ابوظبي - ياسر ابراهيم - الجمعة 17 يناير 2025 07:37 مساءً - توقع صندوق النقد الدولي أن يحقق الاقتصاد العالمي معدل نمو يبلغ 3.3 % عامي 2025 و2026، وهو أقل من المتوسط التاريخي البالغ 3.7 % للفترة بين 2000 و2019 وتأتي هذه التوقعات في سياق أداء اقتصادي متباين بين الدول الكبرى، مع استمرار التحديات الجيوسياسية والتضخمية التي تلقي بظلالها على الأسواق العالمية.
وأصدر الصندوق تقريره المحدث حول «آفاق الاقتصاد العالمي» لشهر يناير 2025، الذي قدم تحليلاً شاملاً لحالة الاقتصاد العالمي وتوقعات النمو للفترة المقبلة.
وأشار التقرير إلى أن الاقتصاد الأمريكي يواصل أداءه القوي، متوقعاً نمواً 2.7 % في 2025. ويدعم هذا النمو استهلاك محلي قوي واستثمارات متزايدة، فضلاً عن سياسات مالية أقل تشدداً وظروف مالية مواتية.
وأوضح الصندوق أن استقرار سوق العمل وثقة المستثمرين يعززان زخم الاقتصاد الأمريكي، ما يجعله المحرك الأساسي للنمو العالمي.
وتوقع التقرير أن تواصل الولايات المتحدة الاستفادة من تحسن النشاط الاقتصادي، مدعومة بسياسات حكومية تستهدف خفض العوائق التنظيمية وتعزيز استثمارات القطاع الخاص. ومع ذلك، حذر الصندوق من أن استمرار ارتفاع الدولار نتيجة الفجوة في أسعار الفائدة مع الاقتصادات الأخرى قد يفرض ضغوطاً على الأسواق الناشئة.
في المقابل، تعاني منطقة اليورو من تباطؤ اقتصادي مع تسجيل نمو متواضع بنسبة 1.0 % في 2025. ويرجع هذا الأداء الضعيف إلى استمرار التحديات التي تواجه قطاع التصنيع والصادرات، خاصة في ألمانيا التي تعاني من ضعف الطلب العالمي.
وأشار التقرير إلى أن التوترات الجيوسياسية والاضطرابات السياسية في بعض دول الاتحاد الأوروبي تزيد من حالة عدم اليقين، ما يؤثر سلباً على ثقة المستثمرين ويحد من الاستثمارات. ورغم هذه التحديات، توقع التقرير أن يشهد الاقتصاد الأوروبي انتعاشاً تدريجياً في 2026 مع تحسن الظروف المالية وزيادة الطلب المحلي.
أزمة العقارات
أما الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، فتواجه تباطؤاً اقتصادياً مستمراً، حيث يتوقع أن تحقق نمواً 4.6 % في 2025 ويعكس هذا الأداء تأثير أزمة سوق العقارات التي لم تستقر بعد، إضافة إلى انخفاض ثقة المستهلكين. ورغم حزمة التحفيز المالي التي أطلقتها الحكومة، يظل الاقتصاد الصيني يعاني تراجع الاستثمار واستمرار ضعف الطلب المحلي.
أما في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، فيتوقع التقرير أن تحقق المنطقة نمواً 3.6 % في 2025، وهو أقل من التقديرات السابقة. ويرجع التقرير هذا التراجع إلى تأثير تمديد تخفيضات إنتاج النفط من قبل دول أوبك+ ورغم ذلك، سيكون هناك جزئياً زيادات في أسعار الغاز نتيجة للطقس البارد أكثر من المتوقع وانقطاعات الإمدادات، وستظل المنطقة تستفيد من تنوع الاقتصاد وتوجهها نحو مشاريع البنية التحتية والاستثمارات غير النفطية.
وأشار التقرير إلى أن المنطقة تستفيد من الجهود المستمرة لتنويع الاقتصاد، حيث تضخ الحكومات استثمارات كبيرة في مشاريع البنية التحتية والقطاعات غير النفطية مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة.
التضخم العالمي
وتوقع التقرير انخفاض التضخم العالمي إلى 4.2 % في 2025 وإلى 3.5 % في 2026، مع استقرار أسرع في الاقتصادات المتقدمة مقارنة بالأسواق الناشئة. ومع ذلك، أشار الصندوق إلى أن هناك مخاطر مستمرة من تجدد الضغوط التضخمية نتيجة السياسات الحمائية الجديدة والتوترات الجيوسياسية التي قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع.
وحذر التقرير من المخاطر المرتبطة بتصاعد السياسات الحمائية والاضطرابات الجيوسياسية، والتي قد تؤدي إلى تراجع الاستثمارات وعرقلة سلاسل التوريد العالمية. كما أشار إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة قد يزيد من الضغوط على الاقتصادات الناشئة من خلال ارتفاع تكاليف الاقتراض وتدفقات رأس المال.
وفي ظل هذه التحديات، دعا الصندوق الحكومات إلى تبني سياسات مالية ونقدية متوازنة تركز على دعم الاستقرار الاقتصادي طويل الأمد. كما أوصى الصندوق بتعزيز التعاون الدولي لتحسين التجارة العالمية وتخفيف حالة عدم اليقين.
إصلاحات هيكلية
وأكد التقرير على ضرورة تنفيذ إصلاحات هيكلية لزيادة الإنتاجية وتحفيز النمو الاقتصادي، مع التركيز على الابتكار والاستثمارات المستدامة.
يعكس تقرير صندوق النقد الدولي صورة متباينة للاقتصاد العالمي في 2025، حيث تواصل الولايات المتحدة تقديم أداء قوي، بينما تواجه الاقتصادات الأخرى تحديات كبيرة. ومع تصاعد التوترات الجيوسياسية واستمرار تأثير السياسات التجارية، يبقى التعاون الدولي والإصلاحات الهيكلية ضروريين لتحقيق استقرار اقتصادي عالمي مستدام.