حال قطر

خطبة الجمعة بجامع الإمام تؤكد على شمولية الإسلام لكل مجالات الحياة


الدوحة - سيف الحموري - أوضح فضيلة الشيخ عبدالله محمد النعمة خلال خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب أن الإسلام جاء بشموليته الطيبة، فهو منهج متكامل، تشريع شامل لكل مجالات الحياة إيمان وعمل، عقيدة وشريعة، عبادة ومعاملة، فكر وعاطفة، أخلاق وعمران، قال الله تعالى "ونزلنا عليك الكتابة تبيانا لكل شيء"، وفي الحديث الذي أخرجه الحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إنه ليس شيء يقربكم إلى الجنة إلا قد أمرتكم به وليس شيء يقربكم إلى النار إلا قد نهيتكم عنه". ومن هنا عباد الله، فلا غرو أن تدخل توجيهات الإسلام وأحكام الشريعة في تنظيم المجتمع في دقيقه وجليله في أفراده وجموعه، وفي شأنه كله، وإن مما يظهر فيه شمول هذا الدين، وجلاء حكمه وأحكامه ما أوضحه الكتاب والسنة، وآثار الأئمة من آداب الطريق، ومجالس الأسواق، وحقوق المارة، وأدب الجماعة، جاء في محكم التنزيل قوله سبحانه وتعالى "وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما"، لقد وجه الإسلام أتباعه إلى الأدب الرفيع في المشي في الطرقات بسكينة ووقار، هونا من غير تكلف ولا كبر ولا خيلاء، بل عد المحافظة على هذه الطرق والأماكن العامة من شعب الإيمان، وأنها من محاسن الأعمال، وجميل الخصال، قال عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه "الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان".
وذكر الخطيب أن الطرق في الإسلام، وسائل إرفاق وتوسعة، وتيسير على الناس في مجتمعاتهم، ومن عظمة هذا الدين أن حوى تعاليمه وقيمه، ومبادئه، كل ما من شأنه أن يوفر للمجتمع السعادة والراحة والطمأنينة، ولقد وجه النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى تنظيف الطرقات والأماكن العامة من المؤذيات والمستقبحات، وبين في أحاديث كثيرة أن إماطة الأذى عن الطريق من الإيمان، وفيه جزيل الأجر والإحسان، يعود بالنفع على كل من مر بالطريق، واستخدم تلك الأماكن والمرافق، وهي بذلك تعتبر مظهرا جميلا من مظاهر مكارم الأخلاق، قال عليه الصلاة والسلام "عرضت علي أعمال أمتي حسنها وسيئها فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق ووجدت فيه مساوئ أعمالها النخاعة تكون في المسجد لا تدفن" حديث رواه مسلم، وقال عليه الصلاة والسلام "لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس" حديث رواه مسلم. وفي لفظ للترمذي والبخاري في الأدب المفرد أنه صلى الله عليه وسلم قال "تبسمك في وجه أخيك لك صدقة إلى أن قال عليه الصلاة والسلام وإماطة الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة" وإذا كان هذا الثواب العظيم لمن يكف الأذى عن المسلمين في طرقاتهم، فكيف تكون العقوبة لمن يتعمد إيذاء الناس في طرقاتهم ومرافقهم العامة ويجلب المستقدرات لا سيما بين الجيران، وينشر المخلفات في منتزهاتهم وأماكن استظلالهم وجلوسهم، بين النبي عليه الصلاة والسلام عقوبة هذا الفعل فقال من آذى المسلمين في طرقاتهم من وجبت عليه اللعنة" رواه الطبراني بسند صحيح، وعند مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال "اتقوا اللعانين قالوا وما اللعانان يا رسول الله؟ قال الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم"، أن يقضي حاجته في طريق الناس أو في ظلهم، ألا فاتقوا الله عباد الله وعليكم بمثل هذه الآداب وهذه الأخلاق التي جاء بها الإسلام فإنها من محاسن هذا الدين.
ولفت الشيخ عبدالله النعمة أنه إذا كانت بعض النفوس قد تعودت على الجلوس في الطرقات، والتجمع على أرصفة الشوارع العامة، فإن آداب الإسلام تنهى عن ذلك قبل وقوعه، لما فيه من ذهاب المروءة، وضعف الهمة، جاء في الحديث المتفق عليه قال عليه الصلاة والسلام "إياكم والجلوس في الطرقات، قالوا يا رسول الله، ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه فأعطوا الطريق حقه، قالوا وما حقه؟ قال عليه الصلاة والسلام غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر"، هذه عباد الله، آداب عامة في حقوق الطرقات وقد نص فقهاء الإسلام رحمهم الله في مدونات الفقه على أحكام الطرقات والمرافق، ومن جملة ما بينوه في ذلك. أنه لا يجوز مضايقة المسلمين في طرقاتهم، بل يجب إفساح الطريق وإماطة الأذى عنه، ولا يجوز أن يحدث المرء في ملكه ما يضايق طريق الناس، كأن يبني فوق الطريق سقفا يمنع مرور الركبان والأحمال، أو يبني دكة للجلوس عليها يتضرر بها الطريق، ومن يمر به، ولا يجوز له أن يتخذ موقفا لسيارته بطريق المارة، لأن ذلك يضيق الطريق ويسبب الحوادث، ومن آداب الطريق عباد الله في إفساح المجال للسيارات والعربات دون المضايقة ويمنع في الطريق العام الغرس والبناء والحفر، وطرح القمامة والرمال، ومخلفات البناء، وغير ذلك مما فيه ضرر على المارة، وهذا عباد الله، هذا كله مما حرمه الإسلام، وأمر بالابتعاد عنه فقد قال عليه الصلاة والسلام "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه" حديث متفق عليه.
وأضاف الخطيب أنه إذا كان الإسلام يطالب بإزالة النجاسة والأذى الحسي عن الطريق فإن إزالة الأذى المعنوي عنه من أعظم القربات عند الله تعالى، وذلك بكف الأذى، وغض البصر عن تتبع عورات المسلمين، وتصيد غفلاتهم، وعدم التعرض لهم فيه بأي أذى، قال سبحانه "والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا"، ألا فاتقوا الله عباد الله، وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.

Advertisements

قد تقرأ أيضا