الارشيف / حال قطر

في اليوم العالمي للإبداع والابتكار.. مختصون : قطر تدعم الأنشطة الإبداعية والثقافية التي تشكل ركائز أساسية للاقتصاد الإبداعي

الدوحة - سيف الحموري - نوه عدد من المختصين في عالم الفكر والمعرفة، بأن إنسان القرن الحادي والعشرين زادت قناعته بأن الفترة المقبلة ستعتمد بشكل متزايد على توليد المعرفة من خلال الإبداع والابتكار اللذين يشكلان حافزا لتحقيق التنمية المستدامة.
جاء ذلك في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، بمناسبة اليوم العالمي للإبداع والابتكار الذي تحتفل به منظمة الأمم المتحدة في الحادي والعشرين من شهر أبريل من كل عام.
ويتم الاحتفال باليوم العالمي للإبداع والابتكار، بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي صدر في 27 أبريل عام 2017، وهو مناسبة يمكن من خلالها تعزيز الأمثلة على أفضل الممارسات وإلقاء الضوء على استخدام التفكير المبدع والتكنولوجيا نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وفي هذا الصدد قال الدكتور نوزاد عبدالرحمن الهيتي أستاذ في العلوم الاقتصادية واستشاري اقتصادي والخبير باللجنة القطرية لتحالف الحضارات في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن العالم شهد مع مطلع القرن الـ(21) تطورات مطردة تتحدث عن اقتصاد جديد مختلف عن القطاعات التقليدية التي سادت العالم في القرن الماضي فالاقتصاد الإبداعي بدأ يتطور ويأخذ حيزا كبيرا ويؤثر بشكل إيجابي في اقتصادات بعض الدول، مع إدراكها بأهميته في تنويع مصادر الدخل، وتوفير الوظائف، واستدامته، لأن مصدره خيال الموهوبين، وعقول المفكرين، لافتا إلى أن الاقتصاد الإبداعي بات يشكل اليوم الشغل الشاغل للعديد من دول العالم خصوصا تلك التي تتمتع بإرث تاريخي وثقافي ممتد عبر السنين، إذ يشكل واحدا من أهم قطاعات المستقبل الواعدة صاحبة النمو المطرد والإمكانيات الهائلة. ويمثل الاقتصاد الإبداعي حوالي (7 بالمائة) من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتتخطى قيمته أربعة تريليونات دولار.
وأكد الدكتور نوزاد على أهمية الانتقال إلى السياسات البيئية والعلمية والتكنولوجية والابتكارية الصناعية انطلاقا من دعوة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في تقرير التكنولوجيا والابتكار لعام 2023 الحكومات إلى ملاءمة سياستها البيئية مع ذلك.
وأوضح أن تقرير التكنولوجيا والابتكار الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية /الأونكتاد/، توقع أن تصل القيمة السوقية للتكنولوجيات الرائدة المراعية للبيئة إلى (9.5) تريليون دولار بحلول عام 2023، مقارنة بـ (1.5) تريليون دولار في عام 2020. حيث دعا التقرير الدول النامية أن تتصرف بسرعة للاستفادة من هذه الفرصة والانتقال إلى مسار إنمائي يؤدي إلى اقتصادات أكثر تنوعا وإنتاجية وقدرة على المنافسة.
واستشهد الدكتور نوزاد الهيتي بما قالته لريبيكا غرينسبان الأمينة العامة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، حينما أكدت أننا في بداية ثورة تكنولوجية قائمة على التكنولوجيا الخضراء، حيث سيكون لهذه الموجة الجديدة من التغيير التكنولوجي تأثير هائل على الاقتصاد العالمي. ويجب على البلدان النامية أن تستحوذ على المزيد من القيمة التي تخلقها هذه الثورة التكنولوجية لتنمية اقتصاداتها". محذرة من أن "تفويت هذه الموجة التكنولوجية بسبب عدم كفاية الاهتمام بالسياسات أو نقص الاستثمار المستهدف في بناء القدرات ستكون له آثار سلبية طويلة الأمد".

