرها السلبي على استقرار المجتمع.
وأضاف: إن أفراد المجتمع باتوا أكثر حرصاً ووعياً مما كانوا عليه سابقاً، حيث تحول البعض ممن كانوا يقدمون المساعدات بسخاء، إلى التوجه نحو القنوات الرسمية للتبرع، وبشكل خاص من خلال الجمعيات الخيرية المنضوية تحت مظلة وزارة تمكين المجتمع.
وذكر أن المتسول يطور من أدواته وأساليبه لدرجة يعمد فيها البعض إلى استخدام طرق مبتكرة وغريبة تقنع المرء أنه محتاج بالفعل، مشيراً إلى قيام أحد الأشخاص وهو من الجنسية الآسيوية، بارتداء ملابس نسائية لكسب مزيد من التعاطف المجتمعي، حيث أدرك أن ذلك سيدر عليه مزيداً من المال، وتمت ملاحقته وضبطه أثناء تبديله لملابسه. كما تم إلقاء القبض على متسول آخر عُثر بحوزته على 42 ألف درهم، وآخر وهو يحمل 65 ألف درهم، وفي حادثة أخرى، تمكنت الشرطة من القبض على آسيوي يتخذ من الإعاقة أسلوباً لاستدرار عطف الناس، واتضح لاحقاً أنه يقيم بالدولة بطريقة غير مشروعة، وفي اليوم ذاته كان قد حول لعائلته مبلغاً قدره 7 آلاف درهم.
وشدد النقيب عبدالله خميس النقبي، رئيس قسم مكافحة التسول بالإدارة العامة للتحريات على ضرورة عدم التعاطف مع المتسولين، معتبراً أن هذا الفعل يعرقل جهودهم من خلال إعطاء المخالفين الأموال، وقال إن تعاونهم مع الشرطة خط الدفاع الأول والسبيل الأكثر أهمية لتطويق الظاهرة، وذكر أن حيل المتسولين كثيرة لجهة استغلال الناس وكسب تعاطفهم كحمل أوراق يزعمون من خلالها أنهم مرضى، وأنهم في حاجة شديدة للمال لشراء الأدوية، كاشفاً عن أساليب تسول جديدة ومبتكرة؛ كحالات تدخل فيها بعض النساء إلى المتاجر بملابس أنيقة لا توحي بأي شكل من أشكال أنها متسولة، أو تلك التي تقوم بشراء قطعة ثم تدعي نسيان المحفظة قائلة «سامحوني ورمضان كريم».
ولم تغفل الأجهزة الأمنية عن تسليط الضوء على ظاهرة التسول الطبي؛ حيث لوحظت مجموعات تمر على الصيدليات بالمراكز التجارية أو الجمعيات لاختيار أدوية تتعلق بأمراض شائعة مثل الضغط والسكري والكولسترول، كما سجلت حالات تسول فني، تمثل بعضها في رسامين على الأرصفة أو موسيقيين يجذبون المارة ليمنحوهم الأموال.
وأشار إلى أن إدارة المشبوهين والظواهر الجنائية في الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي، قد تمكنت من ضبط 127 متسولاً في النصف الأول من شهر رمضان، بالتعاون مع مراكز الشرطة في دبي، وعثرت بحوزتهم على مبالغ مالية وصلت إلى أكثر من 50 ألف درهم.
وأكد أن انخفاض أعداد المتسولين جاء بفضل التنسيق المثمر مع شركاء مهمين مثل دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، وجهود التوعية المستمرة، وأنه تم تخصيص خطبة يوم الجمعة في أول شهر رمضان لتسليط الضوء على مخاطر آفة التسول، إلى جانب توجيهات وتحذيرات قبل صلاة العصر حملت رسالة مفادها أن المتسول لا يبحث عن ما في يدك، بل عما في جيبك، منبهاً إلى خطورة التجاوب مع من يطرقون أبواب المنازل لأغراض غير مشروعة.
كما تم تسليط الضوء على أن بعض المتسولين يراقبون تحركات أهالي المنازل بغرض السرقة، داعين للتبليغ الفوري عبر مركز الاتصال (901) أو من خلال خدمة «عين الشرطة» المتوفرة على التطبيق الذكي لشرطة دبي، بالإضافة إلى منصة (E-Crime) التي تسهل تقديم البلاغات حول الجرائم الإلكترونية.
هذا وقد وضعت شرطة دبي خطة أمنية متكاملة لمكافحة ظاهرة التسول بالتعاون مع الشركاء المحليين، حيث يتم تكثيف الدوريات الأمنية في الأماكن المعروفة بانتشار هذه الظاهرة. وشملت هذه الجهود حملة «كافح التسول» التي تم إطلاقها بالتعاون مع الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب في دبي، وبلدية دبي، ودائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي.
وتأتي الحملة كجزء من الجهود المستمرة لتعزيز الوعي المجتمعي وتوجيه المساعدات عبر القنوات الرسمية لضمان وصولها إلى المحتاجين بشكل آمن وفعال، مشجعة أفراد المجتمع على عدم تقديم العطاء العشوائي للمتسولين، والاتصال بالجهات الرسمية في حال رصد أي حالة تسول.