التنمية الشاملة تتقدم أهداف الولاية الرابعة للرئيس الرواندي

الدوحة - سيف الحموري - كانت التحولات الاقتصادية الضخمة التي شهدتها رواندا بعد عام 1994، الورقة الرابحة التي فتحت الأبواب على مصراعيها أمام الرئيس الرواندي بول كاغامي للفوز بفترة رئاسية رابعة في الانتخابات الرئاسية التي جرت هناك الشهر الماضي.

Advertisements

وأدى الرئيس كاغامي اليمين الدستورية لفترة ولاية رابعة في العاصمة كيغالي بداية هذا الأسبوع في ملعب أماهورو الوطني الذي يتسع لـ 45 ألف شخص بحضور العديد من رؤساء الدول الأفريقية.

وذكرت اللجنة الانتخابية أن أكثر من 9 ملايين رواندي سجلوا للتصويت، منهم حوالي 2 مليون ناخب لأول مرة، علما بأن عدد سكان رواندا الواقعة في شرق القارة الأفريقية يبلغ 13 مليون نسمة، وكان ثمانية أشخاص قد تقدموا بطلبات من أجل خوض الانتخابات الرئاسية وتمت الموافقة على اثنين فقط وقد فازا مجتمعين بأقل من واحد بالمائة من الأصوات.

وفي كلمته التي ألقاها أثناء أداء اليمين، تعهد كاغامي بالحفاظ على السلام والسيادة الوطنية، وتعزيز الوحدة الوطنية، وتعهد بالبقاء مخلصا للبلاد، والدفاع عن دستورها وقوانينها، وفي خطاب تنصيبه، سلط كاغامي الضوء على دور روح الوحدة في البلاد في فوزه بالانتخابات، وقال "إن عمليتنا السياسية تهدف إلى تجديد وتعميق وحدتنا".

وركزت حملته الانتخابية على وعود التنمية الشاملة والأمن وتحسين سبل عيش مواطني بلاده دون ترك أي شخص خلف الركب، وفي مؤتمر صحفي عقده قبل يوم من الانتخابات، قال كاغامي: إن أولويته بعد الانتخابات هي مواصلة التقدم في مجالات الأمن والاستقرار والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، مضيفا أن الروانديين يريدون المزيد من التنمية وهو ما يفكر في توفيره خلال الفترة المقبلة.

وكان كاغامي، البالغ من العمر 66 عاما، قد سعى إلى إعادة انتخابه بعد تعديل دستوري عام 2015 سمح له بالترشح لثلاث فترات أخرى ومنحه الضوء الأخضر للترشح لولاية ثالثة مدتها سبع سنوات في عام 2017، ومع ذلك، أدى الدستور المعدل إلى تقصير مدة ولاية الرئيس إلى خمس سنوات اعتبارا من عام 2024.

وتولى كاغامي السلطة لأول مرة في عام 1994 بعد أن قاد جماعة الجبهة الوطنية الرواندية لهزيمة قوات الهوتو المتطرفة وإنهاء الإبادة الجماعية التي أودت بحياة أكثر من 800 ألف شخص، معظمهم من أقلية التوتسي، في حوالي 100 يوم، ثم أصبح نائبا للرئيس ووزيرا للدفاع، قبل أن ينتخبه البرلمان رئيسا عام 2000، وفي كل مرة سعى فيها إلى إعادة انتخابه في الأعوام 2003 و2010 و2017 ، فاز بأكثر من 90 بالمائة من الأصوات.

ومع تولي كاغامي الرئاسة، انتقلت رواندا من مسار العنف القبلي والدماء والقتل إلى مسار المصالحة والوحدة والتنمية، إذ وضع كاغامي أمامه هدفين رئيسيين هما: اقتلاع الفقر من بلاده، وتوحيد شعبه الذي قسمته المذبحة، ومن أجل ذلك وضع كاغامي خطة من أربعة بنود للتغلب على آثار تلك الإبادة.

 

وبعد مراحل من الجهود لتوحيد الروانديين والتصالح بين الفئات المختلفة، وجهت حكومته طاقتها للاقتصاد، ووضعت "رؤية 2020" التي شملت 44 هدفا في مجالات مختلفة، وانتقلت رواندا بعدها من أمة تعيش تحت خط الفقر إلى متوسطة الدخل، في تطور وصف بأنه الأسرع في العالم، وأصبحت إحدى أفضل البيئات لتأسيس الشركات الناشئة، وتضاعف حجم الاقتصاد الرواندي عدة مرات خلال ربع قرن من الزمان، ويعتمد اقتصاد البلاد على الزراعة وتربية الحيوانات والتعدين والسياحة.

وينظر الروانديون الذين شهدوا الإنجازات في عهد كاغامي بتقدير بالغ لرئيس بلادهم الذي ينسب إليه الفضل في تحقيق الوحدة والاستقرار والتنمية في هذا البلد الصغير غير الساحلي.

 

ويسعى الرئيس كاغامي إلى تحويل رواندا إلى "سنغافورة أفريقيا"، بعد أن نجح في توحيد البلاد بعيدا عن العرقيات، كما وفر الأمن لكل الروانديين واتسع نطاق الحصول على التأمين الصحي والتعليم والكهرباء للأسر وانخفض الفساد، وتحولت العاصمة كيغالي من مدينة أشباح أثناء الإبادة الجماعية، إلى مدينة حديثة آمنة حيث أصبحت الشوارع نظيفة وتنتشر على جانبيها المباني الجديدة والحديثة التي تستضيف الفنادق ومراكز المؤتمرات وغيرها من الشركات المحلية والدولية، وقد تمكنت رواندا من جعل نفسها مركزا رياضيا وثقافيا ومركزا للمؤتمرات، وتستضيف ساحة بي كيه في كيغالي حفلات موسيقية وأحداث رياضية مثل نهائيات دوري كرة السلة الأفريقي.

 

ويحظى كاغامي بشعبية كبيرة كونه أعاد البلاد إلى مسار التنمية بعد الإبادة، ويقدمه قادة غربيون وأفارقة على أنه نموذج للتنمية، وقد حظي بالثناء لأنه وضع رواندا كواحدة من أسرع الاقتصادات نموا في أفريقيا، وتطمح إلى تحقيق وضع الدولة ذات الدخل المتوسط بحلول عام 2035، وقد حظي التحول الجذري الذي شهدته رواندا بإشادة شركاء التنمية، بما في ذلك البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، مع متوسط معدل نمو اقتصادي يبلغ 7.2 بالمائة بين عامي 2012 و2022، مصحوبا بتطوير البنى التحتية لا سيما الطرق والمستشفيات، بالإضافة إلى نمو اجتماعي واقتصادي خصوصا في مجالي التعليم والصحة.

 

ويتوقع المراقبون أن يواصل الرئيس الرواندي في فترة ولايته الرابعة العمل على إكمال المشاريع الكبرى مثل بناء مطار دولي جديد بتكلفة ملياري دولار جنوب العاصمة كيغالي، مع السعي إلى إطلاق مبادرة لتعزيز برامج البحث والعلاج الطبي عالية التقنية كجزء من الجهود الرامية إلى توجيه رواندا إلى وضع الدخل المتوسط.

 

وتعتبر رواندا جمهورية حبيسة، أي أنه ليس لها أي منافذ بحرية، ومعظم أراضيها مليئة بحشائش السافانا، ويغلب على سكانها الطابع الريفي، وتقع شرقي وسط القارة الأفريقية، وتحديدا في منطقة البحيرات العظمى، وتبلغ مساحتها أكثر من ستة وعشرين ألف كيلو متر مربع.

أخبار متعلقة :