وعن دور الصناعات الإبداعية من ثقافة وفنون ونشر وأداء في الاقتصاد العالمي من أجل تنمية اجتماعية شاملة، أوضح الدكتور الهيتي، أن الصناعات الإبداعية المتمثلة في الفنون البصرية والأدائية والسينما والتلفزيون والراديو، وصناعة المحتوى والكتب والصحف والمجلات والعمارة وألعاب الفيديو، تلعب دورا مهما في الاقتصاد العالمي، فطبقا لتقديرات الأمم المتحدة تولد صناعات الاقتصاد الإبداعي عائدات سنوية تبلغ 2.25 تريليون دولار وتشكل 30 مليون وظيفة في جميع أنحاء العالم، وتوظف هذه الصناعات عددا أكبر من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما مقارنة بأي قطاع آخر، ويشكل التلفزيون والفنون المرئية أكبر صناعات الاقتصاد الإبداعي من حيث الإيرادات، بينما الفنون المرئية والموسيقى هي أكبر الصناعات من حيث التوظيف"، لافتا إلى أن الصادرات العالمية للسلع الإبداعية زادت من 419 مليون دولار أمريكي في عام 2010 إلى 524 مليون دولار أمريكي في عام 2020، بينما زادت الصادرات العالمية من الخدمات الإبداعية من 487 مليار دولار أمريكي إلى ما يقرب من 1.1 تريليون دولار أمريكي خلال نفس الفترة.
وبخصوص استثمار دولة قطر للأنشطة الإبداعية أثناء كأس العالم FIFA قطر 2022، قال الخبير والمستشار الاقتصادي: "في إطار توجه دولة قطر لبناء اقتصاد تنافسي متنوع بدأت الدولة تدعم الأنشطة الإبداعية والثقافية التي تشكل ركائز أساسية للاقتصاد الإبداعي، الذي شهد اهتماما بالغا خلال العقدين المنصرمين، تجسد في إنشاء المؤسسات والهيئات التي تعنى بدعم قطاعات الترفيه والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والمشاريع المرتبطة بصناعة النشر والسينما والفنون المرئية والمسموعة والمسرح والتلفزيون والابتكارات والأزياء وهندسة العمارة وغيرها من الأنشطة الإبداعية التي تشكل ركائز الاقتصاد الإبداعي.. ومن هذه المؤسسات ذكر الدكتور الهيتي، صندوق دعم الأنشطة الاجتماعية والرياضية، حيث إنه في إطار التزام الصندوق برعاية المواهب الفنية، وتطوير اقتصاد الفنون ودعم القطاع الإبداعي قد قام بدعم مهرجان قطر للصورة /تصوير/، ومؤسسة الدوحة للأفلام التي أخذت على عاتقها تمكين وتعزيز إمكانيات كتاب السيناريوهات والقصص في المنطقة في الوقت الذي تحافظ فيه على طابعها العالمي من حيث المحتوى والمضمون. وبتأكيدها على مفاهيم الثقافة والمجتمع والتعليم والترفيه التي تدخل في صلب أعمالها، والصندوق القطري لرعاية البحث العلمي الذي يهدف إلى تشجيع الأبحاث المبتكرة المختارة على أساس تنافسي في مجالات الهندسة والتكنولوجيا، والعلوم الفيزيائية والحياتية، والطب، والعلوم الإنسانية، والعلوم الاجتماعية والفنون، وواحة قطر للعلوم والتكنولوجيا التي تقوم بدعم عملية الابتكار والإبداع من خلال صندوق تمويل المشاريع التقنية والأكاديمية العربية للابتكار، وأكاديمية قطر للموسيقى التي تهدف إلى تطوير المواهب الشابة الواعدة في المنطقة لكي تخلف الجيل القادم من الموسيقيين من الطراز العالمي وذلك من خلال توفير برنامج شامل لتعليم الموسيقى يعتمد على الممارسة ونظرية الموسيقى.
ولفت إلى أن قطر استغلت هذه الإمكانات أثناء تنظيم كأس العالم، تم قامت بالإشراف على تنظيم الفعاليات الترفيهية والثقافية المصاحبة للمونديال في مناطق المشجعين الموزعة في مدن الدوحة والخور والوكرة. ونظمت المؤسسة العامة للحي الثقافي /كتارا/، (51) فعالية رئيسية، تتفرع منها أكثر من 300 فعالية فرعية، بمشاركة (22) دولة وذلك خلال فترة المونديال. وتوزعت الفعاليات على خمسة فروع رئيسية هي: المهرجانات، والحفلات، والمعارض، والعروض الحية، والفعاليات الذي تعكس اهتمام دولة قطر بالاقتصاد الإبداعي.
وخلص الدكتور نوزاد عبدالرحمن الهيتي إلى أن دولة قطر وهي تتطلع إلى تنفيذ استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة (2023 - 2030)، فإنها تسعى إلى تعزيز جهود الانتقال من اقتصاد الهيدروكربون إلى اقتصاد متنوع تساهم فيه كافة الأنشطة الاقتصادية، لاسيما الأنشطة المرتبطة بالصناعات الإبداعية، التي ستسهم في زيادة مساهمة قطاع الثقافة والإبداع في الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير فرص العمل، وذلك من خلال طرح العديد من المبادرات والبرامج والمشروعات الإبداعية (ابتكارات، بحوث وتطوير، فنون أداء، صناعات تقليدية، صناعة النشر وغيرها من مجالات الاقتصاد الإبداعي) التي تستهدف دعم جهود دولة قطر في بناء اقتصاد متنوع تنافسي وفق ما أكدت عليه رؤية قطر الوطنية 2030.

