ابوظبي - ياسر ابراهيم - الاثنين 14 أكتوبر 2024 11:28 مساءً - كانا إناغاكي - سارة وايت
يسعى مصنعو السيارات الأوروبيون لطرح عشرات الطرز من المركبات الكهربائية بأسعار معقولة العام المقبل، استعداداً لـ«شتاء سوق المركبات الكهربائية» المتوقع حدوثه نتيجة لأهداف الاتحاد الأوروبي الصارمة الجديدة لانبعاثات الكربون، وفي ظل المنافسة الشديدة من الشركات الصينية.
وتُركز كبرى شركات تصنيع السيارات الأوروبية، مع انعقاد معرض باريس للسيارات خلال الأسبوع الجاري، على استعادة حصصها المفقودة في السوق عبر طرح مركبات جديدة، في ظلّ ضغوط متزايدة بسبب تراجع الطلب.
وقال لوكا دي ميو، الرئيس التنفيذي لشركة «رينو» في وقت سابق من الشهر الجاري: «لقد جئنا بهدف المنافسة بقوة»، وذلك خلال الكشف عن مشروع لإعادة تدوير البطاريات، حيث أكد على عزم الشركة تعزيز أعمالها في مجال المركبات الكهربائية. وأضاف: «نواجه بطبيعة الحال تحديات جمة، ولكننا نرى فرصاً واعدةً».
وتُعد «رينو» شركة السيارات الأوروبية الوحيدة التي لم تصدر تحذيراً بشأن الأرباح مؤخراً، حيث خفضت كل من «فولكس فاغن» و«ستيلانتيس» و«مرسيدس بنز» توقعاتها للأرباح بسبب مشكلات على صعد مختلفة، ما بين المنافسة الشرسة، وضعف الطلب الأوروبي، وازدياد المخزونات في الولايات المتحدة.
ومن المتوقع ازدياد الضغوط على الصناعة في العام المقبل حينما تدخل الأهداف الجديدة للانبعاثات التي وضعها الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ. وتتطلب هذه الأهداف خفض المصنعين للانبعاثات الكربونية من سياراتهم عن طريق زيادة حصة المركبات الكهربائية والهجينة، وإلا ستواجه غرامات كبيرة.
أفاد مسؤولون تنفيذيون بأن الوفاء بأهداف الانبعاثات أصبح أكثر صعوبة جراء التباطؤ الأخير في نمو مبيعات المركبات الكهربائية، إذ صار المستهلكون أكثر حساسية تجاه التكلفة. كما خفضت الحكومات الدعم في أسواق كبيرة، مثل ألمانيا.
ودعا بعض مصنعي السيارات، باستثناء «ستيلانتيس»، إلى التخفيف من الأهداف أو تأجيلها؛ تفادياً للغرامات التي قد تصل إلى 51 مليار يورو بحلول عام 2030، بحسب تقديرات شركة أليكس بارتنرز للاستشارات. وفي كلمة ألقاها أمام لجنة برلمانية إيطالية الجمعة، بيّن كارلوس تافاريس، الرئيس التنفيذي لـ«ستيلانتيس»، أن التحوّل إلى المركبات الكهربائية الذي تفرضه القواعد من شأنه زيادة التكاليف على كاهل مصنعي السيارات على نحو هائل. وقال: «نضيف تكلفة أكبر قدرها 40%، في ضوء نظام ليس بإمكانه استيعاب زيادة الأسعار، لأن المستهلكين لا يرغبون في دفع المزيد».
وأشارت تقديرات هينينغ كوسمان، المحلل لدى «باركليز»، إلى أن مصنعي السيارات على مستوى العالم سيكشفون عن أكثر من 100 نموذج من المركبات الكهربائية خلال العام الجاري في أوروبا، ونحو 70 نموذجاً في عام 2025، لافتاً إلى أن الأسعار الأقل المطلوبة لإنجاز المبيعات قد تتسبب في «شتاء للمركبات الكهربائية».
