ابوظبي - ياسر ابراهيم - الخميس 17 أكتوبر 2024 11:45 مساءً - افتتح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، صباح أمس، مؤتمر الشارقة الدولي للذكاء الاصطناعي واللغويات «SICAL 2024»، الذي يقام بتنظيم من الجامعة الأمريكية في الشارقة وتستضيفه في مقرها.
وكان في استقبال سموه فور وصوله الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة الجامعة الأمريكية في الشارقة، وأحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة في جمهورية مصر العربية، ومعالي الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي، رئيس المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، وعبدالله محمد العويس، رئيس دائرة الثقافة، ومحمد عبيد الزعابي، رئيس دائرة التشريفات والضيافة، وعدد من المسؤولين وممثلي السلك الدبلوماسي.
وقال صاحب السمو حاكم الشارقة: «إن عالم الذكاء الاصطناعي اليوم عالم كبير مفتوح على كل الاحتمالات، وتواجهنا فيه كثير من التحديات في كل يوم، بل في كل ساعة نشهد تطوراً علمياً جديداً في العالم، بفضل الأبحاث الإبداعية الكبيرة في ميدان الذكاء الاصطناعي، فتوحات علمية واكتشافات كبيرة قربت البعيد، وسهلت العسير، وجعلتنا اليوم نستفيد من كل المخترعات الحديثة في جميع أنحاء المعمورة».
وأضاف سموه: «الانفجار المعلوماتي الحاسوبي ليس فقط في الجانب المادي، وإنما علاقة هذا الذكاء الاصطناعي باللغات العالمية شيء عظيم، وكلما ازداد العلم تطوراً ازدادت فرص التواصل والانتفاع والنهضة والازدهار عند المجتمعات والشعوب».
وأشار صاحب السمو حاكم الشارقة إلى الخطوات التي قامت بها الشارقة في دعم وتفعيل الذكاء الاصطناعي في خدمة اللغة، قائلاً: «فتحنا صدورنا وقلوبنا ومؤسساتنا لكم جميعاً في شارقة العلم والثقافة، لتنظروا في شأن العلاقات التي تربط بين الذكاء الاصطناعي وبين اللغات جميعاً، ولأن قطار المعرفة والحاسوبيات قد انطلق، فإننا قررنا أن نكون أول الراكبين في هذا القطار، ونمد أيدينا إليكم ونساعدكم بقدر ما نستطيع لتسهيل البحث الحاسوبي باللغة العربية».
وتحدث سموه عن المعجم التاريخي للغة العربية وأبرز الجهود والتحديات التي تمت خلال السنوات الماضية حتى اكتماله، قائلاً: «الحمد لله، لقد وفقنا في الشارقة، ووفق فريق الباحثين من جميع المجامع اللغوية في شتى البلاد العربية، وانتهينا قبل أيام معدودات من المعجم التاريخي للغة العربية الذي بلغت أجزاؤه 127 مجلداً، وهذا فتح عظيم في ميدان الصناعة المعجمية، كلفنا كثيراً من الجهد والوقت والمال، ولكن قلنا ونقول: كل شيء في سبيل العربية يسهل ويهون».
وأضاف سموه: «ها نحن ندخل ميدان تطوير العمل المعجمي من خلال الذكاء الاصطناعي، ونضع جميع المعجم التاريخي الذي أنجزناه في خدمة الدراسات الحاسوبية ليعم النفع وتنتشر المعرفة ويسود الأمن والأمان في جميع أقطار الكرة الأرضية».
واختتم صاحب السمو حاكم الشارقة كلمته موصياً جميع طلبة الدراسات اللغوية بالاجتهاد والتوفيق بين العلم والتطور الحاسوبي والالتزام بمعايير الأخلاق والقيم، قائلاً:
«أوصي أبنائي وبناتي الطلاب والطالبات الباحثين في كل الجامعات وفي مجمع اللغة العربية بالشارقة وغيرها أن يجتهدوا في التوفيق بين الدراسات اللغوية والدراسات الحاسوبية، لأنني مؤمن بأن المستقبل للعلم الحاسوبي، وأريدهم أيضاً أن يجتهدوا لعرض كل ما هو نافع ومفيد على مواقع الشبكة العالمية، لأن العلم يجب أن يكون موجهاً بمعايير الأخلاق ومبادئ السلام وقيم الوطنية وثوابت أمتنا ومقومات ثقافتنا وعاداتنا الأصيلة».
وألقت عقبها الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي كلمة خلال المؤتمر رحبت في مستهلها بالحضور، مشيرة إلى أن التجمع اليوم في إمارة الشارقة يأتي بفضل رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وجهوده الكبيرة بأن تكون الشارقة مركزاً عالمياً رائداً في الحفاظ على اللغة العربية وتطويرها، وتعزيز مكانتها في إثراء التنوع الثقافي العالمي.
