الارشيف / حال المال والاقتصاد

قطاع البطاريات الصيني يشهد موجة اندماجات وإعادة هيكلة

  • 1/2
  • 2/2

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأحد 11 أغسطس 2024 01:23 صباحاً - اجتاحت موجة من عمليات الدمج قطاع البطاريات الصيني، ما أدى لإلغاء استثمارات وانسحاب اللاعبين الأصغر حجماً، حتى في ظل مواصلة مسؤولي «كاتل» و«بي واي دي» خططهم التوسعية.

وخلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، تم إلغاء أو تأجيل 19 مشروعاً لإنشاء مصانع بطاريات عملاقة في الصين، وفقاً لشركة «بنشمارك مينيرال إنتليجنس» للبحوث التي تتخذ من لندن مقراً لها. وقد أدى ذلك إلى تسارع التراجع الحالي في الاستثمار بمصانع البطاريات، في الوقت الذي يصارع فيه صانعو السيارات الكهربائية تباطؤ المبيعات، خاصة في أوروبا.

ويرى إيفان هارتلي، المحلل لدى «بنشمارك»، أنه حدثت عمليات دمج كثيرة في المنشآت الصينية، فمع انخفاض الأسعار ومواجهة صعوبات في تحقيق عوائد، يعني أن الشركات تخلت عن خططها، ما قد يقلل السعة الإنتاجية لمصانع البطاريات العملاقة في الصين بنسبة 3% بحلول 2030، بحسب تقديرات «هارتلي».

وتأتي الاضطرابات بقطاع صناعة البطاريات الصينية المزدحم مع انخفاض نمو مبيعات السيارات الكهربائية في أنحاء من العالم. وبعد زيادات من رقمين، تتوقع شركة «آر إتش أو موشن» لاستشارات سلاسل توريد المركبات الكهربائية، تراجع معدلات النمو في أوروبا وأمريكا الشمالية بنسبة 6% و7% على الترتيب.

وتستعد صناعة السيارات الصينية هي أيضاً إلى وضع مماثل، بعدما نمت إبان طفرة الاستثمار خلال العقد الماضي. وتقدر الهيئات الصناعية أن هناك 50 مجموعة صينية لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية في أكبر سوق للسيارات بالعالم، ما سيؤدي إلى معركة للبقاء ستزداد شراستها، يواجهون فيها جميعاً منافسة ضارية على التكنولوجيا ولوائح حكومية أكثر صرامة.

وتنقسم السوق الصينية بشكل حاد بين لاعبين كبار مثل «كاتل» و«بي واي دي»، اللتين تهيمنان على السوق العالمية لتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية، ومجموعة أصغر من اللاعبين تركت بمفردها في الحلبة، وهم أضعف مالياً وأقل تنافسية من حيث التكلفة.

ويعتقد كيفين شانغ، المحلل الرئيس لدى «وود ماكنزي» للبيانات والتحليلات، أن الصناعة الصينية دخلت جولة جديدة من المنافسة يقودها الابتكار التكنولوجي وزيادة القدرات. وقال: في الأساس، سيطرد السوق تدريجياً الذين ليس بمقدورهم مواكبة هذا الاتجاه.

كما أصدرت بكين قواعد تنظيمية جديدة لمعالجة الطاقة الفائضة، ما أجبر عدداً من مصنعي البطاريات المحليين على تعليق مشروعاتهم مؤخراً، سواء داخل الصين أو في الأسواق الخارجية.

وانتهت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية في يونيو الماضي من وضع اللمسات الأخيرة على المبادئ التوجيهية المعدلة لصناعة بطاريات أيونات الليثيوم في البلاد والتي وضعت معايير أعلى لكثافة الطاقة ودورة حياة المنتج، ومواصفات أخرى. وستساعد هذه القواعد الشركات على تقليل مشروعات الإنتاج التي تهدف فقط لزيادة القدرة الإنتاجية، حسب ما قالت الوزارة.

وكتب محللو «سيتي» في مذكرة بحثية: يشير هذا إلى أن الحكومة على دراية بانخفاض حجم الاستفادة عبر سلسلة التوريد. وقالوا: نحن نعتقد بأن القواعد التنظيمية ستعود بالنفع على الشركات الرائدة في كل القطاعات الفرعية المتعلقة بالبطاريات، فيما تحاول التخلص تدريجياً من القدرات الخاملة تعزيز الحواجز أمام دخول هذا القطاع عن طريق المعايير الفنية.

نتيجة لذلك، واجه اللاعبون الجدد في السوق صعوبات. ففي أبريل، أعلنت مجموعة «نانفانغ بلاك سيسمي»، أكبر شركة مصنعة للأغذية المهروسة في الصين، أنها ستعلق مشروع بطاريات مخططاً له بقيمة 3.5 مليارات دولار في مقاطعة جيانغشي الشرقية، وقالت للمستثمرين إن هناك تغيرات عميقة في مشهد سوق الطاقة الجديد. وكانت المجموعة أعلنت تحولها نحو تخزين الطاقة العام الماضي فقط.

