صندوق النقد العربي: 3.2% نمواً متوقعاً للاقتصاد القطري في 2023

الدوحة - سيف الحموري - قطاع النفط والغاز من أهم روافد الدخل

Advertisements

المرتبة الثانية عربياً في الأمن الغذائي

تراجع معدل التضخم إلى 3.6%
 

توقع صندوق النقد العربي نمو الاقتصاد القطري بنسبة 3.2 % خلال العام الجاري، بدعم من البنية التحتية المتطورة، وتوسعة حقل الشمال، فضلا عن مبادرات واستراتيجيات تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط والغاز، وتعزيز مكانة الدولة كوجهة استثمارية مميزة، مما يعزز آفاق نمو الاقتصاد المحلي.
وذكر الصندوق، بحسب الإصدار الثامن عشر لتقريره إلى أن قطاع النفط والغاز لا يزال من أهم روافد الدخل، ويسهم في تحسن الاقتصاد وزيادة الاحتياطيات المالية، وتحقيق فوائض في أرصدة الحساب المالي والحساب الجاري وسجلت إيرادات دولة قطر من النفط والغاز في الربع الأول من 2023 نحو 63.4 مليار ريال (17.41 مليار دولار)، من إجمالي الإيرادات العامة للبلاد، والتي بلغت 68.6 مليار ريال (18.84 مليار دولار) وعليه من المتوقع أن ينمو الاقتصاد القطري في عام 2023 بحوالي 3.2 بالمائة، ثم بحوالي 2.7 بالمائة في عام 2024. 

وتعمل دولة قطر على مشروعات توسعة حقل الشمال ما سيساهم في زيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال بنحو 64 بالمائة من 77 مليون طن حاليا إلى 126 مليون طن سنويا بحلول عام 2027 ويجعلها على رأس قائمة الدول المنتجة والمصدرة للغاز، وسيمكن من مزيد من تنويع مصادر الدخل للدولة وتوفير مصادر دخل إضافية للموازنة للإنفاق على المشاريع التي تضمنتها رؤية قطر الوطنية للعام 2030 وتحقيق أهداف التنمية المستدامة في مختلف المجالات.
وتوقع التقرير تراجعا لمعدل التضخم في قطر إلى 3.6 بالمائة خلال العام الجاري مقارنة بـ 4.3 بالمائة في 2022، على أن يتراجع لمستوى 2.9 بالمائة خلال 2024، كما توقع أن تتوافق توقعات التضخم للدول العربية تماما مع توقعات التضخم العالمية، حيث يحتمل أن تظهر بوادر السيطرة على الموجة التضخمية خلال العام الجاري وأن يصل التضخم في المنطقة العربية ما نسبته 4.1 بالمائة عام 2023، ونسبة 3.8 بالمائة عام 2024. 
كذلك توقع تقرير صندوق النقد العربي أن يسجل معدل التضخم في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية حوالي 2.5 بالمائة في عام 2023، ثم ما نسبته 2.3 بالمائة في عام 2024. 

الأمن الغذائي
وأوضح التقرير أنه وفقا لمؤشر الأمن الغذائي العالمي لعام 2022 الذي يقيس حالة الأمن الغذائي في 113 دولة، تحتل دولة قطر المرتبة الثانية عربيا حيث ترتكز استراتيجية الأمن الغذائي في الدولة على مجموعة عناصر، منها التجارة الدولية والخدمات اللوجستية، والاكتفاء الذاتي المحلي، والاحتياطيات الاستراتيجية، تحقيق الاستدامة، والاعتماد على التقنيات الحديثة والابتكار في القطاع الزراعي. 
وتتباين الدول العربية بشكل كبير في مستويات الأمن الغذائي لديها، حيث حققت الدول ذات الدخل المرتفع مثل الإمارات العربية المتحدة وقطر وعمان والبحرين والمملكة العربية السعودية، درجات أعلى بشكل عام في مؤشر الأمن الغذائي العالمي نظرا لاقتصاداتها القوية، مما يمكّنها من الاستثمار في الأمن الغذائي واستيراد الغذاء. 

النمو الاقتصادي
ووفقاً لتقديرات صندوق النقد العربي، من المتوقع أن يتراجع معدل نمو الاقتصادات العربية في عام 2023 ليسجل نحو 3.4 في المائة، مقابل 5.6 في المائة عام 2022، نتيجة عدد من العوامل المعارضة، فمن جهة تشهد أسعار النفط والغاز استقراراً عند مستويات معتدلة، وتعرف أسعار السلع الأساسية بما فيها المنتجات الزراعية تراجعا،ً ويقابل ذلك تشديد السياسات النقدية، وما يستصحب ذلك من ضغط على النشاطات الاقتصادية.

ولفت التقرير إلى أن الدول العربية التي تبنت برامج إصلاح اقتصادي ورؤى واستراتيجيات لتنويع اقتصاداتها وزيادة متانتها النسبية، وإصلاح بيئات الأعمال، وتشجيع دور القطاع الخاص، ودعم رأس المال البشري، تبدو أقدر على مواجهة التحديات متوقعا أن تستمر وتيرة النمو الاقتصادي للدول العربية عام 2024 لتسجل نحو 4.0 في المائة، وهو تحسن يمكن إرجاع أسبابه لتوقعات استقرار أسعار النفط وأسعار السلع الأساسية، وإحكام السيطرة على التضخم. 