وتطرقت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي إلى أبرز موضوعات المؤتمر وتأثيره والتحديات الناتجة عنه قائلة: «نحن هنا اليوم لمناقشة موضوع بالغ الأهمية، ليس فقط لحاضرنا، بل أيضاً لمستقبل أجيالنا القادمة، الذكاء الاصطناعي واستخداماته وتأثيره العميق في اللغة والهوية الثقافية، إن هذه التقنية التي تتطور بوتيرة متسارعة تفتح أمامنا آفاقاً وفرصاً لا محدودة، لكنها في المقابل تحمل معها تحديات تتطلب منا مواجهتها بعقلانية واستباقية».
مشروع
إلى ذلك، شهد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الرئيس الأعلى لمجمع اللغة العربية بالشارقة، صباح أمس، وبحضور الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة الجامعة الأمريكية في الشارقة، إطلاق مشروع جي بي تي المعجم التاريخي للغة العربية.
جرى الإطلاق خلال فعاليات مؤتمر الشارقة الدولي الأول للذكاء الاصطناعي واللغويات، الذي يعقد في الجامعة الأمريكية بالشارقة يومي 17 و18 أكتوبر، بالتعاون بين الجامعة ومركز باحثي الإمارات للبحوث والدراسات، التابع لمؤسسة الإمارات للعلوم والبحوث، وبمشاركة أكثر من 50 متحدثاً بارزاً من مختلف مجالات التعليم والبحث العلمي والثقافة والتكنولوجيا، إلى جانب قادة بارزين في القطاعات الأكاديمية والتكنولوجية.
وأكد صاحب السمو الرئيس الأعلى لمجمع اللغة العربية بالشارقة أهمية الاستفادة من التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي والتقدم السريع في المجالات التقنية والتكنولوجية لتسخيرها في خدمة اللغة العربية والمحافظة عليها وتعزيز انتشارها، والتعامل مع التحديات التي تصاحب التطور التقني والذكاء الاصطناعي لضمان عدم التأثر السلبي بها.
وتابع صاحب السمو حاكم الشارقة عرضاً مرئياً حول النسخة الأولى لبداية مشروع جي بي تي المعجم، التي تعد أول منصة رقمية موثوقة وذات مصداقية عالية، مبنية على الذكاء الاصطناعي لتاريخ وجذور مفردات اللغة العربية، حيث تم تسليط الضوء على الجهود المبذولة لتطوير المعجم بالاعتماد على تقنيات حديثة تعزز من دقة البحث وسهولة الوصول إلى المعلومات اللغوية.
جائزة
من جهة أخرى، تسلم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، صباح أمس، وبحضور الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة الجامعة الأمريكية في الشارقة، جائزة النيل للمبدعين العرب للعام 2024 من معالي أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة في جمهورية مصر العربية.
وتعتبر الجائزة التي يمنحها المجلس الأعلى للثقافة أرفع وأعلى الجوائز في المجال الثقافي للشخصيات العربية البارزة في كل من مجالات الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية.
وأعرب صاحب السمو حاكم الشارقة عن خالص شكره على التكريم من جمهورية مصر العربية، التي لها أيادٍ بيضاء على الثقافة العربية في العلم والمعرفة والعطاء لكل من يستعين بها ويرتادها، فيجد فيها من الثقافة والتعليم والتاريخ والخير الكثير، ويرتبط تاريخها بمسيرة سموه التعليمية والثقافية والأدبية منذ المرحلة الجامعية التي تخرج فيها سموه في كلية الزراعة بجامعة القاهرة.
وتبادل سموه، خلال الاستقبال بمقر الجامعة الأمريكية بالشارقة، الأحاديث الودية مع معالي أحمد فؤاد هنو، مستذكراً أيام دراسته بالجامعة وما كانت عليه الأنشطة الثقافية والأدبية والمسرحية ودور الكتب المتنوعة والعديدة التي عملت على تكوين شخصيات الطلبة وصقلتها، ومن بينهم سموه، مشيراً إلى دور مصر الكبير بمختلف المجالات في الارتقاء بالمجتمعات ونشر العلم والأدب والثقافة.
وتناول اللقاء تاريخ مصر وإسهامها، كبلد عربي عريق، في الحضارة العربية والإسلامية، وإشعاعها على البلدان كافة، بما تمتلكه من بنية مؤسسية متينة، وثقافة متأصلة ومتتابعة، والمهتمين والعاملين عليها، ما جعلها قبلة للمثقفين والكتاب والأدباء، ومصدراً للإنتاج الثقافي الغزير.