الدوحة - سيف الحموري - في سابقة قضائية، أعادت محكمة التمييز قضية إصدار شيك بدون رصيد إلى محكمة الاستئناف للنظر فيها من جديد بهيئة قضائية مغايرة.
تعود وقائع القضية إلى اتهام النيابة العامة للمدان في جنحة إصدار شيك بدون رصيد قابل للسحب، وهو ما اعتُبر مخالفة صريحة لنص المادة (357) من قانون العقوبات. وفي 29 أبريل 2024، أصدرت محكمة الجنح حكماً حضورياً قضى بحبس المدان لمدة سنة، مع إلزامه بدفع كفالة مالية قدرها 100 ألف ريال لوقف تنفيذ الحكم مؤقتاً، بالإضافة إلى إلزامه برد قيمة الشيك البالغة 1,500,000 ريال.
استأنف المدان على الحكم، وفي 28 مايو 2024، أصدرت محكمة الاستئناف حكماً حضوريا بسقوط الاستئناف، قدّم المدان معارضة على الحكم، إلا أن المحكمة رفضتها موضوعاً وأيّدت الحكم السابق.
وطعن المحامي إبراهيم بو مطر في الحكم الاستئنافي الصادر على موكله أمام محكمة التمييز بتاريخ 17 أكتوبر 2024. وجاء بمذكرة الطعن أن الحكم المطعون فيه شابه خطأ في تطبيق القانون وإخلال بحق الدفاع، موضحاً أن وصف الحكم الاستئنافي باعتباره «حضورياً اعتبارياً» كان تأويلاً خاطئاً، إذ إن المتهم لم يحضر شخصياً الجلسة، وهو ما يجعله حكماً غيابياً.
كما أوضح أن عدم قبول المعارضة بسبب عدم تقديم عذر التخلف عن الحضور يستند إلى تفسير خاطئ لنص المادة (180) من قانون الإجراءات الجنائية، التي تنص على ضرورة حضور المتهم شخصياً في القضايا التي تتضمن عقوبات سالبة للحرية لضمان عدالة الإجراءات.
بعد عرض الطعن أمام غرفة المشورة، رأت محكمة التمييز أن القضية جديرة بالنظر، وأحالتها إلى جلسة علنية. وأكدت المحكمة أن وصف الأحكام يجب أن يستند إلى الواقع وليس إلى منطوقها فقط، موضحة أن الحكم الاستئنافي كان في حقيقته غيابياً، مما كان يوجب على محكمة الاستئناف قبول المعارضة والنظر فيها.
وقالت المحكمة إن وصف الحكم الصحيح هو بحقيقة الواقع، لا بمنطوق الحكم لما كان ذلك، وكان من المقرر أن كل متهم حكم عليه بعقوبة سالبة الحرية، يجب أن يحضر بشخصه أمام محكمة الاستئناف، لأن أحكامها تنفذ فورا، وكان من المقرر أن عدم قبول المعارضة لعدم تقديم عذر التخلف على الأحكام الاستئنافية مرده التأويل الخاطئ للمادة 180 من قانون الإجراءات الجنائية، والتي تخرج عن نطاقها الأحكام الصادرة بالحبس من محكمة أول درجة، والتي يتعين عند استئنافها حضور المتهم بشخصه عند استئنافه الحكم الصادر عنه في جناية أو جنحة بعقوبة الحبس في أولى جلسات المحاكمة الاستئنافية، لأن أحكام محكمة ثاني درجة تنقذ فورا ولما كانت محكمة الحكم المطعون فيه حكمت بعدم جواز المعارضة لكون محكمة الاستئناف حكمت غلطا يكون الحكم حضوريا اعتباريا، وهو في حقيقته غيابي، مما جعل المحكمة تحجب عن نفسها نظر المعارضة، مما يعيب الحكم المطعون فيه، وتعين لذلك تمييزه، والإعادة، عملا بالمادة 202/2 من قانون الإجراءات الجنائية.
وأشارت المحكمة إلى أن عدم حضور المتهم شخصياً في القضايا التي تتضمن عقوبات سالبة للحرية يُعد انتهاكاً لضمانات المحاكمة العادلة، مما يجعل الحكم الصادر من محكمة الاستئناف معيباً. وبناءً على ذلك، قضت محكمة التمييز بقبول الطعن شكلاً وموضوعاً، ونقض الحكم المطعون فيه، مع إعادة القضية إلى محكمة الاستئناف لتُنظر مجدداً أمام هيئة قضائية مغايرة.