"منتدى قطر الاقتصادي".. ريادة الأعمال في قطر.. دعم متواصل ودور مؤثر

الدوحة - سيف الحموري -  

Advertisements

تحظى ريادة الأعمال بدعم متواصل من دولة قطر، إذ تعتبر أمرا بالغ الأهمية لتنمية المجتمع القطري وتحقيق تنويع الاقتصاد واستدامته، فضلا عن كونها تلعب دورا مؤثرا في النمو الاقتصادي الشامل والمستدام لدولة قطر، وهي مصدر لكثير من الحلول المبتكرة الداعمة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ولها أثر مباشر على الاقتصاد الوطني، وتعد في المقام ذاته مصدرا أساسيا لنمو الوظائف الجديدة.
وفي هذا الصدد، يؤكد السيد يوسف الصالحي، المدير التنفيذي لواحة قطر للعلوم والتكنولوجيا، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ على أهمية السياسات والخطط التي تبنتها دولة قطر، والرامية إلى توسعة نطاق دعم وتشجيع ريادة الأعمال على الساحة المحلية، لما لها من دور بارز في النهوض وتحسين أداء قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي حققت في الآونة الأخيرة تقدما ملحوظا، عزز من مساهمتها في دعم الاقتصاد الوطني، ورفده بمقومات تعزز من وتيرة نموه المتسارع على مختلف الصعد.
وأشار الصالحي إلى أن واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا تحتضن اليوم ما يقارب 26 شركة ناشئة، تعمل في مختلف المجالات التكنولوجية، مشيرا إلى أن الشركات الناشئة الإقليمية بدأت تأخذ حيزا واسعا على مستوى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، تتمثل في الدخول إلى أسواق آسيوية جديدة.
ووصف المدير التنفيذي لواحة قطر للعلوم والتكنولوجيا العلاقات الاقتصادية الخليجية الآسيوية بأنها ثنائية التأثير، حيث أدى التحول في رأس المال العالمي بعد انتهاء جائحة كورنا /كوفيد-19/ إلى ظهور بيئة تتطلع فيها العديد من الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة الناجحة في منطقة الآسيان إلى التوسع في مناطق جديدة مليئة بالفرص، أي في منطقة الخليج.
وعلق الصالحي على الأهمية العالمية المتنامية لعلاقة الترابط الاقتصادية بين منطقة الخليج والهند وجنوب شرق آسيا، بقوله: "لا يخفى على أحد أن اقتصادات رابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان) كانت من القوى الدافعة للابتكار على مدار الخمسة عشر عاما الماضية".
وأضاف "لا توفر قوة الفرص الثنائية طرقا لتوسيع نطاق الأعمال فحسب، ولكنها تتيح كذلك سبلا جديدة لتعزيز سلاسل التوريد وإنشاء مراكز تصنيع جديدة، ونظرا لأن بعض الدول على غرار دولة قطر تأخذ بزمام المبادرة في جهود تحول الطاقة، فقد ظهرت صناعات جديدة، ويتمتع الاقتصاد في دول الجنوب بوضع جيد للاستحواذ على هذه الصناعات".
وتبنت دولة قطر خططا استراتيجية لتعزيز مجتمع ريادة الأعمال، وتشجيع اندماجها في مناخ أعمال وطني تطبعه التنافسية، وبالتالي استطاع عدد من الشركات الصغرى والمتوسطة تحقيق نمو سريع في إنتاجيتها، وأثبت عدد من تلك الشركات قدرتها على حفظ التوازن في بيئة الأعمال المحلية والاستمرار في النمو وبناء فرص العمل، بل منها من بدأ يسجل حضوره في الأسواق الخارجية بعدما توجه إلى التصدير، وأصبح ينافس إقليميا ودوليا في عدد من القطاعات الصناعية والاستهلاكية.
