الارشيف / حال الكويت

محمد جاسم دشتي

كتب ناصر المحيسن - الكويت في الخميس 4 يوليو 2024 10:28 مساءً - يعرف الناس أن الاستثمار هو السبيل الوحيد لتطوير إمكاناتهم المالية، خاصة مَنْ يملك دخلاً ثابتاً، نظير مجهود بدني أو فكري، ويسعى الناس لإيجاد سُبل أكثر فاعلية لتحقيق أكبر قدر ممكن من العوائد الاستثمارية، والتي لا تتوافر في غالبية الأحيان، في الاستثمار الآمن في الأسهم والسندات والصناديق الاستثمارية المرخصة.

يظهر بين الفينة والأخرى نوع جديد من النصب: «أعطنا أموالك وسنقوم باستثمارها لك، وستحصل على مدخول ثابت لا يماثله ربح في الودائع والصناديق والأسهم والعقار»، أو عن طريق عرض بيع منتجات فارهة (عقارات دولية قيد الإنشاء) أو سلع فاخرة عبر تحفيز المشتري بندرتها أو برخص ثمنها.

يُعتبر هرم بونزي من أشهر أشكال الاحتيال المالي، الذي ينتشر في الأسواق المالية العالمية، تعود تسميته إلى المحتال الشهير تشارلز بونزي، الذي نفّذ واحدة من أكبر عمليات الاحتيال المالي في القرن العشرين. يقوم هذا النوع من الاحتيال على وعد المستثمرين بعوائد كبيرة وسريعة على استثماراتهم، ولكن العوائد المدفوعة للمستثمرين القدامى، تأتي من أموال المستثمرين الجُدد، بدلاً من أرباح حقيقية ناتجة عن استثمار فعلي، وفي النهاية ينهار هذا النظام بمجرد توقف تدفق الأموال الجديدة، مما يؤدي إلى خسائر مالية فادحة للمستثمرين.

أهم عمليات الاحتيال بناءً

على فكرة بونزي

• تشارلز بونزي (1920):

يُعتبر تشارلز بونزي الأب الروحي لهذه الخطة الاحتيالية. وعد بونزي المستثمرين بعوائد تصل إلى 50 في المئة خلال 45 يوماً أو 100 في المئة خلال 90 يوماً، باستخدام القسائم البريدية الدولية كواجهة للاستثمار. انهار النظام بعد اكتشاف أن الأموال التي كان يدفعها للمستثمرين الأوائل كانت تأتي من أموال المستثمرين الجُدد، مما أدى إلى خسائر بلغت نحو 20 مليون دولار.

• برنارد مادوف (2008):

برنارد مادوف نفّذ واحدة من أكبر عمليات الاحتيال في التاريخ الحديث، حيث بلغت خسائر المستثمرين نحو 65 مليار دولار. اعتمد مادوف على سمعته كرئيس سابق لبورصة ناسداك، لجذب مستثمرين كبار، واستخدم شبكة معقدة من الوسطاء لجمع الأموال. انهار النظام عندما كشف عن عدم وجود استثمارات حقيقية، وأن العوائد كانت تأتي من أموال المستثمرين الجُدد.

كيفية تفادي الاحتيال عبر تفعيل

عمليات التدقيق المالي الحكومي

• التدقيق المالي الدوري:

يُعتبر التدقيق المالي الدوري، من أهم الوسائل التي تُساهم في الكشف عن عمليات الاحتيال. يتمثل التدقيق المالي في فحص دقيق للدفاتر المالية للشركات، بواسطة هيئات حكومية مستقلة، للتأكد من صحة وسلامة العمليات المالية.

• الرقابة الصارمة:

تطبيق قوانين ولوائح صارمة على المؤسسات المالية يلعب دوراً محورياً في منع عمليات الاحتيال. يتضمن ذلك مراقبة الأنشطة المالية ومراجعة التقارير المالية للشركات بانتظام.

• الإفصاح المالي الشفاف:

فرض متطلبات الإفصاح المالي الشفاف على الشركات، يُساهم في توفير معلومات واضحة ودقيقة للمستثمرين. يجب على الشركات تقديم تقارير مالية مفصلة، ومراجعة حساباتها بواسطة مدققين مستقلين، خاصة الشركات التي تطرح مشاريع البيع الآجل، ومن أمثلتها إبرام عقود بيع المنقولات والسيارات أو العقارات الدولية، على أن يتم التسليم في المستقبل.

• توعية المستثمرين:

تلعب حملات التوعية والتثقيف المالي، دوراً مهماً في حماية المستثمرين، من الوقوع ضحية للاحتيال. يجب توعية المستثمرين بمخاطر الاستثمارات غير الواقعية، وضرورة التحقق من مصداقية الشركات قبل الاستثمار، خاصة في ما يتعلق بعدم قانونية إنشاء الصناديق الاستثمارية، دون موافقة هيئة أسواق المال الخاصة بأنظمة الاستثمار الجماعي.

• التعاون الدولي:

تعزيز التعاون الدولي بين الهيئات الرقابية وإدارات إنفاذ القانون، يُساهم في تبادل المعلومات والتجارب حول أساليب الاحتيال، يُساعد في الكشف عن العمليات الاحتيالية التي تتخطى الحدود الوطنية، فالملاحظ أن عمليات النصب عادة ما تتم بطريقة عابرة للقارات، فتبرم العقود في دولة ويتم تحويل الأموال المتحصلة من الجرائم لحسابات في دول أخرى.

إن عمليات الاحتيال المالي مثل هرم بونزي تُبرز الحاجة الملحة لتعزيز أنظمة الرقابة والتدقيق المالي على المستوى الوطني والدولي. بتفعيل هذه الإجراءات، يمكن الحد من فرص الاحتيال المالي وحماية أموال المستثمرين، مما يُعزز الثقة في الأسواق المالية، ويُساهم في الاستقرار المالي للناس، ويكون ذلك عبر تعزيز الشفافية والإفصاح المالي، وتوعية المستثمرين بمخاطر الاستثمار غير الواقعي، الركيزة الأساسية في مكافحة هذا النوع من الجرائم المالية.

Advertisements

قد تقرأ أيضا