ابوظبي - ياسر ابراهيم - السبت 5 أبريل 2025 12:39 صباحاً - تصاعدت الحرب التجارية العالمية، أمس، ما يهدد باتساع اضطرابات الأسواق العالمية ونهاية حقبة التجارة الحرة التي شكلت أساس النظام التجاري العالمي لعقود.
وأعلنت الصين فرض رسوم جمركية إضافية "انتقامية "بنسبة 34% على السلع الأمريكية، أمس، في أخطر تصعيد في الحرب التجارية. وفي المواجهة بين أكبر اقتصادين في العالم، أعلنت بكين أيضاً عن فرض قيود على صادرات بعض المعادن النادرة.
وقدمت شكوى إلى منظمة التجارة العالمية، وأدرجت أيضاً 11 كياناً على قائمة «الكيانات غير الموثوقة» التي تسمح لبكين باتخاذ إجراءات عقابية ضد الكيانات الأجنبية، بما في ذلك الشركات المرتبطة بمبيعات الأسلحة إلى تايوان التي تتمتع بنظام حكم ديمقراطي، التي تقول الصين إنها جزء من أراضيها.
رسوم مضادة
وأعلنت بكين فرض رسوم جمركية انتقامية مضادة إضافية بنسبة 34% على السلع الأمريكية، ما أذكى المخاوف من حدوث ركود، وأثار موجة اضطراب في أسواق الأسهم العالمية.
وذكرت الصين أنها قدمت شكوى رسمية لمنظمة التجارة العالمية، أمس، بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة، قائلة إنها تنتهك قواعد المنظمة، وطلبت إجراء مشاورات.
وقالت بعثة الصين الدائمة لدى المنظمة في بيان: «قدمت الصين شكوى إلى منظمة التجارة العالمية بشأن الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة».
وأضافت أن الرسوم الجمركية الجديدة تنتهك قواعد المنظمة بشكل صارخ. وأكدت أمانة المنظمة لـ«رويترز» تلقيها طلباً من الصين لإجراء مشاورات. والمشاورات الثنائية هي أول مرحلة لتسوية النزاعات رسمياً، ومن حق الصين، في حالة عدم التوصل إلى حل خلال 60 يوماً، طلب الفصل في النزاع من جهاز تسوية المنازعات التابع للمنظمة.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن الصين «أخطأت»، بعد أن ردت بكين على الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة، وكشفت عن إجراءات مضادة تضمنت رسوماً إضافية بنسبة 34% على السلع الأمريكية. وكتب ترامب في منشور على منصة تروث سوشيال: «لقد لعبت الصين بشكل خاطئ، أصيبوا بالذعر!».
وأخبر الرئيس الأمريكي المستثمرين الذين يضخون أموالاً في الولايات المتحدة أن سياساته لن تتغير أبداً، وذلك في وقت تراجعت فيه أسواق الأسهم العالمية لليوم الثاني على التوالي في أعقاب إعلان خطته للرسوم الجمركية والإجراءات المضادة التي اتخذتها الصين.
وكتب ترامب على منصة تروث سوشيال: «إلى المستثمرين الكثيرين القادمين إلى الولايات المتحدة الذين يستثمرون مبالغ طائلة، سياساتي لن تتغير أبداً. هذا هو الوقت الأمثل للثراء، ثراء أكبر من أي وقت مضى!».
وتأهبت دول من كندا إلى الصين للرد في حرب تجارية متصاعدة بعد أن أعلن ترامب زيادة القيود الجمركية إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من قرن، الأربعاء الماضي، ما أدى إلى انخفاض حاد في الأسواق المالية العالمية.
تقييم الآثار
وحذرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا من أن الرسوم الجمركية الجديدة التي أعلنها ترامب تشكل «خطراً كبيراً» على الاقتصاد والنمو العالمي.
وقالت في بيان: «من المهم تجنب إجراءات يمكن أن تلحق مزيداً من الضرر بالاقتصاد العالمي. ما زلنا نقيم الآثار المترتبة على الاقتصاد الكلي للتدابير الجمركية المعلنة، لكنها تشكل بوضوح خطراً كبيراً على التوقعات العالمية في فترة من النمو البطيء».
وحذّرت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو إيويالا من أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب منذ يناير قد تقلّص تجارة البضائع حول العالم بنسبة 1% هذا العام.
وأودت الرسوم الإضافية بأولى ضحاياها، أول من أمس، مع إعلان شركة ستيلانتيس إغلاق مصنع كرايسلر التابع لها في وندسور في كندا لمدة أسبوعين.
وقال بنك الاستثمار جيه. بي.مورجان إنه يرى الآن احتمالاً بنسبة 60% لدخول الاقتصاد العالمي في ركود بنهاية العام، ارتفاعاً من 40% سابقاً.
من جانبه دعا وزير الصناعة الفرنسي مارك فيراتشي إلى رد متناسب وحازم على الرسوم الجمركية الأمريكية، مؤكداً أن أوروبا لا تزال منفتحة على التفاوض بشأن حل.
وأضاف أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غير مسبوقة منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وقد تزعزع استقرار الاقتصاد العالمي وتؤدي إلى فقدان وظائف.
تأجيل إجراءات
وأعلن شركاء تجاريون آخرون، منهم اليابان وكوريا الجنوبية والمكسيك والهند، أنهم سيؤجلون أي إجراءات مضادة في الوقت الحالي سعياً للحصول على تنازلات.
وقال وزير الخارجية البريطاني إن لندن تعمل على إبرام اتفاق اقتصادي مع الولايات المتحدة.
ويقول ترامب إن الرسوم الجمركية «المضادة» رد على القيود المفروضة على السلع الأمريكية، في حين قال مسؤولون في الإدارة الأمريكية إن الرسوم الجمركية من شأنها أن تخلق فرص عمل في قطاع التصنيع في الداخل وتفتح أسواق التصدير في الخارج، لكنهم حذروا من أن الأمر سيستغرق بعض الوقت لرؤية النتائج.