وتعمل العديد من المؤسسات، العامة والخاصة، على إنشاء بيئة عمل تدعم الشباب وتحفزهم على توجيه ابتكاراتهم وإبداعهم نحو بناء مجتمع مستدام من خلال تحويل أفكار الأعمال إلى منشآت اقتصادية ناجحة، وتركز هذه المؤسسات على تشجيع التفكير الإبداعي في صفوف الشباب وتحويل أفكارهم وتصوراتهم إلى مشروعات قابلة للاستمرار.
وقد صممت المبادرات لتقديم الدعم والمهارات اللازمين لمساعدة الشباب في رعاية أفكارهم ودعمها والمساهمة في التنويع الاقتصادي من خلال نمو القطاع الخاص.
وتركز قطر على إيجاد مناخ تنظيمي ملائم يدعم قطاع الأعمال المحلي، وانتهجت الحكومة القطرية سياسات وإصلاحات هيكلية عديدة للمساعدة في تحفيز الاقتصاد أهمها مبادرات لتحسين بيئة الاستثمار، واستراتيجيات لتشجيع الصناعات التحويلية المحلية لتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي، وتوسيع الخطوط الجوية وخطوط الشحن البحري وتشغيل ميناء حمد، والسماح لمواطني الكثير من الدول بدخول قطر بدون تأشيرة، فضلا عن تبني سياسات لتعزيز العلاقات مع شركاء الاستيراد والتصدير في قطر، بالإضافة إلى اتخاذ تدابير لتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي، وتنفيذ استثمارات حكومية في البنية التحتية والخدمات الاجتماعية، خاصة في قطاعي التعليم والصحة.
كما تعمل قطر على تمكين القطاع الخاص من ممارسة دور أساسي في تحقيق التنمية المستدامة، فقد دعمت جهود التوطين في الدولة من خلال سياسات المشتريات العامة واحتضان وتسريع مشاريع رواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية عبر حاضنة قطر للأعمال وواحة قطر للعلوم والتكنولوجيا وحاضنة الأعمال الرقمية ومركز نماء وغيرها من المؤسسات.
كما لعب بنك قطر للتنمية دورا مهما في تمكين الرواد وتشجيع الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. حيث أطلق مجموعة من المبادرات والبرامج، واعتمد نماذج أعمال فريدة من نوعها تقوم على الابتكار، وتوظيف أفضل الممارسات والتقنيات الحديثة لدعم العمليات، إضافة إلى المصنع النموذجي، الذي تم إطلاقه من قبل بنك قطر للتنمية، بالشراكة مع وزارة التجارة والصناعة، في العام 2021، حيث ساعد المصنع حتى يومنا الحاضر، عدة شركات على تحقيق طموحاتها، في تعزيز إنتاجيتها، وتحسين مستوياتها التشغيلية، وضم الفوج الأول من متدربي برنامج التعلم والتحول 7 شركات، بينما شهد برنامج رحلة كايزن مشاركة 5 شركات، لتحقق الشركات التي أكملت البرنامج في 2021 نتائج إيجابية، إذ نجحت مجتمعة في دفع وتيرة الإنتاج وتحقيق إيرادات بلغت 44 مليون ريال.
وفي 2022 شاركت 10 شركات في مختلف برامج المصنع، وحققت جميعها نجاحات تشغيلية لافتة برفع كفاءتها الإنتاجية، حيث تقدر الإيرادات لجميع هذه الشركات بـ33 مليونا، إلى جانب التأثير طويل الأمد، خاصة في استدامة الأعمال وجعلها أكثر انسيابية على المدى الطويل.
كما ساهم في تقييم جاهزية الشركات للتحول الرقمي لما يزيد عن 10 شركات على الصعيد التقني وآلية وطرق العمل، وكذلك الهيكل الإداري، ومدى جاهزية الموارد البشرية للتحول الرقمي، وهو ما سيلقي بظلاله على كافة نواحي عمل الشركات ويحفزها لرفع مستويات إنتاجيتها، ويفتح أمامها آفاقا جديدة في السوق الوطنية والدولية.
وأقام المصنع منذ مطلع العام الجاري (2023) العديد من البرامج والورش التدريبية واللقاءات الثنائية والزيارات الميدانية التطويرية تحقيقا لهذه الأهداف، واستفادت 5 شركات صغيرة ومتوسطة من برنامج التحول والتعلم في رفع إنتاجيتها حتى تاريخه.
