حال الإمارات

راشد بن سعيد.. دروس في القيادة الحكيمة

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الثلاثاء 15 أكتوبر 2024 08:58 مساءً - نظم مركز جمال بن حويرب للدراسات والتاريخ ندوة بعنوان «راشد بن سعيد ـ دروس في القيادة الحكيمة»، تحدث خلالها جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، حضرها نخبة من الشخصيات الإماراتية والعربية وجمهور من أصدقاء المركز، في مقدمتهم الدكتور أحمد بن عبد العزيز الحداد، كبير المفتين مدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي.

والدكتور عارف الشيخ، وفيصل القرق، والدكتور رياض ياسين وزير الخارجية اليمني الأسبق وسفير اليمن في فرنسا، وعادل المدفع، والدكتور غانم السامرائي، ولفيف من المثقفين والمهتمين.

وقال بن حويرب في بداية المحاضرة التي أدارها الشاعر والإعلامي حسين درويش: «إن الجذور التاريخية لنهضة دبي بدأت ملامحها قبل تولي المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم الحكم، إذ بدأت السياسات الاقتصادية الحديثة في عام 1894 في عهد جده الشيخ مكتوم بن حشر بن مكتوم الأول.

فقد اعتمد الشيخ مكتوم سياسة مستنيرة جداً في حكم دبي منذ توليه الإمارة، وتوّجها بإلغاء الضرائب على التجار عام 1903، مما جذبهم إلى دبي، خاصة بعد تشديد الإجراءات في ميناء لنجة. وبعد وفاته، تولى الحكم الشيخ بطي بن سهيل، وفي تلك الأثناء كان الشيخ سعيد بن مكتوم – والد الشيخ راشد – في شبابه، بينما كانت دبي تستعد لمرحلة جديدة من التطور».

نشأة

ومهد بن حويرب لمحاضرته قائلاً: «ولد الشيخ راشد بن سعيد عام ١٩١٢ -وقيل قبل ذلك- في بيت كريم بين والد حكيم ووالدة كريمة وحكيمة، الشيخة حصة بنت المر. نشأ في بيئة ترسخ القيم النبيلة والشجاعة، وكان مولعاً بالطبيعة والفروسية، وأظهر اهتماماً بالأدب والشعر، خاصة شعر المتنبي.

التحق بالمدرسة الأحمدية في ديرة، التي كانت بداية التعليم النظامي في دبي. وكان الشيخ راشد ملازماً لمجالس والده، حيث تعلم فنون الحكم وإدارة الإمارة بحكمة، فقد كان يزور الأسواق ويتابع حركة التجارة بنفسه، مما أكسبه شهرةً وثقة المجتمع، وهذه الخبرات جعلته مؤهلاً لإدارة شؤون الإمارة».

وتابع بن حويرب: «في عام 1937، ساعد الشيخ راشد والده في إبرام اتفاقية مع البريطانيين للسماح للطائرات البريطانية بالهبوط في دبي، حيث هبطت أول طائرة برمائية في خور دبي، وأسهم ذلك في تحويل دبي إلى مركز للطيران في الشرق الأوسط.

كما عمل الشيخ راشد على مواجهة التحديات الاقتصادية، لا سيما تراجع تجارة اللؤلؤ نتيجة ظهور اللؤلؤ الصناعي. وفي عام 1939، تزوج الشيخ راشد الشيخة لطيفة بنت حمدان آل نهيان، مما عزز العلاقات بين دبي وأبوظبي، وقد أسهم هذا الزواج في توطيد العلاقات بين العائلتين الحاكمتين».

تولي الشيخ راشد الحكم

وأضاف بن حويرب: «في 10 سبتمبر 1958، توفي الشيخ سعيد بن مكتوم وتولى الشيخ راشد حكم دبي رسمياً التي كان يديرها قبل ذلك بعشر سنين. في أولى سنوات حكمه، بدأ الشيخ راشد بإطلاق مشاريع كبيرة مثل حفر خور دبي، الذي ساعد في تعزيز مكانة دبي كمركز تجاري إقليمي.

كما عمل على تعزيز العلاقات الدولية، لا سيما مع بريطانيا. واستمر في تنفيذ مشاريع عمرانية كبرى، وشق الطرق وإنشاء الدوائر الحديثة وتنفيذ البنية التحتية على أعلى المستويات العالمية وغيرها من المشاريع الكبيرة في وقتها».

رؤية

وأكد بن حويرب: «كان للشيخ راشد رؤية بعيدة المدى لدبي، خاصة في مجال الطيران. خصص أرضاً شمال دبي لإنشاء مطار آل مكتوم في الخمسينيات، وهي خطوة كانت تعكس فهمه لأهمية البنية التحتية في دعم التطور، ودعم التجارة والاستثمار.

حيث تبنى سياسة حماية أموال المستثمرين وحرية التجارة. من أبرز قراراته كان السماح بتملك العقارات للخليجيين، مما جعل دبي وجهة جذابة للتجار. ومع تراجع تجارة اللؤلؤ، واجهت دبي تحديات اقتصادية كبيرة. ومع ذلك، كان الشيخ راشد مصمماً على تنويع الاقتصاد، حيث عمل على تعزيز التجارة والصناعة، مما ساعد دبي على تجاوز الأزمة».

وقال بن حويرب: «لعب الشيخ راشد دوراً محورياً في تأسيس دولة الإمارات، حيث كان مؤمناً بأن الاتحاد هو السبيل لتحقيق التنمية والاستقرار. كان داعماً قوياً للاتحاد إلى جانب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان».

ومن نظرته الثاقبة للأمور نستخلص بعض النقاط: الحكمة في إدارة الموارد والشجاعة في اتخاذ القرارات الصعبة. والتركيز على التعليم والتنمية البشرية، وتعزيز العلاقات الدولية. والتكيف مع التغيرات الاقتصادية، وتمكين الجيل القادم. والتواصل مع الشعب.

واختتم بن حويرب محاضرته قائلاً: «ترك الشيخ راشد إرثاً عظيماً من القيادة الحكيمة والتخطيط الاستراتيجي. كانت رؤيته أساساً لتحول دبي إلى مركز عالمي للتجارة والاستثمار، ولا تزال إنجازاته تلهم الأجيال الحالية والقادمة، إذ يتابع اليوم مسيرته الكبرى نجله صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حيث حلّق بدبي في الفضاء، وأصبحت دبي فريدة لا تنافس إلا نفسها».

وقد كان للحضور دور في إغناء المحاضرة بالأسئلة والإضافات التي عززت من قيمة المعلومات المفيدة عن شخصية الراحل الشيخ راشد بن سعيد، وقد شارك في الحوار كل من نادر مكانسي، ورشاد بوخش، وسهيل العبدول، والسفير رياض ياسين، وتم التقاط الصور التذكارية في نهاية المحاضرة.

Advertisements

قد تقرأ أيضا