تأثير رفع أسعار الفائدة
وحول انعكاسات رفع أسعار الفائدة العالمية على الاقتصادات العربية، ذكر التقرير أن أسعار الفائدة تعد من المتغيرات الهامة التي تؤثر في تكلفة الاقتراض وعوائد الودائع والنشاط الاستثماري والطلب في الاقتصاد بشكل عام، وهي بذلك تؤثر بشكل مباشر على النمو الاقتصادي ومعدلات التضخم. يتسبب رفع أسعار الفائدة في بروز عدد من التحديات، حيث يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الاستثمار والنمو الاقتصادي، وتقليل الإقراض وزيادة تكاليف الديون، وارتفاع البطالة، وتدني مستويات المعيشة. 
وبما أن اقتصادات الدول العربية مرتبطة بشكل كبير بالاقتصاد العالمي، فقد شهدت أسعار الفائدة في الدول العربية تطورات مماثلة للتطورات العالمية حيث استجابت بعض البنوك المركزية ومؤسسات النقد العربية لارتفاع أسعار الفائدة عالميا. كما تختلف استجابة الدول العربية للتغيرات العالمية في أسعار الفائدة، ففي حين توائم بعض الدول أسعار الفائدة المحلية مع أسعار الفائدة العالمية، تقوم دول أخرى باستجابات مختلفة بحسب طبيعة أنظمة الصرف ومرونة النظام المالي، وهيكل الاقتصاد.
بالنسبة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، يتوقف تأثير رفع أسعار الفائدة على عنصرين أساسيين هما: أسعار النفط، وقوة الطلب المحلي. عمليا، لا يزال تأثير رفع أسعار الفائدة بين دول الخليج المصدرة للنفط في عام 2022 محدوداً حتى الآن، حيث إن تأثيره على نمو القطاع غير النفطي محدود بسبب ارتفاع أسعار النفط التي تدعم السيولة وتعزز ثقة المستثمرين والمستهلكين.
أما بالنسبة للدول العربية ذات الدخل المتوسط والمنخفض، فيتوقع أن تكون هناك آثار سلبية لرفع أسعار الفائدة مقارنة بالدول ذات الدخل المرتفع، خاصة الدول ذات نسب المديونية العالية، فعلاوة على أثر ذلك على نشاط القطاع الخاص، تتكبد تلك الدول تكلفة أكبر من أجل خدمة الدين، كما أنها معرضة أكثر من غيرها للحاجة إلى الاقتراض من السوق الدولي؛ وهو خيار قد يبدو غير مناسب في الظروف الحالية، خاصة أن بعضها ما تزال تعاني من التبعات الاقتصادية لجائحة كوفيد - 19، إضافة لارتفاع تكلفة استيراد الغذاء والطاقة.

السياسة النقدية
وفي حين تبدو خيارات السياسة النقدية محدودة في العديد من الدول العربية في ضوء التطورات الدولية والمحلية، يمكن أن تلعب السياسة المالية دوراً مهماً في تقليل الأثر الانكماشي للسياسة النقدية المتشددة في الدول التي تملك حيزاً مالياً، مع مراعاة ألا تؤدي السياسة المالية لرفع معدلات الفائدة. في الدول ذات الحيز المالي المحدود، فإن تعزيز الإيرادات وتطوير إدارة الدين العام، تعتبر خطوات مهمة لخلق حيز مالي يسمح بدعم الفئات الهشة من المجتمع، والاستمرار في الإنفاق الرأسمالي وتعزيز الثقة باستدامة الدين. 
وبالنسبة للدول العربية توقع الصندوق أن تتأثر مسارات النمو خلال عامي 2023 و2024 بمجموعة من العوامل، منها ما يتعلق بالظروف العالمية التي تنطوي على حالة عدم يقين متزايدة، إضافة إلى نتائج إجراءات تشديد السياسة النقدية التي استمرت تقريباً طيلة سنة،2022 وما إذا كان ذلك سيؤدي إلى السيطرة على التضخم، وإلى مدى تأثير تلك السياسة على النشاط الاقتصادي، علماً أن آثار تلك السياسة تبدو متباينة نسبيا، ففي الوقت الذي تمكنت بعض الدول العربية من إحكام سيطرتها على معدلات التضخم (مثل حالة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية)، لا تزال دول أخرى تكافح لتحقيق ذات الهدف. 
أما بالنسبة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فقد تتـأثر مسارات النمو خلال السنوات القليلة القادمة، باحتمال تباطؤ النمو مع دخول العديد من اقتصادات العالم في حالة ركود، مع ذلك ما تزال التوقعات لدول الخليج في عام 2023 أكثر تفاؤلا، إذ من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.4 بالمائة خلال عام 2023 لا سيما في ظل توجه الاقتصادات الخليجية للمزيد من التنويع، كما سيتأثر باستمرار رفع أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، حيث يتوقع أن يكون له بعض التأثيرات على كلفة التمويل والاستثمار. وبالنظر إلى استقرار أسعار النفط عند مستويات مرتفعة نسبيا،ً فإن ذلك سيترجم في زيادة عائدات النفط، ويمكن أن يؤدي إلى زيادة الفوائض المالية، وتراكم احتياطيات النقد الأجنبي، ووضع مالي عام أقوى، بالنظر إلى مستويات ديونها المنخفضة. أحد المسارات الأخرى المحددة لآفاق النمو هو تركيز دول المجموعة على توطين القوى العاملة في القطاع الخاص، ورفع نسبة مشاركة المواطنين كجزء من القوى العاملة.

أخبار متعلقة :