ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأربعاء 26 مارس 2025 01:54 صباحاً - تراجعت أسهم قطاع التكنولوجيا في الصين بأكبر وتيرة لها منذ شهر، بعدما أثرت عملية بيع الأسهم التي نفذتها شركة «شاومي» بقيمة 5.5 مليارات دولار في معنويات المستثمرين، في سوق تعاني من غياب الزخم.
وهبط مؤشر «هانغ سنغ لقطاع التكنولوجيا» بنسبة 3.8% أمس الثلاثاء، لترتفع خسائره منذ بلوغه أعلى مستوياته في 18 مارس، إلى أكثر من 9%. كما تراجعت أسهم «شاومي» بنسبة 6.6%، خلال التعاملات، عقب إعلان الشركة زيادة حجم الطرح.
وسجلت الأسهم الصينية تقلبات خلال الجلسات الأخيرة، بينما يواصل المستثمرون البحث عن محركات جديدة، لتمديد موجة الصعود التي فاقت بقية الأسواق العالمية.
ورغم أن أرباح شركات التكنولوجيا الصينية تفوقت على التقديرات في الأغلب، أو جاءت مطابقة لها خلال موسم نتائج الأعمال الأخير، إلا أن الحفاظ على هذا الزخم بات أكثر تعقيداً، لا سيما مع اقتراب تقييم مؤشر «هانغ سنغ لقطاع التكنولوجيا» من متوسطة خلال ثلاثة أعوام.
أثر التحذير الصادر عن رئيس مجلس إدارة «علي بابا غروب هولدينغ»، بشأن فقاعة محتملة، تتكون في سوق بناء مراكز البيانات أيضاً على المعنويات.
تأثير طرح «شاومي»
قال ستيفن ليونغ المدير التنفيذي في شركة «يو أو بي كاي هيان هونغ كونغ»، إن أرباح شركات التكنولوجيا، جاءت جيدة حتى الآن، لكنها لم تكن كافية لإحداث «مفاجأة إيجابية».
وأضاف أن «الزيادة في حجم الطرح الذي أجرته شاومي، أثرت في المعنويات في السوق خلال جلسة أمس، إذ يخشى البعض من أن يؤدي مثل هذا الطرح إلى الضغط على السيولة المتاحة في السوق».
يأتي بيع أسهم شاومي في أعقاب طرح شركة «بي واي دي»، البالغ حجمه 5.6 مليارات دولار، في وقت سابق من هذا الشهر. وبينما قد يفيد هذا التمويل الشركات على المدى الأطول، إلا أن أسهمها تتعرض لضغوط فورية، بسبب زيادة المعروض، وبيعها بأسعار مخفضة، وفقاً للمحللين.
جاء تراجع السوق الصينية، الثلاثاء، على عكس الاتجاه الصاعد الذي شهدته بقية الأسواق الآسيوية، وذلك بعدما أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى أن الرسوم الجمركية المتبادلة، والمتوقع فرضها على قطاعات محددة في الثاني من أبريل، قد تكون أقل حدة من المتوقع. وانخفض مؤشر «هانغ سنغ تشاينا إنتربرايزس» أكثر من 2%.
وحتى مع التراجع الذي سُجل في جلسة أمس، لا يزال مؤشر «هانغ سنغ لقطاع التكنولوجيا» مرتفعاً بنسبة 24% منذ بداية العام. وقد سارع المستثمرون لإعادة تقييم أسهم التكنولوجيا الصينية، منذ بروز شركة «ديب سيك» في وقت سابق من هذا العام، فيما ساهم اجتماع الرئيس شي جين بينغ مع كبار رجال الأعمال، في تسريع وتيرة مكاسب الأسهم.
مخاوف من فقاعة مراكز البيانات
أي تراجع جديد في أسهم التكنولوجيا الصينية، من شأنه أن يثير قلق المستثمرين، وقد يُقوض السردية المتزايدة التي ترى في الأسواق الصينية بديلاً استثمارياً محتملاً، في وقت يعيد فيه المستثمرون النظر في فكرة «الاستثنائية الأمريكية».
تراجعت أسهم مجموعة «علي بابا» بأكثر من 3%، بعدما حذر رئيس مجلس إدارتها من إنشاء مراكز البيانات. كما هوت أسهم شركة «صني أوبتيكال تكنولوجي غروب» بواقع 11%، بعد تحذير الشركة من تخمة في الطاقة الإنتاجية.
قالت تشارو تشانانا، كبيرة استراتيجيي الاستثمار لدى شركة «ساكسو ماركتس»، إن «حذر علي بابا بشأن الفقاعة المحتملة في بناء مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، زاد من الضغوط على السوق، ما يشير إلى أن موجة الذكاء الاصطناعي المتوهجة، قد تواجه تعثراً قصير الأجل».
