كتب باسل النجار - الأربعاء 15 يناير 2025 09:11 مساءً - حال الخليج – مسقط
أطلقت هيئة البيئة اليوم مشروعاً يعنى بإعادة توطين غزال الريم “الريم1” لعدد 54 رأساً إلى براري سلطنة عُمان في نطاق انتشارها التأريخي والجغرافي حرة طليقة بطبيعتها في ولاية مقشن بمحافظة ظفار، وذلك بمساحة تقدر ب 75 كم مربع مع تعقبها عبر الأقمار الاصطناعية والأجهزة الراديوية، ويأتي المشروع بعد نجاح مراحل برنامج إطلاق الحيوانات البرية الظباء (المها العربية وغزال الريم والغزال العربي) في براري محمية المها العربية بمحافظة الوسطى.
ونفذت عملية إعادة التوطين تحت رعاية صاحب السمو السيد مروان بن تركي آل سعيد محافظ ظفار، وبحضور معالي الدكتور هلال بن علي السبتي وزير الصحة، وسعادة الدكتور عبدالله بن علي العمري رئيس هيئة البيئة، وسعادة الشيخ أحمد بن مسلم جداد الكثيري محافظ الوسطى، وعدداً من أصحاب السعادة أعضاء مجلس الدولة والشورى والولاة بالمحافظة ومدراء العموم والمسؤولين، وممثلي الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني والمهتمين في الشأن البيئي.
وصرح سعادة الدكتور عبدالله بن علي العمري رئيس هيئة البيئة: إن المشروع يهدف إلى تعزيز الجهود الوطنية لإعادة تأهيل البيئات الطبيعية، والحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض كمؤشر إيجابي فاعل، مع الحفاظ على التوازن البيئي والحياة على الأرض كأحد ركائز التنمية المستدامة، واستعادة رموز التاريخ الوطنية والثقافية والحضارية وتشجيع السياحة البيئية في المنطقة، بالإضافة لتحسين تصنيف سلطنة عُمان بالمؤشر البيئي العالمي، وتحقيق رؤية عمان2040 في أن تمتلك سلطنة عُمان نظم إيكولوجية فعالة ومتزنة لحماية البيئة وضمان استدامة مواردها الطبيعية.
وأكد سعادة الدكتور : أن مشروع إعادة توطين مجموعة من رؤوس غزلان الريم في براري ولاية مقشن بمحافظة ظفار جاءت بعد قصة النجاح النوعية لإعادة إكثار وتوطين المها العربية بمحمية المها العربية منذ سبعينيات القرن الماضي، ومشاريع مماثلة لإكثار وإعادة توطين غزال الريم (الغزال الرملي) بذات المحمية في عام 2013، وتجارب إطلاق مكثفة لمجموعة من حيوانات الظباء (المها العربية وغزال الريم والغزال العربي) خلال الفترة من 2020 حتى 2024 على مراحل عدة في براري محمية المها العربية ومحيطها في ولاية هيماء بمحافظة الوسطى وعودتها إلى الحياة لترتع وتتوسع بحرية تامة على مسافات شاسعة في نطاق انتشارها الجغرافي في سلطنة عمان، حيث تم رصد وتسجيل مواليد وقطعان لهذه الأنواع في البرية، بالإضافة لمشاريع ومبادرات المسوحات الوطنية للتنوع الأحيائي، وجملة الدراسات البحثية وتعقب الحيوانات البرية المهددة بالانقراض عبر الأقمار الاصطناعية، ومشروع بنك الجينات للحيوانات البرية، فضلا عن تطوير الحوكمة والتشريعات البيئية في عام في 2024 وبلوغ عدد المحميات الطبيعية المعلنة في سلطنة عُمان لـ 31 محمية طبيعية.
