الدوحة - سيف الحموري - شهد العمل الإنساني والتنموي للجمعيات والمنظمات الخيرية القطرية، في الآونة الأخيرة، تحولاً لافتاً، من خلال التركيز على تقديم الوسائل والأدوات التي تمكن المحتاجين من الاعتماد على أنفسهم، كتوفير وسائل الإنتاج، ورفع القدرات، واكتساب مهارات جديدة، وفتح آفاق واسعة في الكسب والمعيشة، ما أكسب قطر سمعة دولية رائدة في مجال العمل الإنساني.
وعلى مدار السنوات الماضية، ظلت المنظمات الإغاثية والتنموية القطرية تقوم بدور محوري في مساعدة الشعوب المنكوبة في مناطق الأزمات، وتسهم قطر الخيرية والهلال الأحمر القطري وصندوق قطر للتنمية، وغيرها من المنظمات الوطنية العاملة في الحقل الإنساني، بشكل فاعل في تخفيف المعاناة الإنسانية والاستثمار في التعليم، والتمكين الاقتصادي، ودعم الشرائح الفقيرة بمشروعات إنتاجية تسهم في تنمية مجتمعاتهم، وتوفر لهم فرص عمل.
وفي هذا السياق، عزز الهلال الأحمر القطري الدور التنموي في العمل الإنساني، حيث قدم حزمة من المشروعات التي تستهدف بشكل أساسي سبل كسب العيش، من خلال تقديم أدوات زراعية للأسر الفقيرة مع التدريب الاحترافي، وتمويل مشروع تربية أبقار للأرامل مع الأعلاف والتدريب والعناية البيطرية، وتمويل مشاريع تجارية لفتح باب رزق للأسر المحتاجة ولذوي الإعاقة، وتمويل مشروعات زراعية وتربية أبقار وماعز لربات البيوت، فضلاً عن تمويل مشروع صيد أسماك للصيادين، وتمويل مشاريع تجارية صغيرة للفقراء كماكينات وأدوات الخياطة ومعامل أجبان وألبان، علاوة على توفير جرارات زراعية للمزارعين الفقراء لتأمين مصدر رزق دائم لهم.
حصاد 7 أعوام
وأكد الهلال الأحمر القطري، في إفادته لوكالة الأنباء القطرية «قنا»، أن إجمالي عدد المستفيدين من خدماته ومساعداته تجاوز، خلال الأعوام السبعة الماضية فقط، 62 مليون شخص في 57 بلداً حول العالم، فيما وصل حجم المساعدات المقدمة خلال نفس الفترة إلى 3 مليارات وربع المليار ريال، مشيراً إلى أنه يباشر أنشطته الخارجية من خلال 14 مكتباً وبعثة تمثيلية في أهم البلدان التي يعمل بها، بالإضافة إلى تعاونه مه عدد كبير من الشراكات والجمعيات الوطنية والسلطات المحلية في البلدان المضيفة، ومع المنظمات الإنسانية الدولية العاملة في تلك البلدان أيضا.
ولفت الهلال الأحمر القطري، إلى إطلاق حملة رمضانية هذا العام الجاري تحت شعار «الإنسانية أولاً: جودكم إحسان»، والتي ستستهدف ما يقارب 720 ألف مستفيد في هذه الفترة وبعدها، من خلال مشاريع رمضانية وتنموية متنوعة داخل قطر، وفي 18 دولة حول العالم.
مساعدات تنموية
وفي السياق ذاته، بلغت مساهمات صندوق قطر للتنمية، مستوى 708 ملايين دولار على مدار العام الماضي كإجمالي مساعدات إنسانية وتنموية، مما جعل قطر من أكبر الدول المانحة والداعمة للدول الأقل نمواً، وقد استطاعت جهودها أن تصنع التغيير في المجتمعات الهشة والمهمشة حول العالم، من خلال مشاريع شملت مختلف النواحي الإنسانية، سواء كانت تنموية أو صحية أو تعليمية أو اجتماعية أو غيرها.
وتعد إسهامات المنظمات والجمعيات الخيرية القطرية أساسية في دعم المحتاجين والأسر الفقيرة، من خلال تمليك وسائل الإنتاج، لتشكل بذلك نقلة نوعية في حياتهم وسبل كسب عيشهم، وقد تعزز هذا الدور مؤخراً في مجالات التدريب والإرشاد الزراعي، وتمليك وسائل الإنتاج، وصقل المهارات في الأعمال اليدوية كالحدادة والنجارة، وتقديم وسائل وأدوات تساعد المحتاجين على هذا الصعيد، فضلاً عن تمليك مواش وأدوات زراعية وطواحين للغلال، بهدف التمكين الاقتصادي للأرامل وربات البيوت الفقيرة، حيث تساعد مثل هذه المشاريع كثيرا على تنمية الأسر الفقيرة، كما توفر لها بعض مستلزماتها الأساسية، فضلاً عن دورها في محاربة الفقر والحد من البطالة.