وفي بيان رفعته إلى البورصة، قالت إن الشركة لن تتصرف على عجل، وسننتظر أفضل فرصة لنا لتنفيذ المشروع، لتفادي تكاليف استثمار أعلى والخسائر ذات الصلة.

وكشفت أكثر من 20 شركة صينية في أبريل الماضي خططاً لبناء منشآت جديدة لتصنيع البطاريات، كان يتوقع لها أن تبلغ سعتها السنوية 152 غيغاواط في الساعة، بانخفاض قدره 55% على أساس سنوي، وفقاً لبيانات جمعتها رابطة تخزين الطاقة في الصين الصناعية. واضطر مصنعو البطاريات الصينيين الأصغر حجماً إلى إعادة النظر في خططهم للتوسع خارج البلاد، والتي كانت شديدة النشاط يوماً ما.

وتخلت «إس فولت إنرجي تكنولوجي»، التي انفصلت عن «غريت وول موتور» لتصنيع السيارات، وهي سابع أكبر مصنعة للبطاريات في الصين، عن خطط في مايو لبناء مصنع في شرق ألمانيا، مشيرة إلى عدم اليقين بشأن التخطيط والتعريفات الجمركية والإعانات، فضلاً عن فقدانها عميل رئيسي.

وحذر يانغ هونغتشين، رئيس «إس فولت»، من احتمالية نجاة ما يقل عن 40 مصنعاً للبطاريات من موجة الدمج بنهاية العام الجاري. وكان يانغ قال خلال حدث في الشهر الماضي: فيما سبق، شارك مصنعو البطاريات من الدرجة الثانية والثالثة في منافسات الأسعار للاستئثار بمزيد من الحصة السوقية. أما اليوم، فحتى كبار المصنعين يخفضون الأسعار.

وتعاني الشركات، ابتداءً من مصنعي البطاريات وشركات التعدين عن الليثيوم وانتهاءً بمنتجي الأنود والكاثود، من انخفاض الربحية بسبب تراجع أسعار البطاريات، الناجم عن فرط التوسع في الاستجابة لطفرة الطلب بين عامي 2021 و2022.

وسجلت الإيرادات وصافي الأرباح المجمعة لدى 107 شركات مدرجة في البر الرئيس بسلسلة توريد بطاريات الليثيوم 293 مليار يوان صيني، ما يعادل 40 مليار دولار، وبلغت 17 مليار يوان في الربع الأول، بانخفاض قدره 18% و50% على أساس سنوي على الترتيب.

ورغم ذلك، فمن المتوقع أن يخرج مصنعو البطاريات من الدرجة الأولى من هذا الوضع وهم أقوى، وأن يزيدوا استثماراتهم، مع اندماج اللاعبين الصغار أو خروجهم من السوق.

وفي الشهر الماضي، بدأت شركة «أمبليفاي سيل تكنولوجيز»، وهي مشروع مشترك بين رابع أكبر شركة صينية لصناعة البطاريات في الصين «إيف إنرجي» وشركة «كامينز» لصناعة المحركات ومقرها إنديانا، واثنين من مصنعي الشاحنات هما «دايملر» و«باكار»، في بناء مصنع للبطاريات في ميسيسبي.

كما أعلنت «إيف إنرجي» عن استثمار بقيمة 3.3 مليارات يوان في مصنع جديد بماليزيا لإنتاج بطاريات تخزين الطاقة وأخرى للمستهلكين، فيما تعتزم شركة «غوتيون هاي تك»، خامس أكبر مصنعي البطاريات في الصين، استثمار 1.3 مليار دولار لبناء أول مصنع ضخم لها لصناعة بطاريات المركبات الكهربائية في المغرب.

أما «سونوودا»، سادس أكبر مصنعي البطاريات في الصين، فتستهدف استثمار نحو ملياري يوان لبناء مصنع جديد للبطاريات في فيتنام.

رغم ذلك، حذر شانغ من «وود ماكنزي»، من احتمالية مواجهة مصنعي البطاريات الصينيين، حتى الكبار منهم، تحديات بسبب طموحاتهم خارج البلاد، إذ يواجهون بيئة تنظيمية مختلفة إلى جانب عدم يقين جيوسياسي. وقال شانغ: ترغب الشركات الصينية في العمل خارج البلاد، لكنها أصبحت أكثر واقعية، وأضاف: الأمر ليس ببساطة نسخ ولصق النجاح الذي حققوه في الصين، الأمر أكثر تعقيداً من ذلك.

تابعوا حال الخليج الاقتصادي عبر جوجل نيوز

Advertisements

قد تقرأ أيضا