الدوحة - سيف الحموري - بحث المشاركون في النسخة الرابعة من يوم المفاوضات العالمي في قطر، دور المفاوضات على الساحة العالمية والتحديات التي تواجه الوساطة والوسطاء. وطرَحوا رؤى ووجهات نظر قيّمة حول كيفية معالجة هذه التحديات واستكشف الفرص الناشئة في هذا الجانب. وتضمَّن جدول أعمال الفعالية جلستين رفيعتي المستوى شارك بهما مسؤولون مرموقون من المنظمات الدولية والجهات الحكومية وهيئات القطاع الخاص، وجاءت تحت عنوانين بارزين هما: «المفاوضات الدولية في عصر يسوده الاضطراب» و»المفاوضات الثنائية».
فن وعلم
وفي كلمته الافتتاحية خلال الفعالية، قال سعادة السيد مبارك عجلان الكواري، المدير التنفيذي لمنتدى الدوحة: «لقد أصبح هذا الحدث حجر الزاوية في الاحتفال بفن وعلم التفاوض– وهو مهارة لا تزال قادرة على تشكيل مسار البشرية ورسم ملامح مستقبل عالمنا. إن فعالية هذا العام تكتسب أهمية خاصة لأنها تتماشى مع شعار منتدى الدوحة لهذا العام والذي كان محورًا لنقاشاته وحواراته وهو «حتمية الابتكار». وفي عصر تسود العالم حالة من الاضطراب، يجب أن يسير الابتكار جنبًا إلى جنب مع المفاوضات لمعالجة تعقيدات عالمنا الحديث».
وأضاف رابح الحداد، مدير قسم الدبلوماسية متعددة الأطراف في معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث، قائلاً: «يتمحور هذا اليوم حول التمسك بقيم ميثاق الأمم المتحدة وهي قيم التسوية السلمية للنزاعات والدبلوماسية الوقائية وتحقيق التعاون الدولي، والتي تتوافق مع القيم التي يتبناها منتدى الدوحة. وتلك هي القيم التي تمثل العمود الفقري للدبلوماسية اليوم».
وتابع: «إن التحديات في عالم اليوم لا تعترف بالحدود، سواء كان هذا التحدي مرضًا أو تغيرًا في المناخ أو حربًا. وهذا يتطلب نهجًا منسقًا للتفاوض، ولا يمكننا أن نسمح للخوف بأن يمنعنا من تحقيق النتائج المنشودة من خلال التفاوض».
واختتمت فعاليات يوم الدوحة العالمي للمفاوضات 2024 بحفل لتسليم «جائزة الدوحة لأفضل مفاوض»- وهي جائزة مرموقة تُمنح لمفاوض استثنائي واحد أظهر مهارة لافتة وحقق إنجازات رائدة على الساحة الدولية. ويتم اختيار الفائز بالجائزة من قبل لجنة تحكيم دولية تضم مجموعة من أشهر المفاوضين والدبلوماسيين البارزين، وتحتفي بالأفراد الذين أظهروا قدرة فريدة على القيادة والابتكار والمرونة في التعامل مع المفاوضات المعقدة.
وقد مُنحت جائزة هذا العام للسيدة ريبيكا جرينسبان، الأمينة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، والتي تعكس مسيرتها المهنية الاستثنائية التزامًا ثابتًا بحقوق الإنسان وتحقيق المساواة عبر العالم. وبصفتها نائبة رئيس كوستاريكا السابقة ومديرة اللجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، فقد دافعت جرينسبان عن المعايير الأخلاقية والمسؤولية البيئية. كما أسهم دورها المحوري في التفاوض على مبادرة البحر الأسود بشأن نقل الحبوب الأوكرانية وتصدير الأمونيا الروسية، والمعروفة أيضًا باسم «اتفاقيات إسطنبول»، في ضمان استمرار تدفق القمح والأسمدة إلى الأسواق العالمية في خضم الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا.
كما حال هذا الاتفاق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة دون حدوث نقص عالمي في الغذاء، مما ساعد في استقرار أسعار السلع الأساسية، حيث أتاح الاتفاق تصدير أكثر من 33 مليون طن من الحبوب الأوكرانية، مما سد فجوة في الأمن الغذائي العالمي. ويشرفنا أن نقدم هذه الجائزة للسيدة جرينسبان، التي صاغت من خلال إسهاماتها الجليلة المفاوضات الدولية وأثرت بشكل إيجابي على الملايين.
وعبَّرت السيدة جرينسبان عن شكرها للجنة التحكيم، قائلة: «يقدر البنك الدولي أنه مقابل كل نقطة مئوية واحدة من الزيادة في أسعار المواد الغذائية، يقع 10 ملايين شخص حول العالم في براثن فقرٍ مدقع. ولذلك يمكن أن تؤثر المفاوضات الناجحة على حياة مئات الملايين من الناس. ولكم أن تتخيلوا ما يمكننا تحقيقه إذا تفاوضنا أكثر، وإذا توافقنا أكثر، وإذا تمكنا من تقديم المزيد من التنازلات».
وأقام معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث ومجموعة ADN النسخة الرابعة من يوم المفاوضات العالمي في قطر، بالشراكة مع منتدى الدوحة.