الرياض - ياسر الجرجورة في الثلاثاء 25 مارس 2025 04:36 مساءً - في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها المملكة العربية السعودية لتعزيز سوق العمل وتحقيق رؤية 2030، أعلنت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية عن قرارات جديدة تستهدف توطين عدد من الوظائف في قطاعات حيوية تهدف إلى تقليل الاعتماد على العمالة الوافدة، وإتاحة فرص عمل برواتب مناسبة للمواطنين السعوديين.
مجموعة قرارات يتم تطبيقها بشكل فوري تلزم آلاف المقيمين على مغادرة المملكة
مما يسهم في تعزيز الاستقرار الوظيفي ودفع عجلة الاقتصاد الوطني نحو تحقيق تحول شامل يتماشى مع الأهداف الاستراتيجية للمملكة.
ما هي الوظائف المستهدفة في قرارات التوطين الجديدة؟
تتضمن خطة التوطين عدد من الوظائف الأساسية التي تم تحديدها بناء على احتياجات السوق والفرص المتاحة للسعوديين، حيث سيتم تنفيذ القرار على مراحل لضمان تحقيق أهداف التوطين بسلاسة وفعالية، تشمل الوظائف المستهدفة:
- إدارة المشاريع: سيتم تخصيص 35% من الوظائف للمواطنين السعوديين في المرحلة الأولى، مع التوجه إلى رفع النسبة إلى 40% في المستقبل القريب.
- قطاع المشتريات: تقرر توطين 50% من الوظائف في هذا القطاع، بهدف تمكين الكفاءات السعودية من إدارة عمليات الشراء والمناقصات والتعاقدات بشكل أكثر كفاءة.
- قطاع المبيعات: يشمل القرار مديري المبيعات ومندوبي التسويق الذين سيتم إدراجهم ضمن خطة التوطين تدريجيا، لضمان تحقيق نتائج إيجابية للسوق المحلي.
آلية تنفيذ قرارات التوطين وتأثيرها على العمالة الوافدة
تم وضع خطة تنفيذية من مرحلتين لتطبيق التوطين تدريجيا بحيث يتمكن أصحاب الأعمال من التأقلم مع التغييرات الجديدة، دون أن تتأثر العمليات التشغيلية للمؤسسات والشركات، وتشمل الخطة:
- المرحلة الأولى: يتم فيها توطين نسبة مبدئية محددة من الوظائف المستهدفة، بهدف خلق فرص عمل جديدة للمواطنين، مع إعطاء أصحاب الأعمال الوقت الكافي لإعادة هيكلة فرق العمل.
- المرحلة الثانية: يتم فيها رفع نسب التوطين تدريجيا للوصول إلى المستويات المستهدفة في كل قطاع، مما يضمن تحول سلسً دون التأثير على استقرار سوق العمل.
وقد حددت وزارة الموارد البشرية حد أدنى للأجور بقيمة 6000 ريال سعودي في الوظائف المستهدفة، لضمان حصول المواطنين على فرص عمل برواتب مجزية تحفزهم على الاستمرار والتطوير في مجالاتهم الوظيفية.
كيف سيؤثر هذا القرار على سوق العمل السعودي؟
من المتوقع أن تحدث هذه القرارات تحولات كبيرة في سوق العمل، حيث سيكون لها تأثير مباشر على المؤسسات والشركات والعمالة الوافدة، ومن أبرز هذه التأثيرات:
- توفير المزيد من الفرص الوظيفية للسعوديين: سيحصل المواطنون على وظائف أكثر استقرار، مما يسهم في تقليل معدلات البطالة وزيادة الدخل الفردي.
- إعادة هيكلة العمالة الوافدة: من المحتمل أن تبحث بعض الشركات عن حلول بديلة، مثل إعادة توزيع الموظفين أو تقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية، مما قد يؤدي إلى انتقال بعض العمالة الوافدة إلى دول أخرى بحث عن فرص عمل جديدة.
- تحسين بيئة العمل: من خلال تطبيق قرارات التوطين، ستصبح بيئة العمل في القطاعين العام والخاص أكثر تنافسية، مما يحفز السعوديين على اكتساب مهارات جديدة وتطوير قدراتهم لضمان النجاح في وظائفهم.
- دعم الاقتصاد المحلي: زيادة نسبة العمالة الوطنية في القطاعات المستهدفة سيسهم في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي وتحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض المجالات الحيوية.
التحديات المحتملة والحلول المطروحة
رغم الفوائد العديدة لهذه القرارات، إلا أن هناك بعض التحديات التي قد تواجه سوق العمل خلال الفترة الانتقالية، ومن أبرزها:
- نقص الخبرات في بعض المجالات: بعض الوظائف التي سيتم توطينها قد تتطلب مهارات متخصصة لا يمتلكها المواطنون حاليًا، مما يستدعي توفير برامج تدريب وتأهيل لتعزيز قدراتهم.
- تأثير القرار على الشركات الصغيرة والمتوسطة: قد تواجه بعض المؤسسات صعوبة في الامتثال لمتطلبات التوطين، مما يتطلب دعمًا حكوميًا من خلال تقديم برامج تحفيزية وتسهيلات مالية.
- انتقال العمالة الوافدة إلى قطاعات أخرى: قد يؤدي القرار إلى زيادة المنافسة بين الوافدين على الوظائف غير المستهدفة بالتوطين، مما قد يخلق تحديات جديدة في سوق العمل.
مستقبل سوق العمل في ظل رؤية المملكة 2030
تسعى المملكة من خلال هذه القرارات إلى إحداث تغيير جوهري في بيئة العمل، بحيث تصبح أكثر استدامة وتنافسية، مما يساعد في تحقيق الأهداف الطموحة لرؤية 2030، التي تهدف إلى:
- رفع معدلات التوظيف بين السعوديين وتعزيز مشاركتهم في القطاعات الاقتصادية المختلفة.
- تحقيق تنمية مستدامة من خلال تطوير سوق العمل ليصبح أكثر قدرة على استيعاب القوى العاملة الوطنية.
- تخفيض الاعتماد على العمالة الوافدة في القطاعات الحيوية، مما يعزز من الاستقلالية الاقتصادية ويقلل من التحديات المتعلقة بسوق العمل المستقبلي.
- تعزيز برامج التدريب والتأهيل لتوفير كوادر وطنية قادرة على شغل الوظائف المستهدفة بكفاءة عالية.
خطوة جريئة تعيد تشكيل سوق العمل السعودي نحو مستقبل أكثر استدامة
تشكل قرارات وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية خطوة مهمة نحو توطين الوظائف في المملكة، حيث تسهم في توفير فرص عمل جديدة للسعوديين، وتقليل الاعتماد على العمالة الوافدة، مما ينعكس إيجابيا على الاقتصاد الوطني.
ومع تنفيذ هذه القرارات بشكل تدريجي ومدروس، ستتمكن الشركات والمؤسسات من التكيف مع التغييرات، مما يضمن تحقيق تحول سلس ومستدام في سوق العمل.
ومن المتوقع أن تشهد السنوات القادمة تطورات كبيرة في آليات التوظيف والتدريب والتوطين، مما يعزز من مكانة السعودية كواحدة من الدول الرائدة في خلق بيئة عمل متكاملة ومستدامة تحقق أهداف رؤية 2030.