وأوضح: «إذا كنت مستهلكاً، فغالباً ما ستشعر بأن شراء مركبة كهربائية اليوم قد يكون قراراً خاطئاً، لأنك تعلم إمكانية شرائك لاحقاً واحدة أفضل بمدى قيادة أطول وتتمتع بتكنولوجيا أحدث، ومن المُرجح أن تكون أقل سعراً في وقت قريب. وهنا تكمن دوامة الهبوط».
وكانت شركات السيارات الأوروبية تركز على النماذج الباهظة بالسوق، لكنها تعلم بأنها ستتعرض لضغوط لبيع نماذج أرخص ثمناً في عام 2025. وقلص ذلك من قدرة الشركات على التنافس مع شركات صينية مثل «بي واي دي» و«إكس بينغ» التي سعّرت بعض نماذجها بقيمة 20 ألف يورو، أي حوالي نصف متوسط أسعار المركبات الكهربائية الأوروبية، بحسب مؤسسة ترانسبورت آند إنفيرونمنت غير الحكومية.
وقال ألكساندر ماريان، الشريك والعضو المنتدب لدى «أليكس بارتنرز»: «قد تندلع حرب أسعار، لكني لست متأكداً مما إذا كان الأوروبيين في أفضل وضع يمكّنهم من الانتصار».
تجدر الإشارة إلى أن المركبات الكهربائية تعد أقل ربحية لشركات السيارات حتى قبل إعلان أي خصومات جديدة في العام المقبل. وانخفضت هوامش الإجمالية في الصناعة بنحو 15 نقطة مئوية مقارنة بالنماذج التي تسير بمحركات احتراق داخلي، بحسب «باركليز». ومن المُقرر عرض بعض من النماذج الأرخص ثمناً في معرض باريس للسيارات الذي انطلق أمس، بما في ذلك سيارة يقل سعرها عن 20 ألف يورو صنعتها «ليبموتور»، الشريكة الصينية لـ «ستيلانتيس». وتتلقى «رينو» طلبات بالفعل على مركباتها الكهربائية «آر 5»، التي يبلغ سعرها قرابة 25 ألف يورو. أما «سيتروين»، إحدى العلامات التجارية الأخرى المنتمية إلى محفظة «ستيلانتيس»، فستعرض نماذج تشمل سيارة الدفع الرباعي الصغيرة «سي 3 إيركروس»، لكن النماذج غير الكهربائية يبلغ سعرها حوالي 20 ألف يورو.
وذهب بحث أجرته «رينو» إلى أن مصنعي السيارات في الاتحاد الأوروبي سيكونون بحاجة إلى الاستئثار بحصة تتراوح بين 20% و22% من السوق الأوروبية لكي تمتثل لأهداف الانبعاثات الجديدة. لكن، وفي الوقت الراهن، تمتلك هذه الشركات حصة تقل عن 15% من السوق.
ولفت محللون إلى إمكانية تحقيق الأهداف، إذا اشترت شركات السيارات أرصدة انبعاثات من مجموعات منافسة تبيع مركبات أكثر مراعاة للبيئة، لكن تكلفة فعل ذلك بالنسبة لشركات مثل «فولكس فاغن» و«فورد»، الأكثر عدم تحقيقاً للأهداف، من المُرجح أن تخلّف تأثيراً سلبياً على أرباحها.
وفي حديث إلى محطة آر تي إل الإذاعية، وقبل معرض باريس للسيارات، ذكر لوك شاتيل، رئيس مجموعة الضغط بي إف إيه لصناعة السيارات الفرنسية، أن «المصنعين والصناعة ككل يستثمرون مليارات اليوروات» من أجل التحوّل إلى المركبات الكهربائية. وحذر شاتيل من «المخاطر الجسيمة» التي تواجه الصناعة، مضيفاً: «لم يعد المستهلكون يتابعون. ويعني ذلك أن المصنعين سيتحتم عليهم دفع الغرامات الأوروبية في العام المقبل بلا شك، وهو أمر غير منطقي».