ويعتبر أول مركز لتطوير القدرات الصناعية في قطر والمنطقة، حيث يتبع الإجراءات والعمليات الأفضل في تمكين الشركات الصناعية الصغيرة والمتوسطة، ليكون بذلك مركزا تدريبيا متكاملا للشركات في رحلتها لتطوير أعمالها سواء عبر تحسين نقاط قوتها أو العمل على معالجة أية تحديات تشغيلية تواجهها، وذلك عبر تبني أفضل الممارسات التصنيعية العالمية في مجالات عملها لضمان عملية تشغيل انسيابية مستدامة، تحد من الهدر بأنواعه وتقلل من التكاليف، وترفع من مستوى الإنتاجية لمستويات غير مسبوقة.
ويأمل المصنع، من خلال مساعيه المستمرة، رفع مستوى الخدمات التي يقدمها على تطوير منشآته باستعمال أفضل التقنيات تماشيا مع الممارسات الصناعية والتكنولوجية الحديثة، ليكون أول مركز صناعي تكنولوجي لتنمية القدرات في قطر والمنطقة بالتعاون مع أفضل الشركاء الدوليين في هذا المجال، وصولا لتحقيق تجربة صناعية متميزة للشركات الصغيرة والمتوسطة المستفيدة عبر تبني مختلف الحلول الرقمية في رحلتها لتطوير أعمالها.
كما سعت قطر عبر الاستراتيجية الوطنية للتطوير إلى إزالة العوائق أمام مشاركة القطاع الخاص من خلال تحسين مناخ الأعمال، وتبسيط الإجراءات الحكومية، والقضاء على أوجه القصور في بيئة الأعمال.
وقد أسهمت جهود الدولة في تحسين وضع البلاد في الترتيب العالمي "لممارسة الأعمال التجارية"، الصادر عن البنك الدولي، في إفادة المستثمرين المحليين والدوليين، فقد احتلت قطر المرتبة الثالثة في مؤشر بيئة ريادة الأعمال على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وسجلت أداء جيدا في جميع محاور إطار العمل الريادي. وساهمت الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة في مجال قوانين العمل، والخصخصة، والمناطق الاقتصادية الخاصة، ورفع سقف ملكية الأجانب إلى 100 بالمائة في بعض المشروعات لتسهيل الاستثمار، والعمل في البلاد وحفزت نشاط ريادة الأعمال.
وتشير آخر تقارير المرصد العالمي إلى نشاط ريادة الأعمال في المراحل المبكرة، وتعكس تحسنا كبيرا في السنوات الأخيرة، حيث استطاعت دولة قطر أن تقفز 37 مرتبة في فترة وجيزة من المركز الخمسين على العالم في 2016 إلى المركز الـ13 في 2020، حيث ارتفعت قيمة المؤشر من 14.7 بالمئة في عام 2019 إلى 17.2 بالمئة في عام 2020.
ويقيس التقرير مستوى ريادة الأعمال بين الموظفين الذين شاركوا كموظفين في تطوير أو إطلاق سلع أو خدمات جديدة أو إنشاء فروع أو وحدات أعمال داخل المؤسسات التي يعملون بها، وهو المؤشر الذي نالت فيه دولة قطر المرتبة الأولى عالميا من حيث فعالية الموظفين في تطوير المؤسسات التي يعملون بها.
وعلى مستوى المحاور الفرعية لمؤشر بيئة ريادة الأعمال، جاءت دولة قطر في المرتبة الأولى على الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والرابعة عالميا في أفضل السياسات الحكومية الداعمة المتعلقة بالضرائب والإجراءات البيروقراطية.
أما على صعيد محور تنمية القدرات والمهارات الريادية، فنالت دولة قطر المرتبة الأولى على الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والخامسة عالميا في تعليم وتدريب ريادة الأعمال في المراحل الجامعية والتعليم المهني بالتعاون مع المؤسسات الداعمة والجامعات.

أخبار متعلقة :