وفي سياق متصل، أفادت قطر الخيرية «قنا»، بأن الجمعيات والمنظمات الخيرية تقوم بإطلاق العديد من المبادرات الإنسانية والخيرية كل عام خلال الشهر الكريم، والتي تهدف إلى مساعدة المحتاجين وتنفيذ سلسلة من المشاريع الموسمية التي تدعم الأمن الغذائي، وتخفف من معاناة المحتاجين حول العالم، عبر مشاريع إفطار الصائم: «السلال الغذائية ووجبات وموائد الإفطار»، وتوزيع زكاة الفطر، وكسوة العيد، فضلا عن عيدية الأيتام، وعيدية أطفال أسر ذوي الدخل المحدود التي تساهم في تخفيف معاناة الآخرين، ورسم الابتسامة على وجوه الأطفال، والنساء، والأرامل والأيتام.
وشددت قطر الخيرية، في ردها على أسئلة وكالة الأنباء القطرية «قنا»، على حرصها على إطلاق حملتها الرمضانية سنويا، لتستهدف حملة العام الجاري «رمضان الأثر» تنفيذ مشاريع في 41 دولة (دولة قطر و40 دولة حول العالم)، بتكلفة إجمالية تتجاوز 118 مليون ريال، لتشمل في داخل قطر مشاريع موسمية لصالح العمال، والأسر ذات الدخل المحدود، والأيتام، وأبناء الجاليات، كما تهتم بتقديم مساعدات للغارمين، والأرامل، والحالات الإنسانية والمرضية، وغيرها عبر منصة /الأقربون/، وينتظر أن تبلغ قيمتها حوالي 71 مليون ريال لفائدة 10 آلاف حالة، فضلا عن تنفيذ عدد من المشاريع التوعوية والثقافية والمبادرات التطوعية. كما تستهدف مشاريع الحملة داخل قطر تقديم مساعدات للحالات الإنسانية والمرضية والغارمين في إطار منصة /الأقربون/، وتنفيذ برامج مجتمعية وثقافية للجمهور وفعاليات خاصة بالمتطوعين.
أما في خارج قطر، فستنفذ الحملة في 40 دولة من خلال مكاتبها الميدانية وشركائها المحليين، وستركز على مناطق الكوارث والأزمات، مثل الداخل السوري وتركيا والصومال وبنغلاديش (بمن فيهم لاجئو الروهينجيا) وفلسطين، وبتكلفة تقدر بحوالي 31 مليون ريال، تتوزع على ثلاثة مشاريع رئيسة هي إفطار الصائم، وزكاة الفطر، وكسوة العيد للأيتام.
وذكرت قطر الخيرية أن عدد المستفيدين من مشاريعها الإنسانية والتنموية، التي نفذتها خلال الـ10 سنوات الماضية، بلغ أكثر من 176 مليون إنسان حول العالم، بتكلفة إجمالية تقدر بحوالي 436.5 مليار ريال، وشملت مجالات التدخل، الأمن الغذائي، والصحة والتعليم والإيواء والمياه والإصحاح والرعاية الاجتماعية، والتمكين الاقتصادي، وبناء القدرات، والتدريب.
دعم الداخل
ونوهت قطر الخيرية إلى أن التكلفة الإجمالية لدعم الحالات الإنسانية داخل قطر تقدر بـ 5.554 مليون ريال، استفاد منها آلاف من فئات الغارمين والمرضى والمطلقات والمسنين والأرامل والطلاب، والأسر محدودة الدخل وأسر السجناء والمهجورات وذوو الاحتياجات الخاصة، كما تمكنت قطر الخيرية، على مدى السنوات العشر الماضية، من كفالة 869 ألفا و345 شخصا، كانت له السند واليد الحانية، فيما يبلغ إجمالي من تكفله الآن أكثر من 194 ألف شخص.
ويعتبر دور المنظمات والجمعيات القطرية محورياً في تخفيف المعاناة الإنسانية، إذ أنّ هذه الإسهامات من شأنها أن تمنح الأمل بدلاً عن اليأس، حيث إن الاستجابة الفعالة وتقديم المساعدات الإنسانية والتنموية تعد نقطة تحول جوهرية في حياة الشعوب المنكوبة، ومرحلة لتمكينهم اقتصادياً، وخطوة لبناء شراكات فاعلة لعمل الخير.
أخبار متعلقة :