ومن جانبة قال المهندس سليمان بن ناصر الأخزمي مدير عام صون الطبيعية بهيئة البيئة: لقد سبق خطوة إعادة حيوان غزال الريم “الريم1” إلى براري ولاية مقشن بمحافظة ظفار تشكيل فريق من التخصصين البيئيين والكوادر الوطنية المساندة، وتعزيز سبل التعاون والدعم مع مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة والأهلية والمجتمعات المحلية ذات العلاقة، بالإضافة إلى توفير الأجهزة والوسائل والتقنيات الحديثة. كما قمنا بعمليات عزل للحيوانات البرية في حظائر خاصة لتشكيل وبناء قطيع مترابط، وتحصين هذه الحيوانات باللقاحات الضرورية ضد الأمراض السارية، واعتماد نظام غذائي لها لتدريبها على الحياة البرية القاسية، فضلاً عن نقل الحيوانات في صناديق مخصصة ومصممة لكل نوع لضمان عدم حدوث أية إصابات، وتخصيص حظائر مؤقته في موقع الإطلاق وتوفير التغذية والرعاية الطبية إلى يوم الإطلاق.
و أضاف الأخزمي: سنعمل على المتابعة الدقيقة لغزلان الريم التي تم إعادة توطينها إلى البرية عن طريق أطواق التعقب عبر الأقمار الاصطناعية والحصول على كافة البيانات المطلوبة، وتفعيل دوريات المراقبين البيئيين التابعين لهيئة البيئة على مدار الساعة للتأكد من سلامة القطيع. كما سنتلقى كافة البلاغات من الأجهزة المختصة والمجتمع المحلي المتعاون والمهتمين بالمساهمة في حماية البيئة في سلطنة عُمان .
واشتمل برنامج حفل إطلاق مشروع إعادة توطين غزال الريم “الريم1” على كلمة ألقاها سعادة الدكتور رئيس هيئة البيئة، بعدها تم استعراض فيلم عن التنوع الأحيائي في سلطنة عُمان والجهود الوطنية الدؤوبة لأكثر من 40 عاماً لنجاح برنامج إعادة حيوانات الظباء (المها العربية وغزال الريم والغزال العربي) إلى براري محمية المها العربية ومحيطها والمسافات الشاسعة التي تقطعها بحرية تامة هذه الأنواع من الحيوانات البرية، عقب ذلك تم تقديم عرض مرئي حول مشروع الإطلاق ومرحلته الأولى “الريم1” والمراحل الأخرى الثانية والثالثة والرابعة للغزال العربي وغزال الريم والمها العربية التي ستعقبها في جزر الحلانيات ورمال محافظة الشرقية ومحافظة الوسطى، وأسباب اختيار ولاية مقشن، بالإضافة لمعلومات تاريخيّة عن غزال الريم وأهداف المشروع ومنهجية التوطين المعتمدة وآليات مراقبة الحياة البرية، جاء بعدها تكريم الجهات المنفذة للمشروع وتقديم الهدية التذكارية لراعي المناسبة، ومن ثم القيام بجولة في الركن المصاحب الذي احتوى على تصاميم حول معلومات عن قصتي نجاح إكثار وتوطين المها العربية وغزال الريم في سلطنة عُمان بالإضافة إلى مراحل التعقب، فضلاً عن عرض لجماجم المها العربية وغزال الريم والكاميرات الفخية وأطواق التعقب، وأخيراً وفي لحظة تأريخية هي الأولى من نوعها خارج حدود محمية المها العربية تم إطلاق وإعادة توطين غزال الريم بولاية مقشن في محافظة ظفار.
الجدير بالذكر أن غزال الريم يسمى كذلك بالغزال الرملي يمتاز بالرشاقة والجسم الممشوق وطول الرقبة والعينان واسعتان، ولونه باهت وفراءه فاتح اللون يعكس أشعة الشمس، ويفضل العيش في البيئات الصحراوية ويختلف عن الغزال العربي الذي يفضل العيش في البيئات الجبلية، ومن الأنواع المهددة بالانقراض بحسب القائمة الحمراء، وبحسب الدراسات الميدانية للجهات المختصة كان غزال الريم منقرض في رمال الربع الخالي في عام 2007.
ويعكس هذا المشروع التزام سلطنة عمان بالمحافظة على التنوع البيئي، حيث يشكل جزءًا من رؤية وطنية تركز على تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والاستدامة البيئية. كما يعزز من مكانة ولاية مقشن كوجهة سياحية بيئية تسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وتشجيع على السياحة المستدامة.