الدوحة - سيف الحموري - دول التعاون فتحت أبوابها لاستقبال الفلسطينيين كملاذ آمن
المشروع الاستيطاني يسير منذ ولادته ضد حركة التاريخ
جهود الوساطة نابعة من قيمنا الإسلامية والعربية
أكد سعادة الدكتور محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي وزير الدولة بوزارة الخارجية، أن مواقف دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قادة وشعوبا من القضية الفلسطينية ثابتة وراسخة وقائمة على الإيمان بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني.
وأوضح سعادته، في كلمته أمس، خلال الجلسة الافتتاحية لأعمال منتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية في دورته الحادية عشرة، الذي ينظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أن العلاقة بين دول مجلس التعاون والقضية الفلسطينية ليست وليدة اللحظة بل هي امتداد لتاريخ طويل من الدعم والتضامن الذي بدأ مع نشأة هذه الدول واستمر حتى يومنا هذا.
وأكد أن مواقف دول الخليج قيادة وشعوبا ظلت دائما ثابتة وراسخة قائمة على الإيمان بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني.
وقال: «منذ بدايات العلاقة فتحت دول الخليج أبوابها لاستقبال الفلسطينيين الذين وجدوا فيها ملاذا آمنا وفرصا للعمل والمساهمة في تنميتها، وأسهمت هذه الأواصر الإنسانية العميقة بين الشعب الفلسطيني والشعوب الخليجية في دعم مختلف مجالات التنمية، وتركوا بصمات لا تمحى في بناء المؤسسات والبنى التحتية، كما شكلوا جسورا إنسانية وثقافية عززت الروابط بين شعوب الخليج والشعب الفلسطيني وجعلت منهم إخوة يشاركوننا في رحلة النمو والازدهار».
ولفت سعادة الدكتور الخليفي إلى أن القضية الفلسطينية ستظل دائما محور اهتمام الدول العربية والإسلامية. معربا عن يقينه بأن الأمة العربية تحمل هذه القضية في ضميرها وتبذل كل ما في وسعها لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني الشقيق، ولن تدخر جهدا في تسخير كل الإمكانات لدعم هذا الشعب وصموده أمام الاحتلال الإسرائيلي الذي يهدد وجوده وحقوقه.
كما نوه إلى أن الشعوب العربية والإسلامية تدرك تماما أن استقرار المنطقة وأمنها مرتبطان ارتباطا وثيقا بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، لذا فإن دعمهم لهذه القضية العادلة ليس مجرد واجب ديني أو قومي فحسب بل هو التزام إنساني وأخلاقي.
حملات الإبادة
وتطرق سعادته إلى تطورات القضية الفلسطينية ومشاريع التهجير والإبادة والاستيطان قائلا: «إن المشروع الاستيطاني الإسرائيلي في فلسطين يسير منذ ولادته ضد حركة التاريخ وإن حملات الإبادة والتهجير للشعب الفلسطيني منذ أكثر من نصف قرن زادته إصرارا على التمسك بأرضه وأن صمود الشعب الفلسطيني والوعي الإنساني المتصاعد رسخ حقوق هذا الشعب المظلوم على أرضه».
وتابع: «في ظل هذا التطور في الصراع لم يبق أمام الجميع سوى حل واحد هو تمكين قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة على حدود الرابع من يونيو 1967».
وتحدث سعادة وزير الدولة بوزارة الخارجية، عن العدوان الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني، وقال إن هذا العدوان قد تمادى في وحشيته واستهتاره متخذا شكل عقاب جماعي وحرب إبادة أسفرت عن حصيلة مفزعة من الضحايا الأبرياء ودمار شامل وكارثة إنسانية غير مسبوقة في قطاع غزة ثم الضفة الغربية بل وصل الأمر حتى إلى لبنان.
وتابع: «إن هذا العدوان تجاوز كل التحذيرات التي أطلقتها القمم العالمية وغيرها من المنصات الدولية التي حذرت من تفاقم الأزمة وانزلاق المنطقة إلى عنف أشمل وأخطر»، منبها إلى أن هذه التحذيرات انعكست قلقا عميقا من تداعيات هذا النزاع المستمر، وأكدت ضرورة حشد الجهود الدولية والإقليمية للعمل على تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة وضمان حقوق الشعب الفلسطيني في العيش بكرامة وأمان.
وأكد سعادته أن استمرار هذا العدوان يتطلب من المجتمع الدولي اتخاذ موقف حازم لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ولا يمكن تبرير الصمت الدولي إزاء هذه الجرائم ويجب عليه أن يتحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية في حماية الشعب الفلسطيني.
ودعا سعادة وزير الدولة بوزارة الخارجية جميع الأطراف الدولية إلى العمل بجدية من أجل تحقيق هذه الغاية المشهودة وتجنب المزيد من التصعيد والعنف الذي لا يجلب سوى المزيد من المعاناة والدمار.
وأكد أن استمرار هذا الوضع المأساوي في غزة يفرض على الجميع مسؤولية أخلاقية وإنسانية لرفع الصوت عاليا ضد هذه الانتهاكات والعمل بلا كلل على تذكير العالم بأن الشعب الفلسطيني يستحق العيش بكرامة وأمان بعيدا عن العنف والاضطهاد.
