كتب ناصر المحيسن - الكويت في الثلاثاء 1 أغسطس 2023 10:15 مساءً - استذكرت إدارة العلاقات العامة والإعلام في قوة الإطفاء العام، ذكرى الغزو العراقي الغاشم، معتبرة أنها ذكرى أليمة حلت على الكويت وأهلها ومؤكدة أنها جريمة نكراء ولا تنسى.
وقال مديرها العميد محمد الغريب لـ «الراي» إن عدد شهداء الإطفاء خلال فترة الغزو بلغ 24 شهيداً، تم تكريمهم على دورهم البطولي الذي قاموا به، لافتاً إلى أن أي إطفائي يسقط أثناء تأدية واجبه يعتبر شهيداً، ويعامل ذووه معاملة أهالي الشهداء مضيفاً أن مكتب الشهيد أعطى شهيد الإطفاء حق أسرته بالكامل أسوة بأي جندي في المعركة، لافتاً إلى أن إصابات رجال الإطفاء أيضا يتم التعامل معهم بكثير من الاهتمام كالعلاج بالخارج، وتستمر امتيازاتهم طوال مدة إصابتهم.
وأشاد الغريب بالتضحيات التي قام بها الإطفائيون ابتداء من 2 أغسطس 1990 حيث توجهوا إلى قصر دسمان واستشهد بعضهم هناك، وسوف تبقى ذكراهم إلى الأبد في قلوبنا بالإضافة إلى دورهم في مساعدة المواطنين وكذلك دور الإطفائي سواء كان في حالة السلم أو الحرب من خلال تعاملهم مع الحوادث والحرائق حيث فقدنا كثيراً منهم أثناء تأدية الواجب.
وذكر أن منتسبى القوة بكل مرتباتهم شاركوا في المقاومة أثناء الغزو وتوجوا بالشهادة، داعياً الله أن يرفعهم إلى أعلى درجاته ويسكنهم واسع جناته، مؤكداً أن القوة لم ولن تنسى شهداءها، مشيراً إلى أنه من ضمن الاجراءات التي اتخذت لتخليد شهداء الإطفاء هو تسمية مركز إطفاء الفيحاء بـ مركز «الشهداء».
إحراق الآبار
وأضاف «عندما اندلعت النيران في آبار النفط جراء الغزو العراقي على الكويت في واقعة من أكبر الكوارث والحوادث البيئية في العالم وصلت بها السُحُب الدخانية الناتجة من حرق الآبار إلى بقاع العالم نظراً لفداحتها ولكبر حجمها، سطر رجال الإطفاء ملحمة وطنية من التحدي والإصرار والعزيمة على عودة الحياة الطبيعية للكويت».
وأوضح أنه على الرغم من أن فريق الإطفاء الكويتي كان يعد فريقاً قليل الخبرة والتجربة في هذا المجال، فإنه نال تقدير واعجاب الفرق الأجنبية المتخصصة والعالم بتحديه وإصراره ودوره البطولي في التصدي لهذه الحرائق غير التقليدية، مشيراً إلى أن رجال الإطفاء الذين عملوا وتحدَّوا المخاطر أثبتوا أنهم أهل المهمات الصعبة، ووضعوا أرواحهم على أكفّهم برغم التهديدات التي كانوا يتعرضون لها من قبل القوات العراقية وهم في مقر عملهم يقومون بواجبهم الوطني من أجل الكويت وشعبها فمنهم من اعتقل وعُذّب ومَن تم أسره، لافتاً إلى أن كل إطفائي التحق بالإطفاء بإرادته فهو على استعداد تام على أن يقدم الغالي والنفيس من أجل الوطن والإنسانية رغم علمه المسبق بمخاطر هذه المهنة والدليل على ذلك الاحصائيات السنوية وأرقام الإصابات التي يتعرض لها الإطفائيون أثناء عملهم، معرباً عن فخره بالإطفائيين الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن في فترة الغزو.
تدوين أسماء الشهداء
وأشار إلى أن «الإطفاء» أشرفت على تدوين أسماء شهداء الإطفاء في مكتب الشهيد ليحصل أبناؤهم وذووهم على الامتيازات التي يحصل عليها بقية الشهداء، مؤكداً على تواصل الإدارة الدائم مع أسر الشهداء والسعي لخدمتهم والتوصية عليهم في جميع الدوائر الحكومية حتى ان الإدارة سعت وخاطبت مجلس الوزراء باسقاط بعض الديون والالتزامات عن ذوي الشهداء، مشيداً بأبنائهم الذين ساروا على نهج آبائهم وانتسبوا إلى الإطفاء وجعلوا من تضحيات آبائهم وسام فخر وعز على صدورهم.
