فليسألوا من سبقهم!!

الدوحة - سيف الحموري - في خضم مشاهدِ القتل والإجرام وصور التنكيل، ومسلسلِ الدّمار المستمر على الشّعب الفلسطيني منذ سبعة عقود، وقد أخذ شكلًا لا مثيل له خلال الأشهر الأخيرة، يحزُّ في النّفسِ أنّ مشكلةَ شعبٍ أعزل لا حول له ولا قوة لم يجد العالمُ أجمع حلًا له خلال هذه الفترة الطويلة من المعاناة والهمجية؟!!.
ولعلّ المؤسف أكثر أنّ المحتل يحاول بكلّ ما أوتي من بطشٍ، محصنٍ بغطاءٍ من دولٍ عُظمى أن يُوهمَ البشرية أنّ ما يقوم به هو دفاعٌ عن النفس!!! وكأنّهم لم يشاهدوا على شاشات التلفزة ووسائل التواصل ما تُحدثه آلتُهم العسكرية في شوارع وأحياء فلسطين كلّ فلسطين!!
حتى عدسات التصوير ذاتها لم تسلم من بربريتهم وإرهابهم؛ حيث ارتقى العشراتُ من الصحفيين لمجرد أنّهم ينقلون نتيجة ما تقوم به طائراتُ المحتل ودباباته وصواريخه الغبية، وحتى أولئك الذين كانت قلوبهم خاوية من الجوع ينتظرون بعض طعام المساعدات لم يسلموا من همجية المحتل، ولم يقف المحتل عند هذا الحدّ فحسب؛ بل عمد إلى نبشِ قبور الأمواتِ وأهان حرمتها، وكأنّها أهدافٌ عسكرية وصيدٌ ثمينٌ!!.
ولعليّ لا أبالغُ إن قلتُ: إنّ القضية الفلسطينية اليومَ تمرُّ بمخاضٍ عسيرٍ لم يصل لما هو عليه منذ قيام النكبة عام ألفٍ وتسعمائةٍ وثمانيةٍ وأربعين، وستلدُ هذه الأحداث واقعًا جديدًا أراه يلوحُ في الأفق القريب، وما زال بأيدينا نحن أصحابُ الحقِ والمنطقة والجغرافيا والتّاريخ أن نحددَ طبيعة المستجدات القادمة، بعيدًا عن تدخلات دولٍ لا همّ لها إلا مصالحها وحساباتها السياسية على حساب شعوبنا وثروات منطقتنا.
إنّ الباطلَ لا يمكن له أن يتحول مهما بلغت قوته إلى واقعٍ دائمٍ وخيارٍ مسكوتٍ عنه، وكأنّ شيئًا لم يحدث.
فصمودُ الشّعب في فلسطين مستمرٌ بتقديم التضحيات ومقاومة القوة العسكرية، وستظل فلسطين في ضمائرنا أرضًا عربية محتلة حتى تتحرر وتُقام دولتها وعاصمتها القدس الشريف، وسوى ذلك فإنّ المنطقة كلها على شفا بركانٍ لا يعلم أحدٌ متى وكيف سينفجر، ولا إلى أين ستصل حِممه إن حدث لا سامح الله!.
لذا آن لأصحاب الضمائر وصُناع القرار أن يقرؤوا تاريخَ منطقتنا جيدًا؛ فهي أبدًا ما كانت ولن تكون أرضًا بدون شعبٍ ليكونوا أوصياء عليها، ويقدمونها طبقًا مضرجًا بدماء الشّعب الفلسطيني لجلاده.
عودة على العنوان: فليسأل المحتلُ من سبقه من غزاة، فقد مرّ على أرضنا كثيرٌ من المستعمرين، رحلوا هم وبقيت شعوبُ المنطقة متشبثة بأرضها وتاريخها وحضارتها، وأقطعُ جازمًا أنّ صهاينة اليومِ كما فشل الذين من قبلهم سيفشلون، وستبقى فلسطين عنوان تضحية وشعلة أملٍ لكل المستضعفين في الأرض.

Advertisements

أخبار متعلقة :