نموذج حي
وتحدث سعادة وزير الدولة بوزارة الخارجية عن دور دولة قطر في حل النزاعات ودعم جهود الاستقرار والسلام في المنطقة والعالم. وقال «إن دولة قطر مثلت نموذجا حيا للدور الفاعل في الوساطة بين الأطراف المتنازعة مستندة في ذلك إلى مبادئ ثابتة من العدل والإنصاف واحترام القانون الدولي».
وتابع: «تهدف هذه الجهود إلى بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة وتشجيعهم على الحوار البناء وتيسير عملية تحقيق السلام كما تتضمن بذل العناية اللازمة لضمان الوصول إلى نتيجة محددة وتهيئة الظروف الملائمة لتحقيق حل سلمي ومستدام».
وأكد سعادة الدكتور محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي وزير الدولة بوزارة الخارجية، موقف دولة قطر الثابت في دعم حق الشعب الفلسطيني في الوجود والبقاء على أرضه وتقرير مصيره. مشددا على أنها لن تتوانى عن بذل كل جهد لتحقيق حل عادل ودائم وشامل للقضية الفلسطينية.
وتابع: «إن جهود الوساطة نابعة من قيمنا الإسلامية والعربية ومبادئ العدل والإنصاف وهي الأساس التي قامت عليه سياسة دولة قطر الخارجية لسنوات طويلة وتسعى هذه الجهود إلى تحقيق السلام العادل الذي يحمي حقوق الضعفاء ويضمن مستقبلا أفضل للأجيال القادمة، وذلك انطلاقا من المادة السابعة من الدستور الدائم القطري».
وأكد أن الجميع أمام لحظة تاريخية تتطلب من الجميع حكومات وشعوبا إعادة النظر في أدوات وآليات دعم القضية الفلسطينية، وقال: «من هذا المنطلق تأتي الجهود التي تبذلها اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية لخلق مسار واضح للقضية الفلسطينية».
ولفت إلى أن هذه اللجنة قامت بزيارات عدة لعواصم معنية والأمم المتحدة للعمل على وقف هذا العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني والتحرك على المستوى الدولي لمساندة جهود نيل الاعتراف بفلسطين.
رفع الوعي
كما أوضح سعادة الدكتور الخليفي أن تلك الجهود تشمل تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية وتكثيف الحملات الدبلوماسية لرفع الوعي العالمي حول معاناة الشعب الفلسطيني.
ونبه سعادته إلى أن حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على غزة بعد 7 من أكتوبر من العام الماضي كشفت عن نوايا وأفعال الاحتلال وأصبح العالم أمام تحد قانوني وأخلاقي كبير هل يقف مع قيم العدل والإنصاف والقانون الدولي، أم يقف متفرجا ويهدم ما بنته الإنسانية تحت ذرائع الواقعية السياسية.
وقال سعادته: «مما زاد من حرج الوقوف كمتفرجين على حرب الإبادة على غزة هو الضغط المتزايد من الشعوب والمنظمات الحقوقية وبعد فترة مخاض عسيرة امتدت شهورا طويلة اختار العالم أن يبتعد تدريجيا عن ازدواجية المعايير».
وتابع: «تحركت الدول والمنظمات الإقليمية والدولية للدفاع عن القيم الإنسانية وتم تفعيل المعاهدات والمواثيق الدولية الرامية لوقف جريمة الإبادة ضد غزة ومساءلة مرتكبيها تحت منصات القضاء الدولي وحصل توافق دولي فريد يقوم على أساس أنه لا يوجد حل سياسي يعيد للشرق الأوسط السلام والاستقرار غير إنهاء الاحتلال وتمتع الشعب الفلسطيني بحقه في تقرير مصيره».
حرب الإبادة علي غزة
كما نبه سعادته إلى أن حرب الإبادة على غزة أظهرت بوضوح أن قوة الشعوب وإرادتها هي العمل الحاسم في الصراعات الحديثة فالشعوب بوعيها وإصرارها على تحقيق العدالة قادرة على تغيير مسار التاريخ وإعادة تشكيل العلاقات الدولية.
وأضاف: «لقد أثبتت هذه الحرب أن التضامن الشعبي يمكن أن يكون أقوى من أي جيش وأن الصوت الجماعي للشعوب يمكن أن يفرض إرادة جديدة على الساحة الدولية».
ولفت إلى أن هذا الوعي المتزايد بين الشعوب من شأنه أن يؤدي إلى تغيير جذري في قواعد العلاقات الدولية، حيث تصبح قوة الحق هي المعيار الأساسي بدلا من حق القوة وتدرك الدول أن احترام حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية هما السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار.
وشدد سعادته على أن دعم القضية الفلسطينية لا يجب أن يكون مجرد استجابة مؤقتة للحظات الأزمات بل يجب أن يكون التزاما مستداما يستند إلى رؤية واضحة وإلى استراتيجية طويلة الأمد، وهذا النهج المتكامل يعكس التزاما حقيقيا لتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة.
أخبار متعلقة :