أسر وعاد شهيداً
واستذكر الغريب الشهيد مبارك المطيري الذي أسر وعاد جثمانه شهيداً إلى أرض الوطن، ودعا أسر الشهداء للاعتزاز بما قدمه أبناؤهم من أجل الوطن وأن يسعدوا بشفاعتهم يوم القيامة ونصح منتسبى قوة الإطفاء العام بالحديث النبوي القائل «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه»، مشيراً إلى أن أعلى درجات الاتقان هي الشهادة من أجل حياة الآخرين.
وأعرب عن فخره بالشهداء الذين قدموا أعز ما عندهم من أجل الوطن، مؤكداً أنه مهما عملنا من أجل هذه الثلة الطيبة فلن نجازيهم حقهم، لافتاً أن العمل في الإطفاء هو مشروع شهادة، حيث إن كل دقة جرس إطفاء تقول للإطفائي جهز نفسك فقد تذهب ولن تعود مرة أخرى، داعياً الإطفائيين ببذل المزيد من الجهد.
العمل تحت الغزو
وأشار الغريب أن جميع مراكز الإطفاء كانت تعمل بمنتسبيها ومتطوعيها بدافع الوطنية والإنسانية، رغم غياب الحكومة والمسؤولين، إلا أن الإطفائيين كانوا يعملون بنظام وكأن شيئاً لم يتغير سواء من ناحية أوقات العمل أم الالتزام لأوامر من يعلونهم رتباً، مشيراً إلى أنهم كانوا يقومون بأدوار إضافية لخدمة الناس فوق عملهم الأساسي.
... وبعدالتحرير
ولفت إلى أنه بعد نهاية الغزو بدأت مرحلة جديدة بالنسبة للإطفائيين حيث شاركوا في إطفاء الآبار، مستذكراً من عمل مع الفرقة الكندية في حقول الشمال، وهم العقيد فاضل غلوم، والعقيد عبدالله الجاسم، وكل من المقدم جمال البليهيس ومحمد المحميد واياد العمر حيث كانت الخطورة كبيرة في بداية العمل خصوصاً أن حرائق الآبار تختلف عن المدن، فكانت النيران ترتفع 300 متر لأعلى في بعض الأحيان، لكن الإطفائي الكويتي كان يعمل دون كلل أو ملل وبدافع كبير وهو حب الوطن، وذلك بشهادة الفرق الأجنبية المشاركة في إطفاء الآبار، مشيداً بنجاحهم بإطفاء آخر بئر محترقة في المنطقة الشمالية.
وأضاف أن المواد الخطرة سواء كيماوية أو غازية تعد من الأمور الخطرة على حياة الإطفائي، اذا لم تكتشف سريعاً ويتم التعامل معها بطريقة خاصة، داعياً الإطفائيين إلى أن يحمدوا الله كثيراً على نجاتهم من الحوادث والحرائق التي يتعاملون معها.
الشهيد نجم العنزي
استذكر العميد الغريب الشهيد نجم العنزي حيث كان يعمل على مكافحة تسرب غاز في منطقة الروضتين. وعندما دخل إلى مكان الحادث كان الغاز قد تسرب إلى تجمع للكهرباء فانفجر المكان بالكامل واستشهد فيه.
10 آلاف إطفائي من 37 دولة
استذكر الغريب أكبر كارثة بيئية في العالم عندما أقدم العراق على تدمير 727 بئرا نفطية استمرت مشتعلة لأشهر والتي دعت الكويت إلى الاستعانة بشركات عالمية ورجال إطفاء من مختلف دول العالم، وقدرت الأرقام بأن المشاركين في مكافحة حرائق آبار النفط ما يقارب 10 آلاف رجل إطفاء من 37 دولة، إضافة إلى فرق الإطفاء الكويتية لتنهي فرق الإطفاء المشتركة إطفاء آخر حريق في 6 نوفمبر من عام 1991.
8 شركات أميركية وكندية
ساهمت خمس شركات أميركية بـ 12 فريقاً متخصصاً في إطفاء 428 بئراً أي نحو 58.5 في المئة من مجموع الآبار المشتعلة، كما ساهمت 3 شركات كندية بستة فرق قامت بإطفاء 194 بئراً أي نحو 27 في المئة من العدد الإجمالي للآبار المشتعلة.
أضرار بيئية
لفت الغريب إلى أن الحرائق لم تخلف احتراق 727 بئراً نفطية فحسب، بل تسببت في حالات مشاكل بيئية لحقت أضرارها بالإنسان بعد مرور أكثر من 3 عقود من الزمن على هذه الكارثة، إذ تسببت في رفع معدلات حالات الولادة المبكرة والإجهاض والعيوب الخلقية، بحسب رأي الأطباء الذين وصفوا تلك الكارثة بأنها أكبر الحوادث البيئية في العالم.