من جهتها، أكدت السيدة مريم ياسين الحمادي مديرة إدارة الثقافة والفنون بوزارة الثقافة، في تصريح مماثل لـ/قنا/، على أهمية الابتكار في المجال الثقافي، منوهة بأن المجال الثقافي أيضا مجال خصب للإبداع والابتكار، حيث إن ثقافة الابتكار هي بيئة عمل تشجع على مشاركة الأفكار والحلول الإبداعية، مما يشعر معه كل فرد بالثقة في طرح الأفكار، وإتاحة فرص تحسين المنتجات بجميع أنواعها.
وأوضحت أن الابتكار في الثقافة، يساهم في تحسين المنتج الثقافي وخلق البيئة التنافسية في هذا المجال، مؤكدة على أهمية وجود مختبرات ثقافية تكون رافعة للمجال الثقافي، والتي يمكن أن تقدم حالات العصف الذهني، وتوفر حلولا تتناسب مع الاحتياجات، فضلا على الابتكار في صنع المحتوى الرقمي، وضرورة مواكبة العصر في هذا المجال، فضلا على الاهتمام بالمشاريع الثقافية لتكون أكثر إنتاجية، ممثلة ذلك بعدد من المشاريع الاقتصادية العالمية الرائدة.
وساقت مريم الحمادي نماذجا للابتكار في مجال الثقافة من قبيل التحول في آلية العرض من القنوات الفضائية إلى القنوات المدفوعة، والتحول في الزيارات الميدانية للمحاكاة التكنولوجية (قطاع المتاحف أنموذجا)، وتوفير الموسوعات المجانية لإثراء المحتوى المعرفي، وتفعيل الشراكة بين القطاع العام والخاص في مجالات الثقافة والفنون، وإيجاد فرص جديدة للتمويل والاستثمار في الثقافة والفنون، ثم الابتكار في تحويل الثقافة إلى أسلوب حياة.
إلى ذلك، دعت الحمادي إلى انتهاج الابتكار لتحقيق نقلة جديدة في الاقتصاد البرتقالي القائم على الإبداع والاقتصاد البنفسجي القائم على الصناعات الثقافية، مشددة في الوقت نفسه على ضرورة المحافظة على استدامة الوظائف الثقافية والفنية حتى لا تنتهي مع طفرة الذكاء الاصطناعي.
من جانبه قال المخترع القطري محمد الجفيري لـ/قنا/، إن الإبداع هو محرك للتقدم في مختلف المجالات الثقافية والاقتصادية، ويعزز الاستدامة ويساعد في بناء عالم أفضل للجميع.
وأكد أن الانتقال إلى سياسات بيئية وعلمية وتكنولوجية مستدامة يعتبر أمرًا بالغ الأهمية، لافتا إلى أن الدعوة الموجهة من مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في تقرير التكنولوجيا والابتكار لعام 2023 تهدف إلى دعم الحكومات في مواءمة سياساتها البيئية والتكنولوجية لتحقيق التنمية المستدامة ومواجهة التحديات العالمية.
ونوه الجفيري بأن الصناعات الإبداعية، مثل الثقافة والفنون والنشر والأداء، تلعب دورًا حيويًا في الاقتصاد العالمي وتسهم في تعزيز التنمية الاجتماعية الشاملة، مشيرا إلى أن قطر تلقى استفادة كبيرة من الاستثمار في هذه الصناعات، وقد أظهرت ذلك بشكل واضح في تنظيمها لكأس العالم FIFA قطر2022. حيث كانت البنية التحتية الرائعة والتصاميم المعمارية الفريدة، إلى جانب التركيز على الاستدامة وتوفير فرص جديدة للشباب والمواهب المحلية، مثالاً لكيف يمكن للإبداع والابتكار أن يكونا قوة محركة للتغيير الإيجابي، مختتما تصريحه بالقول، إن اليوم العالمي للإبداع والابتكار فرصة للاحتفال بالإنجازات والتأكيد على أهمية دعم الإبداع والابتكار في مختلف المجالات لتحقيق مستقبل باهر لدولة قطر.

Advertisements

قد تقرأ أيضا