تحذير «علي بابا»
وحذر رئيس مجلس إدارة «علي بابا غروب هولدينغ»، جو تساي، من احتمال تشكّل فقاعة في قطاع بناء مراكز البيانات، مشيراً إلى أن وتيرة التوسع في هذا المجال قد تتجاوز الطلب الأولي على خدمات الذكاء الاصطناعي.
وقال المموّل الملياردير خلال قمة الاستثمار العالمية، التي نظّمتها «إتش إس بي سي» في هونغ كونغ، إن التهافت من قِبل شركات التكنولوجيا الكبرى وصناديق الاستثمار، وغيرها من الجهات، على إنشاء قواعد خوادم من أمريكا إلى آسيا، يبدو عشوائياً. وأضاف أن العديد من هذه المشاريع يتم بناؤها من دون وجود عملاء واضحين.
من «مايكروسوفت» إلى «سوفت بنك»، تنفق شركات التكنولوجيا على جانبي المحيط الهادئ مليارات الدولارات، لشراء رقائق «إنفيديا» و«إس كيه هاينكس» الضرورية لتطوير الذكاء الاصطناعي.
وكانت «علي بابا» نفسها، التي أعلنت في فبراير أنها ستتبنّى الذكاء الاصطناعي بالكامل، قد كشفت عن خطط لاستثمار أكثر من 380 مليار يوان (52 مليار دولار)، خلال السنوات الثلاث المقبلة.
في هذا السياق، تنتشر مزارع الخوادم من الهند إلى ماليزيا، فيما يروّج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لمشروع «ستارغيت» في أمريكا، والذي يتوقع أن تصل استثماراته إلى نصف تريليون دولار.
جدوى الإنفاق على الذكاء الاصطناعي
وبدأ العديد من المحللين في «وول ستريت»، يشككون في مبررات هذا الإنفاق، خصوصاً بعد أن أطلقت شركة «ديب سيك» الصينية الناشئة، نموذج ذكاء اصطناعي مفتوح المصدر، تزعم أنه يضاهي التكنولوجيا الأمريكية، لكنه بُني بتكلفة أقل بكثير. كما أشار المنتقدون إلى النقص المستمر في التطبيقات الواقعية والعملية للذكاء الاصطناعي.
«أشعر أننا بدأنا نرى بوادر فقاعة من نوع ما»، حسبما صرّح تساي أمام الحضور. وأضاف أن بعض المشاريع المخطط لها بدأت بجمع الأموال من دون أن تبرم اتفاقيات تضمن استهلاك الخدمات أو الطلب عليها مستقبلاً.
وتابع: «أبدأ في القلق عندما أرى الناس يبنون مراكز بيانات بشكلٍ استباقي، من دون وجود طلب فعلي. هناك جهات كثيرة بدأت تظهر، وصناديق تجمع رؤوس أموال بمليارات أو ملايين الدولارات».
تشهد «علي بابا» عودة قوية في 2025، مدفوعة جزئياً بالانتشار الواسع لمنصتها للذكاء الاصطناعي، المبنية على نموذج «كيوين»، والتي تأمل الشركة أن تسهم في تعزيز أعمالها الأساسية في التجارة، وخدمات الحوسبة السحابية. وخلال القمة، تحدّث جو تساي عن أن «علي بابا» تمرّ بمرحلة «إعادة تشغيل».
حيث بدأت في التوظيف مجدداً بعد سنوات من التدقيق التنظيمي الذي كبح نموّها. وقد أطلقت الشركة برامج خاصة لاستقطاب المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي، دعماً لطموحها المُعلَن في استكشاف الذكاء العام الاصطناعي.
إنفاق الشركات الأمريكية على الذكاء الاصطناعي، في الوقت ذاته، وجّه تساي انتقادات حادة لمنافسيه في أمريكا، لا سيما على صعيد الإنفاق.
في هذا العام وحده، تعهّدت «أمازون» و«ألفابت» و«ميتا»، بإنفاق 100 مليار و75 مليار و65 مليار دولار على التوالي، على البنية التحتية الخاصة بالذكاء الاصطناعي.
لكن في فبراير، أشار محللو «تي دي كاوِن» إلى مؤشرات تفيد بأن «مايكروسوفت» ألغت بعض عقود الإيجار لسعات مراكز بيانات في أمريكا، ما أثار تساؤلات بشأن ما إذا كانت الشركة قد بالغت في تأمين قدرات حوسبة تفوق احتياجاتها الفعلية على المدى الطويل.